Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء احمد رجائي - الجزء الثاني - اعمال المجموعه 39 قتال

 

أعمال المجموعة 39 قتال

لقد نُسب إلى المجموعة الأعمال التى تمت قبل الإعلان عن تشكيلها .. حيث قام بها نفس الأفراد باسم المخابرات الحربية وتحت القيادة المباشرة للواء (محمد صادق) .. ثم توالت عشرات العمليات ما بين الهجوم على المواقع الحصينة للعدو والكمائن وأعمال ضرب الصواريخ وأعمال التلغيم والتى برعت فيها المجموعة .. حيث تحققت أكبر الخسائر فى العدو بأقل الإمكانيات وسأذكر أهم الأعمال .. بعد عملية كمين جبل مريم والإعلان الرسمى عن المجموعة 39 قتال (فرع العمليات الخاصة) والتى أطلق عليها فى الجـرائد (قوات الكوماندوز المصرية) .. كثفت المجموعة أعمالها بين الاستطلاع والقتال .. فزادت أعمال تلغيم المدقات وكمائن النيران سواء على الطرق الممهدة أو الغير الممهدة وذلك على كافة خطوط المواجهة وفى العمق – وكذلك ضرب مواقع العدو بالصواريخ وخاصة منطقة الطور ومطاره .. وموقع عيون موسى تل سلام والذى كان له تأثير على مدينة السويس. إلا أن هناك عمليات بارزة فى تاريخ المجموعة وكان لأهميتها أنها ردت على مواقف معينة أو لردع العدو .. وسأذكر أهم العمليات العسكرية.

عملية لسان التمساح الأولى يوم 19/4/1969

كان لاستشهاد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة يوم 9/3/69 أثرا سيئاً على معنويات الجيش والشعب. فأصدر جمال عبد الناصر أوامره بالرد على هذه العملية .. وبما يرفع معنويات الجيش والشعب.

وعلى أثر ذلك أصدر اللواء (محمد صادق) مدير المخابرات أوامره للمقدم (إبراهيم الرفاعى) بالقيام بالعمل المناسب لذلك – واجتمع (إبراهيم) بى و(بعصام الدالى) بفرع العمليات حيث تم الاستقرار على مهاجمة الموقع الذى خرجت منه دانه الهاون والتى أصابت الشهيد (عبد المنعم رياض) وتدميره تدميرًا شاملاً .. وبدأنا أعمال الاستطلاع للموقع .. وإنشاء ماكيت (نموذج) للموقع والتدريب على مهاجمته وقد وقع ذلك على كاهلى .. يكون (عصام) كان بمأمورية خارج القطر المصرى على الجبهة الأردنية .. وتم تحفيظ كل فرد واجباته عملياً .. ولم أشعر بقيمة التدريب إلا عندما هاجمنا الموقع .. فقد كان أداء الأفراد وكأنها فرقة موسيقية تعزف سيمفونية .. فى أداء وتنسـيق رائعين .. وكان الجميع لا يعرف الهـدف إلا قبل التنفيذ بساعات وعند الاستطلاع النهائى للهـدف من مبنى الإرشاد بالإسماعيلية.

وكانت القوة عبارة عن:

(1) مجموعة قيادة وساتره بقيادة (إبراهيم الرفاعى).

(1) مجموعة قطع وعزل بقيادة (محسن طه).

(4) مجموعة الهجوم بقيادة (أحمد رجائى عطية) + 7 فرد ومعه الضباط (محى نوح + 8 فرد، وئام سالم + 8 فرد، حنفى معوض + 8 فرد).

(1) مجموعة نقل بحرى بقيادة نقيب طبيب بحرى (عـالى  نصر).

وكانت كل مجموعة تشكل من (8) صف ضابط وجندى وهناك عناصر من مدفعية الميدان الموجودة بالبر الغربى تكون تحت الطلب أو الاشـتراك فى التغطية وقت الانسحاب من الموقع وكنت مكلف بإدارة النيران لكونى ضابط مدفعية.

بدأت العملية بالتجمع فى رصيف الإصلاح البحرى بالإسماعيلية والواقع على بحيرة التمساح والذى يبعد عن موقع لسان التمساح بالبر الشرقى بثلاث كيلومتر وهو عرض بحيرة التمساح فى هذه المنطقة.
وفى التاسعة مساءً بدأت تنطلق الأفراد فى القوارب المطاط إلى البر الشرقى على مسافة 150 متر جنوب الموقع .. وذلك ليرسو مجموعة القطع على البر ليتقدم التشكيل إلى مكان القطع وعزل الموقع من أى نجدة – ثم من بعده مجموعة القيادة لتتمركز قبل الموقع بمسافة 50 متر – ويليها الأربع مجموعات الخاصة بالاقتحام لتتجه كل مجموعة إلى الدشمة المكلف باقتحامها والتعامل معها .. وكانت خطة التعامل أن تقسم كل مجموعة اقتحام إلى قسمين كل قسم 4 أفراد لتقوم إحداهما بإلقاء قنابل الدخان والغاز المسيل للدموع وينتظر القسم الآخر فى المقابل الآخر للدشمة لمهاجمة الأفراد بالبنادق والقنابل اليدوية.

وقد كان العدو كالفئران المذعورة داخل الدشمة .. وقد أبيد جميع أفراد العدو إما بالطلقات أو السلاح الأبيض .. وأذكر فى أحد المواقف أن أصيب مساعد أول (محمود الجيزى) بطلق نارى فى أسفل ظهره فأمرته بالانسحاب إلى منطقة الالتقاط .. واستمرت المعـركة .. ولكنى وجدته بعد ذلك يقاتل بجانبى وهو مصاب واسـتمر فى المعركة .. حتى نهايتها .. رغم أن الطلق النارى أصابه فى الآلية من الخلف .. لتخترق فخذه وتخرج من الأمام.

لقد كانت الصعوبة بعد ذلك أن تقنع المقاتلين بالانسحاب بعد أن سيطروا على الموقع وحصلوا على عدة أسلحة خاصة بالعدو .. كما قام الملازم (محسن) قائد مجموعة القطع بالتعامل مع دبابات العدو والتى حضرت لنجدة الموقع فدمر الدبابات وقتل الأفـراد المصاحبة لهذه الدبابات. ولقد بدأنا الانسحاب إلى منطقة القـوارب تحت ستر نيران المجموعـة الساترة بقيادة (إبراهيم الرفاعى) .. كذلك تحت ستر نيران مدفعيتنا والتى أمنت عودتنا وألحقت هى الأخرى خسائر بالعدو .. وركبنا القوارب وبدأنا العودة.

لقد كان عنف تعاملنا مع أفراد العدو حتى أنه لم يبق أى منهم لكى نحضـره أسـيرًا .. وعادت القوات كاملة دون أى خسـائر إلا المسـاعد أول (الجيزى) والملازم أول (محى الدين خليل نوح) والذى أصيب كل منهم ببعض الشظايا .. وتم علاجهم فـور عودتنا واستكمل علاجهم بمستشفى القوات المسلحة بالمعادى .. والذى قام الزعيم (جمال عبد الناصر) بزيارتهم بالمستشفى.

لقد كان لهذه العملية أثر كبير فى رفع معنـويات الجيش والشعب وخاصـة أنها كانت انتقـامًا لاستشـهاد الفـريق (عبد المنعم رياض) .. وإن كانت كرمز للانتقام لشهدائنا جميعا .. وقد كسرت هذه العملية أسطورة المقاتل اليهودى السوبر .. وعرف عنه أنه أقل من العادى.

وأحب أن أنوه إلى أن هذا الهجوم كان أول أمر هجوم لقوات مصرية بعد عشرين عامًا .. حيث كان آخر أمر هجوم لقوة مصرية كان عام 48 على التبه 68 بمنطقة بئر سبع حيث دمروا العدو فى هذه الموقعة أيضا واستولت القوات المصرية على بئر سبع ولكن للأسف جاءت الهدنة ومن ثم الأوامر بالانسحاب من بئر سبع.

وهنا تظهر بسالة الجندى المصرى عندما يأخذ الأمر بالهجوم أو الصمود ضد العدو .. ولكن للأسف كانت كل الأوامر فى 67 بالانسحاب ولم يأخذ الجندى المصرى فرصته.

عند العودة إلى الضفة الغربية كان هناك مجموعة من قادة القوات المسلحة وخاصة قيادات الجيش الثانى اذكر منهم العميد (أحمد بدوى) والعميد (محمد أبو غزالة) واللذين أصبحا كلا منهم فيما بعد وزير الحربية.

ولا انسى مشاعرهم الفياضة بالفخر تجاهنا .. حيث كانوا يسألوننا عن العدو وهم يتحسسون ظهورنا وأكتفانا بأيدهم .. ولا تعلم هل هذا بمثابة عناق عن بعد لجنود مصريين .. أم أنهم يتأكدوا أننا مازلنا أحياء بعد معركة مع العدو الذى لا يقهر .. أم ليتأكدوا أننا من دم ولحم مثلهم .. رغم أنها يعرفوننا جيدًا ومعظمنا من تلاميذهم.

عملية لسان التمساح الثانية يوم 7/7/1969

بعد عدة عمليات (للمجموعة 39 قتال) على الجبهة وفى العمق – وبعد عدة شهور .. تقرر الهجوم على نفس الموقع وهو موقع لسان التمساح – ومن المعلوم أن العملية الخاصة لا تكرر فى نفس المكان .. ولكن أردنا أن نقوم بذلك ولكن بتغيير فى الأسلوب .. لقد كانت العملية الأولى الاعتماد على المفاجأة .. ولكن فى الثانية تم التخطيط لها على أن يتم التمهيد بالنيران والهجوم تحت ستر نيران المدفعية .. وأن تكون مجموعات الاقتحام بمصاحبة العربات البرمائية (بردم) والتى كانت ستقل كل مجموعة اقتحام حتى الدشمة المكلف بالهجوم عليها.

وكان الغرض من ذلك هو إجراء بروفـة وتدريب حى على أسلوب اقتحام النقط القوية للعدو فى الهجوم الشامل وخاصة أنه تم تجهيز مواقع العدو بشكل مخالف يصعب معه اقتحام هذه المواقع وكان لابد من إجراء هذه العملية للتخطيط للمعركة القادمة والفاصلة .. ولكن للأسف صدرت الأوامر فى آخر لحظة وقبل بدء العملية مباشرة بعدم استخدام العربات (البرمائية) والتى كانت عنصرًا أساسياً فى الهجوم وبالفعل ..

بدأنا فى تنفيذ العملية بدون هذه المركبات .. وبنفس التشكيل والأفراد تقريبا بدأنا العملية تحت سترالتمهيد النيرانى والذى كنت أقوم بتوجيه النيران لكونى ضابط مدفعية .. وكانت غلالة النيران التى نتقدم تحت سترها بمسافة 50 متر وهى مسافة خطرة ما لم تستخدم بمهارة وحكمة إلى أن وصلنـا إلى الموقع وبدأنا عملية الهجوم والاشتباك بالنيران والسـلاح الأبيض فى قتال عنيف .. ونجحنـا فى تدمـير معظـم الموقع وأفـراده وقد استشهد منا 8 شهداء 4 ضمن مجموعات الاقتحام و4 من المجموعة الساترة أثناء تغطية الانسحاب.

لقد كان الموقع فى العمليـة الأولى بدون أسلاك كثيفة أو ألغام محيطة بالموقع وفى العملية الثانية فقد ذادت عملية التحصين ونشر الألغام التى تحت السيطرة والتى أصبت أنا شخصيا منها إصابات شديدة ولكنى صممت على الاقتحام للموقع إلى نهاية العملية .. وقد أستشهد الفردان اللذان كان أحدهما عن يمينى والثانى عن يسارى.

لقد أثبتت هذه العملية إمكانية اقتحام هذه النقط القوية رغم تحصينها .. وقد كانت خسائر العدو من ضربات المدفعية المصرية القوية سواء على الموقع أو مواقع أخرى مجاور مثل موقع نمرة 6 .. وكذلك الخسائر الكبيرة للعدو فى قوة النجدة التى اندفعت لنجدة الموقع والتى وقعت فى الكمين الذى نُصب لها من مجموعة القطع بقيادة الملازم أول(محسن طه) لقد كانت الفلسفة أو الحكمة من هذه العملية .. هى استطلاع بالقتال لمواقع العدو بعد أن تحصنت بالأسلاك الشائكة والألغام وصارت بما يشبه القنفد ( ولذلك سميت بالمواقع المقنفدة) – وليس الغرض منها تدمير الموقع كعنصر أساسى وقد أفاد ذلك فيما بعد عملية الهجوم التى قامت بها وحدات الصاعقة بواسطة كتيبة بقيادة النقيب (أحمد شوقى) وبعض الضباط اذكر منهم الملازم (زغلول) والملازم (ممدوح) وقد نجحت هذه القوة مستفيدة من معلوماتنا فى تجنب أى مقاومة واجهتهم .. وتمكنت من تدمير موقع بور توفيق المواجه لمدينة السويس والسيطرة عليه لعدة ساعات.

لقد كانت عملية لسان التمساح الثانية وعملية بور توفيق هما اللتان تم التخطيط بناءًا عليهما لاقتحام كافة المواقع الإسرائيلية (المقنفدة) فى معركة 6 أكتوبر والتى تم التدريب على اقتحامها بناء على المعلومات من هاتين العمليتين.

وهنا أقول ما أروع المخطط المصرى والذى مهد بالاستطلاع القتالى والتدريب والتخطيط .. لكى تقع كافة النقط القوية للعدو على الضفة الشرقية لقناة السويس فى يوم 6 أكتوبر فى عدة ساعات .. وهذه المواقع التى اعتقد العالم قبل العدو أنها لن تنهار أبدًا.

ولكن عندما احتل الجنود المصريون هذه المواقع .. لم تتمكن أى قوه إسرائيلية من إعادة احتلال أى موقع .. حتى موقع كبريت والذى كان منعزلاً .. فإنه صمد شهرين كاملين دون الوقوع فى يد العدو الإسرائيلى .. وهنا يظهر الفرق بين الجندى المصرى والجندى الإسرائيلى.

 

إيلات .. المنسية

     لقد تمت أكثر من معركة باسم إيلات – فهناك معركة إيلات البحرية والتى دمر فيها لنشات الطوربيد المصرية المدمرة إيلات الإسرائيلية .. عندما دخلت المياه الإقليمية المصرية .. أمام بور سعيد.

والمعركة الثانية هى عملية الضفادع البشرية داخل ميناء إيلات والتى قام رجال الضفادع البشرية المصريين بتدمير عدة سفن إسرائيلية داخل ميناء إيلات وهى سفينة بيت شيفع وبات يام الإسرائيليتين – وهى الأكثر شهرة حيث تم عمل فيلم سينمائى يجسد هذه العملية.

أما المعركة الثالثة والتى باسم إيلات هى المعركة التى قام بها الشهيد الرائد (عصام الدالى) فى ربيع عام 1969 ابريل نفس توقيت عملية لسان التمساح الأولى وهى من أكثر العمليات التى حققت خسائر للعدو .. ولذلك أسميتها (إيلات .. المنسية) .. لأنها لم تذكر كثيرًا .. فى وسائل الإعلام .. رغم أنها أكثر العمليات التى حققت الخسائر للعدو. 

لقد كلف اللواء (محمد صادق) الرائد (عصام الدالى) شخصيا بهذه المهمة رغم أنه كان ضمن المجموعة 39 وصدر إليه الأمر التالى .. تذهب فى مهمة إلى الأردن ..  وهناك ستقابل المقدم (إبراهيم الدخاخنى) قائد مكتب مخابرتنا فى الأردن وسوف يعطيك ثلاثة صواريخ .. وسوف تقوم بضرب ميناء إيلات العسكرى – ولكن عليك الحذر أن يقع أى صاروخ على الميناء المدنى أو مدينة إيلات.

وقد قابلته بعد عودته من مكتب اللواء (صادق) .. والمفروض أن من يأخذ مهمة منفردا لا يذكرها لأحد .. ولكننا كنا نتبادل الأسرار .. فقلت له ماذا ستعمل بعد أن ذكر كلمة حذارى أن يقع صاروخ على الميناء المدنى أو مدينة إيلات فرد بسخرية – "أنا حضرب المدينة طبعا (إيلات) .. أنت ناسى أنهم لسه ضاربين لنا مدرسة بحر البقر بالطائرات وعلى كام هدف فى الصعيد" .. استمر فى كلامه .. أن لم نكن نحن من يصعد معارك الاستنزاف .. فمن الذى سيصعدها .. كان هذا فكر وعقيدة الشباب المصرى حينذاك – وكانت الثقة بالنفس وتحمل المسئولية والقرار من الطبائع التى عودنا عليها قادتنا.

ذهب (عصام الدالى) إلى الأردن على الطائرة المدنية مصر للطيران باللبس المدنى واستلم الصواريخ الثلاثة .. من المقدم (إبراهيم الدخاخنى) ولكنه فى نفس الوقت اتصل عن طريق مكتب المخابرات العامة بالمصريين الذين يعملون مع منظمة فتح .. وطلب منهم أكبر عدد من الصواريخ .. وقد وفروا له مطلبه من الصورايخ .. رغم أن ذلك خارج نطاق واجباتهم .. ولكن كان هذا هو شباب مصر فى هذه الآونة .. وفعلا أحضروا له ثلاثين صاروخًا وتم نقلهم بواسطة منظمة فتح إلى ميناء العقبة فى الجبال المطلة عليها .. وقام بتجهيز الصواريخ .. ووجه الثلاثة وثلاثين صاروخ إلى مدينة إيلات .. وأطلقهم دفعة واحدة فى اتجاه البلدة وقد اعترفت إسرائيل فى جرائدها الرسمية بأن الخسائر 94 قتيل وأكثر من 400 جريح .. وأعتقد أن الخسائر كانت أضعاف ذلك العدد لما تعود عليه العدو من إخفاء خسائره.

وقد كانت الإصابات دقيقة لأن (عصام الدالى) فى الأصل كان ضابطًا مدفعية قادرًا على توجيه النيران بمهارة.

وأذكر هذه العملية بالذات .. لأننى أعتبر أن هذه العملية قطعت اليد الطولى لإسرائيل والتى كانت تتباهى أنها تطول أى هدف فى العمق – ولكننا أثبتنا أن لنا أيضا يدًا طولى وقادرة على ضرب أهداف فى العمق الإسرائيلى – حيث تلى ذلك ضرب مصنع النحاس (بتمناع) ومصنع (سدوم) بصحراء النقب .. بالصواريخ بواسطة المجموعة 39 قتال أو بواسطة المصريين الذين يعملون مع منظمة فتح فى ذلك الوقـت أمثال النقيب (على عثمان) والنقيب (عبد الله الشرقاوى) مما جعل إسرائيل تفكر ألف مرة فى ضرب أى هدف مدنى داخل مصر مع الفارق أنهم كانوا يضربون أهدافهم بالطائرات .. ولكننا كنا نعانى ونغامر حتى نصل لأهدافنا فى عمق إسرائيل.

 

عملية الكرنتينه

وبذكرى الرائد (عصام الدالى) .. أحب أن أتذكر العملية التى استشهد فيها الرائد (عصام الدالى) ذلك البطل الذى باستشهاده فقدت المجموعة بطل بمعنى الكلمة .. مصرى حتى النخاع .. شهم .. وبقيادته لقسم العمليات فى فرع العمليات الخاصة فقد كان المايسترو والمخطط لكل  العلميات التى قامت بها المجموعة .. ذو فكر مستنير ورؤية بعيدة.

وبناء على المعلومات سواء التى كنا نقوم باستطلاعها أو المعلومات عن طريق فرع المعلومات بإدارة المخابرات .. كان يضع لكل هدف أكثر من عملية وكل عملية مخططة على الورق بها معلومات عن العدو – تشكيل القوة المنفذة وأسلحتها خط سير العملية – الخسائر المتوقعة فى قوات العدو.

وقد كان الهدف الذى استشهد فى هذه العملية من الأهداف الثمينة وقد تم وضع لهذا الهدف أكثر الذى عملية .. وكان هو منطقة الكرنتينه  وهى تقع فى خليج السويس فى المنطقة المواجهة للعين السخنة.

بعد أن أمضيت أنا و(عصـام) فرقة القاذف الصـاروخى (جراد .. ب) حوالى أسبوعين .. ذهبنا إلى المجموعة .. فرع العلميات الخاصة صباح يوم السبت التالى لانتهاء الفرقة مباشرة .. لنجد أن المجموعة تعد العدة للقيام بعملية ضد العدو.

وعندما جلسنا مع المقدم (إبراهيم) .. أخبرنا أن هذه العملية فى منطقة الكرنتينا .. وفى الوهلة الأولى فرحنا وقلت له .. كويس أن القيادة وافقت على تنفيذ هذه العملية وطبعا حنستخدم ونجرب القنبلة (حسام) المضادة للذبابات (هذه القنبلة اخترعها مهندس مصرى بالمصانع الحربية واسمه (حسام)).

فقال (إبراهيم) .. أحنا المرة دى حنكتفى بنسف السقالة الخاصة بالكرنتينه .. وتصوير هذه العملية بشكل إعلامى .. يعنى حاجة كده بسيطة لرفع المعنويات .. لأن الجبهة بثقالها مادة ساكنة – ولكنى اعترضت بشدة لأن ذلك يفقد عنصر المفاجأة فى المستقبل إذا تم التنفيذ كما هو مخطط لها .. ويبدوا أن اعتراضى أخذ شكل حاد .. فأخذني (عصام) من مكتب (إبراهيم الرفاعى) .. ليجلس بمكتبى ونحن فى حالة غضب من ذلك الأسـلوب فى تنفيذ العملية .. فقال لى عصام خليك أنت وأنا سـوف أقنع (إبراهيم) بالعـدول عن العمليـة .. ولكن بعد دقـائق وجدت أصوات عاليـة من (عصام) اعـتراضا على العملية .. فقمت أنا بنفس الدور لاسـمية خارج الفرقة وهو فى حالة غضب.

لم تفلح فى إثناء (إبراهيم) عن قراره .. فخرجنا فى نفس اليوم مع القوة المنفذة ولا أنسى كلمة (عصام) .. إحنا حنشترك معاهم .. علشان نكون مع رجالتنا. وفعلاً ذهبنا إلى منطقة العين السخنة عند جبل الجلالة وعدنا خليج السويس فى أربعة قوارب  وكنت أنا قارب الاستطلاع والتأمين ثم قارب (عصام) ومعه معـدات النسف والقارب الثالث لـ (إبراهيم الرفاعى) ومعه معـدات التصوير والقـارب الرابع بقيـادة النقيب (حنفى معوض).

وبعد أن قمت بتأمين منطقة السقالة الموجودة فى الكرنتينا .. تقدم (عصام) وقام بعملية إعداد السقالة للنسف وكان قارب (إبراهيم) وقارب (حنفى) يقومون بتأمين العمل من الأجناب .. وبعد أتمام تجهيز السقالة للنسف .. انسحبت كافة القوارب الأربعة إلى المياه على بعد 500 م من السقالة.

وفى الزمن المحدد لعمل العبوات الناسفة لم تعمل .. وكان ذلك نتيجة بعض الرطوبة التى تصيب الأفلام الزمنية المجهز بها – ولكن (إبراهيم) تشكك فى ذلك الأمر وتركنا للعودة إلى السقالة .. وقد حاولت أنا و (عصام) والعميد (مصطفى) الذى كان بالقاعدة على الضفة الشرقية للخليج بأن نعيده إلى مكانه عن طريق الأجهزة اللاسلكية .. ولكن أعتلى السقالة وهى مجهزة للنسف وأشعل جهاز إشعال .. مما أثار انتباه العدو .. والذى بادر بإطلاق الرشاشات نصف موجه فى اتجاه السقالة .. وبمجرد أن قذف (إبراهيم) نفسه فى المياه .. بدأت السقالة تشتعل بفعل العبوات الناسفة.

وكنا نحن الثلاث قوارب نقف فى مكاننا على بعد 500 م من السقالة .. ولكن المنظر الذى شاهدناه أوحى بأن هناك مكروه قد أصاب المقدم (إبراهيم) .. فأندفع الرائد (عصام الدالى) فى اتجاه السقالة لإنقاذ (إبراهيم) .. حسب ما شاهدناه.

وكانت مياه البحر ساكنة كصحائف الفضة بعد ترك القمر ضوءه عليه .. وكان اندفاع الرائد (عصام الدالى) بالقارب قد ترك خط أبيض من الأمواج فى وسط هذا السكون .. مما نبه العدو على اتجاهنا .. فبدأ فى إطلاق قذائف من الدانات من دبابات فى اتجاهنا والتى كانت تمر حولنا بكثافة عاليه .. وقد أصابت واحدة منها الرائد (عصام الدالى) والمساعد الذى كان يجاوره .. واستشهد فور الإصابة.

واسـتمرينا حـوالى نصف ساعة نقوم وننادى على الرائد (عصام الدالى) باللاسلكي ولكننا لم نعثر عليـه .. ليخبرنا العميد (مصطفى كمال) والموجود بالقاعدة أن قـارب الرائد (عصام الدالى) قد وصل إلى الشط .. وأخبرنا أنه مصاب .. ولكن عنـدما عدنا إلى القاعدة التى خرجنا منها .. أنبأنا بالحقيقة .. أنه استشهد.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech