Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

حرب أكتوبر1973م - الفصل الرابع

 

الحلقة الرابعة


نوم إسرائيلي عميق في فجر 6 أكتوبر و ديان يرفض تعبئة الاحتياطي قبيل اندلاع القتال


يشير ابراهام رابينوفيتش مؤلف الكتاب الذي نناقشه هنا، الى ان المصريين كانوا في غاية الحرص في نقل رسائلهم، وقد صدرت الأوامر للوحدات بعدم استخدام شبكات الاتصالات اللاسلكية الى ان تبدأ الحرب،

لمنع معرفة الاسرائيليين لاعدادهم وأماكن انتشارهم.وفي الساعة الحادية عشرة والنصف من ضحى يوم الجمعة الخامس من اكتوبر عقد الجنرالات اجتماعاً مع الوزراء الاسرائيليين في تل أبيب وتقرر عدم استدعاء الوزراء المقيمين في القدس نظراً لقرب عيد الغفران الذي سيبدأ عند غروب الشمس.

وأكد زيرا رئيس المخابرات العسكرية الاسرائيلية، للوزراء اقتناعه بأن حالة الاستعداد القصوى في الجيشين المصري والسوري تنبع من الخوف من هجوم اسرائيلي، وأن احتمال نشوب الحرب هو احتمال ضئيل، وأن احتمال عبور الجيش المصري للقناة ضئيل للغاية بدوره وقال اليعازر ان القوات الاسرائيلية لن تتخذ قرار تعبئة الاحتياط ما لم تلح في الأفق دلالات اكبر على اقتراب نشوب الحرب.

ويقول المؤلف ان الفريق احمد فؤاد هويدي، رئيس القسم الاسرائيلي في المخابرات المصرية، راح يوم الجمعة يدرس كل التقارير التي تتجمع أمامه منذ قبل ظهر اليوم عن تحركات القوات الاسرائيلية وأعد هويدي بحلول الظهر نشرة لتوزيعها على القيادة العليا، كان ملخصها ان اسرائيل اكتشفت النوايا بالهجوم عرفت ايضا نطاقه وعندما التقى هويدي بالفريق محمد عبدالغني الجمسي، قال له ان الاسرائيليين بدأوا لتوهم التحرك وليست هناك فرصة لوصول أية تعزيزات كبيرة لسيناء قبل بدء الحرب.

لكن مؤلف الكتاب يؤكد ان الحقيقة هي ان الاسرائيليين لم يتخذوا اية قرارات بحلول ظهر يوم الجمعة وبعد الظهر بقليل عقد اليعازر وزيرا اجتماعاً مع هيئة الاركان، قبل عطلة عيد الغفران وقال اليعازر انه اذا شن العرب هجوماً خلال العطلة فإن القوات البرية والجوية سوف تبطيء من الهجوم الى حين تعبئة الاحتياط.

نوم عميق مريب

بحلول عصر الجمعة ساء الهدوء معظم الشوارع الاسرائيلية استعداداً لبدء احتفالات عيد الغفران لحظة غروب الشمس وتوقفت حركة المرور، وباتت الشوارع خالية من المارة لكن اليعازر ظل في مكتبه يقلب الأوراق امامه، وينتظر تقريراً جديداً يعرف منه آخر التطورات.

تلقى قسم الاستماع بالمخابرات العسكرية رسالة من احد المصادر تفيد بأن سبب اجلاء السوفييت للمدنيين هو ان مصر وسوريا على وشك شن حرب على جهتين ضد اسرائيل. كان هذا التطور هو ما ينتظره اليعازر دلالة مؤكدة على النوايا العربية تبرز مع غيرها من الدلالات بدء التعبئة.
تم تمرير الرسالة في الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة الى الضابط المناوب في مكتب زيرا بمقر قيادة الجيش وبدلاً من ارسالها الى اليعازر والقيادات الاخرى، استدعى ضابط المخابرات رؤساءه وراحوا يتناقشون بشأنها الى ان تحدث في نهاية الامر الى زيرا بمنزله الذي طلب من الضابط المناوب عدم توزيعها وفقاً للقواعد المتبعة وانتظار كلمة منه.

ويقول المؤلف ان اصرار زيرا على أن احتمال الحرب ضعيف جعله لا يريد تصديق أي شيء وازداد عناده ورفضه لأي تفسير آخر. ففي لحظات حرجة للغاية مثل هذه اللحظة امتنع عن توزيع معلومات حيوية فقط لأنها تتناقض مع نظريته.وقد قال اليعازر للجنة التحقيق فيما بعد انه لو تلقى الرسالة لكان قد أصدر قراره بتعبئة الاحتياطي على الفور. وأضاف انه كان في أمس الحاجة لمثل هذه الدلالات الاضافية لاتخاذ القرار.

وبعد ان ظل اليعازر في مكتبه حتى الساعة التاسعة مساء اتجه الى منزله وهو يتساءل، بدلا من ذلك، إذا كان قد بالغ في وضع الجيش في حالة استعداد قصوى.وعلى الجبهة المصرية كان عدم ظهور أية مؤشرات على استعدادات اسرائيلية مصدراً للقلق أكثر منه مصدراً للارتياح. فقد رأى الفريق الجمسي أنه من غير المفهوم أن يكون الاسرائيليون قد خُدعوا إلى هذا الحد.

ولم يتأكد التقرير الذي أفاد في وقت سابق من اليوم نفسه أن اسرائيل قد عرفت أن الهجوم أصبح وشيكاً، إذ لم يصدر أي قرار بتعبئة الاحتياطي، كما لم يتم تعزيز خط المواجهة. تزايدت الشكوك المصرية، واعتقد البعض أن الاسرائيليين يقومون بنقل قوات سراً إلى سيناء، وانهم يعدون لمفاجأة كبرى. ولحسم الموقف تم ارسال فرق استطلاع مصرية عبر القناة إلى نقاط عديدة داخل سيناء خلف التحصينات الاسرائيلية. وحملت تقارير الفرق لدى عودتها قبل الفجر يوم السادس من اكتوبر
الرسالة نفسها: اليهود يغطون في نوم عميق.

لكن زفي زمير رئيس جهاز «الموساد» كان في قمة الاستيقاظ في ذلك الوقت، حيث التقى مصدراً للمعلومات في لندن ابلغه بوضوح تام أن مصر ستبدأ الحرب غداً قبل غروب الشمس، وأن الهجوم سوف يتم تنفيذه وفقاً لخطة الحرب التي لدى الاسرائيليين بالفعل، الأمر الذي يعني ان عبور القناة سيتم بخمس فرق قبل حلول الليل.

وعندما سأله زامير عن احتمال أن يكون ذلك انذاراً كاذباً، كما حدث في ديسمبر ومايو، قال له المصدر انه ليس بامكانه استبعاد ذلك، لكن احتمال بدء مصر الحرب تبلغ نسبته 9,99% قرر زامير نقل فحوى الرسالة إلى تل أبيب بأسرع وقت ممكن، وبدلاً من ارسالها بالأساليب الآمنة المشفرة، اتصل هاتفياً بالقيادة العليا الاسرائيلية مطالباً بسرعة تعبئة الاحتياطي.

 

الصباح الذي طال انتظاره

 
استيقظ الزعماء السياسيون والعسكريون الاسرائيليون في الساعات الأولى من صباح عيد الغفران على أجراس الهواتف، فقد تم تمرير رسالة زامير إلى عدد محدود من القيادات العليا.يوضح المؤلف أن اجتماع زامير مع المصدر المشار إليه انتهى بحلول منتصف الليل بتوقيت شرق المتوسط.
واستلم فريدي ايني رئيس مكتب زامير الرسالة في الساعة 2.40 صباحاً. وأيقظ ايني الجنرال اسرائيل ليور مساعد مائير العسكري في الساعة 3.40 فجراً بينما حصل مساعد ديان على الرسالة في الساعة 4.30 صباحاً، وعندما تلقى اليعازر الرسالة دعا على الفور إلى اجتماع لاعضاء هيئة الاركان في الساعة5.15 صباحاً ووصل قادة الجبهتين الشمالية والجنوبية في الساعة السادسة صباحاً، وقبل أن يغادر اليعازر منزله اتصل بقائد السلاح الجوي بيني بيليد وقال له: «لدينا معلومات تفيد انه ستنشب حرب مع مصر وسوريا الليلة.

هل أنت جاهز؟ رد بيليد قائلاً:«نعم إنني جاهز»، سأله اليعازر: «ما الذي ستفعله؟»، قال بيليد «ستكون الأولوية لمهاجمة صواريخ سام السورية» واكد ان سلاح الطيران الاسرائيلي سيكون جاهزاً بحلول الساعة 11 صباحاً وصل اليعازر الى مقر هيئة الاركان، وجاء بعده زيرا الذي ظل يردد أن السادات لن يحارب.

شعر اليعازر بأن المصيدة التي وقعت فيها اسرائيل تنذر بحدوث كارثة، لكنه ظل يتعلق بالشكوك المتزايدة لدى المخابرات العسكرية الاسرائيلية وتقويمها بأن احتمال نشوب الحرب ضعيف على الرغم من التعزيزات العربية وشعوره بحتمية ان يشن المصريون والسوريون هجوماً شاملاً، في ظل جمود الموقف السياسي.

عندما التقى اليعازر ديان في الساعة 50,5 رفض الأخير طلب اليعازر بشن هجوم وقائي. وعلى الرغم من التحذير الذي نقله زامير، تشكك ديان في احتمال نشوب الحرب قال ديان اننا لن نأمر بتعبئة شاملة لمجرد تقرير من زاير، لقد تلقينا تحذيرات مماثلة في السابق وثبت انها كاذبة.وهنا أكد زيرا نظرية ديان، قائلاً إن اجهزة المخابرات الاميركية لم ترصد أي دلالة على احتمال حدوث حرب وشيكة.

وقال ديان: «اننا في وضع سياسي لا يسمح لنا بالقيام بهجوم كما فعلنا في 1967، وشن هجوم في وقت يقول فيه الأميركيون ان العرب لن يشنوا حرباً سيجعل اسرائيل في عيون العالم البادئة بالحرب».

كما عارض ديان الاقتراح بتعبئة ما يتراوح بين 200 ألف و250 ألف رجل، وقال انه مع عدم وجود قتال فعلي، فإن تعبئة بهذا النطاق ستعتبر بمثابة إعلان حرب، وانه يكفي في هذه المرحلة تعبئة ما يتراوح بين 20 ـ 30 ألفاً فرد، وسوف يتم استدعاء بقية أفراد الاحتياط إذا ما نشبت الحرب فعلاً.قال اليعازر إن الدفاع في ذاته يتطلب ما يتراوح بين 50 ـ 60 ألف فرد، عندئذ وافق ديان على تعبئة هذا الرقم للدفاع. ..

 

انسحب فوق الجولان

كان بيليد جالساً الى مكتبه في الساعة السابعة صباحاً، عندما دق باب مكتبه ليدخل عليه مساعده لشئون الارصاد، ويقول له ان مرتفعات الجولان تغطيها السحب اتصل بيليد باليعازر ليبلغه عدم امكانية تنفيذ عملية قصف بطاريات الصواريخ السورية، لكنه اقترح ضرب القواعد الجوية السورية بدلاً من ذلك، فوافق اليعازر على الاقتراح.

التقى اليعازر بعد ذلك بقائدي الجبهتين الشمالية والجنوبية، ثم بقادة الطيران والبحرية والمدرعات وأبلغهم ان الحرب ستنشب في الساعة السادسة مساء، لم يكن المصدر قد ذكر موعداً للحرب، لكنه قال ان الهجوم سيتم وفقاً لخطة الحرب المصرية الموجودة بالفعل لدى اسرائيل. وتدعو الخطة إلى عبور أول موجة قبل آخر ضوء للشمس، الأمر الذي يعني الساعة السادسة بعد غروب الشمس بنحو 40 دقيقة وقال اليعازر لجنرالاته ان فرق الاحتياط سيتم تنظيمها لشن هجوم مضاد، بينما سيحاول أفراد الجيش وقف تقدم القوات العربية وذلك بمساعدة السلاح الجوي.

عقد ديان واليعازر اجتماعاً مع مائير في الساعة 05,8 صباحاً، وطرح الجنرالان على رئيسة الوزراء الإسرائيلية خلافاتهما حول التعبئة والضربة الوقائية. وبعد مناقشات مطولة، وافقت مائير على حل وسط يقضي بتعبئة ما يتراوح بين 100 ألف و120 ألف فرد لكنها رفضت الضربة الوقائية، قائلة: «ان اسرائيل بحاجة الى مساعدات اميركية في القرب العاجل، وإذا وجهنا الضربة الأولى فإن أحداً لن يفكر في مساعدتنا».اتصل اليعازر فور انتهاء الاجتماع بقائد السلاح الجوي ليبلغه باستبعاد الضربة الوقائية.

وهنا يقول مؤلف الكتاب انه حتى في حالة شن هجوم على القواعد الجوية، فإن نتيجة الحرب ما كانت لتتغير، فبعد حرب يونيو 1967 حرصت مصر وسوريا على وضع طائراتها في أماكن حصينة من الصعب تدميرها. والأهم من ذلك ان صواريخ سام هي التي تشكل تهديداً للطائرات الاسرائيلية وليست القواعد الجوية.

في الساعة 30,9 صباحاً استدعت مائير السفير الأميركي لدى تل أبيب كينيث كيتينغ لتبلغه بتطورات الموقف. بدت الحيرة على السفير، الذي حصل على تأكيدات من الـ «سي.آي.ايه» ومن الاسرائيليين انفسهم قبل يوم واحد بأنه ليس هناك خطر نشوب حرب.بعد ذلك التقت مائير بسيموا دنتز السفير الاسرائيلي لدى واشنطن الذي كان قد عاد الى اسرائيل في اجازة لمدة اسبوع.

وطلبت مائير من دنتز العودة على الفور الى واشنطن، وطلبت من مساعدها ان يجد وسيلة لسفر دنتز، خاصة مع توقف الرحلات التجارية من اسرائيل واليها بسبب عيد الغفران ايقظت ازمة الشرق الأوسط هنري كيسنجر من نومه في فندق والدورف استوريا بنيويورك، عندما اندفع مساعده جوسيسكو الى جناحه في الساعة 15,6 صباحاً بتوقيت شرقي اميركا (5,12 ظهراً بتوقيت شرق المتوسط) ليبلغه رسالة مائير. ..

خطة الهجوم المصرية


في الساعة العاشرة صباحاً، نزل اليعازر الى غرفة الحرب الواقعة تحت الارض، ليلتقي بالقيادات العليا واستعرض زيرا خطط الحرب المصرية والسورية وقال ان المصريين سيبدأون الحرب بهجوم مدفعي وجوي، يتبعه عبور زوارق صغيرة جبهة القناة وقد يرسل المصريون طائرات هليكوبتر لنقل عناصر من الصاعقة الى داخل سيناء لقطع الطرق والهجوم على مراكز القيادة.

واضاف انه ستكون هناك خمسة رؤوس جسور، ولكن ثلاثة منها فقط ـ المواجهة للطرق الرئيسية المؤدية الى قلب سيناء ـ هي التي ستشكل نقاطاً رئيسية للهجوم.وبغطاء من صواريخ سام يعتزم المصريون اجتياز ستة اميال داخل سيناء ثم التمركز بعد ذلك. اما المرحلة التالية فستعتمد على نتائج المرحلة الأولى.

اما بالنسبة للخطة السورية فقال زيرا ان ثلاث فرق سورية على خط المواجهة سترسل جنوداً من سلاح المشاه لعبور الخنادق الاسرائيلية على اقدامهم، وتأتي خلفهم دبابات لمد ما يشبه الجسور فوق الخنادق بعدها ستتقدم ألوية الدبابات الملحقة بهذه الفرق.

وقال اليعازر، رداً على استفسار من ديان، ان لواء من الالوية المدرعة التابعة لفرقة سيناء متمركز الآن في منطقة القناة، وان اللواءين الآخرين متمركزان في المؤخرة وعندما سأله ديان عن موعد وصول قوات الاحتياط، قال اليعازر ان 300 دبابة تصل مساء غد، تليها 300 دبابة يوم الاثنين ثم 300 دبابة اخرى يوم الثلاثاء.
واضاف ان العدد الاجمالي للجنود، سواء أكانوا مجندين ام متطوعين تصادف انهم كانوا يؤدون خدمتهم السنوية، يبلغ مئة ألف وقد صدرت بالفعل اوامر بتعبئة 70 ألف فرد وستصدر الاوامر بالبقية في القريب العاجل لم يكن ديان مقتنعاً، حتى هذه اللحظة، بأن الحرب ستبدأ، وكان يشعر بالقلق ازاء استدعاء هذا العدد الكبير من افراد الاحتياط في ظل الشكوك الحالية بشأن نشوب الحرب.
ودعت مائير الى اجتماع لمجلس الوزراء في الساعة 12.30 من بعد ظهر يوم الجمعة الخامس من اكتوبر دخلت مائير قاعة الاجتماعات مع ديان. كان وجهها شاحباً، وعيناها غائرتين، وهي تسير ببطء نحو مقعدها ولأول مرة يرى الوزراء في مائير عجوزاً اثقلت كاهلها السنون.
بدأت مائير الاجتماع بقراءة تقرير مفصل عن تطورات الأيام الثلاثة الماضية، التعزيزات المصرية والسورية، اجلاء عائلات الخبراء السوفييت، الصور الجوية، اصرار جهاز المخابرات العسكرية الاسرائيلية «امان» على ان الحرب لن تنشب على الرغم من الدلائل المتزايدة التي تفيد عكس ذلك وقالت ان القادة العسكريين انقسموا حول احتمال قيام الحرب وحول تعبئة الاحتياط وتوجيه ضربة وقائية ولكن فجر اليوم وصل تأكيد من مصدر واسع الاطلاع بأن الحرب ستبدأ في الساعة السادسة من مساء اليوم على الجبهتين المصرية والسورية

بهت الوزراء من هول الصدمة، اذ لم تصلهم اية اخبار عن التعزيزات العربية على الحدود، وعلاوة على ذلك فقد قيل لهم انه حتى في اسوأ الاحوال فإن القوات الاسرائيلية ستتاح لها مهلة تصل الى 48 ساعة لاستدعاء الاحتياطي قبل بدء الحرب والآن يقال لهم ان حرباً على جبهتين ستبدأ في اقل من ست ساعات، ولم تتم تعبئة الاحتياط حتى الآن.

بعدها طلبت من ديان شرح الموقف على الجبهتين. بدأ ديان في الحديث وكان صوته مرتعشاً، وبدا كرجل اهتزت معتقداته بشدة وبشكل مفاجئ في الساعة 30,12 من بعد الظهر التقى اليعازر بالجنرال جونين الذي كان قد تولى قيادة الجبهة الجنوبية قبل ثلاثة اشهر فقط لم يكن جونين يتابع تقارير المخابرات، وبالتالي فلم يكن يعلم، على سبيل المثال، بأن خطط الحرب المصرية التي تحت يد جهاز المخابرات العسكرية «امان» تدعو الى عبور للقوات على طول خط القناة بالكامل، كما لم يكن يعلم ان قصف المدفعية الاولى، وفقا للخطة سيستمر ما بين 30ـ 45 دقيقة في الوقت الذي كان يعتقد انه سيستمر عدة ساعات.

وقد نجح نظيره على الجبهة الشمالية، الجنرال هوفي، في الحصول على تعزيزات كبيرة خلال الايام القليلة الماضية، بعد ان اعرب عن قلقه ازاء التعزيزات السورية، بينما اقتنع جونين بتقويم «امان» بأن احتمال الحرب ضئيل، ولم يبذل جهدا يذكر لتعزيز دفاعاته على الرغم من وصول التعزيزات المصرية الى مستويات غير مسبوقة، ومساء يوم الخميس وفي الوقت الذي كان القادة ينتظرون بفارغ الصبر الصور الجوية من منطقة القناة، لم يحضر جونين الاجتماع بمقر هيئة الاركان، وفضل زيارة صديق في حيفا.

وبدلا من ان يقوم جونين بتحريك فرقة مساعدة الجنرال منيدلر بعد الظهر الى المواقع الامامية، كما تدعو خطة «برج الحمام» قرر جونين الانتظار حتى الساعة الخامسة مساء، اي قبل ساعة واحدة من الهجوم المصري المتوقع، واعتقد جونين ان اي نشر مبكر للقوات سيستغله المصريون، ويعتبرونه عملا استفزازياً، كما انه سمع زيرا يقول صباح اليوم ان الحرب غير مؤكدة الوقوع الى حد كبير.
يقول المؤلف ان العديد من الجنود الاسرائيليين في تحصينات خط بارليف لم يذوقوا النوم طوال ليل الجمعة، وهم يسمعون حركة ونشاطاً عبر القناة، وكان بمقدورهم رؤية المصريين وهم يسحبون اشياء وينقلونها الى حافة الماء، كما كان العمل مستمرا بكثافة في مناطق التخرين خلف الخطوط وفي الصباح رأى الاسرائيليون كميات كبيرة من اطواق النجاة برتقالية اللون بجانب معدات مد الجسور.

وفي الساعة العاشرة من صباح يوم السبت، تم ابلاغ قيادات الجبهة الشمالية بأن الحرب ستبدأ مساء اليوم، وابدى الضباط عدم تصديقهم لهذا الخبر على الرغم من الحشود الكبيرة للقوات السورية على خط المواجهة، وطلب من الضباط التجمع عند الساعة الثانية من بعد الظهر لوضع اللمسات الاخيرة للاستعداد.

لم تتضمن تقارير وحدات خط المواجهة اية انشطة سورية غير عادية، وطوال ليلة امس تناهى الى مسامع الاسرائيليين صوت تحركات دبابات سورية، كما لو ان قوات جديدة تصل الى الجبهة.
وفي سيناء كان الجنرال منيدلر مجتمعاً مع قياداته عندما اتصل به جونين هاتفيا في الساعة العاشرة صباحا قال منيدلر لضباطه، وهو ينقل رسالة جونين لهم، انه من المتوقع حدوث شيء عند غروب الشمس ولكن ليس من الواضح ما اذا كان ذلك سيكون نشوب حرب ام نهاية للمناورة المصرية.

اعتقد منيدلر وضباطه انه اذا بدأ اطلاق النار، فانه سيكون بمثابة استئناف لحرب الاستنزاف مع قصف مدفعي مكثف واحتمال شن غارات جوية. وفي الواقع فان منيدلر لم يركز المناقشة على الخطوات الدفاعية، ولكن على الخيارات الهجومية الواردة في خطة «برج الحمام» وتقضي بهجوم بلواء او لواءين عبر القناة، بينما يحاول لواء آخر منع القوات المصرية من العبور.
وفي الساعة 12.30 ظهرا اصدر جهاز «أمان» نشرة جديدة تشير الى استعدادات عسكرية مكثفة في مصر وسوريا واعترف مسئولو «أمان» بتلقي تقارير تفيد بأن الحرب وشيكة ومع ذلك ذكرت النشرة: «اننا نفترض ان المستوى الاستراتيجي في مصر واسرائيل يدرك عدم وجود اي فرص للنجاح».

 

تقديرات خاطئة

في قاعة مجلس الوزراء الاسرائيلي، أبلغ ديان زملاءه انه اذا عبر المصريون القناة، فإنه سيتم تدميرهم لكنه أشار الى ان الموقف في الجولان اكثر تعقيدا، فليس هناك على جبهة الجولان حاجز يؤدي إلى ابطاء تقدم السوريين، كما ان القوات الاسرائيلية أقل من تلك الموجودة في سيناء.
سأل وزير العدل الاسرائيلي ياكوف شابيرا عما يمكن ان يحدث اذا ما رصد المصريون الاستعدادات الاسرائيلية وقدموا موعد شن الهجوم؟ رد ديان قائلا ان سلاح الطيران يقوم بالفعل بدوريات للتأكد من عدم حدوث ذلك.

وفي القاهرة، وصل وزير الحربية أحمد إسماعيل إلى منزل السادات في سيارة جيب في الساعة الواحدة والنصف من بعد الظهر ليصطحبه إلى مركز العمليات، جلس ضباط القيادة العليا في منطقة منخفضة تشرف على غرفة العمليات حيث يجلس قادة أفرع القوات المسلحة أمام منصات اتصالات. امتلأت القاعة بخرائط للموقف معروضة على شاشات ضخمة.

وعلى الجانب الاسرائيلي وفي الوقت نفسه صدرت الأوامر للجنود على الضفة الشرقية للقناة باعتمار الخوذات ودخول المخابئ. ولم يبق سوى قادة التحصينات بالخارج يرصدون التحركات من خنادق صغيرة. وصعد أحد الضباط إلى برج المراقبة القريب من ضفة القناة لكن الشيء الوحيد الذي رآه يتحرك على الجانب الآخر من القناة مجموعة مزارعين في حقل بعيد يعملون في الأرض وفي هضبة الجولان في الساعة الواحدة والنصف أيضا ذكر ضابط استطلاع ان السوريين يقومون بازالة شبكات التمويه من فوق مدفعيتهم ودباباتهم.

 

في ذلك الوقت كانت القدس لا تدرك طبيعة التطورات غير العادية، لكن الاسرائيليين كانوا مندهشين من رؤيتهم لطائرات الفانتوم المقاتلة وهي تحلق على ارتفاع منخفض في عيد الغفران بينما كانت العربات العسكرية فقط تنطلق في الشوارع الخالية من المارة والسيارات المدنية فيما توجه موظفو البريد حاملين أوامر التعبئة لتسليمها إلى أفراد الاحتياط في منازلهم أو في المعابر القريبة من منازلهم. وعندئذ بدا واضحا للجميع انه اذا كانت عملية استدعاء الاحتياط تتم يوم عيد الغفران، فإن الأمر لا يمكن أن يعني المشاركة في مناورات، ولا بد وان حربا باتت وشيكة.

 

وفي قاعة مجلس الوزراء كان ديان على وشك الانتهاء من اطلاع أعضاء المجلس على تطورات الموقف، في الساعة الثانية بعد الظهر، عندما دخل أحد مساعديه القاعة، وسلمه مذكرة أعلن ديان ان الطائرات المصرية بدأت الهجوم على المواقع الاسرائيلية في سيناء وفي الوقت الذي أعلنت جولدا مائير انهاء الاجتماع، سمع المشاركون بالاجتماع صفارات الانذار تدوي في الشارع بالخارج.

وفي سيناء، رددت شبكات الاتصالات بدء الغارات الجوية، وتلقى الاسرائيليون اشارات بحدوث اختراق جوي وعندما خرج الكولونيل امنون ريشيف قائد اللواء المدرع الاسرائيلي من مقره، رأى الطائرات المصرية تنطلق نحو معسكر كتيبة قريب منه وتبتعد عنه بعد ان تتصاعد منه أعمدة الدخان الأسود. وبدأت أرض الصحراء تهتز تحت قدميه.

على بعد عشرين ميلا نحو الغرب، فتحت المدفعية المصرية نيرانها باتجاه خط بارليف.كانت الطائرات المصرية تحلق في البداية على ارتفاع منخفض فوق القناة ثم ترتفع لفترة قصيرة لتحدد الاهداف التي ستقصفها ثم تطير بعد ذلك على ارتفاع منخفض لتلقي بقنابلها فوق الأهداف المحددة لها، وهي مراكز القيادة الاسرائيلية وبطاريات صواريخ هوك المضادة للطائرات والمدفعية والقواعد الجوية ومحطات الرادار ومركز المخابرات الرئيسي في سيناء

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech