30 يونيو 1970
الفانتوم تحترق غرب القناة
يبدو أن شهر يونيو الأسود الحزين فى تاريخ مصر لن يستمر يحمل هذا الاسم الى الأبد .. اليوم هو الأخير من شهر يونيو 1970 .. كان موعدا لكسر أنوف أسياد الجو فى الشرق الاوسط وبتر ذراع اسرائيل الطويلة .
لقد دمرت الصواريخ المصرية المضادة للطائرات 8 طائرات فانتوم واسكاى هو خلال عدة ساعات فيما بين الظهر وقبل غروب اليوم .. وشهدت بنفسي واحدة من المعارك الرائعة بين الصواريخ والفانتوم فى أحد قطاعات الجبهة الواقعة على مسافة 25 كيلو مترا غربي مدينة الاسماعيلية ورأيت الفانتوم ( الرهيبة ) سلاح الرعب الاسرائيلي والصواريخ تطاردها فى سماء صافية وشمس تأخذ طريقها نحو الغرب بسرعة .. ثم وهي تنفجر وتتمزق وتتناثر اجزاؤها .. ونظرت طويلا الى عديد مخلفاتها فى صورة قطع حديدية ملوثة بدماء طياريها .
وطائرة اخرى كان الصراع بينها وبين الصواريخ مثيرا .. حيث حاول قائد الفانتوم الاسرائيلي بكل مالديه من اسلحة الكترونية وأجهزة تشويش خرافية أن يولى الأدبار .. بأن يهرب الى الشمال ثم الى الجنوب والى الشرق .. ثم الى الارتفاع الى أعلى فى سرعة الصوت .. غير أن الصواريخ كانت تلاحقه فى كل اتجاه .. حتى وصلت الصواريخ الى جسم الطائرة التى أنفجرت وتبعثرت فى الجو .
هناك خمسة من طياري العدو تمكنت قواتنا غرب قناة السويس من أسرهم ، ونقلوا فى ذات القوت الى خارج جبهة القتال .. أما باقي فرسان الفانتوم والسكاي هوك فقد هلكوا مع طائراتهم المدمرة . ولن تستطيع اسرائيل اليوم أخفاء هذه الضربة المفاجئة القاسية .. فلدينا أسرى من الطيارين ولدينا صور بقايا الطائرات الفانتوم المهشمة وعليها نجمة اسرائيل ، وعلامة أخرى هامة تقول : " صنع فى الولايات المتحدة الأمريكية " !
سقطت أسطورة الفانتوم ، وأثبت سلاح الدفاع الجوي فى مصر قدرته بعد أن تم تزويده بشبكات الصواريخ الحديثة .. سقط الشبح فى مصيدة الصواريخ .. لن تعربد طائرات سلاح الجو الصهيوني بعد اليوم فى هذا الشريط الضيق ، فيما بين الضفة الغربية والى ماوراءها بمسافة 20 كيلو مترا .
أعترف بأن اليوم من الأيام ذات البهجة الخاصة التى تصل الى نوع من السعادة التى أفتقدها منذ التاسع من يونيو 1967 .. غير أننى أحسست بشىء من الضيق عندما استمعت الى بيان القيادة العسكرية فى إذاعة القاهرة .. فالبيان لم يذكر خسائر العدو إلا أربع طائرات فقط ، مع أن الحقيقة التى نعرفها تماما وشاهدناها أن خسائره ثماني طائرات .
من كتاب " جسر على قناة السويس "
للمرحوم الاستاذ فتحي رزق