Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

حرب أكتوبر1973م - الفصل الخامس

 

الحلقة الخامسة


صواريخ «ساجر» تصطاد الدبابات الإسرائيلية و 23 ألف جندي مصري يعبرون القناة بعد ساعتين من بدء الحرب


يوضح مؤلف الكتاب انه بعد الغارات الجوية المصرية على الأهداف الحيوية الإسرائيلية في سيناء، فتحت المدفعية المصرية نيرانها وفي الدقيقة الأولى سقطت أكثر من عشرة آلاف قذيفة على الخطوط الإسرائيلية،

معظمها على التحصينات المقامة على امتداد القناة وحولها وتطايرت أبراج المراقبة بالتحصينات الإسرائيلية خلال الدقائق الأولى.

وبعد 15 دقيقة من بدء قصف المدفعية، اندفع أربعة آلاف من رجال الصاعقة والمشاة ضمن الموجة الأولى نحو حافة الماء على امتداد القناة، حيث كانت بانتظارهم 720 من الزوارق المطاطية والخشبية وبدأوا في عبور القناة وهم يهتفون «الله أكبر» ويقول المؤلف إن الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان المصري أمر بوضع مكبرات صوت عند نقاط العبور ينطلق عبرها هتاف «الله أكبر» الذي يزيد من حماسة الجنود ويلهب مشاعرهم.

كانت في مقدمة الموجة الأولى مجموعات المهندسين العسكريين، وذلك لتفحص منافذ فتح النار للتأكد من أن رجال الضفادع البشرية قد أغلقوها تماماً عندما تسللوا إلى الجانب الإسرائيلي خلال الليل للقيام بهذه المهمة.وعندما استقر الجنود على شاطئ سيناء، شقوا طريقهم بسرعة صاعدين التل الرملي، وارتقوا السلالم المصنوعة من الحبال لتصل الى أعلى. صعدت بعدهم فرق اصطياد الدبابات وكان بعضها يحمل عبوات صواريخ «ساجر» التي تشبه الحقيبة.

بينما حمل البعض سلاح الـ «آر.بي.جي» اما الذخيرة والمعدات التي يصعب حملها فقد تم وضعها فوق عربات يد صغيرة يجرها الجنود، وكان الفريق الشاذلي قد أمر بإنتاج الآلاف من هذه العربات لاستخدامها الى حين عبور سيارات الإمداد وفي أماكن عديدة وصل الجنود إلى الحواجز الأرضية على بعد ميل داخل أراضي سيناء، ووراء هذه الحواجز تتخذ الدبابات الإسرائيلية موقعها للتعامل مع عناصر الهجوم المصري. واشارت سحب الغبار الممتدة الى الشرق الى سرعة اقتراب هذه الدبابات.

وعند البحيرات المرة، بدأ لواء برمائي يتكون من عشرين دبابة طافية وثمانين ناقلة جنود في شق الطريق باتجاه سيناء وعبرت بحيرة التمساح الى الشمال سرية مشاة على متن عربات برمائية ولم تكن هناك دفاعات اسرائيلية قوية على شواطئ سيناء امام البحيرات وعند الطرف الشمالي عن خط قناة السويس استعد المصريون لشن هجوم مضلل بالدبابات وحاملات الافراد من خلال التقدم نحو المنطقة الرملية المؤدية الى واحد من اهم التحصينات الاسرائيلية.

والى الجنوب من قناة السويس تم تجميع العشرات من زوارق الصيد داخل كهوف على طول الشاطئ الغربي لخليج السويس لاستخدامها في نقل قوات الصاعقة الى جنوب سيناء بعد حلول الظلام كما تنتظر وحدات صاعقة اخرى نقلها بطائرات الهليكوبتر الى وراء الخطوط الاسرائيلية بعد الغروب ومع عبور الموجة الأولى من قوات الهجوم، بدأت الفرق الهندسية المجهزة بالمضخات وخراطيم المياه، في احداث فجوات في خط بارليف الاسرائيلي. وقد تم اعطاء سلاح المهندسين فترة تتراوح بين 5 ـ 7 ساعات لاتمام المهمة

نظام عبور نموذجي

كان قد تقرر ان يتم العبور بمئة ألف جندي وفقاً لنظام نموذجي. وقامت الموجة الأولى بنصب لوحات كبيرة تحمل ارقاماً مضيئة على شاطئ سيناء، وهذه الارقام تساير ارقاماً على لوحات على طول الطرق التي تتخذها الوحدات المتجهة الى حافة القناة.

وقد حرصت الشرطة العسكرية المصرية على الا تضل الوحدات طريقها او تختلط فيما بينها وفي غضون ساعات، عبر 23 ألف جندي مصري القناة، وتم نصب خمسة رؤوس جسور على الضفة الشرقية للقناة في ذلك الوقت راحت المدفعية تتحول لدك اهداف في عمق سيناء

حملت عربات كبرية اجزاء من الجسور الى حافة المياه، حيث بدأ المهندسون في تجميع هذه الاجزاء. كما بدأت وحدات اخرى في تجميع 31 عبارة مسبقة التجهيز قادرة على حمل الدبابات. وشعر الفريق سعد الدين الشاذلي، وهو داخل مقر القيادة بأن الخطوات تسير بشكل رائع، وبدا ان توقيت الحرب كان مفاجئاً للاسرائيليين تماماً. 

وفي الساعة الخامسة والنصف مساء عبرت الموجة الثانية عشرة والاخيرة لقوة الهجوم الأولى القناة، ليصل اجمالي القوات المصرية على شاطئ سيناء الى 32 ألف جندي.

وفي الساعة 30,6 مساء فتحت خراطيم المياه أول ممر في الحاجز الرملي. وفي غضون ساعتين كان قد تم فتح 60 ممراً من هذا النوع، وتم استكمال مد اول جسر في الساعة الثامنة والنصف مساء، اي بعد مرور ست ساعات ونصف الساعة على ساعة الصفر وبعد ذلك بساعتين كانت كل الجسور مفتوحة، وتتضمن ثمانية جسور ثقيلة للدبابات واربعة جسور خفيفة للعربات الخفيفة والمشاة. أصبح الطريق الى داخل سيناء مفتوحاً، وتدفقت المدرعات المصرية على الجسور ثم الفتحات التي احدثتها خراطيم المياه في خط بارليف.

 

وهنا يعترف المؤلف بأن مصر لم تشهد منذ بناء الأهرامات، أو على الأقل منذ شق قناة السويس نفسها مشروعاً هائلاً تم تنفيذه على أكمل وجه مثل مشروع العبور. كان الإسرائيليون قد رأوا الطائرات المصرية قبل أن يسمعوا أزيرها، وهي تطير على ارتفاعات منخفضة، وتتجه نحو المؤخرة الإسرائيلية، كما سمعوا قصف المدفعية المصرية، قبل أن تدمر تحصيناتهم، كانت الارض تهتز من تحت اقدامهم.

اعتقدوا ان ما يرونه هو شيء اشبه بمعركة نورماندي أو ستالينغراد كان من الصعب عليهم رؤية أي شيء، بسبب أعمدة الدخان المتصاعدة نتيجة للقصف المكثف. وعلى الرغم من ان الإسرائيليين استطاعوا اغراق بعض الزوارق المصرية، الا ان الغالبية تمكنت من العبور، واستطاعت المدفعية تدمير العديد من الدشم والتحصينات الإسرائيلية في مواجهة خط القناة، وتم رفع العلم المصري على أحد المراكز الإسرائيلية التي جرى تدميرها.

يقول مؤلف الكتاب إنه بدا واضحاً، من خلال شبكة اللاسلكي الإسرائيلية، ان المصريين عبروا القناة بكل قوتهم، ولم تتمكن القوات الإسرائيلية الموزعة على طول خط بارليف من وقف عملية الهجوم أو وقف تقدمهم إلى داخل سيناء وهنا يؤكد المؤلف أن الدور الذي كان من المفترض أن تقوم به تحصينات خط بارليف كحاجز ضد أي هجوم شامل اثبت فشله الذريع.

 
 حرب الدبابات

في المناطق التي ستنطلق منها الدبابات على طول طريق المدفعية في سيناء، كان قادة السرايا يصدرون التوجيهات الأخيرة، عندما سمعوا إنذاراً على شبكة الرادار يفيد بغارة جوية مصرية قصفت القنابل تجمعات الدبابات قبل أن تتمكن من التحرك، إلا أنها لم تصب. اسرعت الدبابات نحو القناة وقطعت المسافة في غضون 20 ـ 30 دقيقة، لكنها خسرت السباق. فالحواجز الرملية التي كان سيتعين على الدبابات الإسرائيلية ان تأخذ مواقعها خلفها لاطلاق النار قد وقعت تحت سيطرة المصريين، فقد عرف المصريون من خلال رصدهم لمناورات «برج الحمام» المكان الذي ستستقر فيه الدبابات الإسرائيلية عند إطلاق النار.

وعندما حاولت الدبابات الإسرائيلية التصدي لهذا الموقف الجديد، وجدوا ان المصريين قد اعدوا لهم

مفاجأة مختلفة فقد خرج رجال المشاة من حفر صغيرة حاملين سلاح الـ «آر.بي.جي» على أكتافهم وشرعوا يطلقون قذائفها على الدبابات المتقدمة فوجئ الإسرائيليون بهذا السيناريو، ولم يتوقعوا مثل هذه المقاومة، فاضطرت بقية الدبابات التي خرجت من المعركة سليمة إلى التقهقر بعيداً عن مدى الـ «آر.بي.جي» اي حوالي 300 ياردة، الا ان هذا المسافة لم تكن كافية للابتعاد عن القذائف المصرية.

يواصل المؤلف سرد ما دار من معارك فيقول إن قائد إحدى الفصائل الإسرائيلية رأى ضوءاً أحمر عبر بسرعة فوقه وينفجر فوق دبابة قريبة منه اندفع قائد الدبابة التي أصيبت إلى خارجها بفعل ضغط الهواء، كما لو أنه «فلينة» تخرج من زجاجة، وراحت أضواء حمراء أخرى تنطلق في الهواء من الجانب المصري عبر القناة.

لم تكن لدى قائد الفصيلة الإسرائيلية أدنى فكرة عن هذه الأضواء الحمراء، إلى أن جاءه التفسير عبر الشبكة اللاسلكية، قال قائد السرية انها «صواريخ ساجر» وكانت هذه هي المرة الأولى التي يعرف فيها قائد الفصيلة بوجود هذا النوع من الصواريخ الذي يبلغ مداه ثلاثة آلاف متر اي عشرة إضعاف الـ «آر.بي.جي» كما انه ذو قوة تدميرية تفوق القذائف الصاروخية بكثير.

ولأول مرة منذ دخلت الدبابات ساحات المعارك في الحرب العالمية الأولى وجدت نفسها في مواجهة هذا الخطر ففي السابق لم يكن الخطر الاكبر من المدفعية المضادة للدبابات، ولكن من الجنود المشاة كان المشاة يستخدمون البازوكا في الحروب السابقة ضد الدبابات، ولكن ليس بهذا الكم، وليس بسلاح الـ «آر.بي.جي» ولا بسلاح «ساجر» الأكثر تدميراً لقد استخدم الجنود المصريون صواريخ «ساجر»

المضادة للدبابات بأعداد هائلة وبناء على اوامر الفريق سعد الدين الشاذلي فقد تم سحب هذه الصواريخ من وحدات المؤخرة وأضيفت إلى أسلحة قوات رأس الحربة.
ويقول المؤلف ان كل فرقة من الفرق المصرية الخمس المهاجمة كانت لديها أفراد مشاه مسلحون بـ 72 صاروخ «ساجر» و535 صاروخ «آر.بي.جي» وذلك بالإضافة إلى 57 مدفعا مضادا للدبابات و90 مدفعا عاديا، كما ان كل فرقة كانت ملحقة بها 200 دبابة ولم يحدث على مدى التاريخ ان شهدت ساحة معارك استخدام مثل هذا الكم من النيران المضادة للدبابات.

وعلاوة على ذلك، فقد كان قائدو الدبابات الإسرائيلية، الذين اخرجوا رؤوسهم من ابراج دباباتهم للحصول على مدى رؤية افضل، عرضة لنيران مدفعية مصرية كثيفة ولنيران البنادق والرشاشات من جنود المشاة الذين طوقوهم من كل مكان كان حجم النيران مذهلا ومثيرا لرعب الإسرائيليين، وكذلك بسالة وجرأة المشاة المصريين في مواجهة الدبابات الإسرائيلية المواجهة لهم.

وقد أدى قرار إسرائيل القاضي بعدم تعلية التلال التي اقيمت في سيناء إلى تفاقم الوضع، فقد هيمنت الدبابات وصواريخ «ساجر» والمدفعية المضادة للدبابات الموجودة فوق التلال المصرية الاعلى على التحصينات الإسرائيلية وايضا على منطقة شاسعة تصل إلى ميلين داخل سيناء، وكان لفرق الـ «آر.بي.جي» المصرية المختبئة بخنادق في كل مكان حول القوات الإسرائيلية دور كبير في تقويض الخطة الإسرائيلية بتحيير مسألة ارتفاع التلال من خلال اطلاق نار من مسافات بعيدة من ملاجيء بالحواجز الرملية على بعد ميل من القناة.

المد الكاسح

 

أما بالنسبة للسلاح الجوي الإسرائيلي الذي علق عليه اليعازر كل آماله، فلم يتمكن من وقف المد المصري الكاسح وبسبب صواريخ سام، لم تتمكن الطائرات من التحليق فوق ساحة المعارك، وقد نفذت الطائرات الإسرائيلية 120 طلعة فوق الجبهة المصرية هذا اليوم، وسقطت منها اربع طائرات لكن بقية الطائرات لم تحقق اي نجاح في مهماتها كان المشاه المصريون عرضة لنيران المدفعية، لكن الإسرائيليين لم يكن لديهم سوى 50 قطعة مدفعية على طول خط الجبهة البالغ مئة ميل.

وكانت هذه القطع تحت نيران مضادة كثيفة، كما لم تكن التحصينات تمثل اي حاجز لاحباط اي هجوم، وكان من السهل على المصريين استغلال المساحات الخالية بينها وتنفيذ العبور ببراعة يقول المؤلف ان مهمة الدفاع عن جبهة القناة اوكلت بعد ظهر عيد الغفران إلى الكولونيل ريشيف الذي كانت تحت قيادته 91 دبابة تشكل اللواء المتقدم لفرقة سيناء التي يتولى قيادتها الجنرال ميندلر وذلك بالاضافة إلى 450 جنديا في التحصينات الستة عشر على طول خط بارليف.

كانت التحصينات الشمالية الاربعة على القناة مبنية على طول طريق بين القناة نفسها وبحيرة تغطي معظم القطاع وكان هناك تحصين في اقصى الشمال يطلق عليه اسم «اوركال» ونظرا لبعده عن الجبهة فقد تمركز فيه عدد من الدبابات طوال الوقت وعندما نشبت الحرب كانت لدى «أوركال» ثلاث دبابات تم ارسال اثنتين منها إلى التحصينات الأخرى عبر طريق يمر من خلال البحيرة إلا ان الدبابتين تعرضتا لكمين وتم تدميرهما.

كما تعرضت دبابات إسرائيلية أخرى لنيران الـ «آر.بي.جي» أو لصواريخ «ساجر«، كما تعطلت دبابات أخرى نتيجة لمرورها فوق ألغام مضادة للدبابات زرعها المصريون، بينما تعطلت دبابات عديدة بعد ان دخلت منطقة مستنقعات عميقة.وعند اقتراب غروب الشمس صدرت الأوامر إلى قائد كتيبة الدبابات اللفتنانت كولونيل توف تامير بارسال دبابات إلى حصن يطلق عليه اسم «لاتزانت» الذي انقطعت الاتصالات به.

كان قائد الحصن، ويدعى مولى مالهو قد قتل وأرسل تامير كل ما تبقى لديه من دبابات مع جنود مشاه، إلا ان هذه القوة تعرضت هي الأخرى لكمين لم يكن قد مضى على الحرب سوى أربع ساعات ليجد تامير ان كتيبته قد أبيدت بالكامل تقريبا.يقول المؤلف إن حظ الكتيبتين الأخريين على خط المواجهة كان أفضل، ولكن ليس أفضل كثيرا ففي القطاع الأوسط، حيث كانت تعبر معظم قوات الجيش المصري الثاني، أفادت التقارير ان مجموعة من المشاه المصريين تم رصدهم على بعد ثلاثة أميال شرقي القناة متجهين نحو طريق المدفعية، وتمكنت مجموعة إسرائيلية من وقف تقدمهم.

وفي القطاع الجنوبي حيث تعبر وحدات الجيش الثالث أوقف اللفتنانت ساندروف سرية دباباته على بعد 600 ياردة من حصن «مافزيه»، وراح يمسح بعينيه المنطقة، لم تكن هناك أية قوات مصرية في المكان، ولم تلح أية اشارة لوجود نشاط على التل المصري المواجه وعندما بدأت السرية تقدمها مرة أخرى، ظهر المصريون حاملين قذائف الـ «آر.بي.جي» من وراء التل الرملي ليشعلوا النار في الدبابة بالمقدمة.

وفي الوقت نفسه أطلقت صواريخ «ساجر» من فوق التل المصري وانطلقت قذائف المدفعية حاولت دبابة الاقتراب لانقاذ الدبابة المحترقة، لكنها أصيبت بصاروخ «ساجر» عاد السائق بدبابته وقد قتل ثلاثة من أفراد دبابته وأصيب ساندروف بشظية في عينه، وتراجع وهو يطالب نائبه غور بأن يقوم بمسح المنطقة الواقعة جنوب الحصن بنصف الدبابات، بينما اتجه ساندروف نفسه نحو الشمال بالنصف الآخر.

عندما مر غور بالقرب من حاجز إسرائيل ظهر جندي مصري وأطلق قذيفة «آر.بي.جي» لكنها لم تصب الدبابة التي تقهقرت مسرعة، وعندما لحق بقوة ساندروف سبقه صاروخ منطلق من فوق تل مصري ليصيب دبابة قائد السرية اندفع غور نحو الدبابة ليجد ساندروف ومساعده وقد لقيا مصرعيهما كما وجد غور دبابة اخرى على بعد 50 ياردة مصابة وعندما اقترب من قائدها وجده قد قتل.
ويقول المؤلف ان العديد من الدبابات الإسرائيلية دمرها المصريون اما بصواريخ «اجر» أو بقذائف الـ «آر.بي.جي» أو بمرورها فوق ألغام مضادة للدبابات وقبل غروب الشمس بنحو نصف ساعة تأكد الإسرائيليون على طول خط المواجهة من ان المصريين لا يهاجمون بقوة وشراسة فقط، بل انهم يعتزمون نشر قوات داخل سيناء.

وقد تأكدوا من ذلك عندما رأوا أجزاء من جسر يتم تجميعها في مياه القناة بالقرب من حصن «بركان» حاولت مجموعة دبابات مهاجمة الجسر، إلا انها تعرضت لنيران الـ «آر.بي.جي» و«ساجر» وأصيب العديد منها، وصدرت الأوامر بانسحاب ما تبقى منها بعد تعرض أعداد كبيرة من الدبابات للتدمير، أدرك قادة سلاح المدرعات الإسرائيلي وجنوده انهم يواجهون نقلة نوعية في طبيعة المعارك، وان هناك شيئا ثوريا يحدث لا يستطيعون التصدي له، شيئا يماثل ظهور المدفع الرشاش واختفاء سلاح الفرسان فالدبابات التي ظلت لأكثر من نصف قرن السلاح الذي يحسم نتيجة أي معركة، أصبحت الآن صيداً سهلاً، بل اصبح بإمكان جندي مشاة عادي ان يدمرها بسهولة.


تحييد الطيران الإسرائيلي

يقول مؤلف الكتاب انه مع الغاء الضربة الوقائية، لم يقم سلاح الطيران الإسرائيلي بأي نشاط يذكر خلال اليوم الاول من القتال وتركز دوره في حماية الاجواء الإسرائيلية وبعد ان امضى الميكانيكيون ساعات منذ الصباح في تجهيز الطائرات بالقنابل لشن هجوم على منصات الصواريخ السورية ثم على القواعد الجوية السورية، فقد اصبح يتعين عليهم الآن تفريغ الطائرات من حمولاتها واعدادها مرة اخرى للمعارك الجوية.

وقد صدرت الأوامر لبعض الطيارين بالاقلاع وتفريغ حمولاتهم في البحر حتى يتمكنوا من القيام بسرعة بطلعات جوية. وقد قال بيليد، قائد السلاح الجوي الإسرائيلي، أمام لجنة تحقيق بعد انتهاء الحرب، إن اجراءات روتينية افقدتنا فرصة لتوجيه ضربة كبيرة، فقد حصل جهاز المخابرات العسكرية «أمان» على صور جوية حيوية التقطتها طائرات استطلاع لتحركات القوات المصرية قبل الحرب.

إلا انه لم يحصل على تكبير لهذه الصور إلا بعد اسبوعين. وتظهر الصور لواءات مصرية مدرعة مصطفة بأعداد هائلة بانتظار التحرك نحو الجسور على القناة. وقال لو علم سلاح الطيران الإسرائيلي بهذه الاهداف الثابتة لكان قد الحق ضربة مدمرة بالقوات المصرية.

لم تتمكن القيادة الإسرائيلية من استيعاب الطابع الهائل للهجوم المصري، ولم تتمكن من استيعاب ما يحدث من تدمير شامل لقواتها على امتداد خط القناة. وقد نجح المصريون ببراعة في تحويل خطتهم الهجومية ـ التي تتلخص في عبور القناة ـ إلى معركة دفاعية. وكانت الدبابات الإسرائيلية فريسة سهلة لجنود المشاة المصريين. فقد حاولت الدبابات اقتحام الوحدات المصرية، إلا انها كانت دائماً تتعرض لكمائن من المصريين الذين كانوا يتوقعون منها القيام بهذه المحاولات.

لقد انقلب السحر على الساحر. وادت الأسلحة والتكتيكات المصرية الجديدة إلى تحطيم مفهوم صدمة المدرعات الذي تبنته القيادة الإسرائيلية.وأصبح الموقف خلال الساعات الأولى من الحرب هو صدمة المدرعات الإسرائيلية على ايدي المشاة المصريين. لقد ادى الهجوم المصري المفاجئ إلى إصابة القيادات الإسرائيلية بالشلل، والى إصابة العديد من ضباط جبهة سيناء بصدمة نفسية، لم يتمكنوا من الخروج منها إلا بعد مرور عدة أيام على الحرب، وذلك على حد قول احد كبار الضباط امام لجنة التحقيق الإسرائيلية في هزيمة حرب أكتوبر.

وفي ظل الخسائر الهائلة لسلاح المدرعات الإسرائيلي، أصدر اليعازر في الساعة 30,6 مساء يوم السبت أوامره إلى جونين بإخلاء كل التحصينات على ضفة القناة باستثناء تلك التي تقف في طريق التقدم المصري، أو التي يمكن استخدامها كمراكز مراقبة. كان جونين يتولى قيادة العمليات من مقر المؤخرة على بعد 150 ميلاً من الجبهة، لم يكن يدرك ان العبور المصري يجري على طول خط القناة. وعند منتصف الليل، طلب جونين من اليعازر السماح له بشن هجوم على موقع مصري يقع على بعد نصف ميل شمال حصن «أوركال»

لم يكن جونين يدرك حقيقة ان الطريق المؤدي إلى «أوركال» قد تحول إلى مصيدة موت وقد تم تدمير كل دبابة ذهبت إلى هناك. ولذلك لم يمنح اليعازر تصريحاً لجونين لتنفيذ خطته.وفي الساعة 30,1 من صباح يوم الاحد، وبعد تدمير معظم دبابات فرقة سيناء، التي يقودها الجنرال البرت ميندلر، في الوقت الذي لم تتعرض فيه القوات المصرية لأية اصابات، اعلن جونين ان العبور المصري قد فشل نظرا لانهم لم ينقلوا المدرعات إلى الضفة الشرقية من القناة. ولكن في الواقع فإن عدة مئات من الدبابات المصرية كانت قد عبرت بالفعل القناة، على الرغم من انها لن تدخل ساحة العمليات حتى الصباح.

 

أوهام القيادة الإسرائيلية

في هذا الصدد كتب الجنرال أفرام أدان قائد سلاح المدرعات فيما بعد يقول: «ان جونين كان يتوصل إلى استنتاجات من دون ان يتشاور مع ضباطه في عملية تقويم الموقف. لقد كان يعتمد على حدسه وعلى تجاربه السابقة مع المصريين، الذين كان يكن لهم العداء والكراهية الشخصية. كما كان مساعدوه يخشون تقديم أية تقارير له خوفاً من ردود أفعاله. ولم يتوجه جونين إلى مقر المقدمة عند أم حصيبة على بعد 30 ميلاً من القناة إلا بحلول الساعة الثانية من صباح يوم الأحد، أي بعد مرور 12 ساعة من بدء الحرب».

لم يشارك ميندلر قائد فرقة سيناء الجنرال جونين في أوهامه لكنه لم يتمكن من التوصل إلى الاستنتاجات الضرورية انطلاقاً من الصورة المرسومة أمامه. فقد جلس في مقره هادئاً، وقد تركزت عيناه على خريطة كبيرة معلقة على الجدار يقوم ضباطه بتطوير التغيرات التي تطرأ عليها بين لحظة وأخرى وبعد أن اصدر اوامره لقادة لواءات الفرقة، وهي أوامر للدفاع أساساً عن خط القناة، لم يصدر بعد ذلك اية تعليمات اخرى، ونادراً ما كان يتحدث عبر شبكة اللاسلكي. وكان ما قاله للجنرال شومرون: «افعل ما في وسعك أن تفعله» هو آخر التعليمات التي تلقاها قائد اللواء في هذا اليوم.

كانت ترتسم على وجه ميندلر ابتسامة مريرة وهو يتطلع إلى الدوائر والأسهم الحمراء التي رسمها مساعدوه على الخريطة والتي تشير إلى توسيع نطاق رؤوس الجسور المصرية وذوبان الوحدات الإسرائيلية. كان ميندلر يختفي لفترات داخل مكتبه، حتى موعد اجتماع كبار ضباط الفرقة. لم تكن لديه صلاحية اصدار أوامر اخلاء التحصينات، لكنه لم يطلب هذه الصلاحية عن القيادة العليا.

ولم تفهم الوحدات الموجودة في التحصينات على طول خط بارليف سبب مطالبتها بالبقاء في هذه التحصينات في الوقت الذي اصبح الموقف ميئوساً منه. وبدا واضحاً لهم ان التحصينات اصبحت بمثابة شراك يتعين الهروب منها، وليست نقاطاً مهمة يتعين الدفاع عنها. لكن جونين كان يعتزم استعادة شريط المياه وعبور القناة ولم يكن راغباً في التخلي عن النقاط الواقعة تحت سيطرته.

وقد اثبت قرار عدم اجلاء التحصينات انه تحول إلى كارثة على التحصينات وعلى الدبابات التي حاولت حمايتها وفي بعض التحصينات تم القضاء على معظم الجنود، ولم يتبق سوى افراد الخدمة، وليس أفراداً مقاتلين. وقد ناشدوا افراد الدبابات الذين وصلوا إليهم ان يخرجوهم من هذه المقابر، وتم نقل طلبهم إلى القيادة، لكن الرد كان سلبياً.

وأعطى الظلام غطاء لصائدي الدبابات المصريين الذين كانوا يغطون كل الطرق المؤدية إلى

التحصينات وتمكن هؤلاء من تدمير عشرات الدبابات أو تعطيلها وإصابة كل أفرادها ...

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech