Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

اللواء احمد رجائي - الجزء الثاني - الناصية السادسة


الناصية السادسة

لقد كانت هذه الناصية غنية بالثقة بالنفس .. حيث انفصلت عن المجموعة 39 قتال بعد أن تم الموافقة على إيقاف النيران بين مصر وإسرائيل لأعمل بمكتب مخابرات الغردقة .. والتى أمدنى مدير المخابرات آن ذاك اللواء (مصطفى محرز) بخمس قوارب مطاط لأكون مجموعة من بدو سيناء وأبناء الغردقة .. وقد تم تنفيذ عشرات العمليات سواء استطلاع أو أعمال رص الألغام وضرب الصواريخ وكلها أعمال دون مواجهه مباشرة مع العدو وذلك باسم منظمة سيناء العربية وفى ظل إيقاف النيران .. وبقدر ما اكتسبته فى هذه الفترة من الثقة بالنفس .. بقدر ما أعطيت سواء فى الأعمال الحربية أو الأعمال المخابراتية بينى وبين نظيرى فى الجبهة المعادية حيث كان حساب المكسب كثيرا جدًا عن أى خسارة.

واعتز بهذه الفترة وكنت برتبة رائد أن أستدعى لأشارك كبار المخططين بفرع العمليات للقوات المسلحة لوضع الخطة للاستيلاء على جنوب سيناء فى الخطة جرانيت .. والتى أفسدها فيما بعد التعديل الذى إضافة اللواء (سعد الشاذلى) للتنفيذ فى معركة 73 .. والذى سحب كافة القوات المشاركة سواء المشاة أو المظلات من التخطيط والتنفيذ وترك وحدات الصاعقة وحدها .. وبعد أن بدل أماكن إنزالها فى جنوب سيناء .. مما عرضها للمخاطر .. بل للهلاك.

أن الصقل والثقة فى النفس فى هذه الفترة جعلنى بعد أن حللت موقف ما بعد معركة 73 وفى فترة إيقاف النيران .. بأن اشتبك فى عملية ضد العدو .. دون الرجوع للقيادة .. خوفا من ضياع الوقت أو الفرصة ثم أبلغ القيادة العامة .. والتى عدلت وضع القوات بناء على تحليلي للموقف.

أما بالنسبة للمجموعة 39 قتال والتى كنت قد تركتها فى أوائل عام 1970 بعد إيقاف النيران بيننا وبين العدو .. فإنها لم تقم بأى عمليات خلال هذه الفترة حتى اشتركت فى معركة 73 بضرب خزانات البترول فى أبو رويس بواسطة الطائرات الهليوكبتر وذلك بإلقاء براميل النابل من الطائرات على الهدف .. وفى أثناء عملية الثغرة التى قام بها العدو غرب القناة .. كُلفت المجموعة 39 قتال باستطلاع قتالى مع العدو لتحديد أماكنه .. ولكن للأسف استشهد البطل (إبراهيم الرفاعى) .. لترجع المجموعة إلى معسكرها بالحلمية بالقاهرة .. ولم يتم تكليف الوحدة بمهام أخرى لعدم وجود قيادة لها .. وللخلافات التى دبت بين بعض الأفراد وهو بمعسكرهم بحلمية الزيتون.

 

عمليات التلغيم

أو الابن البار

     هذا اللقب كنا دائما نطلقه على اللغم .. لأننا كنا عندما نزرع اللغم فى الطرق الترابيه والمدقات – كنا واثقين بأنه سيأتى بالخير .. ضد العدو. فقد تمر مركبة أو دبابة بجانب اللغم مرة أو أكثر .. ولكن فى لحظة ما .. فى يوم ما ستمر عجلة المركبة أو جنزير الدبابة على اللغم .. وتأتى بأكلها – لذلك كنا نسمى اللغم بلقب الابن البار .. وقد وصلت الحرفية فى استخدام الألغام بأننا وصلنا إلى استخدامه على الطرق الأسفلتيه بدون أن تكتشف. وكنا لا نستخدم اللغم منفردًا – بل كنا نستخدم كلمة (نِخَاويه) .. أى نضع معه أخ .. وغالبا ما يكون هذا الأخ .. لغم أو أكثر .. أو دانه مدفع من العيار الثقيل .. أو شوال (أمونال) وهى مادة شديدة الانفجار – لأن اللغم منفردًا قد يقتل أو يجرح من فى المركبة أو الدبابة أما إذا خاويته فإنه يدمر المركبة أو الدبابة بمن فيها جميعاً، وكان يعز علينـا أن يكتشف العـدو لغم ويؤمنه وينزعه من مكانه .. لذلك قـررنا تدمـير الدبابة التى تكتشـف الألغام وتدمرها ..


وكانت تسمى بالدبابة الدقاقة – والدقاقة عبارة عن دبابة مُرَكْب عليها من الأمام زراعين بينهم اسطوانة بها عدة سلاسل وفى آخر كل سلسلة كرة حديد فى حالة دواران دائم .. فتطرق هذه الكرة أى لغم مدفون فى المدقات أو الطرق الغير ممهدة .. فينفجر اللغم فى الهواء .. حيث أن الزراعين على بعد 2 متر من جسم الدبابة .. وفعلا تم عمل كمين لهذه الدقاقة أمام قطاع الجيش الثالث شمال مدينة السويس بحوالى 40 كم.

حيث أوصلنا لغم بفتيل متفجر ينتهى عند بطن الدبابة بتحبيشه متفجرات من العيار الثقيل عبارة عن 2 لغم وشوال أمونال ودانه مدفعية .. ولك أن تتخيل شدة هذه العبوة عندما انفجرت فى الدبابة .. بان طار برج الدبابة لمسافة 240 متر من المدق بالضفة الشرقية للقناة إلى الشط الغربى ليستقر عند قواتنا وكان متابعتنا لهذا الانفجار وطيران البرج فى الهواء إلى أن استقر بيننا فرحة كبيرة. ومن بعد هذه العملية لم يفكر العدو فى استخدام أى دقاقة لتطهير الطرق من الألغام .. وبذلك حافظنـا على ابننا البار فى النجاح ومن أعز عمليات زرع الألغام لدينا الكمين الذى تم عند منطقة رأس ملعب بجنوب سيناء .. حيث قامت المجموعة 39 باختيار هذه المنطقة لتواجد أكثر من مدق وطريق فى هذه المنطقة وقد تم تلغيم الطريق الرئيسى .. وعلى مسافات متبادلة تم زرع ألغام على الطرق الموازية وكذلك زرع أشراك خداعية لاصطياد الأفراد التى قد تنتشر بعد انفجار الألغام – ولكى نجذب انتباه العدو لهذه المنطقة فقد تم استخدام لونشرات صواريخ وضرب إحدى الأهداف المجاورة للمنطقة .. بمدينة الطور .. وكذلك تم وضع أشراك خداعية فى اللونشرات لتنفجر فى العدو فى حالة حضورهم لمعاينة مكان انطلاق الصواريخ وقد كانت خسائر العدو ما بين قتيل وجريح بالعشرات ودمرت ما يقرب من 7 مركبات وعربات جيب .. حيث كانت الإشراك الخداعية منتهية بدانات مدفعية حولت المنطقة لجحيمًا على كل من فيها على فترات متباعدة.

 لقد تكررت مثل هذه العمليات طوال فترة ما بين 67-70  حتى فى فترة إيقاف النيران ما بين منتصف عام 70 حتى عام 73 سواء على طول جبهة قناة السويس أو فى العمق بمنطقة جنوب سيناء حيث لا مواجهة مباشرة مع العدو رغم إيقاف النيران .. ولكنها كانت ضربات موجعة تستنزف قواته.

وما بين استغلال الضرب بالصواريخ مع عمل كمين بالألغام والإشراك الخداعية – كان هناك أيضا عملية كمين بالألغام باستخدام الهيلكوبتر. وكانت هذه العملية فى المنطقة الواقعة على طريق شرم الشيخ – الطور وكان الجديد فى هذه العملية أن العمل ليس على طريق ترابى بل على طريق أسـفلتى .. لا يشك العدو ولو لحظة أن يتم التلغيم على طريق أسفلت.

فقد جاءتنا المعلومات أن قوات العدو الموجودة بمدينة الطور .. تذهب فى نهاية الأسبوع لمقابلة ذويهم فى شرم الشيخ لقضاء عطلة نهاية الأسبوع – فتم التخطيط لاصطياد أحد هذه الحافلات بواسطة التلغيم.

ففى أحد الليالى المقمرة تحركنا عصرا بواسطة الهليوكبتر إلى مدينة الغردقة .. وعندما حل الليل تحركنا إلى منطقة جبل أبو شعر وهى شمال الغردقة .. قرية (الجونة الآن).

وكان قائد الطائرة النقيب (جلال النادى) وهو من أشجع وأكفأ الطيارين وله أعمال مشهودة سواء قبل ذلك أو أثناء معركة 73 .. وكان مساعده ملازم طيار (أحمد الدسوقى) .. وكالعادة كان مجلسى فى الطائرة  بين (جلال النادى) ومساعده مكان ملاح الطائرة .. وذلك لمقدرتى على الملاحة الجوية وتوجيه الطائرة إلى الهدف .. وفى داخل الطائرة جلس قائد العملية المقدم (إبراهيم الرفاعى) والملازم (محسـن طه) ومعه 6 صف ضابط بغرض القيـام كمجموعة سـاترة أثناء العمل .. علاوة على 2 صف ضابط أحدهم الرقيب أول (محمد عبده) وكانوا مسئولين على التحفظ على معدات التلغيم .. والتى أعدت بعناية وقمت بتدريبهم على العمل عليها مرارا .. وأتذكر أننى أصبت أثناء التدريب على الإعداد لهذه التجهيزات لدقتها وحساسيتها الفائقة .. إلا أن الإصابة كانت بسيطة فى منطقة الصدر .. حيث كنا نتدرب بعبوات مخففة.

وأقلعت الطائرة على ارتفاع 2 إلى 3 متر فوق خليج السويس حتى لا تكتشف من رادارات العدو .. وقد  كان البحر هادئاً جدًا فى هذا اليوم لدرجة أنه كان يشبه وكأنه قماش حرير لونه فضى بعد أن ترك القمر ضوءه عليه – وزاد المنظر جمالا لقرب طيران الطائرة من المياه .. وجعل الهواء المندفع من مروحة الطائرة يداعب سطح المياه .. فيقلق هذا الهدوء سطح المياه باهتزازات دائرية حول مسار الطائرة .. ولم أسرح فى هذا المنظر الجميل كثيرا .. لأوجه (جلال النادى) إلى منطقة العمل على طريق الإسفلت وهى منطقة رأس الجارة والتى تبعد حوالى 50 كم جنوب الطور.

وكانت تعليماتى لـ (جلال) بأن يهبط بكامل العجل على الإسفلت حتى لا تترك الطائرة أى أثر .. قد يكتشفه العدو فيفسد ما قمنا به. وما أن هبطت الطائرة وانتشرت مجموعة الحماية .. وأخذت مجموعة الإعداد إلى الخلف بعيدا عن  الطائرة .. وبدأت فى إعداد الكمين فى الرمال بجانب الإسفلت مباشرة وكانت عبارة عن دانه مدفعية 122 مم وشوال أمونال .. وكان هذا متصلاً بشرك على بعد متر من الطريق بواسطة سلك متصل بدائرة كهربائية تم تثبيتها بالإسفلت بعد أن تم عمل مجرى لها بالسونكى – وتم تمويه كل هذا العمل سواء بالكودى (الحشائش) المنتشرة بالصحراء أو بالزفت السايح والذى أحضرناه معنا فى زمزميه مياه – وبمجرد الانتهاء من العمل أعطيت تمام لـ (إبراهيم الرفاعى) والذى قام بسحب المجموعة الساترة وركبنا الطائرة .. وعدنا أدرجنا عبر خليج السويس على ارتفاع منخفض إلى الغردقة ثم القاهرة .. مستمتعا ثانية بمداعبة الهواء الناتج عن مروحة الطائرة بسطح مياه خليج السويس الهادئ فى ظل ضوء القمر. وقد كانت هذه (التحبيشة) أبنًا بارًا فعلا .. فقد جاءتنا الأخبار من الاستطلاع اللاسلكى أن الكمين قد اصطاد حافلة محملة بالجنود كانت متجه من الطور إلى شرم الشيخ وبعد يومين جاء مندوبنا من الداخل ومعه صورة توضح مستوى التدمير الذى أحدثه الكمين وفى الصورة يظهر أتوبيس وقد دمـر تمامـا ومن شدة الانفجار صار الأتوبيس على شكل حرف (U).

ويبدو أن (جلال النادى) عندما تحرك للإقلاع بالطائرة لم يتمكن مع حمولة الطائرة بالإقلاع عموديا .. مما اضطره للسير بضع مترات للصعود .. فتركت عجلة الطائرة اليمنى أثرًا على الرمال .. والحمد لله أن العدو لم يكتشف ذلك قبل أن يأتى الكمين بثماره .. بل أكتشف ذلك بعد نجاح الكمين – وقد تم القبض على ابن شيخ قبيلة المنطقة ويدعى (عيد المغبش) .. وحوكم محكمة عسكرية بإسرائيل وصدر ضده حكم بالسجن سبع سنوات .. لأنه كان يملك عربة (بيك أب) ماركة فورد نصف نقل .. وكان مركب عليها كوتش السيارة به نفس نقوش كاوتش الطائرة معتقدين أن له يدًا بالعملية.

وقد أفـادنى هذا الحادث فائدة كبيرة عندما توليت بعد عدة أشهر العمل فى مكتب مخابرات الغردقة .. سأرويها فى قصة لاحقة بهذا الكتـاب باسم اللعب على المكشوف والتى تمكنت من خلالها الإفـراج عن (عيد المغبش) مما أكسبنى ثقة أهل بدو جنوب سيناء.

لقد كانت هذه بعضًا .. أو أهم عمليات رص الألغام والتى طورناها إلى عمل كمائن بالألغام والأشراك الخداعية مع مزجها بأعمال الضرب بالصواريخ واستخدام الهيلوكبتر .. علاوة على أعمال التلغيم العادية والتى أوجعت العدو واستنزفته بجانب الأعمال القتالية الأخرى .. وكانت أعمال التلغيم هذه والتى احترفتها أيضا القوات المرابطة على طول جبهة قناة السويس وكذلك مكاتب المخابرات بالجبهة بواسطة بدو سيناء وخاصة مكتب مخابرات بورسعيد والقنطرة بقيـادة الرائد (عادل فؤاد) والنقيب (مدحت مرسى) واللذان كان لهما أعمال مجيدة فى هذا المجال سواء التلغيم أو الضرب بالصواريخ للمواقع المهمة بواسطة بدو سيناء .. والتى أسخنت موقف معارك الاستنزاف وأحب أن اذكر هنا إحصائية لمن يستهين بمعارك الاستنزاف .. فإنه إذا كان ما بين 67 ، 73 أكثر من 300 أسبوع وأنه لا يمر أسبوع إلا وهناك فى المتوسط عدد (2) عمل إيجابى لعمليات زرع الألغام والأشراك الخداعية .. فأننا نجد أن خسـائر العدو لا تقل عن 600 مركبة ودبابة محملة بالجنود.

وأعتقد أن ذلك وحـده يضاهى ما قد خسرناه فى معركة 67 .. علاوة على الكم الهائل من جنود القوات الإسرائيلية .. هذا علاوة على انخفاض الروح المعنوية للعدو نتيجة ذلك .. لعدم شعورهم بالأمان فى أى تحرك سواء على المدقات أو الإسفلت والطرق الممهدة.

أعتقد أنه لو تم ذلك فى الجولان أو الضفة الغربية لما فكرت إسرائيل فى الاستمرار بهذه المناطق المضيافة حتى الآن.

إن روجرز المبعوث الأمريكى والذى تحرك بين مصر وإسرائيل مكوكيا .. لمحاولة لإيقاف النيران والسعى إلى التهدئة .. إلا نتيجة لهذه المعارك الاستنزافية التى لحقت بالعدو. 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech