Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

سلسله قاده عظماء - 3- تشانج كاي شيك

 

أسباب الانتصار

 

من الواضح أن الانتصار العسكري لا يرجع بالنسبة للماركسيين إلى عوامل عسكرية تكنيكية فقط بقدر ما يعود إلى أسباب سياسية واجتماعية. فحتى تركيب الجيش الأحمر وتكتيكه العسكري وحياته الداخلية الخ تعود إلى أسباب سياسية وإيديولوجية في التحليل الأخير. ونذكر بإيجاز أهم هذه العوامل العسكرية التي أدت إلى الانتصار الساحق: وحدة القيادة العليا وبالتالي استمرارها وخبرتها الطويلة. استراتيجية الحرب الثورية الشعبية. صلابة المقاتل الفردي… فكل هذه العوامل تعود إلى قيادة الحزب الشيوعي للثورة وإلى تأصله في الجماهير وتنظيمها وتسليحها ورفع مستوى وعيها السياسي. وعلينا أن نأخذ بعين الإعتبار أن الجيش الحكومي كان على عكس الجيش الأحمر من جميع النواحي (صراعات داخلية مستمرة، مرتزقة الخ).

 

إن حجر الزاوية في إنتصار “جيش التحرير الشعبي” بفترة سنتين هو الإصلاح الزراعي الجذري الذي قام به الحزب الشيوعي والذي كان الفلاحون الفقراء يطالبون به منذ فترة معينة. لكن جذرية هذه الثورة الزراعية كانت تتلاءم والمناطق حسب “قدم” أو حداثة”تحررها. ففي المناطق التي كانت تحت سيطرة الشيوعيين منذ عدة سنوات كان الإصلاح جذريا منذ بدايته. أما في المناطق “الحديثة” التحرير كان هدف الحزب أن يحوز على دعم الفلاحين من خلال تخفيض المحاصصات (أنضر ماو، مجلد 4، دار ابن سينا، ص77-1945) وكل المصادر الرسمية والغربية تؤكد على أن الفلاحين الفقراء كانوا يصرون على مصادرة أراضي الملاكين العقاريين والأراضي العامة. وأتى قرار ماي (أيار) 1946 ليطلق مبادرة هؤلاء الفلاحين من المنطقة المحررة قديما. وفي 1947 انعقدت “كونفرانس زراعية” عبرت عن احتداد الصراع الطبقي في الأرياف، وكانت قراراتها تنص بكل وضوح على مصادرة أراضي الملاكين العقاريين وأدوات إنتاجهم وحتى مصادرة الفلاحين الأغنياء الزائدة. (بظرف سنة واحدة وزعت الأراضي على ربع سكان الصين). ومن الطبيعي أن جذرية الثورة الزراعية هذه أدت إلى تخطي الحدود التي رسمها الحزب الشيوعي للفلاحين. وكل كتابات ماوتسي تونغ في هذه الفترة تظهر الفرق بين ماو “تقرير خونان” في 1927 (الذي يدعوا لقيادة الشيوعيين للثورة الفلاحية) وماو 1948 الذي يدعو إلى “الإعتدال”. (نفس المصدر، “حول بعض المسائل الهامة من مسائل سياسة الحزب الراهنة”، تكتيكات مختلفة لتطبيق القانون الزراعي في مناطق مختلفة”، “صححوا أخطاء الانحراف “اليساري” في الدعاية للإصلاح الزراعي”، “نقاط أساسية في الإصلاح الزراعي في المناطق المحررة الجديدة”، “المسائل التكتيكية من مسائل العمل الريفي في المناطق المحررة”، “عمل الإصلاح الزراعي وتوطيد الحزب لعام 1948″).

 

تكمن أهمية الإصلاح الزراعي ليس في تأمينها قاعدة فلاحية للحزب فحسب بل أيضا في كونها من الأسباب المباشرة للانتصار العسكري: التحاق الفلاحين بالجيش الأحمر. وهكذا لا نستغرب أن الإصلاح الزراعي أتى باكرا وجذريا في مندشوريا حيث انطلق الهجوم المضاد الشيوعي.

 

يشكل الإصلاح الزراعي الجذري الميزة الأساسية الوحيدة لسياسة الحزب الشيوعي في تلك الفترة. فعلى الأصعدة الأخرى لا تزال سياسة الحزب نفسها. فكان موقفه من الصناعيين والتجار يقول “بتطوير الإنتاج” وبضرورة التعاون بين العمال والرأسمال (“بصدد السياسة الصناعية (زمنها الطائرات والمدرعات)، وبعد فترة من “الاقتراحات السلمية” من من والتجارية 1948″). وأخيرا على صعيد المسألة القومية لا يزال الحزب يركز على تحرير الأمة الصينية وتوحيدها، مع هذا الفرق أن الإمبريالية الأمريكية حلت محل الإمبريالية اليابانية.

5  دينامية الثورة الصينية

الثورة الصينية والثورة العالمية

 

إن الثورة الصينية جزء لا يتجزأ من الثورة الإشتراكية العالمية. وانتصار الثورة البروليتارية في الصين هو انتصار للجماهير الكادحة في العالم الرأسمالي أجمع. إلا أنه من الخطأ اعتبار هذه الثورة نتاج الأوضاع الصينية فقط وأنها لا تفسر إلا انطلاقا من الخصوصيات القومية دون غيرها.

 

يبرز تحليل الثورة الصينية من منظور عالمي عاملين حاسمين في تاريخها: الأول تاريخي والثاني ظرفي. العامل الأول هو الثورة البلشفية ومن ثم الإتحاد السوفييتي كدولة عمالية متدهورة بيروقراطيا. وسنعود إلى هذه المسألة في ما بعد عند كلامنا عن الحزب الشيوعي الصيني. أما العامل الثاني فهو المد الثوري العالمي الذي شهدته نهاية الحرب العالمية الثانية: الطبقة العاملة في أوروبا الغربية، الجيش الأحمر في أوروبا الشرقية، “نضال” برجوازية المستعمرات المحدود، واخيرا الكفاح ——– تخوضه بعض الأحزاب الستالينية، ومن بين هذه العناصر ——-الحاسم صعود الطبقة العاملة في أوروبا الغربية. فكان العمال المسلحون في فرنسا وإيطاليا يسيطرون على الوضع، وأتى تحالف البيروقراطية الستالينية والإمبريالية الأمريكية لإيقاف العملية الثورية. إلا أن تمركز القوات الأمريكية في أوروبا سمح بوجود حلقات ضعيفة (كوريا، يوغوسلافيا الخ) ومنها الصين حيث انتصرت الثورة بأقل من سنتين دون أن تستطيع الولايات المتحدة التدخل بشكل مباشر بهدف منع ربع الإنسانية من الانضمام إلى “المعسكر الإشتراكي”.

الثورة الزراعية الإشتراكية

 

تشكل الزراعة في الصين اكثر المسائل تعقيدا بسبب انعدام التجانس في الريف الصيني نتيجة دخول الرأسمال إليها بشكل متباين حسب المناطق. وزد على ذلك عدد الدراسات المحدود وأحيانا تعارضها من حيث المعلومات.

 

ولا نهدف في نطاق هذه الفقرة إلى تحليل الوضع الزراعي حتى بخطوط عريضة. كل ما نبغيه البحث عن ديناميكية الثورة الصينية في فترة 1947-1948 الحاسمة. فما هي خصائص الريف الشمالي حيث انطلقت الثورة الزراعية التي تشكل العنصر الحاسم لفهم ديناميكية الثورة الإشتراكية الصينية قبيل انتصارها.

 

إن أهم مميزات الريف الشمالي هي: من جهة ندرة الملاكين العقاريين الكبار حيث يملك أغناهم بعض الهكتارات (حوالي 7 هكتارات كمعدل واستثنائيا 10 هكتارات) ومن جهة أخرى تفتت الأراضي بشكل أن أكثر من نصف الفلاحين يملكون الأراضي التي يفلحونها.

 

في قمة الهرم الإجتماعي في الريف طبقة فريدة من نوعها نسميها طبقة الملاكين العقاريين رغم أن التسمية لا تعبر أبدا عن سمات هذه الطبقة التي تجمع بين الملكية والثقافة والسلطة السياسية المحلية. والدور الذي يلعبه أعضاء هذه الطبقة متعدد: مالك عقاري يشغل عنده فلاحين، موظف في الإدارة المحلية، تاجر حبوب وبالتالي محتكر، وأخيرا مرابي (تؤمن هذه الطبقة 80%  من التسليفات)، لكن الطبقة ككل وليس كأفراد تجمع بين جميع هذه الوظائف. ويجدر الذكر أن في الشمال كانت هذه الطبقة تحتل موقعا بيروقراطيا مدنيا وعسكريا في المقام الأول.

 

هناك نوعان من الفلاحين: الفلاح المؤاكر الذي يعمل على ارض المالك العقاري ويتلقى مقابل عمله الريع العقاري (أوالمحاصصة) التي تبلغ نسبتها 50% من الإنتاج نتيجة الضغط السكاني على الأرض. أما الفلاح المالك الصغير فيعمل على أرضه ويدفع الضريبة العقارية الفاحشة للبيروقراطي المحلي. ولكن أغلبية الفلاحين مزارعون ومالكون في آن واحد بينما نجد فقط 20% من المزارعين لا يملكون أرضا.

 

أما بالنسبة للشمال الشرقي (مندشوريا) فقد تميز بكثافة سكانية مرتفعة جدا وبيروقراطية مدنية وعسكرية تملك أراض شاسعة نسبة الى الريف الصيني.

 

هذا جانب من الموضوع. أما الجانب الآخر فهو متعلق بارتباط الريف بالإمبريالية. فالرأسمالية في البلدان المتخلفة تنمو دون القضاء على الإقطاعية بل بالعكس بالتدخل فيها. فتتخذ الرأسمالية بالتالي أشكالا هجينة تبقى السيطرة الرأسمال التجاري المرابي. وتقوم الإمبريالية الأجنبية بتحويل الشريحة العليا (الشبه إقطاعية-الشبه برجوازية) من الريف الى أداة لسيطرتها الخاصة. ومن ناحية أخرى أدى تغلغل الإقتصاد النقدي الرأسمالي إلى الأرياف إلى ربط الشرائح الريفية الغنية بالرأسمال الوطني والغربي. فكان الملاكون يعيشون في المدن تاركين إدارة أراضيهم إلى وكيل.

 

إن غياب فئة متميزة من الإقطاعيين من جهة وارتباط الملاكين العقاريين والفلاحين الأغنياء برأسمال المدن من جهة أخرى يجعلان من الثورة الزراعية في الصين ثورة اشتراكية معادية للرأسمالية وليست معادية للإقطاع (بما أن هذه الطبقة غير موجودة)، وفي الشمال كما في مندشوريا (الشمال الشرقي) لابد لحركة الفلاحين أن تصطدم بالسلطة البيروقراطية العسكرية-المدنية. فالثورة الزراعية تفترض تنظيم الفلاحين بشكل مستقل وفرض ديكتاتوريتهم الثورة على “البورجوازية” الريفية.

 

لكن الفلاحين بقواهم الذاتية لا يستطيعون حل المسألة الزراعية. باستطاعة الفلاحين أن يعوا لمصيرهم ولكن ما ينقصهم هو القطيعة النهائية مع “المجتمع القديم” وإيجاد الحل بالنسبة للمشاكل اللمطروحة، أي “البديل العملي”. فعرفت الصين نفسها في القرن التاسع عشر حركة فلاحية ثورية استمرت عدة سنوات وكان برنامجها قوميا واجتماعيا. وألام انتهت؟ أدت الى إقامة إمبراطورية أخرى وسحقت بمساعدة الإمبريالية نظرا لسوء تنظيمها.

 

بالنسبة للينين وتروتسكي، لا يمكن للفلاح إلا أن يتبع البورجوازي أو البروليتاري. ودون الحزب الشيوعي الثوري لن تتوصل أية حركة فلاحية ثورية الى تحقيق مآربها. فقد أمن الحزب الشيوعي الصيني، بوصفه حزبا سياسيا عالميا، للحركة الفلاحية الوعي السياسي والتنظيم (الجماهيري والعسكري) وتماسكها الداخلي وأخيرا الآفاق السياسية.

مسار الشيوعيين الصينيين

 

جذبت الثورة البلشفية بعض الشباب المثقف الصيني نحو الماركسية بوصفها أداة فعالة لإخراج المجتمع الصيني من تخلفه. وكون التراث الماركسي (ناهيك عن التراث البلشفي) باللغة الصينية محدود جدا (ترجم البيان الشيوعي في 1920) والطبقة العاملة حديثة النشأة، كان على الأممية الشيوعية أن تساعد هؤلاء المثقفين لكي يبنوا الطليعة الثورية للطبقة العاملة الصينية على الصعيدين النظري والعملي. لكن هذا الارتباط الوثيق بموسكو أدى أولا إلى انتقال الحزب الشيوعي الصيني من اللينينية إلى الستالينية بكل سهولة وثانيا إلى ضرورة تحميل الأممية الشيوعية (تحت قيادة ستالين وبوخارين) كل مسؤولية إخفاق ثورة 1925-1972 [1927].

 

أجبر ستالين وبوخارين الشيوعيين الصينيين على تبني مقولات منشفية (ضرورة مرحلة النمو الرأسمالي –التحالف الإستراتيجي مع البورجوازية أي الذيلية لها) لا بل مقولات أكثر يمينية من المنشفية (انخراط الشيوعيين في حزب بورجوازي، حزب الطبقات الأربع، العلاقة بين الكومنتانغ والأممية الشيوعية). وخلال عشرة سنوات سار الحزب الشيوعي الصيني على طريق الفشل المستمر. لكن الشيوعيين الصينيين بدأوا، في منتصف الثلاثينات، يسيرون على خط نوعا ما مستقل نتيجة لانحسار تأثير موسكو عليهم وتبلور القيادة الماوية في اللجنة المركزية والعامل المهم في ذلك هو هزيمة الثورة الصينية الثانية. ولكن هذه الاستقلالية كانت محدودة بسبب ستالينية الحزب الشيوعي: يقول دويتشر (“الثورة غير المنتهية”) أن الحزب الشيوعي عاش في الريف، معزولا ومنغلقا على نفسه ولم يعرف بالتالي ما عرفه الحزب البلشفي من نقاشات مع مختلف اتجاهات الحركة العمالية والثورية حول المسائل النظرية والعملية للاشتراكية. وخاصة أنه احتفظ بكل المفاهيم الستالينية الإصلاحية وأنه التزم “بكل طقوس العبادة الستالينية”. هذا على الصعيد السياسي-الإيديولوجي. أما على الصعيد التنظيمي فكانت كوادر الحزب كوادر عسكرية وسياسية في الوقت نفسه وكانت حياتهم في أصغر تفاصيلها محكومة بمقتضيات الكفاح المسلح. كان للحزب طابع عسكري من حيث التنظيم والانضباط وطرق التفكير والتسيير اليومي للأمور. وهكذا لم يكن على ماو أن يكافح أية معارضة لينينية-بلشفية كما كان الوضع بالنسبة للحزب البلشفي (قبل أن يتدهور).

 

والسؤال الجوهري الذي ينطرح هو التالي: ما هي العوامل التي دفعت حزبا شيوعيا ستالينيا للقيام بثورة اشتراكية منتصرة واستلام السلطة؟ بينما شهد التاريخ جملة من الأحزاب الستالينية وجدت في وضع ثوري ملائم جدا لكن ستالينيتها منعتها من الإستيلاء على السلطة وأدت إلى تصفيتها.

 

إن العامل الأول هو الوضع المتجزئ للصين شبه المستعمرة (أنظر ماو. مجلد 1. لماذا يمكن أن تبقى السلطة السياسية الحمراء في الصين؟). إن العامل الثاني هو تجربة إخفاق ثورة 1925-1972 [1927]. فأبرزت هذه الثورة الخطر الفعلي الذي يمثله الكومنتانغ وأهمية الفلاحين (بوصفهم القوة الأساسية المحركة للثورة) وأخيرا أهمية التنظيم الشيوعي المسلح المستقل. العامل الثالث هو الظرف الاستثنائي للغاية الذي وجدت فيه الصين والعالم الرأسمالي عند نهاية الحرب العالمية الثانية. فلولا 15 سنة من الإحتلال الياباني وتمركز القوات الأمريكية في أوروبا وأخيرا اهتراء الكومنتانغ وهزالة البورجوازية الصينية لما استطاع جيش فلاحي أن يهزم جيشا برجوازيا مسلحا بعتاد ضخم من الأسلحة المتطورة، بفترة سنتين فقط. وهذا الانتقال الحاسم من الريف إلى المدن (14) كان شبه مستحيل لولا انهيار الكومنتانغ وجهاز الدولة البورجوازية في المدن الكبرى حيث لم يجابه الجيش الأحمر أية مقاومة فعالة، وأخيرا وليس أخرا هناك ضغط الفلاحين الفقراء وثورتهم الزراعية الإشتراكية التي تهدف الى استلام السلطة على الصعيد المحلي وضرب “البورجوازية الريفية”. ولم يكن الحزب الشيوعي في طليعة هذه الثورة بل حاول في بعض الأحيان وبحدود معينة المحافظة على التوازن بين الفلاحين الفقراء وهذه “البورجوازية الريفية”. ولكن ميزة القيادة الستالينية الصينية هي أنها في النهاية قد ركبت الموجة وانطلقت لتصفية الكومنتانغ بينما كانت تطرح التحالف معه منذ عشر سنوات، وهذه هي الخطوة الثورية التي لم تخطها أحزاب ستالينية أخرى.

 

وخلاصة القول ان القيادة الستالينية الصينية وجدت في ظروف تسمح لها باستلام السلطة ومن ناحية أخرى كانت هذه القيادة قد انعتقت عن الذيلية السياسية الفعلية لخط موسكو منذ فترة. فكانت تلتزم دائما بالمفاهيم الستالينية الأساسية على صعيد القول والكتابة –أما على صعيد الممارسة فكانت تحاول أن تجد خطا سياسيا يسمح لها بالاستمرار في الريف، وهكذا لم يتبلور “الخط الماوي” إلا بعد عقدين من الكفاح المسلح الثوري، عبر تراجعات مؤقتة، عبر تعرجات بلمسات عديدة. إن التجربة هي الميزة الأساسية لخط القيادة الستالينية الصينية الثوري.

 

من الواضح إذن أن مسيرة الحزب الشيوعي الصيني أتت نتيجة التأثير المتبادل بين عاملين متناقضين: التراث الستاليني الإصلاحي وسيرورة الثورة الصينية. وينعكس هذا التناقض في عدم التطابق بين كتابات ماوتسي تونغ (والمفاهيم التي تحويها) والمجرى الملموس للثورة الإشتراكية في الصين.

“ديموقراطية جديدة” أم سلطة العمال والفلاحين؟

 

انتصرت الثورة الصينية في 1949 بوصفها ثورة بروليتارية يشكل الفلاحون الفقراء قاعدتها الأساسية وقيادتها حزب ستاليني ذو ممارسة ثورية. أما كوادر هذا الحزب فهم (اجتماعيا) برجوازيون صغار تبنوا الماركسية في طبعتها الستالينية وشكلوا قيادة الثورة الزراعية الإشتراكية التي لم تكن لتنجح لولا توفر قيادة حزب عمالي شيوعي (ولو—-

 

لم تكن ثورة 1949 ثورة ديموقراطية. ولم تكن حكومة ائتلافية (كومينتانغ –شيوعيين –وطنيين ديموقراطيين). ولم يكن نمو الصين بعد 1949 نموا رأسماليا يوفق بين الرأسمال والعمل. ولم تعرف الصين “ديموقراطية شعبية تحت قيادة الطبقة العاملة”.

 

إن الحزب الشيوعي قد استلم السلطة بمفرده أما “حلفاؤه” فهم بمثابة دمى. وكانت سياسة الحزب الشيوعي بعد 1949 (إصلاح زراعي، تأميم تدريجي للصناعة الموجودة، تطوير القوى المنتجة تحت إدارة الدولة العمالية، التخطيط) تؤكد على أن الدولة الصينية دولة عمالية من حيث الجوهر (وان كانت بيروقراطية الشكل).

 

ولكن كل أطروحات ماو هي على الصعيد النظري نسف للتراث الماركسي واللينيني. فبالنسبة للينين ليس ثمة من وسيط بين سلطة العمال والفلاحين (ديكتاتورية الطبقة العاملة المرتكزة على الفلاحين) وسلطة الطبقة البورجوازية وكل من يقول بإمكانية خط ثالث بين الدولة العمالية والدولة البورجوازية، كلل من يقول بإمكانية ديكتاتورية أكثر من طبقة واحدة لم يفهم شيئا من المفهوم الماركسي الثوري للدولة.

 

ومهما كانت السمات البيروقراطية للدولة في الصين (غياب مشاركة الشغيلة عبر مجالس منتخبة تدير الإقتصاد والدولة على الصعيد القومي) فهذا لا يعني أنها رأسمالية دولة كما قد يستنتج البعض من ذلك، إنما دولة عمالية بيروقراطية...

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech