Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

حرب أكتوبر1973م - الفصل السادس

 

الحلقة السادسة


استنزاف سوري للدفاعات الاسرائيلية و التخبط يسود الجهود الإسرائيلية لاستدعاء 200 ألف جندي احتياطي

 
يقول المؤلف ابراهام رابينوفيتش انه في الوقت الذي تواصلت المعارك خلال الليل على طول القناة، أصدر القائد البحري الاسرائيلي زيف المونج أوامره للزوارق بالقيام بدوريات عند شرم الشيخ

توقعا لمحاولات مصرية لانزال امدادات وتعزيزات لرجال الصاعقة الذين يتم نقلهم بطائرات الهليكوبتر عبر خليج السويس وفي الساعة العاشرة مساء التقط زورقا دورية اشارات عبر الرادار رصدت عشرات الزوارق المصرية الصغيرة تقترب من خليج السويس لكن الزوارق المطاطية المصرية وعلى متنها العشرات من رجال الصاعقة نجحت في الاختفاء بمنطقة تنتشر بها سلسلة من الصخور، حيث لم تتمكن الزوارق الاسرائيلية من دخولها.وكانت طلعات طائرات الميج المصرية خلال الساعات الأولى من الحرب قد نجحت في قطع الاتصالات اللاسلكية بين المونج وزورقي الدورية عند الحافة الشمالية لخليج السويس.

 

وفي الساعة العاشرة مساء ذهل قائد الدورية عندما تلقى اتصالا مباشرا من قائد سلاح البحرية الاسرائيلي الادميرال بنيامين تيليم من غرفة عمليات البحرية في تل أبيب ليحذره من أن هناك استعدادات مصرية لنقل عناصر من الصاعقة الى شواطئ سيناء على متن قوارب صيد. ووقعت معركة بين الاسرائيليين والمصريين وانتهت بخسائر بين الجانبين، وفقد الاسرائيليون نصف قوتهم. في ذلك الوقت، تعرضت التحصينات الاسرائيلية لهجمات مصرية عنيفة، وخسرت عددا كبيرا من افراد حاميتها ومدرعاتها.

وفي ظل هذه الأوضاع تلقى ميندلر تصريحا من جونين باخلاء الحصون لكن الوقت كان متأخرا جدا فقد كان العشرات من جنود المشاه المصريين يحاصرون التحصينات من كل الاتجاهات.

نصر صريح

مع حلول ليل السادس من اكتوبر اصبح واضحا ان المصريين قد حققوا نصرا صريحا في المعركة، واجتازوا بأعداد هائلة خط بارليف بأقل خسائر. وكان ذلك نتيجة للتقصير الكبير واهمال التحصينات على طول خط بارليف وعدم وجود القوات الكافية لصد هجوم شامل. الا انه في هذا الصدد يعترف كبار الضباط الاسرائيليين بأنه حتى لو تم تعزيز التحصينات وزيادة عدد القوات، فان ذلك ما كان ليوقف الهجوم المصري.

 

ويرى المحللون أن كل افتراض من جانب القيادة الاسرائيلية بشأن طبيعة الحرب المقبلة ثبت أنه افتراض خاطئ، فقد افترضت ان جهاز المخابرات العسكرية «امان» سوف يزودها بانذار قبل نشوب الحرب بفترة، ولم يحدث ذلك، وافترضت ان السلاح الجوي سينقذها في الوقت المناسب، ولم يحدث ذلك أيضا، وافترضت انه بأعداد محدودة من المدفعية والمشاة فان «صدمة المدرعات» سوف تتمكن من وقف الهجوم، ولكن في الحقيقة انقلبت الاوضاع وسيطر المشاة المصريون بنيران «الار بي جيه» وصواريخ «ساجر» على مساحة القتال، وتعرض الاسرائيليون لصدمة فعلية مع سقوط الدبابات بالعشرات.

وتراخت كل القيادات الاسرائيلية في أعقاب حرب يونيو 1967 وتزايدت ثقتها في قوتها، وفسر أحد الضباط ذلك قائلا: «كنا نقول لأنفسنا اننا نواجه مقاتلين عرباً وليسوا من الألمان» كما فشلت هيئة الاركان الاسرائيلية في وضع خطط للتصدي للاعداد الهائلة من الاسلحة المضادة للدبابات الموجودة لدى المشاة المصريين، وهي الاعداد التي كانت القيادة الاسرائيلية على علم بها.

 

 

ومن بين كل الاخطاء القاتلة التي ارتكبتها القيادة الاسرائيلية خلال الاستعدادات للحرب، فإن الاعتماد على الدعم الجوي كان الخطأ الأكبر فقد عرف الاسرائيليون ان صواريخ سام تشكل تهديداً خطيراً بالنسبة لأي طلعات جوية، الا ان اليعارز وجنرالاته تركوا أنفسهم للاعتقاد بأن السلاح الجوي الذي تفوق خلال حرب يونيو سوف يتمكن بطريقة ما من التعامل مع صواريخ سام، عندما يصبح هذا التعامل ضرورياً وأدى هذا الاعتماد الى نشر أعداد قليلة من قطع المدفعية في سيناء.

وفي ظل عدم وجود ما يكفي من قطع المدفعية واختفاء الدعم الجوي، افتقر الجيش الاسرائيلي لقوة النيران بشكل أكبر من افتقاره للقوة البشرية. وأثبت المصريون انهم كانوا حريصين على توفير القوتين كليهما بشكل كبير.

 

 

وبالنسبة لجهاز المخابرات العسكرية الاسرائيلية «أمان» فإن فشله كان أكبر من الفشل في التحذير باقتراب الحرب فالجهاز لم يؤد دوره في إعداد الجيش الاسرائيلي لنوعية الحرب المقبلة وطبيعتها كما فشلت في التحذير من التكتيكات المبتكرة التي سيوظفها الجيش المصري، كما لم تدرك قوة الدافع والتدريب والتجهيز، وكلها عوامل جعلت الجندي المصري مختلفاً في حرب 1973 عن ذلك الجندي الذي واجهه الاسرائيليون في يونيو 1967. والعامل المشترك لكل ذلك هو التراخي والتكاسل في التفكير والحركة.

يوضح المؤلف أن الهجوم العربي المفاجيء أصاب اسرائيل بصدمة نفسية ألقت بظلال كئيبة على القيادة العسكرية الاسرائيلية التي انتهجت أسلوب الحذر خلال بقية الحرب ولكن لابد هنا من القول ان الاستعدادات بالضعيفة هي المسئولة عن الهزيمة في «عيد الغفران» وليس عنصر المفاجأة في شن الهجوم فحتى لو لم تكن هناك أي مفاجأة في موعد الحرب، فإن الجيش الاسرائيلي لم يكن مستعداً لمواجهة التكتيكات المصرية الجديدة المضادة للدبابات، كما ان السلاح الجوي لم يكن ليصبح سلاح دعم للقوات البرية نظراً لامتلاك المصريين لصواريخ سام المتطورة.

 

كما ينبغي القول إن الجيش الاسرائيلي كان يضم قيادات شاخت، ولم يعد بمقدورها وضع سيناريوهات متعددة، لكنها ظلت حبيسة أفكار قديمة عن الجيشين المصري والسوري، والأخطر من ذلك ان هذه القيادات كانت تصدر أوامر خاطئة إلى الوحدات، وبعض هذه الأوامر كان تأثيرها كارثياً، كما هي الحال في عدم اصدار قرار باخلاء تحصينات خط بارليف في اليوم الأول، الأمر الذي حوّل هذه التحصينات الى مقابر للجنود الاسرائيليين.وقد تعرضت فرقة سيناء لخسائر فادحة في الأفراد والمعدات، حيث تم تدمير معظم دباباتها.

ارتباك استدعاء الاحتياطي

يشير المؤلف إلى أنه بين عشية وضحاها تحول أكثر من 200 ألف مدني اسرائيلي الى أفراد بالجيش. وعلى الرغم من أن الوحدات العسكرية لم تكن مستعدة لاستقبال هذه الاعداد وتحضيرها وتجهيزها للمشاركة في الحرب. وبالاضافة الى ذلك فإن الدبابات وضعت في المخازن بعد تفكيك أسلحتها، ولاعادتها مرة اخرى لأفراد الاحتياط كان يتعين تجهيزها وتسليحها، كما تم في حالات كثيرة تخصيص دبابات الاحتياط لعمليات التدريب وإعادتها الى ساحة العمليات يتطلب الكثير من العمل.

وكان الجيش الاسرائيلي يفترض انه سيتلقى انذاراً قبل نشوب الحرب بأربع وعشرين ساعة على الأقل، وبالتالي ستتاح له فرصة اصلاح مثل هذه الدبابات وتجهيزها وتسليحها كما ان المستودعات لم تكن مستعدة لاستدعاء كل الاحتياط في يوم واحد، ومن دون اشعار مسبق وفي بعض الأحيان كان جنود الاحتياط يبحثون عن دباباتهم في العديد من القواعد، او يبحثون عن بدائل لها واضطر أحد اللواءات الى البحث عن دباباته في ست قواعد مختلفة.

ولم تتوفر بعض الملحقات المهمة التي يتعين ان تكون مع الأفراد، مثل المناظير والكشافات والخوذات والأخطر من ذلك أن لواءات بكاملها اضطرت للتوجه الى الجبهة من دون مدافع رشاشة وهي التي قد تكون أكثر أهمية من مدافع الدبابات، خاصة في المواجهات مع جنود المشاة المصريين.

 

كانت الأخبار الواردة من الجبهة قليلة، لكن الجميع كان يدرك ان القوات المحدودة تخوض معارك يائسة توجه احد الجنرالات المتقاعدين، ويدعى يشاياهو جافيش، الى مقره القديم في بير سبع بعد ظهر «عيد الغفران» ليرى ما اذا كان القائد الحالي الجنرال جونين، سيحتاج الى خدماته ووجده في مكتبه يقلب أوراقه، فسأله: «كيف تسير الأمور؟»، فرد عليه: «على أفضل ما يرام».

دخل جافيش غرفة العمليات ليلتقط شبكة اللاسلكي لمعرفة ما يدور على الجبهة وأصيب بالصدمة لما سمعه وقد تناهت إلى مسامعه صرخات يائسة من ضباط وجنود على الجبهة وبعضهم كان يتساءل «أين السلاح الجوي؟» وآخرون كانوا يطلبون المساعدة، فيما كانت أطقم الدبابات متورطة في معارك شرسة عاد جافيش الى جونين وقال له إن الأمور ليست على ما يرام على الاطلاق فلوّح له جونين بذراعه قائلاً: «إننا نسيطر على الموقف» عندئذ أدرك جافيش أنه ليس لدى جونين ما يقدمه.

يقول المؤلف إن افراد الاحتياطي لم ينضموا الى الجنود المجندين الذين تحملوا عبء الهجوم العربي الكبير، الا بعد يومين من المعارك كان الموقف بالنسبة لأفراد الاحتياطي غير واضح، لكنهم ادركوا ان القتال يدور بشراسة في كل مكان من الجبهة إلا أن الأمر الذي خفف هموم الجنود الاسرائيليين في سيناء هو معرفتهم ان الوضع على جبهة الجولان أسوأ بكثير من الموقف الذي يواجهونه.

 

 

 

 أسرار التقدم السوري

يوضح المؤلف ان القيادة العسكرية الاسرائيلية كانت منقسمة حول الجبهة التي سيتركز عليها الهجوم السوري الرئيسي كان جهاز المخابرات العسكرية «أمان» يعتقد أنه سيكون في الجزء الجنوبي من الجولان، حيث الأرض منبسطة نسبياً، بينما اعتقدت القيادة الشمالية ان الهجوم سيتم شنه من القطاع الشمالي بالقرب من مدينة القنيطرة

وعلى الرغم ان الأرض وعرة إلا أن الهجوم من هذه المنطقة سيؤدي الى تقدم القوات السورية بسرعة نحو قاعدة «نافاخ» الاسرائيلية الرئيسية على الجولان والى جسر «بنات يعقوب» الذي يمثل البوابة الأساسية بين الجولان واسرائيل. بدأ القتال على الجبهة الشمالية بقصف مدفعي كثيف من دون سابق إنذار على عكس الحال في سيناء، حيث تم التقاط رسالة من مركز تابع للأمم المتحدة، عرفت المخابرات الاسرائيلية منها ان المدفعية المصرية على وشك فتح نيرانها            

غطت سحب الدخان كل شيء من مفترق الطرق إلى معسكرات الجيش والنقاط الحصينة ومركز القيادة ومنطقة المستودعات ومركز الاتصالات على الهضبة كان قادة الكتائب التابعة للواء السابع قد وصلوا لتوهم إلى قاعدة «نافاخ» لحضور الاجتماع المقرر عقده في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السادس من اكتوبر مع الكولونيل بن جال، عندما تعرض المكان لقصف جوي من طائرات ميج سورية ...             

يقول المؤلف ان الهجوم السوري المفاجيء أحدث فراغاً في القيادة الاسرائيلية، التي تصارع عليها

عدد من الجنرالات في ظل غياب الجنرال هوفي عن الجولان لحضور اجتماع في تل أبيب مع الجنرال اليعازر تولى اللفتنانت كولونيل يوري سمحوني ضابط عمليات القيادة الشمالية اصدار الاوامر وكان الأمر الاول الذي أصدره سمحوني واحداً من أهم القرارات التي صدرت خلال الحرب.

فقد ظل المحللون العسكريون يتناقشون لأعوام تلت حول ما إذا كان هذا القرار سليماً أم لا. فبعد نصف ساعة من بدء القصف المدفعي، اصدر سمحوني توجيهاته الى بن جال بإرسال كتيبة دبابات من كتائبه الثلاث الى الجزء الجنوبي من الجولان ونشر الكتيبتين الأخريين شمالي القنيطرة، حتى تساند هذه الكتائب كتيبتي الدبابات التابعتين للواء بن شوهام على خط المواجهة ويقوم هذا القرار في جانب منه على معلومات واردة من الجبهة، فقد ذكرت التقارير ان القطاع الجنوبي يحاول وقف تقدم السوريين، أما القطاع الشمالي فيشهد وضعاً خطيراً، خاصة مع ما توصلت اليه القيادة الشمالية من ان الهجوم السوري الرئيسي سيكون من منطقة القنيطرة.

وقد ارتكب سمحوني خطأً كبيراً، وانتهك واحدا من المباديء الاساسية للحرب بنشر ثلاث كتائب في القطاع الشمالي وكتيبتين في القطاع الجنوبي وعدم ابقاء أية قوة احتياطية في حالة حدوث أي تطور غير موات وعندما توقف قصف المدفعية تقدمت مئات من الدبابات والعربات المدرعة، وعلى متنها جنود المشاة حاملين بنادقهم دارت معارك شرسة بين الجانبين، ونجحت الدبابات السورية في التسلل من منطقة خالية بعيدة عن النقاط الاسرائيلية الحصينة
يقول المؤلف إن الاستراتيجية السورية كانت تتلخص في ارهاق الدفاعات الاسرائيلية المحدودة من خلال الهجوم على جبهة عريضة قدر الامكان واستغلال النقاط الضعيفة بعثت الفرقة التاسعة في وسط الخطوط السورية بقوات ضد القنيطرة في القطاع الشمالي، كما شنت هجوماً في الجنوب.
وعندما تحقق تقدم في الجنوب نقلت الفرقة ثقلها هناك مما زاد الضغط على القوات الاسرائيلية بالجنوب وفي الساعة التاسعة مساء نفدت ذخيرة الاسرائيليين بعد معارك دبابات شرسة، قتل فيها العديد من الضباط والجنود الاسرائيليين وتمكن السوريون من تجاوز خط وقف اطلاق النار واحراز تقدم على جبهة الجولان.

كان الاسرائيليون قد أقاموا فوق قمة جبل الشيخ مركزاً استخباريا ومحطة انذار مبكر. وتم بناء نقطة محصنة كبيرة فوق الجبل معظم مبانيها تحت الارض. وكانت الاجهزة الاليكترونية للمحطة ترصد التحركات السورية على طول الجبهة.

وفي يوم 6 اكتوبر كان هناك 55 رجلاً داخل مركز جبل الشيخ، معظمهم من افراد الجيش والسلاح الجوي والمخابرات وبعض الفنيين كان المركز يمر بمراحله الاخيرة لعملية اعادة بناء مكثفة، ويتكون افراد أمنه من عشرة جنود مشاة من لواء جولاني، ثلاثة منهم تم الحاقهم بمركز مراقبة يبعد ميلاً واحداً عن المبنى الرئيسي وترك هذه المنشأة ذات القيمة الكبيرة بدون تأمينها بقوة أكبر يعكس سلسلة الاخطاء التي ارتكبتها القيادة الاسرائيلية، ومن بينها الاعتقاد ان السوريين لن يستطيعوا مهاجمته.

وفي الواقع فإن السوريين وضعوا مركز جبل الشيخ الاسرائيلي على قمة قائمة اهدافهم. وتلقى المقدم احمد رفاعي الجوجو قائد احدى سرايا الكتيبة الثانية والثمانين التي تعد افضل الوحدات المقاتلة في الجيش السوري، التعليمات الاخيرة حول مهمته صباح يوم السبت حيث ستقوم طائرات هليكوبتر بانزالهم على بعد نصف ميل من المركز الاسرائيلي وسيتخذ رجاله مواقع لهم حول المركز والطريق المؤدي اليه من هضبة الجولان.

وسوف يسير بقية أفراد الكتيبة التي تضم نحو مئتي جندي، على اقدامهم من الجانب السوري. وسوف تهاجم هذه القوة الموقع، فيما سيقدم لهم رجال الجوجو الحماية اللازمة. غادرت اربع طائرات هليكوبتر سورية في الساعة الثانية بعد الظهر أي في لحظة اندلاع الحرب، واتجهت نحو الموقع الاسرائيلي. ويزعم مؤلف الكتاب ان احدى طائرات الهليكوبتر تحطمت بينما وصلت الطائرات الثلاث بسلام، وقفز الرجال منها، وهي تقترب من الارض وبحلول الساعة 2.45 بعد الظهر وصلت بقية الكتيبة الى الموقع.
وفي ظل عدم وجود اية خنادق او مواقع لاطلاق النار لم يتمكن الاسرائيليون سوى من اطلاق النار من المداخل الضيقة للمركز. وبعد تبادل لاطلاق النار استمر 45 دقيقة انسحب ما تبقى من الاسرائيليين الى داخل المبنى وأغلقوا الباب الحديدي. وبحلول الساعة الخامسة مساء تمكن السوريون من اقتحام المبنى بعد ان ألقوا القنابل اليدوية وقنابل الدخان.

تمكن 11 اسرائيلياً من الفرار ولكن تمكن السوريون من قتل 13 اسرائيلياً وأسر 31 منهم أربعة ظلوا مختبئين في سرادب تحت الارض لمدة سبعة ايام. بعد ذلك وصل الخبراء السوفييت وقاموا بتفكيك المعدات الالكترونية الموجودة داخل المركز، كما قام السوريون باستجواب الاسرى من افراد المخابرات الاسرائيلية وحصلوا منهم على معلومات مهمة للغاية كان سقوط هذا المركز من الامور المهينة التي تعرضت لها اسرائيل خلال حرب اكتوبر.

وعودة الى جبهة القتال صعد السوريون من هجومهم وقبل حلول الظلام تم دفع لواءين سوريين باتجاه القطاع الشمالي، بينما اتجهت اربعة ألوية للقطاع الجنوبي. خسرت كتيبة اسرائيلية واحدة 12 دبابة خلال القتال الذي دار عصراً، وهو ما يعادل ثلث قوتها. كما قتل خلال القتال ثلاثة من قادة السرايا، بينما اصيب الميجدر ابسكاروف، نائب قائد الكتيبة.

عندما هبط الظلام بدأ السوريون في تعزيز هجومهم وطلب قائد القطاع الجنوبي الاسرائيلي دعماً جويا ومساندة المدفعية ولكن من دون جدوى. اما في القطاع الشمالي فقد خسرت كتيبة واحدة سبعة من دباباتها الثلاث والثلاثين.كان الاسرائيليون يعتقدون ان العرب لا يميلون الى القتال الليلي ولذلك لم تهتم القيادة الاسرائيلية بالأجهزة التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء الموجودة لدى الجيش السوري.

ولكن في هذه الليلة هاجمت الدبابات السورية مستخدمة اجهزة الاشعة تحت الحمراء وكان بمقدور سائقي الدبابات السورية الانطلاق باستخدام لاشعة تحت الحمراء التي تضييء الطريق وباستخدام ادوات تسليط ضوء بالأشعة تحت الحمراء تضييء الاهداف امام رجال المدفعية من دون ان يدرك الاسرائيليون انهم في بؤرة الضوء يقول المؤلف انه في هذه الليلة هاجمت الدبابات السورية بضراوة ونجحت في التقدم داخل هضبة الجولان والسيطرة على مواقع مهمة.

ومع استمرار الهجوم قال اللفتنانت كولونيل ديني اجمون، ضابط المخابرات الملحق بالقوات الاسرائيلية بالجبهة الشمالية، انه يبدو ان السوريين يحاولون استعادة الهضبة كلها وليس مجرد مستوطنة او نقطة حصينة واذا كانوا يحاولون ذلك، فانهم سيسعون الى الاستيلاء على جسر «بنات يعقوب».تشكك هوفي قائد القوات الشمالية في ذلك، لكنه امر بتحذير وحدة هندسية بالقرب من الجسر من احتمال تعرض الجسر لهجوم سوري.

وعلى امتداد ساعات بعد حلول الليل نفت القيادة الشمالية تقارير بحدوث اختراقات سورية للقطاع الجنوبي وتقوم هذه التقارير على اساس افادات لوحدات الدبابات بأن السوريين لم يشنوا اي هجوم عليهم، الا ان الحقيقة هي ان السوريين كانوا يتسللون بكثافة بين النقاط الحصينة، ونظرا لقلة اجهزة الرؤية الليلية المتوافرة لدى القوات الاسرائيلية لم يدرك احد ما يدور خلف الجبهة مباشرة، وعندما سمع ضابط لاسلكي اسرائيلي صوت قائد لعداء سوري يبلغ قيادته انه وصل بقواته الى الحوشنة فوق الجولان، سارعت القيادة الشمالية بالكولونيا اسحق بن شوهام قائد اللواد 188 لتتأكد منه من صحة ذلك.
رد شوهام قائا انه لابد وان يكون القائد السوري قد اختلط عليه الامر، خاصة وانه قد مر بالقرب من الحوشنة قبل فترة قليلة. الا ان قائد النقاط الحصينة الجنوبية تلقى تقارير من رجاله تفيد بعكس ذلك، بل انها تشير الى ان الدبابات السورية اصبحت في الجانب الاسرائيلي من الخط القريب من النقطة 116 الحصينة، وانها تندفع جنوبا باتجاه مستوطنة رامات ماجشميم، كما علم قائد النقطة 111 الحصينة ان الدبابات السورية اخترقت الخط هناك، بينما تحدث تقرير آخر عن اختراق سوري بين النقطتين 115 و116 عندما وصلت كل هذه التقارير الى بنى شوهام رفض تصديقها.

 

انهيار القطاع الجنوبي

يقول مؤلف الكتاب ان انهيار القطاع الجنوبي بخط المواجهة بين السوريين والاسرائيليين يرجع في جانب منه الى الطبيعة الجغرافية المنبسطة نسبيا للمنطقة مما جعل مهمة اختراق الدبابات السورية لها مهمة سهلة، وفي جانب آخر الى عدم وجود دبابات اسرائيلية كافية للدفاع عن هذا القطاع، بالمقارنة مع القطاع الشمالي.

لكن المؤلف يعود ويعترف بان عدم ترابط الخطوط بالقيادة الشمالية الاسرائيلية كان له دور مهم في انهيار القطاع الجنوبي، ففي القطاع الشمالي، كان قائد القطاع بن جال متمركزا خلف خطوط الجبهة مباشرة، بينما كان بن شوهام يدير المعركة خلال الساعات الاولى الحرجة من بدء الحرب من غرفة محصنة تحت الارض في «نافاخ»، وكانت هذه الغرفة مكانا مناسبا في بداية الامر، عندما كان يتولى قيادة كل القوات في الجولان اثناء وجود هوفي في تل ابيب.

ولكن عندما عاد هوفي في الساعة 30,4 مساء ظل شوهام في «نافاخ» ساعتين أخريين، ولم يتمكن بعد ذلك من الوصول الى الجبهة نتيجة للقصف المدفعي، لكنه كان على اتصال لاسلكي بوحداته الا انه لم يتمكن من قراءة سير المعارك وهو بعيد عنها. ومع نفيه للتقارير التي تؤكد حدوث هجوم سوري مكثف، فقد فشل بن شوهام في متابعة التطورات الرئيسية في قطاعه.


وفي القطاع الشمالي، وصل لواء ميكانيكي سوري الى مستوطنة رامات ماجشيميم. ولم تكن هناك اية عقبات توقف تقدم اللواء الى الجنوب لمسافة 20 ميلا اخرى الى الجانب الاسرائيلي من وادي الاردن، كما كان بامكان السوريين التقدم غربا لمسافة عشرة اميال اخرى، لكن هذه لم تكن السيناريوهات التي رسمها السوريون، فقد كان هدفهم الاساسي هو القاعدة الاسرائيلية الكبرى في «نافاخ» وجسر «بنات يعقوب». كانت الخطة السورية تقضي بالتقدم حتى الوصول الى جنوب الجولان ثم التحول شمالا، وان يقوم اللواء 51، الذي يضم مئة دبابة، بالتقدم الى ان يصل الى الحوشنية ثم الاتجاه شمالا نحو «نافاخ».

كما سيقوم اللواء 43 بهجوم مواز ليصل الى طريق ريشيت، الذي لم تكن تحرسه سوى سبع دبابات اسرائيلية، اما طريق التابلاين الذي ستمر منه الدبابات السورية فلا توجد به اية دبابات اسرائيلية على الإطلاق.لم يدرك هوفي مدى اتساع نطاق الهجوم السوري سوى مع حلول منتصف الليل فقد تمكنت 300 دبابة سورية من التقدم داخل القطاع الجنوبي من الجولان، ولا توجد بالقطاع سوى نحو ثلاثين دبابة اسرائيلية بدون ما يكفي من الذخيرة والوقود بعد عشر ساعات من القتال المستمر، ولن تصل قوات كبيرة من الاحتياط قبل بعد ظهر اليوم التالي.

نقل هوفي مخاوفه الى اليعازر فيما يتعلق بتعذر صد الهجوم، كان هوفي داخل غرفة حصينة في قاعدة «نافاخ» حيث ساد الذعر بين جميع العسكريين بمختلف رتبهم، ومع تزايد الحصار السوري للقاعدة نصح كبار الضباط هوفي بسرعة مغادرتها قبل سقوطها وسلم هوفي قيادة الجولان الى الجنرال ايتان، وفر هاربا على متن سيارة جيب الى اسرائيل...

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech