Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء احمد رجائي - الجزء الثاني - الناصيه الخامسة

 

الناصية الخامسة

فى هذه الناصية تجمع كل ما اكتسبته منذ نعومة أظافرى حتى هذه الناصية من معارف وثقافات ومبادئ من الدين والدنيا .. لكى أضعه وأعمل به فى سبيل الله والوطن .. لقد نذرت كل ما أقوم به قربانًا إلى الله .. راجيا أن يتقبله منى.

فإنى لم أسعى إلى نياشين .. كنت قد حصلت عليها .. فإن أى نيشان حصلت عليه كنت ألقى به فى أرضية دولاب ملابسى .. خوفا أن تقلل من نصيبى عند الله.

كما أنى لم أسعى إلى ترقية حيث ترقيتى إلى رتبة المقدم وكنت لم أمكث برتبة الرائد أكثر من ثمانية أشهر – علما بأن من ترقى فى معـارك الاستنزاف لم يتجاوز عددهم أربعة من الضـابط طـوال معـارك الاسـتنزاف من 67 إلى 73 وكنت أحدهم.

حقيقة واحد كنت أعيشها .. وهو أنى كنت أتمنى الشهادة فى سبيل الله والوطن.

وكانت اسعد أوقاتى فى أى عملية حربية تبدأ فى الصباح عند مغادرتى المنزل وعند عودتى إليه – فبرغم أنى لا اذكر شىء لأى أحد عن العملية التى سوف أقوم بها .. إلا أنى ألاحظ أن أمى وزوجتى وأحيانا جدتى عندما تتواجد فى بعض الأحيان معنا .. وكأنهم فى داخل مشاعرهم أنه ذاهب إلى عملية ما .. حيث كنت أجد فى أعينهم لمعان الفخر والاعتزاز بى .. وليس القلق أو الخوف .. وكانت جدتى تخصنى بدعاء (الله يخفى عين العدو عنك) .. رغم أنها لا تردده فى أى يوم آخر – أما السعادة الثانية عندما أعود للمنزل فى أى وقت من الليل أو النهار .. لأجد أمى فى صالة مدخل المـنزل وهـى جالسـة فى الظـلام تسـتمع إلى الراديو لأى أخبـار من محطة (B.B.C البريطانية) والتى لا تحرك ساكنا عند دخولى لتقول (حمد الله على السلامة) بنغمه لا تفارق أذنى حتى الآن .. وفى نفس اللحظة تخرج زوجتى من غرفتها لأستقبالى .. رغم السكون الذى يحيط بالمنزل حتى عند دخولى إليه.

فى هذه الناصية اذكر ظروف أنشاء ومعارك المجموعة 39 قتال التابعة لفرع العمليات الخاصة بالمخابرات الحربية حيث كان المقدم (إبراهيم الرفاعى) رئيس فرع العمليات الخاصة وكنت أنا منذ إنشاءها إلى إيقاف النيران عام 70 قائد لهذه المجموعة (وهى سريه من ثلاث فصائل صاعقة + فصيلة قوارب من الصاعقة البحرية) .. وفى نفس الوقت كنت رئيس لقسم الاستطلاع والتدريب بالفرع وكان الرائد (عصام الدالى) رئيس فرع العمليات.

أن الفخر لأفراد هذه المجموعة أنهم الرواد فى العمل الخاص خلف خطوط العدو .. وكان هذا يتمناه كل ضابط وجندى بالقوات المسلحة .. ولكن الله خصنا بهذا العمل الريادى .. ويجب ألا ننسى أن أفراد ووحدات كثيرة سواء من الصاعقة أو الجيوش قامت بنفس أعمالنا فيما بعد وبنفس الكفاءة.

أننى اذكر فى كتابى هذا كأحد القيادات لهذه المجموعة وأوضح للتاريخ وللأجيال خلاصة أعمال هذه المجموعة والتى كانت أعمـال عظيمـة من كمـها ومضمـونها بقيادة المقدم (إبراهيم الرفاعى) رئيس فرع العمليات الخاصة والذى بث روح التعاون والشجاعة والفدائية فى أفراد الفرع والمجموعة 39 قتال – لأن هناك من زايد على أعمال المجموعة فى تصريحات إعلامية أو كتب أصدروها .. فمنهم من يقول خمسون عملية وأخر سبعون آخرون يقولوا مائة وخمسة عملية .. وذلك مما يسئ لمصداقية أعمال المجموعة .. بل أن هناك صحفى قد رافقنا فى عمليتيـن أو ثلاثة وأصـدر كتابا مؤخرًا .. لا أعلم من أين أتى بهذه العمليات .. ووصل الأمر بأن أحد الضباط الصغار فى ذلك الوقـت .. من هو يذكر أن تجربة قارب جديد على شواطئنـا فى البحر الأحمر .. على أنها عملية حربية.

والأدهى .. أنه عندما كرم الفريق أول (محمد صادق) وزير الحربية آنذاك أحد الضباط .. بأن أرسله ملحق حربى باليمن .. فقد ذكر فى كتاب له .. أن أعمال القوات البحرية فى أثناء معركة 73 والتى كانت تأمين وأعمال سلبية أمام المرور البحرى الإسرائيلي .. على أنها من أعماله وكأنها امتداد لأعمال المجموعة 39 قتال .. كيف !!.

 

فكرة المجموعة 39 قتال

     فى أعقاب معركة 1967 والتى كانت آخر معركة فيها هى معركة رأس العش والتى تحالفت فيها كل قوى الجيش الإسرائيلى من مدفعية وطائرات ودبابات ومشاه لكى تزحزح هذه الفصيلة والتى كان قوامها ثلاثين فردًا بقيادة ضابط برتبة ملازم .. حديث التخرج ومعه رقيب اسمه (حسنى سلامة) متمرس ووطنى لكى تحتل هذا المكان الذى يفتح أمامها الطريق إلى مدينة (بور فؤاد) – ولكنها لم تتمكن من ذلك .. بل منيت بخسائر جعلها لا تفكر فى إعادة الكرة مرة أخرى وهنا ظهر معدن الجندى المصرى عندما صدر له أمر بالصمود فى المعركة بعد أن كانت الأوامر السابقة كلها انسحاب – والغريب أن نفس الموقف حدث فى معركة 1973 فى موقع على القناة يسمى موقع كبريت وهى آخر معركة بمعـارك 1973 .. إذ هاجمت قوة مصرية الموقع الإسرائيلى بكبريت والذى استولت عليه فى أربعة ساعات .. وعندما حاصرت القوات الإسرائيلية هذا الموقـع وعزلته عن القوة الرئيسية وهو الجيش الثالث واستمر حصـاره لمدة 62 يومًا حتى ميعاد إيقاف النيران واستخدمت إسرائيل كافة قواتها فى محاولة لاسـترداد الموقع .. لكنها لم تتمكن من ذلك وكان قائد الموقع اسمه المقدم (إبراهيم عبد التواب) والذى قام بصد هجمات العدو .. برغم قلة الذخيرة والمياه والذى كان يعتمد على تحليه مياه البحر بالطرق البدائية وقلة الطعام والذى كان يشترك أكثر من خمسة جنود فى علبة طعام محفوظة ولنا أن نعلم أن هذه القوة المصرية كانت تتكون مما يقرب من 180 ضابط وصف ضباط وجندى وقد واجهت إمكانيات الجيش الإسرائيلى فى معركة تحدٍ .. ورغم أن قائد هـذه الكتيبة قد استشهد قبل إيقاف النيران بساعة واحدة إلا أن الموقع لم يستسلم وظل صامدًا.

ونرجع إلى الموقف على الجبهة المصرية والذى كان فى حالة إعادة بناء قوته من جديد وتجهيز مواقعه الدفاعية غرب القناة ومع إيقاف النيران .. واستفزازات العدو المستمرة من العدو الإسرائيلى .. مثل الشتائم والألفاظ المعايرة .. والإتيان بحركات لا أخلاقيـة بين المجندين والمجندات الإسرائيليين – فقد ظل الجنود المصريون يجهزون مواقعهم الدفاعية على طول خط القناة بالشاطئ الغربى وقد كانت حالة الغليان على أشدها بين أفـراد القـوات المسلحة المصرية .. وعلى استعداد للقيام بأى عمل ضد العدو .. إلا أن الأوامر العسكرية تمنع ذلك .. ومع هذا كان أى أمر باستطلاع العدو يستغله المنفذ فى عمـل إيجابى – فلا ننسى اللواء (مدكـور أبو العز) قائد القوات الجويـة حـين ذاك .. عندما أخذ أمرًا باستطلاع المضايق (متلا والجدى) بالطائرات وهى على بعد حوالى 60 كم من القناة .. فقد حول هذا الأمر إلى ضرب مواقع العدو بضربة جوية مركزه جعلت الجنود الإسرائيليين يفرون من مواقعهم إلى الحدود عند غزة والعريش ظنا منهم أن القوات المصرية ستقوم بالهجوم المضاد .. وكان ذلك بعد معركة 67 ولم يمر عليها شهرين. وكذلك القوات البحرية عندما خرج عدد 2 لنش طوربيد لاستطلاع قطعة بحرية إسرائيلية كبيرة وهى المدمرة إيلات والتى قد اخترقت المياه الإقليمية .. إلا أن قائد أحد اللنشات قام بتدميرها وكان عليها طلبة الكلية البحرية الإسرائيلية وكانت كارثة بالنسبة للعدو.

أما بالنسبة للقوات البرية والتى كانت مشغولة بتجهيز مواقعها الدفاعية على الضفة الغربية للقناة بدءًا من الكيلو 10 رأس العش ببور فؤاد إلى منطقة الكاب والتينة والقنطرة غرب وهى منطقة تسمى باسم (رقبة الوزة) إلى الإسماعيلية ثم جنوبا بمنطقة البحيرات المرة (الصغرى والكبرى) والتى تبعد عنها مسافة بيننا وبين العدو فى أعرض مكان 14 كم ثم جبل مريم وبحيرة كبريت حتي جنوبا بالسويس حيث موقع بور توفيـق وهى مسافة تشكل جبهة مع العدو فى حدود 200 كم.

وقد كان الدور الرئيسى للقوات الاستعداد، إلا أن أعمال الاستطلاع كانت تقـوم بها المخابرات الحربية من خلال مكاتبها بواسطة البدو – وقام فرع الاستطلاع من خلال الرائد (عصام الدالى) والذى كان وافدًا من بعثة بموسكو فى أعمال الاستطلاع .. فقد قام بزرع نقط استطلاع على المحاور الرئيسية فى عمق العدو وكان يرسل لكل نقطة استطلاع ضابط .. يمكث لمدة شهر ومعه جهاز لاسلكى لإرسال المعلومات أول بأول – كما قام المقدم (إبراهيم الرفاعى) والذى كان بفرع الاستطلاع أيضا بعملية فدائية لنسف الذخيرة التى جمعها العدو من قواتنا بعد الانسحاب. وقد استغلت مكاتب المخابرات البدو خاصة مكتب بور سعيد والقنطرة فى زرع ألغام مضادة للمركبات بصفة دورية – وكذلك قام المقدم (الرفاعى) بصفة دورية بزرع ألغام على طول الجبهة – وكان كل من يقوم بزرع لغم يبقى فى حالة قلق إلى أن يصطاد اللغم فريسته من مركبه أو دبابة ومهما طال الوقت فإن اللغم سيؤدى واجبه فى وقت ما .. مما شكل إزعاجًا شديدًا للعدو .. حتى أننا كنا نطلق على اللغـم اسم الابن البار حيث كان معدل خسائر العدو من 2– 3 مركبة أو دبابة أسبوعيا وهو يشكل خسـائر جسيمة للعدو وخاصة أن ما بين عام 67 إلى معركة 73 ما يقرب أكثر من 300 أسبوع.

وإذا حسبنا خسائر العدو من جراء التلغيم والشراك الخداعية نجدها مساوية تقريبا لخسائرنا فى معـركة 73 – وهنا تظهر عظمة معارك الاستنزاف. وقد بدأ العدو فى تسيير دقاقة يوميا فى كل صباح علي طول الجبهة فى أكثر من مكان وذلك لتفجير الألغام وتأمين الطرق .. إلا أننا لم نترك الدقاقات فى حالها ووضعنا لها كمية من الألغام  وأحب هنا إن اذكر تفاصيل هذه العملية فى باب عمليات التلغيم.

 

فكرة المجموعة 39 قتال

     مع حرارة صيف عام 1969 وفى شهر أغسطس بالتحديد .. وفى قرار مفاجئ – صدرت الأوامر من اللواء (صادق) مدير المخابرات الحربية إلى المقدم (إبراهيم الرفاعى) بفرع الاستطلاع بالقيام بعمل إيجابى ضد العدو وبالملابس العسكرية .. وهذا يعنى الإعلان رسميا عن خرق لإيقاف النيران الصادر من الأمم المتحدة .. وهذا يشمل ضمنيا رسالة للعدو الصهيونى أن مصر قادرة على التصدى .. ورسالة أيضا لأبناء الوطن والشعب المصرى بأننا قبلنا التحدى. وفى هذا الوقت لم يكن قد صدر تشكيل للمجموعة 39 قتال – ولكن كان هناك بعض أفراد من الصاعقة البحرية ليشكلوا فصيلة تقريبا معظمهم صف ضباط بقيادة النقيب (إسلام توفـيق) والمـلازم (ماجد ناشد) – كما كان هناك رائد طبيب (عالى نصر) وكان ملحقًا على فرع الاستطلاع حيث ألحقه اللواء (صادق) لخلافات بينه وبين زملائه فى الصاعقة البحرية بالإسكندرية نتيجة وشايه قام بها على أحد زملائه بالصاعقة البحرية.


وكان النقيب (عصام الدالى) يتولى قسم الاستطلاع خلف الخطوط بفرع الاستطلاع وكنت أنا بفرع الخدمة الخاصة.

وهنا شعر المقدم (إبراهيم الرفاعى) بأهمية العملية وحساسيتها فاتصل بى الرائد (عصام الدالى) .. وكنا نحن الثلاثة من قوات الصاعقة الوحيدين الموجودين بإدارة المخابرات الحربية – وأبلغنا بالمهمة وببحث المعلومات المتوفرة عن أماكن دوريات العدو الراكبة وتوقيتاتها .. فقد وقع الاختيار على منطقة جبل مريم المطلة على قناة السويس لعدة أسباب.

أولاً .. لضيق عرض قناة السويس فى هذه المنطقة.

ثانياً .. وجـود بحيرة صغيرة أسفل جبل مريم غرب القناة ولها قناة صغيرة تفتح على قناة السويس .. مما يسهل التجهيز فى قوارب فى منطقـة مستورة ثم الاندفاع للعبور عبر قناة السويس إلى البر الشرقى.

ثالثا .. وجـود فنطاس مياه غرب القناة يسهل الاستطلاع ووضع رشاشـات ثقيلة تقوم بستر القوات عند الانسحاب والمساعدة بالنيران. 

 

أردت أن اذكر هذا التمهيد لأسجل أن حتى هذا التاريخ وهو 16 أغسطس 69 لم تنشأ حتى هذه اللحظة المجموعة 39 .. ولكنها تشكلت عقب هذه العملية باسم فرع العمليات الخاصة بالمخابرات الحربية والتى تبعها تكوين المجموعة 39 قتال ورغم وجود المقدم (إبراهيم الرفاعى) والنقيب (عصام الدالى) وأنا فى إدارة المخابرات إلا أننا لم نجتمع من قبل فى أى عملية وكان كل منا يعمل منفردًا.

 

عملية جبل مريم

تقرر أن تشكل المجموعة فى ثلاث مجموعات اقتحام وكل مجموعة ثلاثة من الصف ضابط وضابط .. الأولى بقيادة ضابط بحرى (إسلام توفيق) والثانية بقيادة (عصام الدالى) والثالثة بقيادة ضابط بحرى ماجد ناشد والمجموعة الرابعة هى المجموعة الساترة بقيادتى ومجموعة القيادة والذى يقودها (إبراهيم الرفاعى) – وكان معظم الصف ضابط من الصاعقة البحرية – والخطة أن تقـوم المجموعة الأولى بإيقاف وتدمير العربة الأولى والثانيـة لاقتحـام العربة الثانية وإحضار الأسرى والثالثة لقطع الطـريق عن أى تدخل خارجى.

كانت هناك بحيرة صغيرة خلف جبل مريم – وجبل مريم هذا جنوب الإسماعيلية بعده كيلومترات – وهذا البحيرة تم فيها تجهيز قارب مطاط بدون موتور وتم ربط حبل طويل .. قام فرد من الصاعقة البحرية بالتعدية للشاطئ الآخر ومعه طرف الحبل .. ثم تم جذب الحبل حيث القارب وهو محمل بالأفراد إلى البر الشرقى.

تم اتخاذ الموقع على البر الشرقى للقناة .. وفى حوالى الثانية والنصف مساءً بدأت دورية العدو المكونة من 2 عربة جيب فى الاقتراب من الجنوب للشمال .. وكان على المجموعة بقيادة (إسلام توفيق) التعامل مع السيارة الأولى، والثانية يتعامل معها (عصام الدالى) .. ولسبب ما لم يوفق (إسلام) فى التعامل مع العربة الجيب الأولى فى الوقت المناسب مما اضطرنى كمجموعة ساترة ومجموعة القيادة بقيادة (إبراهيم الرفاعى) بالتعامل معها من بعد .. وذلك عندما أتت السيارة الثانية أمام (عصام) وبدأ يتعامل معها بالنيران وطوقها واحضر أسير وهو الوحيد الذى بقى على قيد الحياة – وتم رجوع المجموعة بنفس طريقة الذهاب .. وأخذ (إبراهيم الرفاعى) الأسير بسرعة إلى المستشفى لعلاجه .. ولكنه مات متأثرًا بجراحه ولأول مره تعلن مصر أن قوة كوماندوز تعبر القناة وتدمر دورية للعدو وتأسر فردًا من الإسرائيليين وذلك سواء فى الإذاعة أو التليفزيون أو الجرائد .. وبهذه العملية شعرنا بارتفاع المعنويات سواء بين الجيش أو الشعب – وكانت فرحتنا نحن أفراد أبناء القوات المسلحة أننا لأول مرة نقوم بعمل ونحن بزينا العسكرى خلف خطوط العدو.

وفى اليوم التالى صدرت أوامر بتشكيل المجموعة 39 قتال وذلك بإنشاء فرع جديد بالمخابرات الحربية باسم (فرع العمليات الخاصة) ورئيـس الفرع المقدم (إبراهيم الرفاعى) وبه قسمان .. قسم العمليات برئاسة الرائد (عصام الدالى) وقسم التدريب والاستطلاع يرأسـه النقيب (أحمد رجائى عطيه) يتبعها سرية صاعقة مدعمة بفصيلة صاعقة بحرية وكانت هذه المجموعة أو السرية المدعمة بقيادتى بجانب أنى رئيس فرع التدريب والاستطلاع بالمجموعة وكانت فصيلة الصاعقة البحرية هى وحـدة القـوارب التى من صـلب تنظيم السرية بقيـادة (إسلام توفيق) ومعه ملازم (ناشد) وملازم (وسام حافظ) – وقد انضم للفرع رائد بحرى طبيب (عالى نصر) ولم يكن ضمن التنظيم إلا أنه كان مرافقـا لـ(إبراهيم) فى معظم العمليات حيث كان يقود القارب مع (إبراهيم) .. وكان شجاعا وله أعمال فردية مميزة .. فقد اشترك فى إحضار ثلاثة صواريخ من الجبهة والتى ذكرتها قبل ذلك .. كما أنه كان يتميز بأعصاب هادئة جدًا وقد أفاد المجموعة فى عملياتها التى تتميز بالأعمال الدقيقة فى تجهيز الأشراك الخداعية وكمائن الألغام المركبة .. لما يتميز به من أعصاب هادئة وشجاعة.

أما باقى ضباط المجموعة كانوا قادة الفصائل التى تكونت منهم المجموعة هم ملازم أول(محسن طه) وملازم أول(محى نوح) وملازم أول(رفعت الزعفرانى) وملازم أول(مجدى عبد الحميد) وملازم أول(وئام سالم) وكانوا ضباطًا يتميزون بالشجاعة النادرة وحسن التصرف وقد ظهر ذلك جليا طوال العمليات اللاحقة. ومع أن هؤلاء جميعا قد تجمعوا لأول مرة إلا أن رباط تجمعهم هو الشعور أنه لهم الحظ فى اختيارهم لمواجهة العدو مبكرًا بعد طول انتظار .. لأن كافة أفراد القوات المسلحة كانوا يتمنون ذلك وأن تعطيهم قيادتهم هذه الفرصة .. وقد أعطى ذلك نوع الفخر للأفراد.

تم الاستقرار فى منطقة حلمية الزيتون .. وكنا دائما نعمل ليلا ونهارًا فى التدريب المستمر وأعمال الاستطلاع والتخطيط لأى عملية تطلب منا وفى أى مكان سواء بسيناء أو داخل إسرائيل. وكنت أنا و(عصام) لصفتينا من رؤساء للاستطلاع والعمليـات

قد قمنا بتجهـيز عدة عمليـات بأدق التفاصيل وجاهزة للتنفيذ فى أى وقـت وذلك بعد عرضها على رئيـس الفـرع (إبراهيم الرفاعى) .. والذى بشخصيته المحبوبة تمكن من ربط الأشخاص بعضهم البعض فى أقل وقت.

إلا أنه فى طوال تواجد المجموعة كان اللواء (صادق) سواء أكان مديرًا للمخابرات أو رئيس أركان القوات المسلحة أو وزيرًا للحربية كانت الأوامر تصدر منه شخصيًا للمجموعة .. وإن كان فى بعض الأحيان يختار فردًا منا سواء (إبراهيم) أو (عصام) أو أنا ليكلفه بمأمورية خاصة دون علم الآخرين مثل ما حدث عندما كلف (عصام) بضرب إيلات بالصواريخ ردًا على عملية إسرائيل عندما ضربت مدرسة بحر البقر أو عندما كلف (إبراهيم) بضرب مصنع (سودوم)  بالنقب ردًا على عملية ضرب إسرائيل لمصنع (أبو زعبل) أو عنـدما كلفنى بالاتصال بالعدو بالقتـال لمعرفـة نواياه عنـدما قام العدو بالإنزال فى منطقـة الزعفرانة.

وهكذا كان ميلاد المجموعة 39 قتال من خلال فرع العلميات الخاصة فى أوائل عام 1969 .. ومن هنا فإنى أعتبر أن اللواء (محمد أحمد صادق) مدير للمخابرات الحربية والاستطلاع هو من أشجع القادة العسكريين حيث تحمل المسئولية الأدبية بإنشاء وحدة قتال ليس مهمتها استطلاع فقط بل والقتال لرفع معنويات الجيش والنيل من  معنويات العدو .. وهذا ما لم يقدم عليه أى قيادة تشكيل قتالى أو حتى الوحدات الخاصة من الصاعقة أو المظلات والذى كان قائدهم فى هذا الوقت اللواء (سعد الشاذلى) – وإن كانوا قد لحقوا بعد ذلك بعمليات قتاليه ضد العدو وكانت فى منتهى الروعة من الأداء .. مما يدل على كفاءة المقاتل المصرى – فلن ننسى عملية الهجوم على بور توفيق بكتيبة صاعقة وكان يقودها النقيب (أحمد شوقى الحفنى) وما سجلته من روائع فى فن القتـال.

وكذلك كما حدث فى عملية (رقبة الوزة) حيث قامت وحدة من الصاعقة بعمل عدة كمائن فى يوم واحد حيث أوقعوا خسائر فادحة بالعدو وكان يوم سبت فسماه اليهود بالسبت الحزين وكان ذلك بمنطقة الكاب والتينة وهى بين مدينة الإسماعيلية وبورسعيد .. وعشرات العمليات قامت بها الجيوش المصرية الميدانيـة وكانت كلها ناجحة وأوجعت العـدو سـواء فى سيناء أو إسرائيل.

لقد كانت الأعمال القتالية التى قامت بها المخابرات الحربية من خلال أعمال مكاتب المخابرات الحربية وخصوصا مكتب بور سعيد بقيـادة الرائد (عـادل فـؤاد) ومكتب القنطرة بقيادة النقيب (مدحت مرسى).

وكذا الأعمال القتالية الخاصة خلف الخطوط أيضا للجيوش الميدانية (الجيش الثانى والثالث) .. والأعمال القتالية لوحدات الصاعقة – هذا علاوة على أعمال القوات البحرية والتى كانت موجعـة مثل ضرب المدمرة إيلات والضفادع البشرية فى ميناء إيلات كما شاركت القوات الجوية سواء بهجمة اللواء(مدكور أبو العز) على المواقع أو أعمال الهليكوبتر المساعدة للأعمال الخاصة والاعتراضات الشجاعة لطائرات العدو والتى أسقطت العديد من طائراتهم.

قد كانت معظم هذه المعارك بشكل رسمى ما بين 1969 إلى منتصف عام 1970 حيث تم إيقاف النيران بناء على طلب إسرائيل والتى وصلت فى بعض الأشهر بعشرات المعـارك ..

والتى كانت كلها معارك ناجحة وحققت أهدافها وفى المقابل فشلت كل محاولة إسرائيلية للقيام بعمل خاص عدا ضربها لبعض الأهداف المدنية بالطائرات مثل مصنع أبو زعبل أو مدرسة بحر البقر أو العملية الاستعراضية للنزول بمنطقة الزعفرانة أو عملية الرادار برأس غارب وهى مناطق نائية لم تقدم عليها إلا بعد سيطرتها الجوية.

لقد جعلت معارك الاستنزاف هذه .. وزير الخارجية الأمريكى يتحرك فى جولة مكوكية بين مصر وإسرائيل .. حتى وافقت مصر على إيقاف النيران لمدة ثلاثة أشهر – وأعتقد أن عبد الناصر وافق على ذلك رغم نجاح معارك الاستنزاف فى تحقيق غرضها وذلك لضرورة إدخال الصواريخ المضادة للطائرات إلى الجبهة استعدادًا للمعركة الفاصلة وذلك بما سمى عملية حائط الصواريخ .. والتى تم تحريكها من الإسكندرية إلى طول قناة السويس فى أروع عملية خداع .. أشرف عليها مدير المخابرات الحربية بنفسه وقتئذٍ وهو اللواء (مصطفى محرز) حيث تولى اللواء (صـادق) رئاسـة أركان القوات المسلحة فى ذاك الوقت.

لقد وجدت إسرائيل نفسها عاجـزة عن مجاراة مصر فى معارك الاستنزاف ولو كانت الجبهة السـورية فى الجولان قامت بنفس الشىء لاختـلف الأمر .. إلا أنها حتى الآن ونحن فى عام 2008 وأنا أكتب مذكراتى هذه لم تلقى حتى بحجر على العدو – وكذلك الجبهة الأردنية .. ولا أقول الملك (حسين) حيث أن اتجاهه معروف ولكن ألوم منظمة التحرير الفلسطينية والتى كانت تسيطر على الجبهة هناك وفى إمكانها أن تطول مدن إسرائيل الكبيرة .. عدا بعض العمليات البسيطة .. والتى لا تصل إلى درجة الكفاح المسلح.

ولكنى أرجع إلى أعمال (المجموعة 39 قتال) والتى كان لها شـرف الريادة فى معـارك الاستـنزاف بفضـل اللواء (محمد صادق) وجاءت من بعدها أعمال باقى الوحدات المصرية والتى سجلت أروع العمليات العسكرية .. مما يثبت أن المقاتل المصرى خير جند الأرض.

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech