Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

الوثائق الإسرائيلية - الحلقة الثالثة و العشرون

الوثائق الإسرائيلية (الحلقة الثالثة والعشرون) رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي: «لو كانت لجنة أغرنات نزيهة، لحاكمت غولدا وديان»

أمر للجنود المصريين بكسر الصيام في رمضان يحير إسرائيل * قائد سرب الطائرات المصري أخذ طفله معه إلى التدريب وعرف بأنه متجه الى الحرب قبل دقائق من الإقلاع

 

تل أبيب: نظير مجلي
«التدريبات على خطة «تحرير 41»، كانت واحدة من تدريبات سنوية تقام في كل خريف، منذ عدة سنوات. وفي هذه المرة، أخذت معي، ابني الطفل ابن العاشرة، وأمضينا معا أياما ممتعة. فنحن الطيارين لا نبقى كثيرا في بيوتنا، وقد كانت هذه فرصة لأن يتمتع الولد مع أبيه. وقد سعد كثيرا في الرحلة. وفي صباح السادس من أكتوبر أبلغتنا قيادة التدريب أننا سننطلق الى طيران تدريبي في نفس اليوم. فاتصلت بزوجتي وأخبرتها بأنني أنوي أخذ الطفل معي في هذه الرحلة التدريبية. لكنها راحت ترجوني ألا أفعل. فرضخت لها، ولم آخذه معي. لو كنت أخذته لكنت وإياه الآن هنا، في أسركم. فعندما توجهنا للإقلاع، وقبل لحظات من الإقلاع، أبلغنا بأنها حرب حقيقية وليس مجرد تدريب. وقد تم اسقاط طائرتي ونزلت بالمظلة، حيث وقعت في الأسر الاسرائيلي». هذا مقطع من شهادة قائد سرب طائرات مصري، أدلى بها أمام ضابط تحقيق من شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية بعد أسره، وكان الهدف من هذا التحقيق في ذلك الوقت، في أوج المعارك الأولى من حرب أكتوبر 1973، هو أن تجمع اسرائيل أكبر قدر من المعلومات عن حقيقة أهداف الحرب والإعداد لها وأساليب القتال. ولم يكد الإسرائيليون يصدقون ان هذا الأسير، والأسرى الآخرين من بعده، لم يكونوا يعرفون بالفعل شيئا عن الحرب. فقد فوجئوا بها مثلما فوجئت اسرائيل. لكن الأهم هو ليس هذه الوقائع، بل الشخص الذي عرفنا عليها. فهذه الشهادة وغيرها الكثير وردت في الكتاب الذي اصدره الجنرال ايلي زعيرا، الذي شغل منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي خلال الحرب. فهو كما لاحظنا في الحلقات السابقة من تقرير لجنة اغرنات [للتحقيق في إخفاقات الجيش الاسرائيلي في حرب أكتوبر]، كان عنوانا للغالبية العظمى من اتهامات اللجنة. وهو كان قد طرد من منصبه، على اثر قرار تلك اللجنة، تحميله مسؤولية اساسية عن الفشل.

فالمعروف ان اللجنة، مثل معظم قادة اسرائيل، خرجوا بالاستنتاج من حرب أكتوبر بأن القضية لم تكن قدرات عربية جيدة، هذه المرة، في التخطيط وفي بداية التنفيذ، انما هي فشل إسرائيلي في استقصاء المعلومات. فلو لم يكن هذا الخطأ لكانت اسرائيل انتصرت. لم تتهم القيادة السياسية التي أفشلت كل المبادرات للتسوية السلمية. ولم تتهم رئيسة الحكومة وكبار الوزراء والجنرالات بالغطرسة وبالغرور والاستخفاف بالقدرات العربية. ولم تقرر معاقبة رئيسة الوزراء، غولدا مئير، أو وزير دفاعها، موشيه ديان، على مسؤوليتهما في قمة سدة الحكم. بل وجهت الاتهامات الأساسية الى رئيس اركان الجيش، دافيد العازار، والى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ايلي زعيرا، بالأساس وبشكل شخصي.

وقد هب زعيرا للدفاع عن نفسه بعد عشرين سنة من صدور التقرير، ناشرا كتابه «اسطورة أمام الواقع ـ حرب يوم الغفران: الاخفاقات والعبر» [دار النشر التابعة لصحيفة «يديعوت أحرونوت» - 2004]. وفي الكتاب يتهم زعيرا اللجنة بالبعد عن النزاهة ويدعي انها برأت غولدا وديان وانها لو كانت نزيهة لأمرت بإقالتهما من رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع، لأنهما يتحملان المسؤولية الساسية عن الحرب، فإن لم يكن مثله فأكثر منه.

وهكذا يكتب زعيرا: «الحصول على معلومات بخصوص الاستعدادات الحربية تتعلق بالأساس بمستوى جامع المعلومات، أي المخابرات. أما النوايا فإنها مسألة أخرى تماما. بشكل عام يتم اخفاء المعلومات حول النيو للحرب كسر أمني كبير يقتصر على عدد محدود من القادة، وفي الدول الدكتاتورية يمكن أن يعرف هذا السر فقط شخص واحد، هو الرئيس الذي يكون ايضا القائد العام للجيش. لقد اجريت دراسة حول الحروب التي تمت في 53 سنة ماضية، من 1939 وحتى سنة 1992، فوجدتها 13 حربا تمكن خلالها المهاجمون بشكل دائم تحقيق مفاجأة على أعدائهم. ففي سنة 1940 اجتاحت ألمانيا النرويج بشكل مفاجئ، وفي 1941 فاجأت ألمانيا بالهجوم الحربي على روسيا، وفي السنة نفسها فاجأت اليابان بالهجوم على بيرل هاربر، وبعد سنة فاجأت اليابان باحتلالها سنغافورة، وفي 1950 هاجمت كورية الشمالية كوريا الجنوبية أيضا بشكل مفاجئ، وفي السنة نفسها فاجأت الصين باجتياح كوريا الشمالية ومهاجمة قوات الأمم المتحدة هناك، وفي 1956 تفاجِئ اسرائيل بمهاجمة مصر والأمر نفسه يتكرر في سنة 1967 عندما هاجمنا مصر وسورية، وفي 1968 فاجأ الاتحاد السوفياتي باجتياحه تشيكوسلوفاكيا، وفي 1973 فاجأت سورية ومصر بمهاجمة اسرائيل، وفي سنة 1980 فاجأ العراق بالهجوم على ايران، وفي سنة 1982 احتلت الأرجنتين جزر فولكلاند من بريطانيا، وفي سنة 1990 فاجأ العراق بغزو الكويت».

ويستخلص زعيرا من ذلك: «ازاء هذه الوقائع التاريخية، هل يعقل أن تكون اسرائيل هي فريدة عصرها وخلال السنوات الخمسين لوجودها لا ينجح أحد في مفاجأتها؟!». ويذهب زعيرا الى ما هو أبعد من ذلك ليقول ان مثل هذا الاستنتاج بأن اسرائيل ما كان يجب أن تفاجأ في الحرب، ينطوي ليس فقط على موقف مشبوه من لجنة التحقيق يفيد بأنها قصدت تبرئة القادة السياسيين فحسب، بل انه ينطوي على أمر خطير في الثقافة الأمنية. فمثل هذا الرأي بان اسرائيل يجب ألا تفاجأ يدل على غطرسة من جهة ويهدد بعلاج خاطيء للمشكلة يؤدي الى تكرار الماساة. فاللجنة تظهر الجيش والحكومة على انهما تصرفا بشكل سليم، وان شعبة الاستخبارات العسكرية هي صاحبة الخطأ الأساس، لأنها لم تحذر من حرب مقررة ويجري التحضير لتنفيذها. وهذا يعني انه في حالة تكرار المشهد، فإن الجيش لن يحاسب إلا في شعبة الاستخبارات التابعة له والحكومة كذلك، مع العلم بأن القيادة السياسية هي التي تملك القرار بالحرب وهي لم تتخذ قرارا كهذا في حرب أكتوبر لأنها استخفت بالعرب. ويتهم زعيرا رئيسة الحكومة، غولدا مئير، بإخفاء معلومات مهمة للغاية عن لجنة التحقيق، لو كانت وضعت على طاولتها لكانت نتائج التحقيق مختلفة. ويكشف ان ما أخفته هو اجتماعها المهم جدا مع الزعيم العربي الذي وصل الى تل أبيب في 25 سبتمبر [أيلول] 1973 بطائرة مروحية تابعة للجيش الاسرائيلي وأخبرها عن الحرب القادمة بشكل مؤكد. ويقتبس زعيرا من أقوال ذلك الزعيم، حسبما دون في بروتوكول اللقاء، فيكتب: «قال لها [الزعيم العربي]: «.. من جهة أخرى، تلقينا معلومات من مصدر حساس جدا جدا في سورية، كنا قد حصلنا على معلومات سابقة منه حول الاستعدادات والخطط ونقلناه في ما بعد، يقول [هذه المرة] ان جميع الوحدات ستكون مشاركة في التدريبات باستثناء اللواء الثالث [السوري] الذي سيكون جاهزا لصد هجوم إسرائيلي ممكن. جميع القوات يعني الطائرات والمدرعات والصواريخ، وهي كلها على أهبة الاستعداد الآن في الجبهة...». وتسأله غولدا مئير: وهل يعقل ان يحارب السوريون من دون مشاركة مصرية كاملة؟ فيجيب: «لا أعتقد ذلك. أعتقد انهم يتعاونون».

ويقول زعيرا انه فوجئ بأن تقرير لجنة التحقيق الأول لم يتضمن شيئا عن هذا اللقاء، وتبين له في ما بعد ان غولدا وديان قاما بإخفائه. فتوجه زعيرا برسالة الى اللجنة يخبرها عن اللقاء ويزودها ببعض ما جاء فيه، إلا ان اللجنة لم ترد عليه ولم تتطرق الى اللقاء ايضا في تقريريها الثاني والثالث أيضا. ونعود في ما يلي الى تقرير لجنة أغرنات الأصلي، في حلقة أخرى تواصل فيها توجيه الاتهامات الى شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي ورئيسها ايلي زعيرا بشكل خاص. التقرير:

المعلومات المسبقة 81. الخبر عن الإجلاء المهرول لعائلات الروس ورد قبيل مساء الرابع من أكتوبر، كان من المفروض أن يستحوذ على اهتمام خاص أيضا في ضوء المعلومات ــــــــــــ [شطب من الرقابة] التي حصلت عليها شعبة الاستخبارات العسكرية ـــــــــــــــــ [رقابة]، لأنه في حالة ان الطيارين السوفيات ــــــــــــ [رقابة]، لم يرغبوا في الطيران خلال الحرب، يحارب المصريون من دونهم. لقد عرف الطيارون السوفيات فقط عن الاستعدادات للحرب بشكل عام، و[المخطط هو] أن يدخلوهم في سر الحرب فقط على شفا ساعة نشوبها (وثيقة البينات رقم 95، الوثيقة 35 في نهاية صفحة 1 – والتأكيد هو منا). لا نعرف إذا كان هذا الخبر مطروحا أمام شعبة الاستخبارات العسكرية، عندما أعطوا تقديرهم حول خروج العائلات الروسية.

كسر صوم رمضان 82. خبر آخر كان ينبغي أن يثير الشكوك، عندما يندرج مع سلسلة الأخبار والمعلومات المتوفرة بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، كان يتعلق بالتوجيه الذي أعطي للجنود في الجيش المصري بأن يكسروا صوم رمضان. لقد وصل هذا الخبر ما بين الساعة 6 و8 من صباح يوم الخامس من أكتوبر. ويتضح منها ان قائد أحد الألوية (كما يبدو في سلاح الجو) أمر جنوده بتناول الطعام، والشخص الذي أبلغ الخبر [الى اسرائيل] لم يستطع معرفة ما إذا كان الأمر اعطي بسبب التدريبات [هنا تضع اللجنة ملاحظة بين القوسين فتقول:] (بالعربية: مشروع) أو لا [ونعتقد ان الأمر اختلط على كاتب التقرير في اللجنة وان المقصود بكلمة «مشروع» هنا ليس ترجمة كلمة «تدريبات»، كما يفهم من الصياغة، بل المقصود هو: هل كسر الصوم في التدريبات مشروع أم غير مشروع]. وفي نشرة شعبة الاستخبارات العسكرية رقم 423/73 من اليوم نفسه (صفحة 6)، يظهر الخبر: «تم السماح للجنود بأن لا يصوموا في عيد رمضان، ضمن الاجراءات التي اتخذت في سلاح الجو بسبب مخاوفهم واستعدادهم العالي» [هنا أيضا اختلطت الأمور على اللجنة لدى تفسيرها ما يقال في مصر باللغة العربية فتحدثت عن الصوم ليس في رمضان، بل في عيد رمضان، علما بأن عيد رمضان هو عيد الفطر، وعيد الفطر هو الذي يكسر فيه الصيام]. وقصد معدو النشرة بحديثهم عن «المخاوف» ان «المصريين يتخوفون من النوايا الاسرائيلية استغلال التدريبات واستغلال عيد رمضان [مرة أخرى يستخدمون كلمة عيد في غير محلها]، لتنفيذ هجوم جوي (المصدر نفسه، البند 20 ، صفحة 4)». بكلمات أخرى، شعبة الاستخبارات العسكرية في هذا الخبر تحذير من نوايا هجومية. ويقول عدد من رؤساء البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية بأنه تم في الماضي السماح في الجيش المصري بأن يتناولوا الطعام في أثناء التدريبات، ولكنهم لم يستطيعوا العثور على الأخبار التي تتحدث عن ذلك بسبب تراكم كميات ضخمة من الملفات والأخبار لديهم (رسالة العميد شيلو من يوم 10 يناير [كانون الثاني] 1974، وثيقة البينات رقم 70 أ، ملف 3، وشهادة الجنرال زعيرا – صفحة 627 فصاعدا). من ناحية الديانة الإسلامية يسمح، كما يبدو، بكسر الصوم في حالة بذل جهد جسدي كبير، مثل المشاركة في تدريب عسكري (حسب استشارة من د. يوئل كريمر، من جامعة تل أبيب، وثيقة البينات رقم 170 أ، المصدر نفسه). ولكن يجب ان نذكر هنا انه حتى صبيحة يوم الخامس من أكتوبر، لم تكن شعبة الاستخبارات العسكرية قد حددت بعد ما هو نوع هذه «التدريبات» ولم يكن واضحا أبدا إذا كانت تشمل القوات العسكرية.

ألبرت سودائي، رئيس الدائرة السياسية في الفرع المصري في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، الذي كان قلقا من أخبار أخرى كانت قد وردت مسبقا، انتبه بشكل خاص الى هذا الخبر واعتبره خطيرا (بوصفه من مواليد العراق، وهاجر من هناك [الى اسرائيل] وهو في الثامنة عشرة من العمر، فإنه يعرف تعاليم الإسلام). ولكن عندما صرح بقلقه أمام قادته، وبينهم العميد شيلو، تخلصوا منه بالقول انهم ادخلوا هذا العنصر في تقريرهم اليومي.

وخبر آخر كان يشتمل على دليل آخر على نوايا العدو، تم ترويجه في مصر يوم 5 أكتوبر. وقال الخبر ان العدو الاسرائيلي قام بتجنيد (؟) أعداد كبيرة من أتباعه في البلاد [يقصدون مصر] لكي ينفذوا عمليات تخريب وتجسس عندما تبدأ معارك القتال (وثيقة البينات رقم 145 الوثيقة 8). هذا الخبر أيضا لم يؤثر على شعبة الاستخبارات العسكرية حتى تعطي تحذيرا فوريا لجيش الدفاع الاسرائيلي.

خبر تحذيري آخر 83. الى جميع تلك الأخبار حول نوايا العدو، يجب ان نضيف حقيقة انه في صبيحة اليوم نفسه استقبل خبر موثوق كان فيه تحذير، وقال انه في وقت لاحق من اليوم نفسه سيرسل أخبارا أكثر دقة.

حول معالجة هذا الخبر من طرف الجهة التي تسلمته في وكالة التجميع لدينا، بحثنا في البند 38 أعلاه. وبودنا هنا أن نتوقف عند مجرد وجود هذا الخبر، والذي يفهم منه بوضوح ان معلومات عاجلة خطيرة ستأتي لاحقا (انظر اقوال الجنرال زعيرا في المشاورات التي تمت لدى رئيسة الوزراء قبيل ظهر يوم 5 أكتوبر، وثيقة البينات رقم 57، وفي رأس الصفحة الثالثة من البروتوكول).

من ذلك المصدر نفسه، وصلت في صيف 1973 عدة أخبار تحذيرية أخرى، كلها تحدثت عن مبادرة مصرية لإعلان الحرب في نهاية سبتمبر [أيلول] – بداية أكتوبر [تشرين الأول] 1973 (وثيقة البينات 98، الوثائق 42، 43، 44، 47). ـــــــــــــــــــــــــــــ [الرقابة شطبت هنا جملة طويلة]، لكن وكما لاحظنا آنفا (البند 11 (1))، يجب التفريق ما بين مصداقية المعلومات التي يعطيها المصدر وبين تقديراته الشخصية. فمنذ الصيف وحتى ليلة 5 أكتوبر، لم تأت اية اخبارية جديدة من هذا المصدر نفسه. وعلى الرغم من التناقضات في أخبار سابقة أرسلها، فقد كان على الجنرال زعيرا ان يرى في مجرد الخبر العاجل هذه المرة، علامة تحذير واضحة (على الرغم من ان الخبر الذي ارسله في الخامس من أكتوبر لم يتضمن موعدا محددا لفتح النار.

عندما جرى التحقيق مع الجنرال زعيرا حول هذا (صفحة 1021)، أجاب: «لم ينقل الى شعبة الاستخبارات العسكرية الشعور بأن هناك إنذارا خطيرا واستثنائيا في الخبر الذي ارسله (المصدر)». هذه الحجة لا تروق لنا، لأنه حتى بحسب التقرير غير المتكامل الذي قدمه اليه رئيس الموساد في صبيحة 5 أكتوبر، فإن الأمور التي أعطيت له كان يجب أن تشكل عنصرا بالغ الأهمية في وزنه الأمور في ذلك اليوم. عمليا، فإنه لم يعره أية أهمية تقريبا، بل ان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية انتظر حتى يحصل على أخبار أكثر تفصيلا من المصدر نفسه، وهذه التفاصيل ما كانت لتأتي إلا في مساء اليوم نفسه.

6 أكتوبر، يوم حاسم 84. لقد كان هناك عنصر آخر ذكرناه في تقريرنا الجزئي (البند 31) في الفصل عن وزير الدفاع، لكنه ينطبق بشكل أكبر على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ومساعديه: يوم السبت، 6 أكتوبر، كان يوما حاسما بشكل خاص كونه يوم عطلة شاملة يستطيع فيه العدو أن يفاجئ اسرائيل. وكان معروفا لشعبة الاستخبارات العسكرية انه في ايام الأعياد والمواعيد [أي أيام الذكرى]، هناك حاجة دائما للحذر واليقظة الشديدين بشكل خاص (وثيقة البينات رقم 17 ورقم 48، الوثيقة 25).

سبق وقيل آنفا انه من غير الواضح لماذا لم تنشب الحرب في أحد تلك التواريخ الماضية، فإذا كانت تلك أخبارا وهمية من البداية أو أن السادات ارتدع عن القيام بجولات حاسمة فيها. ولكن تحديد المواعيد حسب تواريخ التقويم والمؤامرة لبدء الحرب في يوم عيد في اسرائيل بالذات، كان مقبولا حتى لو ان ذلك المصدر لم يبلغ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية على هذا الخطر.

ماهية هجوم العدو في نظر شعبة الاستخبارات العسكرية 85. رأينا انه حتى في 5 أكتوبر، لم يتخل رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، ومعه دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، عن الفرضية. صحيح انه ثرت لديهم شكوك في أعقاب إجلاء عائلات الخبراء الروس، ولكن احتمالات الحرب ظلت في نظرهم ضعيفة جدا. ولكنهم اتخذوا خط دفاع ثانيا في انسحابهم من الفرضية. فقد رفضوا رؤية ماهية الهجوم الشامل المتربص بنا، إذا ما تم تنفيذه. وفي جلسة هيئة الأركان العامة، في الساعة 12:30، يعرب الجنرال زعيرا عن رأيه بأن احتمالات الهجوم المصري السوري المنسق، وبأنه في أسوأ الأحوال سيكون ذلك «عملية خاطفة في هضبة الجولان، فإذا نجحت يركضون أكثر عمقا»، وفقط في احتمال ضعيف جدا، يكون تدريب كبير على عبور القناة بهدف احتلال ضفتي القناة ومحاولة الوصول الى المضائق (تم اقتباس الكلمات في البند 76 أعلاه).

وهكذا سأل نفسه الجنرال زعيرا، في جلسة الوزراء في ظهيرة ذلك اليوم (صفحة 5 من البروتوكول):

«ما هي البدائل والخطط المصرية في حالة البدء بفتح النار؟» وجوابه:

«توجد لهم بشكل أساسي ثلاث امكانيات: أ. عبور القناة. ان لديهم خطة لعبور القناة والوصول الى المضائق. ب. القيام باجتياحات في سيناء وعلى طول القناة. جـ. البدء بقصف. واضح ان هناك أيضا طريق رابع، هو خليط من التفجيرات والاجتياحات. في كل هذا، فإن الاحتمال الأضعف هو العبور والاحتمال الأكبر هو الاجتياحات وربما اطلاق النار هنا وهناك. لكن، لا يوجد تفاؤل كبير لدى المصريين أو السوريين ازاء النجاح في هذه الامكانيات، خصوصا إذا حاولوا [الهجوم] على نطاق واسع، وذلك بشكل أساسي بسبب وعيهم الكبير بأن مستواهم الجوي منخفض بالمقارنة معنا. وطالما لم يتوفر لديهم الشعور بأن بإمكانهم احراز وضع مريح أكثر في الجو، لن يتجهوا الى حرب وبالتأكيد ليس لحرب كبيرة. ربما في حالة متطرفة يذهبون الى عملية صغيرة من خلال الأمل في أن تتطور الى شيء كبير».

إذا أخذنا في الاعتبار مجموعة الأخبار المتراكمة لدى شعبة الاستخبارات العسكرية حتى ذلك الموعد، فإنه لم يكن لدى شعبة الاستخبارات أي أساس لرؤية الأمر على انه هجوم معاد على أهبة الانفجار، خصوصا ان الأخبار الوحيدة التي كانت بأيدي شعبة الاستخبارات العسكرية، تحدثت عن حرب شاملة وليس حرب استنزاف. ولكن حتى في هذه اللحظة المصيرية، برز التمسك الكامل في الفرضية، التي قضت على قدرة شعبة الاستخبارات العسكرية على تقدير المعلومات المتوفرة بين ايديه، بشكل واع وموضوعي. ومن الممكن ان تكون هذه الرؤية المشوشة لماهية هجوم العدو، ساهمت بقسطها في التشويش على استعدادات جيش الدفاع الاسرائيلي ونشر قواته في جبهة القناة.

الصور من الجو: تغيير مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية 86. من أجل اكمال الصورة التي ظهرت من مجمل المعلومات الواردة الى شعبة الاستخبارات العسكرية حتى يوم 5 أكتوبر، يجب أن نعود ونذكر الصور التي التقطت من الجو في منطقة القناة في يوم 4 أكتوبر وتم تحليلها في الليل، عشية 5 أكتوبر، والتي كشفت كما ذكرنا (البند 55 آنفا): تشكيلات طوارئ كاملة على نطاق لم نعهده من قبل، تبين منه أنه جرى تعزيز القوات بـ5 ـ 6 ألوية مدفعية متوسطة، ما أدى الى رفع عدد بطاريات المدفعية في خط الدفاع الأول وخلفيته الى 130 بطارية، وعدد الدبابات الى 760 (شهادة الجنرال حوفي في صفحة 1846). وتم تقديم 8 ألوية مدفعية متوسطة الى ما يبعد 6 ـ 7 كيلومترات عن خط وقف اطلاق النار (نشرة رقم 426/73 من يوم 6 أكتوبر، الساعة 3:40). كذلك في الجبهة السورية كانت علامات واضحة حول التشكيلات الدفاعية الهجومية، وهذه لم تؤد الى تغيير فوري في مواقف شعبة الاستخبارات العسكرية عما كانت عليه قبل الخامس من أكتوبر. وقد جاء التغيير فقط مع تلقي الخبر من المصدر المذكور آنفا، حوالي الساعة الثالثة فجرا (وثيقة البينات رقم 98، الوثيقة 64). في ضوء هذا الخبر، غيرت شعبة الاستخبارات العسكرية رأيها، أخيرا، حول إجلاء السوفيات من مصر وسورية وفي النشرة 427/73 من يوم 6 أكتوبر الساعة 6:35 (أو 7:30)، ورد العنوان: «من المحتمل أن يكون هذا الإجلاء مرتبطا باستعدادات العرب للحرب».

تقرير متفق عليه 87. في موضوع المعلومات التي توفرت لشعبة الاستخبارات العسكرية حتى نشوب الحرب، بقيت لنا قضيتان، الأولى تتعلق بالخبر الإضافي الذي تلقيناه في يوم السبت [6 أكتوبر] نفسه الساعة 11:56، وكان ذلك خبرا ــــــــــــــــــ [جملة طويلة شطبتها الرقابة]، من تجربة حرب الاستنزاف ــــــــــــــــ [رقابة مرة أخرى] لكي تحذر من صخب المدفعية من الطرف المقابل. وقد أعطي الخبر لقائد اللواء الجنوبي وهو في قيادة الأركان العامة بين الساعة 12:00 و13:00، فأعطي أمر فوري باستعداد للامتصاص، أي الاستعداد لمواجهة ضربات المدفعية (شهادته في صفحة 1928، وكذلك في شهادة المقدم غداليا لاحقا في صفحة 2279 فصاعدا، وشهادة العميد باروخ هرئيل في صفحة 3379 فصاعدا).

كما يبدو انه ونتيجة لذلك، أعطي أمر فوري للوحدة 252 في الساعة 13:00 تقريبا. وبعد عشر دقائق فقط غيرت الوحدة الأمر بخصوص الكتيبة 275، بأمر آخر أعطي لقائدها بألا يحرك الآن الدبابات الى الأمام (شهادة العقيد نوي، قائد الكتيبة 275 في صفحة 1821).

على اية حال، لم يفهم الشعار المتفق عليه والذي يدل على الاستعداد المصري لعبور القناة، وعلى أساس تجارب الماضي، لم يكن ممكنا أن يفهم الشعار بحد ذاته. ولكن، لو كان قد جرى تحليل لهذا الخبر المتوفر حول البدء بحرب شاملة في اليوم نفسه، في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية، على الفور، لكان من الممكن ان يستخلص منه أن العدو قرر تبكير ساعة الحرب الشاملة. لم نسمع من الشهود ان تحليلا كهذا تم في دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (شهادة العميد شيلو، صفحة 2204 فصاعدا، شهادة المقدم بندمن صفحة 2561).

 

http://www.aawsat.com/details.asp?issueno=10261&article=425783#.UXMlwO3QXG0

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech