Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

آثار زلزال حرب أكتوبر على الدولة والمجتمع فى إسرائيل ....

كتب احمد ابو بيبرس

إلى العملاء والخونة ،،،،،،

إلى المشككين والمتشككين المرجفين والجهلة ،،،،،

إلى ناقصى الوطنية والإنتماء ،،،،،،،

إلى الأغبياء والحمقى وضعاف العقول ،،،،،،

إلى الطحالب البشرية العفنة وأنصاف الرجال وأشباه البشر ،،،،

إلى المتخصصين فى تشويه كل جميل وكل إنجاز فى تاريخنا العريق عن عمد أو  بحسن نية …..

ربما أكثر من الأعداء أنفسهم ! ،،،،،،،

إلى المصريين المنتسبين لمصر بالإسم فقط ،،،،،

إلى العرب المحسوبين على العروبة زوراً وبهتاناً ،،،،،

وكذلك إلى المغلفين المتأثرين بدعاية الأعداء وأكاذيبهم ،،،،،

أخــــــيراً … إلى الإســـرائـليين أنفسهم ـ العدو التقليدى الأبدى لنا ،،،،

                         *        *       *       *

لكل هؤلاء وكل أولئك وغيرهم ممن لم يشملهم الوصف أو التصنيف

أكتـــــــب مــــــقالــــى هـــــــذا …

أكتبه للغائبين للمغيبين ليعرفوا حجم وضخامة ما تحقق فى أكتوبر عام 1973 علهم يفيقوا من غيهم وتوهانهم

وإنما أكتبه كذلك للمخلصين المؤمنين بنصر أكتوبر المجيد ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم

هذه المرة لن أسترشد بمقولات مصرية أو عربية أو حتى أجنبية محايدة لأتحدث عن نصر أكتوبر الثابت ثبوتاً قطعيا تاريخياً فيما لايحتاج إلى إثبات أو تأكيد وإنما سأرجع إلى حكمة عربية قديمة تقول (( الحق ما شهدت به الأعداء ))

وعليه .. سنعرض من قلب إسرائيل نفسها وعلى لسان قادتها ورجالاتها رواية ماحدث فى حرب أكتوبر المجيدة التى أطلقوا عليها وصف الزلزال تارة والطوفان تارة أخرى وبعبارات ناطقة بالصدق المجسم ما شهدوه من جحيم وأهوال شابت لها الولدان على يد أبطال وجنود الجيش المصرى والسورى الباسلين وكيف أن الإسرائليين لم يتحرجوا أو يتحفظوا فى ذكر ماعانوه من قتل ودمار وأسر ولحظات رعب وعذاب لن ينسوها مابقى لهم من عمر قد أثرت على سلامة بنيانهم النفسى الهش بما يتعارض بشدة مع ما روجوه من أكاذيب وأراجيف ملأوا بها العالم بعد ذلك وملأوا بها كتب ومقالات ومحاضرات وفضائيات الشبكة العنقودية عن إنتصار وهمى زائف كاذب حققوه فى أكتوبر 73 فى كذب مكشوف وإفك مفضوح يتهاوى سريعاً من مجرد إلقاء نظرة عابرة على سير معارك الجحيم فى سيناء والجولان وحجم الخسائر الضخمة التى تكبدوها بدرجة لم يتكبدوها من قبل فى حروب سابقة لهم مع العرب حيث تحطمت لهم ألاف شتى مؤلفة من كل أنواع المركبات المختلفة سواء قطع الدبابات والعربات المدرعة والسيارات وسائر المركبات المتحركة الأخرى ومئات ممئتة من الطائرات التى سقطت لهم على جبهتى القتال فى سيناء والجولان غير عشرات الألوف من الأفراد ــ حوالى 30 ألف جندى وضابط إسرائيلى سقطوا بين (قتيل وجريح ومعوق ومشوه وأسير) ...!!

فضلا عن سمعة العدو العسكرية الزائفة التى إكتسبها إعلامياً بعد نصر رخيص مختلس غير شريف إقتنصوه بغتة فى يونيو 67 فى غفلة من الزمن وفى لحظة إسترخاء وتراخى عسكرى مصرى لن تتكرر بعد ذلك

وقد ساعدهم على إشاعة هذه الأكاذيب عن النصر الكاذب الذى حققوه بحسب إدعائهم فى حرب أكتوبر 1973 هو أحداث الثغرة مع العلم أنه حتى عملية الثغرة نفسها سقطت فيها أسطورة التفوق الإسرائيلى !!!! كما يقول د/ جمال حمدان .

فبحسب خطة العدو بعد طوفان الإمداد الأمريكى بالسلاح الذى وصل إلى إسرائيل خلال الحرب ومكنها من إلتقاط أنفاسها ورد الحياة إلى جيشها مجدداً كان تهدف إلى : ــ

أولاً التسلل بين الجيشين الثانى والثالث فى منطقة التمفصل بينهما من خلال ثغرة عند منطقة الدفرسوار والعبور إلى غرب قناة السويس ومن ثم التمدد شمالاً وجنوباً فى كل منطقة غرب القناة خلف ظهرى الجيشين الميدانيين المرابطين فى سيناء

ثانياً يترتب عليه قطع خطوط إمدادات الجيشين الميدانيين المصريين فى شرق القناة بسيناء عن قواعدهما وقيادتهما بغرب القناة

وثالثاً إحتلال مدن القناة الرئيسية الثلاث لتحقيق صيت عسكرى إعلامى مدوى

يحطم الروح المعنوية للقوات المصرية الموجودة فى سيناء وكذلك القيادة السياسية والشعب المصرى كله فضلا عن الشعوب العربية المنتظرة بشغف تحقيق النصر التام على العدو

رابعاً بالتالى يسهل القضاء على كل القوات المعزولة عن قواعدها الموجودة فى القاعدة الأرضية العريضة الصلبة على الضفة الشرقية للقناة التى حررها الجيش المصرى من 6 إلى 13 أكتوبر 1973 بواسطة قوات العدو الجوية وفرقه العسكرية المواجهة لقواتنا فى سيناء

وبذلك يتحقق لإسرائيل نصر حاسم أخر أكبر من نصر 1967 تنهى به إلى الأبد كل الحروب من وجهة نظرها وتزيل عقبة الجيش المصرى من وجهها فلا يعود يقف فى حلقها كالشوكة الصلبة ولا يعود الحارس الأول عن مصر والوطن العربى ويمتد حلم إسرائيل القديم فى دولة من النيل إلى الفرات ويصير عندئذ أقرب إلى التحقيق ويخضع العالم العربى كله من المحيط إلى الخليج للقوة العسكرية الإسرائلية القاهرة وعلى أثر ذلك يدوم السلام الإسرائيلى فى المنطقة إلى مدى لا يعلمه إلا الله

لكن بصمود رؤوس كبارى الجيوش المصرية فى شرق القناة أمام طوفان الهجمات المضادة الإسرائيلية رغم الدعم الأمريكى السياسى والعسكرى اللامحدود إلى إسرائيل وفشل قوات العدو فى الغرب فى إحتلال الإسماعلية أو السويس أو القضاء على الجيش الثالث فى سيناء أو حتى إجباره على تسليم رجاله وسلاحه وبذلك يكون قد تحدد تماماً مصير عملية الثغرة خاصة بعد حصار قوات العدو فيها بقوات مصرية جديدة ضخمة كانت مستعدة لوضع نهاية سعيدة لمصر لتكمل بها إنتصارها وتضع نهاية أخرى مأساوية مروعة لجيش العدو المتسلل فى عملية الثغرة غرب القناة ،،،

يعنى ذلك أنه حتى الثغرة وما علقه العدو عليها من أمال قد فشلت وسقطت ياللمفارقة !! ( فى الثغرة نفسها ) أسطورة جديدة ـــ ضمن ما سقط من أساطير عسكرية أخرى إسرائلية خادعة فى نصر أكتوب المجيد

ويجدر بنا أن نعدد بسرعة أبرز تلك الأساطير الحربية التى كانت متداولة على مستوى العالم كله آنذاك : ـ

1 ــ سقوط أسطورة خط بارليف الذى صدعوا رؤوس العالم كله بطنطنة فارغة عن مدى مناعة حصونه وإستحالة إختراقه أو إجتيازه ...

2ـ سقوط أسطورة السلاح الجوى الإسرائيلى ( الأسطورى هو الأخر) ذى الذراع الطويلة التى تطال أى بقعة فى العالم العربى والمزود بأحدث مافى الترسانات الحربية الغربية من طائرات الفانتوم والسكاى هوك والميراج . هذه الذراع الطويلة بترتها قواتنا الجوية ودفاعنا الجوى خلال الحرب التاريخية مع العدو الصهيونى فى أكتوبر 73

3 ـ وحتى أسطورة تفوق جهاز مخابراتهم ( الموساد) التى أشاعوا عنها أنها تعلم مافى النوايا وتفتش عما فى ضمائر المصريين والعرب سقطت هى الأخرى كقطع الزجاج المهشم على أرض الواقع الصلبة بعد أن تعرضت لمراحل مختلفة من الخداع الإستراتيجى المحكم من تدبير المخابرات العامة المصرية أطاحت بصواب مخابرات العدو بعد أن جعلته يغط فى سبات عميق وأمن وهمى وهى تعد العدة لتنفيذ الحشد وإخفاء نوايانا فى الإعداد للحرب من خلال خطط وعمليات محكمة للتسرب تحت جلد العدو وفى داخل أحشائه لإستجلاب كل أسرار إسرائيل العسكرية والسياسية وتنويم قيادتها وإعماء عيون الموساد الإسرائيلى التى أشاعو إنها تحرس ولاتنام فإذا بها أعين لاتبصر ولا ترى وفشلت مخابرات العدو فى معرفة خطط الجيش المصرى و كشف نواياه وإبتلعت الطعم الذى قدم لها وإنتهت إسطورة إسرائلية أخرى زائفة ...

4 ــ سقوط أسطورة (الجيش الذى لايقهر) والذى نال سمعة عسكرية منتحلة لا يستحقها وأسطورة الجندى الإسرائيلى الخارق السوبر مان الذى لايقتل ولا يؤسر ولا يهزم قط مما كان يضعه فى مرتبة فوق البشر

5 ــ وسقطت للأبد أسطورة أزلية التخلف العربى وعجز الجندى العربى عن إستيعاب التكنولوجيا الحديثة بعد أن كادت أن تصبح من المسلمات الراسخة فى الضمير الجمعى للعالم الغربى كله نتيجة سعى إسرائيل لتأكيد هذه المسلمة المكذوبة على غير أساس

6 ــ ولن ننسى أن نذكر بالمرة سقوط أسطورة ما كان يعرف بالحدود الآمنة ونظرية الأمن الإسرائيلى وأهمية شرم الشيخ لإسرائيل

7 ــ زوال أسطورة خلود العجز العربى الدائم عن عدم قدرتهم على توحيد خططهم وجهودهم فى شن حرب مشتركة ضد إسرائيل فضلا عن إخفاء نواياهم وأسرارهم عن العدو الإسرائيلى وذلك بشن الحرب بالتنسيق بين مصر و سوريا ثم إشترالك العراق بعد ذلك ودخول سلاح البترول فى المعركة

8 ــ وأخيراً سقوط أكذوبة إنتصار إسرائيل فى الثغرة ـ أخر الأكاذيب ـ بعد تلقى قواتها هزيمة ساحقة على أبواب مدينتى الإسماعلية والسويس وفشلها فى القضاء على الجيش الثالث الميدانى أو حتى إخضاعه وتعرض الوحدات الإسرائلية الموجودة غرب القناة لخطر الإبادة أو الأسر على يد القوات المصرية المحاصرة لها وإضطرارها فى النهاية إلى سحب قواتها هى عن غرب القناة أثر توقيع إتفاقية فض الإشتباك فى يناير 1974

هذه هى مجمل الأساطير الوهمية والخرافات الكاذبة التى أزالتها حرب أكتوبر للأبد

ومن المدهش أن يظهر بعض المدعين والملوثين الذين روجوا ــ لغرض ما فى نفوسهم ــ أن ما حدث فى أكتوبر كان تمثلية متفق عليها بين كل الأطراف

أى تمثلية تؤديها إسرائيل وتتعرض لكل ما خسرته أنفاً وهى سعيدة راضية بعد أن كانت هى نفسها على وشك السقوط والتلاشى مع أساطيرها ؟؟؟ً

وما المقابل الذى سوف تجنيه من جراء أدائها هذه التمثلية المزعومة ..!!!!؟؟؟

وطبعاً هذا كلام لا يستحق حتى عناء الرد عليه فضلا عن عناء مناقشق صحته وفرضيته منذ البداية لكن دعونا نأخذ جولة شاملة واسعة داخل المجتمع الإسرائيلى نفسه لرصد بصمات حرب أكتوبر على الكيان الصهيونى من خلال كاتبين مصريين رصدا بدقة وأمانة ما فعلته حرب أكتوبر دخل إسرائيل بالشعب والجيش والمجتمع الإسرائيلى كله هناك تحت شعار الحق ماشهدت به الأعداء

هيا بنا نغوص داخل أحشاء المجتمع الإسرائيلى لننظر ونرى ....

(سلام الصقور) مرجع للكاتب الصحفى / محمد عبدالمنعم

يشير إلى وقع نشوب حرب أكتوبر على الشعب الإسرائيلى : ــ

كان الأهالى كلما سمعوا صفارات الإنذار يهرعون بعصبية إلى المخابئ ممسكين بأطفالهم فى أيديهم حاملين معهم البطاطين وسلال الطعام وداخل المخابئ كانت السيدات المسنات يجلسن على المراتب وسرعان ماتنشط ذاكرتهن ويسترجعن أهوال الحرب فى الماضى والحاضر ثم يبدأن فى التوجع والأنين أما البعض الأخر فكان ينصت بإهتمام إلى الأنباء الإذاعية عن طرق أجهزة الترانزستور وتبقى بعد ذلك طائفة قليلة من الناس كانوا يغمضون اعينهم ويستمرون فى الصلاة حتى تنطلق صفارات الأمان وفى معظم الأحيان كان الجميع يفضلون المبيت فى المخابئ حتى صباح اليوم التالى . وتبقى بعد ذلك مشكلة المهاجرين الذين وصلوا حديثاً إلى إسرائيل منذ أشهر أو أسابيع أو حتى أيام قليلة معدودة قبل إندلاع الحرب لقد كان هؤلاء جميعاً صامتين تماماً كما لو كانوا قد أصيبوا بالذهول فقد كانت هذه الحرب المهولة هى أول تجربة لهم فى أرض الميعاد ولم يكن أحد منهم يعرف ماذا يمكن أن يحدث بالضبط وكيف ستتطور الأمور بعد هذه الصورة الكئيبة المحزنة التى يرونها

وقد تصادف فى نفس الفترة التى شملتها حرب أكتوبر أن جاء عيداً يهودياً أخر يسمى عيد الحصاد وكان اليهود فى الماضى يحتفلون خلاله بجنى حصاد المحاصيل الصيفية إلا أن هذا العيد الذى جاء فى حرب أكتوبر 1973 فقد كان عيداً كئيباً حزيناً جاء بعد أيام كلها حزن ومرارة لإسرائيل التى شعر شعبها أجمع أنه أفاق على محنة هائلة شاهد خلالها معظم أفراد الشعب الإسرائيلى موت أعز أصدقائهم وعملا بقصيدة لمن تدق الأجراس الشهيرة للشاعر الإنجليزى جون دون

( يقصد الشاعر أجراس الكنيسة التى تدق عندما يموت أحد الناس ) وعملاً بهذه القصيدة الشهيرة فإنه بعد الخسائر الهائلة التى نزلت خلال حرب أكتوبر فإنه فى كل أرجاء إسرائيل لم يكن أحد هناك يسأل : لمن تدق الأجراس ؟

(( فــــــقــــــد كـــــان الـــــمــــــوت بــــــشـــــمـــــل الــــــجــــــمــــيـــــع ))

                     أعـــــيــــاد تـــتـــحـــول إلــــى مــــأتـــــم

وبعد 13 بوماً من إندلاع حرب كيبور جاء عيد أخر من الأعياد اليهودية يسمى (سمحات التوراة ) وهو عيد يتميز بالبهجة ومظاهر الفرح والسرور ويملأ فيه اليهود شوارع المدن بالرقص والغناء والطرب حاملين فى أيديهم مخطوطات التوراة المقدسة وبصفة عامة فإن إسرائيل تحتفل لهذا العيد كيوم للمرح فقط

وفى هذا اليوم تقرر إلغاء مظاهر الإحتفال وإستمر حظر الإضاءة فى جميع أركان إسرائيل وجاء عيد المرح هذا حزيناً كئيباً وخالياً من مظاهر الحياة وكانت الأمة كلها قد إنغمست فى نوع من الحزن العميق وبصفة عامة كان الشعب كله فى فترة حداد على الأقارب والأصدقاء الذين قتلوا فى المعركة وكان الجميع ثكالى وكانت يد الموت قد مست كل إنسان يعيش فى إسرائيل !!

                 مــــعـــــابــــد الـــحـــزن والـــتـــابــــوت الــمـــقــــــدس

وبمجرد غروب الشمس فى ذلك اليوم إضطر المصلون داخل المعابد اليهودية إلى إسدال ستائر المعبد حتى لا يخرج أى ضوء من خلال النوافذ كانت معظم هذه المعابد مليئة بالنساء والأطفال الصغار والشيوخ أما زهرة شباب إسرائيل فكانوا جميعاً يلاقون الموت على جبهتى القتال . كان داخل بعض المعابد فى ذلك اليوم عدداً قليلاً من الجنود جاءوا من الجبهة ووقفوا بين النساء والأطفال والشيوخ ولم يستطيع أحد منهم أن يحتوى الدموع التى تذرفها عيناه . لقد ذهب الشباب والرجال جميعاً إلى الحرب يلاقون هناك الأهوال والمصير المحزن ولم يتبق داخل إسرائيل غير هؤلاء الشيوخ والنساء وأولئك الأطفال بلا أمل لهم فى المستقبل .

                       مــــــقــــــابــــــر هـــــــائــــــلة

كان من نتائج حرب أكتوبر فى إسرائيل أنه تم على عجل إنشاء 3 مدافن مؤقتة لضحايا تلك الحرب : الأولى فى تل أبيب لضحايا القيادة العسكرية المركزية والثانية فى عفولا لضحايا القيادة الشمالية العسكرية والثالث على بعد 30 كيلو متر لضحايا القيادة العسكرية الجنوبية (سيناء) والتى كانت تضم أكبر عدد من الضحايا

وإلى هذه المقابر بالذات توجه حوالى 6 آلاف من أهالى الذين قتلوا على تلك الجبهة وبدأت الموسيقى الحزينة والصلوات بينما كان قادة المناطق العسكرية الثلاثة الإسرائلية ينادون على الجميع للوقوف إنتباه حتى لايشعر الموتى أنهم ضحوا بحياتهم عبثاً وفى نفس الوقت تم تنكيس الأعلام فى جميع الوحدات العسكرية الإسرائلية وأقيمت نفس الشعائر فى عدد من المقابر العسكرية الإضافية بكل أرجاء إسرائيل

كانت المقبرة مزدحمة للغاية بأمهات وزوجات وشقيقات وجدات القتلى وقد جلسن جميعهن قرب القبور بعضهن يصرخ والبعض الأخر يلطمن خدودهن أما باقى الأهالى فقد كانوا صامتين يحاولون بجهد خارق منع دموعهم وكانت هناك زوجة شابة وقفت بجانب مقبرة لاتفعل شيئاً غير ترديد كلمة واحدة ..لماذا ..؟ لماذا .. ؟ لماذا .. ؟

وبجانب قبر أخر وقف جندى إسرائيلى حاملاً إبنة أخيه الطفلة لتزور قبر أبيها وكان يردد هو الأخر .. كونى شجاعة لاتبكى ، وبجانب قبر ثالث يبدو واضحاً أنه قد فتح منذ فترة قريبة رقدت جدة شاهد القبر الذى دفن فيه حفيدها بينما وقف خلفها زوجها يحتضنهت ويقرأ بصوت عالى مزمار داود رقم 83 ..

فإن هذا هو الموجز المتكرر لما حدث داخل كل المقابر العسكرية فى إسرائيل يوم أن خرج الشعب بأكمله ينعى قتلاه فى حرب أكتوبر

                     ((بـــحـــيـــرات مــــرة )) مـــن الــــدمــــــوع

وبعد 73 يوماً من إنتهاء الحرب أجريت فى نفس المقبرة ( مقبرة ضحايا الجبهة الجنوبية أى سيناء ) فرائض أخرى للصلاة التذكارية وحضرها ألاف من أسر الضحايا وأعلن هناك أحد كبار الضباط الذين خدموا فى نفس الجبهة أنه لو أمكن فعلا ًتحقيق السلام فإن تضحيات هؤلاء الجنود لن تذهب سدى . وكان هناك أحد الأباء الذين فقدوا أبناءهم فى هذه الحرب ـ قام بتلخيص المأساة كلها على المستوى الشخصى عندما صرح لمراسل جريدة جيروزاليم بوست قائلاً : الأن أصبحت لدينا بحيرات مرة ولكن من الدموع

وكان لابد أن يتكلم الرئيس الإسرائيلى فى ذلك الوقت إفرايم كاتزير فخرج بعد 50 يوماً ليقول بالحرف الواحد (( إن عديداً من الأخطاء العسكرية قد وقعت فى هذه الحرب .. وإننا جميعاً نتحمل اللوم فى ذلك .. لقد أردنا أن نعيش فى عالم خيالى لايمت بصلة إلى عالم الواقع الذى نعيش فيه .. وإن محاولات البحث والتحقيق فى أسباب هذه الأخطاء التى وقعت يجب أن لاترمى أبداً إلى معاقبة كلامنا للأخر ، لكن يجب أن نهدف إلى تعلم الدروس التى تحدد مصير الشعب اليهودى .

وعن الصدمة قال الرئيس الإسرائيلى إن الشعب اليهودى عاقل وأنه شعر فجأة بقوة العرب العسكرية والحاجة إلى عمل مشترك ..الشيئ الذى لم نكن قد تعودنا عليه من قبل ذلك وبالإضافة إلى ذلك كان هناك الألم من جراء الخسائر التى لحقت بنا لذلك كان ونتيجة لذلك فقد بدأنا نعيد النظر فى أعمالنا ونعيد تقديرها بتعقل ورزانة ولكن هذه العملية مصحوبة بكثير من الآلالم وبالأسى غير القليل لما حدث لنا ))

وكذلك نقتبس من الكاتب العسكرى والمؤرخ اللامع محمد فيصل عبدالمنعم   صاحب العديد من المؤلفات العسكرية القيمة تأثير نصر أكتوبر على المجتمع الإسرائيلى بكل طوائفه من المدنيين والعسكريين لكن بصورة أعم وأشمل من المرجع السابق

وذلك من خلال كتابه عندما سقطت السماء فوق إسرائيل

                 بــــــــصــــمــات الــــحـــرب علــى إســــرائـــيل

فى المرجع المشار إليه خصص الكاتب فصل كامل للحديث عن وقع الحرب على إسرائيل بهذا العنوان السابق نقتطف من هذا الفصل والكتاب ما يلى :

ــ فى ندوة عامة حضررها الجنرال جافيتش بعد الحرب قال فيها ضمن ما قاله

لا يسعنى إلا الإعتراف بأن العرب أنجزوا قسماً كبيراً من أهدافهم السياسية والعسكرية فى تلك الحرب

وأضاف : وإذا فحصنا الإنجازات ـ على أساس الأهداف لوجدنا أن إنتصار العرب كان أكثر حسماً

أما البروفسير شمير فيقول (( إننى أعد للعرب خمسة إنجازات

1 ـ نجح العرب فى إحداث تغيير فى الإستراتيجية السياسية للولايات المتحدة الأمريكية بصورة غير مريحة لإسرائيل

2 ـ نجحوا فى تجسيد الخيار العسكرى مما يفرض على إسرائيل جهوداً تثقل على مواردها وإقتصادها

3 ـ نجحوا فى إحراز درجة عالية من التعاون العربى سواء على الصعيد العسكرى أو الإقتصادى وإلى الأن إستخدموا سلاح النفط وقد يستخدمون سلاح المال فى المستقبل

4ـ إستعادت مصر حرية المناورة بين الدول الكبرى بعد أن فقدتها قبل ذلك

5 ـ غير العرب صورتهم الذاتية فقد تحرروا من صدمة هزيمة 1967 وأصبحوا أقدر على العمل ))

ويتحدث الجنرال أهارون ياريف ـ مدير المخابرات العسكرية السابق فيقول :

لاشك أن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين . بينما نحن خرجنا ممزقيبن وضعفاء

أما الدكتور/ أمنون كابيوك ـ فى جريدة همشار ـ فيعتبر أن ما ميز العرب فى أهدافهم وحربهم أنهم باتوا أكثر واقعية

وبما أن الصورة الثابتة عن العرب فى أذهان قادة وشعب إسرائيل قد تدمرت فقد قال الجنرال موردخاى جور رئيس الأركان الذى خلف رئيس الأركان السايق ديفيد إليعازر

(( أننا الأن لايمكننا التكهن بما قد يفعله العرب فى المستقبل والحاضر معاً وهذا على العكس مما كان يحدث فى الماضى قبل يوم الغفران .. ))

ويضيف الجنرال / عوزى ناركسيس : لامفر من الإعتراف ببراعتهم ،،،

ـ يقصد المصريون ـ

كما يعترف الجنرال دافيد إليعازر رئيس الأركان السابق يوم 12 نوفمبر 73 فى مؤتمر صحفى قال فيه

(( .. أن لكل حرب مفاجأتها .. وهناك أشياء لابد لنا أن نتعلمها وأن نصحح معلوماتنا فيها .. وأكبر هذه المفاجأت أن الجنود المصريين ـ وكذلك السوريين ـ قد أظهروا قدراً من الكفاءة والتضحية بالنفس وتوفر الدافع يفوق بكثير ما أظهروه فى الحروب السابقة .. وليفهم الجميع أننا لسنا فى الطريق إلى خوض حرب أيام ستة أخرى .. ))

طائفة أخرى من أقوال بعض كبار وقادة ورجالات إسرائيل العسكريين وغيرهم : ــ

ــ إن هالة التفوق الإسرائيلى قد أسقطتها وأثبتت بطلانها معارك الحرب الدائرة الأن

تلك الحرب التى كشفت للعالم أننا لسنا أقوى من المصريين .

(موشيه ديان 9 أكتوبر 1973)

ــ إختفت كلمة الإنسحاب من القاموس المصرى ـ إيجال آلون

ــ أمنا بخلود العجز العربى ـ دوف بارينر محلل إسرائيلى

ــ تبددت أسطورة إسرائيل صانعة المعجزات ـ المعلق الإسرائيلى عينورا منور

ــ حرب أكتوبر لم تكن مجرد وعكة لإسرائيل ـ البروفسير / شمعون شمير

ــ العرب لايرضخون للقوة ـ أهارون جيفع صحيفة دافار القدس

ــ وعرف الإسرائليون أهوال الحصار وعار الأسر ـ جريدة هأرتس الإسرائلية

ــ أمامنا جندى مصرى مقتدر ـ شيبتاى طيفت ـ المعلق العسكرى لصحيفة هأرتس

ــ لم تحقق إسرائيل فى أى يوم من الأيام ردع المصريين أبداً ــ (نفس المعلق)

ــ لا أستطيع التقليل من كفاءة المصريين ـ حاييم بارليف ـ فى 3 نوفمبر 1973

ــ خرجنا من الحرب ممزقين ضعفاء ـ أهارون ياريف مديرالمخابرات العسكرية السابق

ــ لايمكن التكهن بما يفعله العرب ـ جنرال موردخاى جور رئيس الأركان خليفة إليعازر

ــ لم يبقى سوى خطوة واحدة وتباد إسرائيل ـ بنحاس سابير وزير المالية الإسرائيلى

ــ (( لقد أوجدت حرب يوم الغفران مفهوماً جديداً يبدو أننا لم نعرفه من قبل

(( منهكو حرب)) أعنى أولئك الذين عانوا من الصدمات النفسية والمنتشرين الأن فى المستشفيات ودور النقاهة ، يعالجون من أجل تخليصهم من الآثار التى خلفتها صدمة الحرب الضارية ، لقد عرف الجنود الإسرائليون خلال حرب أكتوبر ، ولآول مرة فى حياتهم ، تجربة العزلة أثناء القتال وأهوال الحصار وعار الأسر والخوف من نفاذ الذخيرة )) ــ جريدة هأرتس ـ تل أبيب ـ 12/11/1973

ــ أصاب الإعياء أبطال الأمس ـ جريدة لانوفيل أوبزرفايتر الفرنسية

ولتوضيح الصورة أكثر نورد فقرة من مؤلف أخر لنفس الكاتب السابق محمد عبد المنعم بإسم (هؤلاء الرجال العظام ومعركتهم المستحيلة ) حيث كتب فى صفحة 253

إسرائيل تبكى ،،، يقول المراسل الفرنسى جان كلود كليبوه الذى حضر الحرب الرابعة فى تل أبيب :

كانت إسرائيل تبكى أمام شاشات التليفزيون .. لقد قاسى جنود شارون على طرق الإسماعلية الكثير حتى أن أحد ضباط المظلات أخذ يجرى بين أروقة مبنى التليفزيون لحظة وقف إطلاق النار ليصيح فى وجه كل من يقابله :

(( إنه أمر لايمكنكم أن تتصوروه .. لقد كان الأمر رهيباً هذه المرة .. رهيباً !! ))

لقد إهتزت الأرض تحت أقدام الشعب الإسرائيلى ولم تعد الحرب بالنسبة إليه تلك النزهة المبهجة فى أراضى العرب .. ضاعت الثقة وبدأ المستقبل كئيباً تكتنفه الوساوس والغموض . أبدا لن تعود الثقة المطلقة فى القادة السياسين ، هؤلاء القادة الذين قادوا البلاد إلى تلك المأساة .. كما لن يصدق أحد بعد أكتوبر أن العرب قوم لايعرفون الحرب .

عودة مرة أخرى إلى صفحات الكتاب الأساسى عندما سقطت السماء فوق إسرائيل

ما إن خفتت أصوات المدافع وهدير الدبابات وأزيز الطائرات فى أعقاب وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر 1973 حتى بدأت صورة مخالفة تماما تظهر فى إسرائيل تعكس صورة لما خلقته الحرب الرابعة على البلد الذى عاد إلى حجمه الحقيقى .. صغيراً

المظاهرات الشعبية تجتاح البلاد فى غضب الإسرائليون الذين ألهوا وزير دفاعهم موشيه ديان عام 1967 يطالبون بطرده ومحاكمته

الأمهات والزوجات يتسائلن فى لوعة عن مصير أزواجهن وأولادهن الذين لم ولن يعودوا . الصحافة الإسرائلية تتساءل فى لوعة وإكتئاب ماذا حدث وكيف . أين ذراع إسرائيل الطويلة ؟

أين مدرعاتنا التى تشق الصحراء كالسكين يقطع قالب الزبد ؟

لماذا يتبادل جنرالاتنا وقادتنا اللكمات والكلمات والإتهامات علنا هكذا على قارعة الطريق ؟

صار الجميع فى إسرائيل يشكون فى كل شيئ ! ضاعت الثقة بين الشعب وبين قادته الذين رددوا بهم الخرافات حتى صدقها

وتتبلور المشاعر الإسرائلية بعد الحرب فى أغنية صيغت عباراتها أثناء القتال ، ليس لها مؤلف لتتحول إلى واحدة من أشهر الأغانى الشعبية هناك لتذاع على موجات الأثير ليل نهار فتطار نفس الإسرائليين أينما كانوا كأنها الكابوس ترهق صدورهم وتخنق أنفاسهم وتفتح جروحهم إلى الأعماق ، تقول بعض كلمات الأغنية

(( بإسم جنود الدبابات اللذين إحترقوا ،،

بإسم الطيارين الذين إلتهمت النار أجسادهم فى الجو ،

أعدك يا إبنتى أن هذه الحرب ستكون الأخيرة .. ))

لقد أفهمت القيادات الإسرائلية الشعب هناك أن حرب الأيام الستة قد أنهت كل الحروب فالعرب لن تقوم لهم قائمة بعدها وعلى هذا الأساس فالإسرائيليون سينعموا بالأمن الأبدى والطمأنينة التى تكفل لهم العمل على إقامة المستوطنات الجديدة لإستيعاب المزيد من المهاجرين الجدد لإقامة واقع جغرافى جديد يرسم خريطة لإسرائيل أكبر وأقوى وتهب رياح أكتوبر لتعصف بكل شيئ فى إسرائيل بالجيش السوبر مان بالحدود الآمنة الحصينة الجديدة ،، بالعرب الضعفاء لأن الحرب ليست لهم ـ على حد التعبير الذى كنا نستخدمه قبل الحرب الحكومة التى قامت بإخفاء الحقائق عن شعبنا هكذا يقول الكاتب الإسرائيلى شبتاى طيفيت ـ المشار إليه آنفا .

وفى مجموعة من الإستنتاجات وضعها كبار المفكرين والباحثين الإسرائليين فى أعقاب حرب أكتوبر تقرر تأكيداتهم على أن صقور الحرب هناك هم المسئولين فى الواقع عن حشد الجيوش العربية وتصميمها على تحقيق أو الوصول إلى التفوق النوعى والكمى كذلك على الجيش اإسرائيلى جاء فى التقرير

(( .. لقد أنشأنا جبشاً كبيراً ، ولكننا فى الوقت ذاته خلقنا جو الحرب والتحدى لجيراننا وكأننا نسألهم ونتحداهم : ألا تستطيعوا أن تصبحوا مثلنا ؟ .. أليس بوسعكم أن تقاتلوا مثلما نقاتل ؟ .. لقد أجابوا علينا : أجل نستطيع .. وهذا مافعلوه بالضبط .. أننا نعتقد أن حرب يوم الغفران كانت فرصة للعرب كى يصبحوا أبطالاً وليغيروا الصورة التى كانت فى أذهاننا عنهم .. ))

أن الدكتور / آشر يوثان ـ عالم النفس الإستشارى فى إسرائيل ـ والذى قام بعلاج عدد كبير من الضباط والجنود الإسرائليين أثناء وبعد حرب أكتوبر يؤكد أن تلك الحرب قد أعادت إلى أذهان الإسرائليين أمراً كانوا يعرفونه دائماً لكنهم كانوا يؤثرون تجاهله وهو أنهم يعيشون داخل دولة صغيرة يحيط بها العرب الأمر الذى يعيدها إلى حجمها الحقيقى كما يقول أن الآثار النفسية لحرب أكتوبر ستكون أقوى وأوضح على المدى البعيد بالنسبة لشعب إسرائيل وذلك أنه قد خذلنا جميع زعماؤنا ومعتقداتنا كذلك .

وفى تقرير للمذكور صدر من تل أبيب فى الذكرى الأولى لحرب أكتوبر

(( أن إسرائيل ـ بعد عام من الحرب ـ مازالت تناضل تحت وطأة شعور شديد بالتوتر للخروج من نفق مظلم من إنعدام الثقة والخوف من تجدد القتال لقد صدم الإسرائليون من عنف الهجوم العربى الذى كشف لهم أن قواتهم المسلحة وأبطالهم الأسطوريين من أمثال موشيه ديان ليسوا ممن لايقهرون كما كانوا يعتقدون ومازال الشعب فى إسرائيل غارقاً فى موجة من اليأس والتوتر حتى الأن رغم المحاولات الكثيرة التى يبذلها زعماؤهم الجدد للخروج بهم منه بكافة الوسائل الممكنة حتى أن شيمون بيريز وزير الدفاع الجديد والمعروف بتفاؤله يعترف بأن البلاد كلها تمر بحالة من الإكتئاب والتوتر ..))

فى إحصاء رسمى أجراه معهد يورى ـ فى أكتوبر 1974 ـ تقفز أمنا الحقائق التالية :

ـ بدأت الهجرة الوافدة إلى إسرائيل فى الإنخفاض بعد حرب أكتوبر بشكل ملموس بنسبة 40% عما كانت عليه قبيل تلك الحرب .. وفى المقابل إرتفع معدل الراغبين فى النزوح من إسرائيل إلى مواطنهم الأصلية والمتساقطين فى الطريق إليها ( أى الذين يعدلون عن دخولها قبل وصولهم إليها ) الأمر الذى يدل على أن إسرائيل أصبحت بعد الحرب أقل إجتذاباً للمهاجرين اليهود .

كذلك تركت الحرب الرابعة آثاراً واضحة فى إتجاهات العديد من الإسرائليين إزاء علاقاتهم بدولهم الأصلية الأمر الذى يكشف عما تركته الحرب من بصمات قاسية فى نفوس جنود الإحتياط الإسرائليين المسرحين والذين أخذوا يرددون بعد الحرب أسئلة كثيرة تتعلق بهويتهم لم يجدوا لها إجابة سوى الرغبة فى الهجرة إلى بلد أكثر إستقراراً ،

إن 23% من الراغبين فى النزوح عن إسرائيل ـ بعد حرب أكتوبر هم من جيل الصابرا الذين ولدوا فى فلسطين والذين بدأول يتساءلون للمرة الأولى حول كل مايتعلق بالوجود القومى اليهودى فى إسرائيل ،، وعدم إقتناعهم بالعيش بالقوة وسط محيط عربى يمتلك القدرات الإقتصادية والأن العسكرية والفكرية والسياسية كذلك فهناك الأن كما نشر معهد يورى الإسرائيلى تساؤلات عديدة عن مصير الإسرائليين فى إسرائيل .. لماذا يحاربون ؟ .. ومن أجل من ؟ ..

ولماذا يضطرون إلى التوجه للقتال ضد العرب كل بضعة سنوات .. وإلى متى ؟ على أساس عنصرى دينى بحت ؟

لقد بدأ الكثيرين من الإسرائليين الأن ـ بعد حرب السادس من أكتوبر يبدأون من نقطة البداية مرة أخرى .. ربما كان هذا أعظم إنجازات تلك الحرب .. لقد حدث الشرخ فى المرآه .

وبعترف الجنرال الجنرال الإسرائيلى حايم هيرتزوج مدير المخابرات الإسرائيلى السابق والناطق العسكرى الرسمى خلال الحرب فى 17 نوفمبر 1973

(( لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل يوم الغفران وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون وكذلك السوريون بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم لقد كانوا صبورين كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تماماً حتى بدأ العالم الخارجى ـ وبعد الأيام الأولى من الحرب ـ يتجه إلى الثقة بأقوال وبيانات المصريين تماماً كما كان يثق فى بياناتنا فى حرب الأيام الستة

وهذا هو الفرق الكبير بين الحربين ))

الجندى الإسرائيلى مناحيم من مستعمرة (عين حا حوريش) إنتابته حالة من اليأس والشعور بالإحباط هو الأخر نراه يكتب :

(( إننا نجد شعوراً قوياً وغريباً لدى الكثيرين ممن خاضوا الحروب المتعاقبة مع العرب

خلال فترة قصيرة من حياتهم فإلى متى ينبغى علينا أن تقاتل على الدوام ؟ .. إننى شخصياً قد خضت غمار حروب أربعة بل أنى لا أكاد أذهب من حرب إلى حرب .. فهل سيتمكن شعبنا من الصمود على هذا الوضع .. وإلى متى ؟ .. ما الذى يمكن أن ننتظره من المستقبل ؟ ))

أما ضابط المدرعات الإسرائيلى ( أيلى ) فى كتاب (التقصير) الشهير جداً

الذى يقول أن ذكر إسمه بالكامل أمر لايهم فيكتب :

لقد تحطمت بسب الحروب المتعاقبة مع المصريين .. إشتركت فى حروب ثلاثة معهم ، حرب الأيام الستة ، وحرب الإستنزاف وحرب يوم الغفران .. حينما سمعت من الإذاعة عن إندلاع تلك الأخيرة أخذت أرتعد كنت واثقاً أنه سيقضى على هذه المرة

ثم ينثنى ضابط المدرعات الإسرائيلى ( أيلى) ليعكس مرارته التى طبعتها حرب أكتوبر على خياله يقول فأنى لن أنسى اللحظة التى عدت فيها من المعركة كان فوق دبابتى 14 جريحاً إستطعت إنقاذهم من بقية دبابات السرية التى دمرها المصرييون عن آخرها ولم يبقى سوى دبابتى .. هل تعتقدون أننى بطل ؟ .. أننى مجرد ضابط مدرعات يريد أن يعيش من تعتقدون أنه يقاتل من أجل هذا الشعب ؟ ..

ربما 10% من تلك الشراذم التى يطلق عليها إسم جيش الدفاع الإسرائيلى وخاصة أطقم الدبابات .. إذ كنتم تعتقدون أن جميع هؤلاء الجنود يقاتلون فإنكم مخطئون هناك بضعة أفراد فقط فى كل سرية يفعلون هذا بينما يكثر بجيشنا المرتبكون والذين يريدون النجاة بجلدهم ..

( إنتهت الفترة المقتبسة من كتاب التقصير ونعود إلى المرجع الأصلى ( كاتب المقال )

أن الكاتب الإسرائيلى (إيتان هيفر) يعترف أخيراً جداً على صفحات معاريف بأن إسرائيل لم تواجه الجيوش العربية إلا فى الحرب الرابعة فيقول :

خلال أعوام طوال خضنا حروباً (( دى لوكس )) تدللنا فيها .. تعبئة فقتال لبضعة أيام قلائل تنتهى بتحقيق نصر خاطف سريع فعودة إلى المنازل إلى الأب والزوجة والعمل ..

وأما فى حرب يوم الغفران ، فكان الوضع مختلفاً تماماً ، التأهب فى الجيش وخارجه يضغط على نفسية الجنود الذين لايزالون يجدون صعوبة كبيرة فى إستيعاب وفهم الأوضاع الجديدة التى خلقتها حرب كيبور ، إننا اليوم بحاجة إلى جهود كبيرة فى مجال الإعلام ، فالجنود يطرحون أسئلة كثيرة لايسمعون إجابة عنها ، كما إن معظم الإجابات التى تقدم لهم هى غير حقيقية .

أما الكانب الإسرائيلى ( موشيه أور) فيجمل بصمات حرب أكتوبر على إسرائيل فى جملتين قصيرتين

(( .. لقد حطمت حرب يوم الغفران ـ مثل قبضة جبار ـ الطمأنينة التى كانت لدينا ، حتى صعقنا البرق ، تُرى هل ستعود حياتنا حقاً إلى ماكانت عليها من قبل الحرب ؟ ..

هل نستطيع أن ننسى ؟ هل أفلس بناؤنا السياسى والقيادى والعسكرى :

إن الحل المطلوب لوضع إسرائيل الحالى هو إيجاد حكومة من المفكرين ـ لا من المغامرين ـ تتولى إدارة شئونها حتى يحين الفرج .. ))

فى 15 مايو من كل عام تحتفل إسرائيل بذكرى قيامها وذكرى قتلاها فى جولات الحروب العربية الإسرائلية المتعاقبة

فى 15 مايو 1973 إحتفلت إسرائيل ـ للمرة الأخيرة ـ بذكرى إنتصارها فى حرب الأيام الستة

الإحتفال الثانى : التاريخ 15 مايو 1974 ، ستة شهور مضت على إنتهاء حرب أكتوبر (( يوم الغفران )) كما يسمونها فى إسرائيل ، المنظر تغير شكلاً ومضموناً

إسرائيل تقيم الإحتفال المعتاد كل عام ، ولكنه هذه المرة ، مر المذاق تحتويه الرهبة والأحزان جماهير الشعب ورجال الحكومة وأعضاء الكنيست يبتلعون كأس الأسى الذى تعودوا تقديمه إلى الأمة العربية فى غدر وخسة

إن إسرائيل اليوم تقيم حداداً علنياً على آلاف القتلى من شبابها الذين سقطوا فى حرب فى حرب يوم الغفران بالمقبرة العسكرية الجديدة فى كريات شاؤول حيث ترقد الجثث بلا حراك بينما يقف الإسرائليين منكسى الرؤوس ينظرون طويلاً ويبكون .. النساء تضربن بأيديهن يجادلن القدر الذى أثكلهن هذه المرة لا ( فانتوم ولا سكاى هوك )

ولا مدرعات ولا صواريخ وإنما رهبة الموت . لقد بدأت صفحة جديدة من التاريخ

الذكرى الأولى لحرب أكتوبر فى إسرائيل : (تقرير لوكالة رويتر للأنباءمن القدس)

وتأتى الذكرى الأولى لمرور عام على حرب أكتوبر فى إسرائيل .. وتنقل لنا وكالات الأنباء العالمية صورة للكآبة التى سادت البلد من أقصاها إلى أقصاها بينما الحزن يلفها .. لا إحتفالات .. ولا زينات .. كما كان يحدث فى ذكرى حرب الأيام الستة

لقد نكست جميع الأعلام فى إسرائيل فى ذلك اليوم ، لتتوقف الحركة بالبلد تماماً لمدة

دقيقتين فى العاشرة والنصف صباحاً عقب إطلاق صفارات الحداد فى جميع المدن

والمستعمرات بمناسبة مرور عاماً على حرب كبيور

تقام إحتفالات تأبين فى مختلف أنحاء الدولة التى عادت إلى حجمها الحقيقى ويقف إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلى خلفه جولدا مائير ـ ليلقى كلمة قصيرة قال فيها : إن إسرائيل قد دفعت ثمناً غالياً جداً وفادحاً فى حرب يوم الغفران .

لقد طويت صفحة من تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى لتبدأ صفحة جديدة يكتبها العرب ويصلون فيها ماضيهم التليد بحاضرهم ،،،،،،

                               *         *         *         *

لكن رب قائل أن مظاهر الإنهيار والمأساة التى عاشها المجتمع الإسرائيل خلال العام الأول من الحرب 1973 / 1974 هى مظاهر طبيعية نتيجة أن دماء القتلى الإسرائليين لم تجف بعد وكان يلزم الإسرائليين بعض الوقت لنسيان ألام الهزيمة ومرارة الفشل فى الحرب أما فيما بعد ذلك فقد نسى العدو كل شيئ ونسى ما جرى له فى 73 وإستعاد غطرسته وقوته العسكرية وشراسته من جديد خلال السنوات التالية بحيث أنه لم يمضى عقد من الزمان إلا وقد برأت إسرائيل تماماً من جرح هزيمتها فى حرب 1973

نقول لهم ببساطة كلا ... إسرائيل وجيشها لم يبرءا من جرح نصر أكتوبر العربى فى عام 1973 وقد مرت عليها حوالى 20 عاماً ولازال جنود وضباط العدو الذين خاضوا تلك الحرب يلعقون جراحهم حتى وقتها ويتذكرون أهوالها ... كيف ذلك ؟

فى شهر أكتوبرعام 1993 بمناسبة مرور 20 عاماً على تحقيق نصر العاشر من رمضان عام 1973 قامت مجلة روزاليوسف المصرية بإجراء بحث وتحقيق جديد منقول عن الصحف الإسرائلية ذاتها يبين ما قاله أفراد العدو الإسرائيلى نفسه ممن خدموا بالجيش خلال الحرب وإصطلوا بنارها تحت عنوان : ـ

       رغم مرور 20 عاما على الهزيمة .. إسرائيل مازالت تسأل : ـ

           مــــــاذا حـــــــدث فـــى حـــــــرب أكـــــــتــــــوبــــــر... ؟

نقتبس من المقال بعض من فقراته الأتية : ــ

كتب توحيد مجدى : ـ

20 عاما مرت على الهزيمة المرة التى لحقت بإسرائيل .. لكن طعم الهزيمة مازال فى فم كل إسرائيلى وتفاصيلها عالقة فى أذهانهم وصورة المأساة لم تغادر أبصارهم حتى الأن هذا ما أكدته الصحف الإسرائلية خلال الأسبوع الماضى خاصة بعد السماح بالنشر عن تفاصبل المعركة تحت شعار (( من حق الشعب أن يعرف )) وأخذت الصحف تبحث عن إجابات لأسئلة ماذا حدث فى الحرب .. ؟ من المسئول عن الهزيمة ..؟حصيلة الإجابات جاءت مليئة بالمفاجأت والأسرار مرورا بالكشف عن التفاصيل المذهلة لتقرير لجنة إجرانات التى شكلت بعد الحرب إنتهاءاً ببعض الحقائق التى جاء فى مقدمتها أن بعض الجنود اليهود حينما يشاهدون طائرة فى السماء يرحلون إلى حالات الإغماء الطويل !!

على سبيل المثال وحدة السرب الأول وهى من أفضل أسراب إسرائيل فقدت خلال تسعة عشرة يوما من الحرب و 758 طلعة جوية 7 طائرات تدمرت فى السماء و 14 طائرة أخرى أصيبت وسقطت دون إنفجارها وأسر طياريها يقول قائد تلك الوحدة كنا نقول دائما فى اللاسلكى كل الطائرات عادت بسلامكان ذلك قبليوم 6 أكتوبرأما بعده فقد قلنا كل الطائرات لم تعد بسلام وأصبحت الوحدة بلا طائرات وبدون طيارين أما العميد / ران رونين قائد أكبر قاعدة جوية إسرائلية فيقول

(( فقدت قاعدتى فى أيام معدوادت 102 طائرة و 54 طياراً وباقى أفراد القاعدة سقطوا بين قتيل وأسير وأضاف :

لقد فوجئنا وكان حالنا أسوأ من حال المصريين يوم 5 يونيو 67 .. ولن أنسى أبداً الطلعات الأولى لنا فنحن أول من شاهد الحرب من السماء فى طلعات الطيران المنخفض . لقد سرح الطيارون من هول المنظر ونسوا مهمتهم الأساسية أما أنا فلقد صرخت بداخل الكابينة (( يا إلهى إسرائيل فى خطر ))

يذكر رونين أيضاً . (( إنقطع الإتصال بين قاعدتى فى منطقة تل ـ نوف وبين القيادة فى العمق وهنا لم نعلم ماذا سنفعل فقلت للطيارين إرموا حمولتكم من القاذفات فى البحر وعودوا ))

وأما ما حدث على ساحة قتال المدرعات فقد كان شيئا آخر تماما

يقول جندى (( للأن لا أعلم كيف كانوا يتسلقون فوق الدبابات الإسرائلية وينسفوا كابينة القيادة ولتدمر الدبابة بقنبلة يدوية لم نكن نعيرها إهتماما ))

ويقول جندى أخر

(( كنا نحارب بالدبابات جنود مصر فكانوا فى لحظة يختفون من أمامنا وما إن نبدأ البحث عنهم حتى نجدهم أمامنا ولكن هذه المرة تسبق نظراتنا قذيفة أر بى جى التى إحترفوا قذفها ))

جنود فرقة الدفاع عن خط بارليف وصفوا جنود مصر بأنهم ليسوا جنوداً عاديين أحد جنود الفرقة قال :

((شاهدت جندياً مصرياً يسقط وهو مصاب فوجدته يبتسم فقلت وأنا أبكى من الخوف لقد هلكنا)) .

ويقول جندى آخر بنفس الوحدة

(( أعتقد أن جنود مصر قد جنوا لأننى كنت أشاهدهم يدخلون النار ويخرجون ويرتمون تحت المدرعات وهم يضحكون وما زلت أستيقظ من نومى مفزوعاً عندما أتذكرهم ))

أما على الجانب العلمى فلقد قامت وزارة الدفاع الإسرائلية بعمل بحث على جنود إسرائيل فى حرب 1973 وإتضح الأتى :

ثلث الجنود الإسرائليين فى حرب 73 مازالوا يعانون من إضطرابات نفسية شديدة ومازال الخوف يطاردهم للأن لايستطيعون النوم أو العمل بشكل عادى وبعضهم يغشى عليه كلما شاهد طائرة فى السماء .. !! إنتهى التقرير.

فى سؤال وجهته صحيفة معاريف لقائد أكبر قاعدة جوية إسرائلية فى حرب 73

العميد / ران رونين : هل تتعهد بالدفاع عنا لو حدث فى المستقبل شيئ مثل الذى حدث ؟ وهل توقع على تعهد بذلك ؟ فكان رده :

(( إننى أخاف من الجندى المصرى والأحمق فقط هو الذى يوقع على مثل هذه المعاهدة ))

قائد الوحدة 890 مظلات إسرائلية .. قال عن الحرب

(( حاربنا رجالاً لم نعرفهم من قبل وفى ساحة القتال كانوا أسياد الصحراء وفى ليلة واحدة ليلة 16 أكتوبر 73 فقدت 40 جندياً وجرح بوحدتى أكثر من 100 أخرون)) ويستكمل لواء مظلات / إسحاق مردخاى (( كنت مشلولاً أمام جنود مصر ولم تكن هنالك فرصة لصدهم ومن سيناء خرجت إنساناً أخر ..

مهمتنا كانت صد الهجوم على محور العنكبوت وأبو طرطور وفى ليلة 16 أكتوبر نزلنا بالقرب من رأس سدر وقالوا لنا ستواجهون فرقاً صغيرة ولكننا وجدنا أن هذه الفرق التى كانت تنتمى للجيش الثانى المصرى يمكنها صد جيشاً بأكمله فجنود هذه الفرقة صعايدة ولم أستطيع تنفيذ المهمة وجلس جنودى يبكون وفقدت فى تلك الليلة 40 جندياً وأصيب 100 أخرون ولكن الشيئ الذى أؤكده أننا عدنا من الحرب رجالاً أخرين ))

وهكذا تتحطم الذراع الطويلة وتسقط الأسطورة ويسقط معها الجيش الإسرائيلى ولبيدأ قادة إسرائيل حرباً من نوع أخر وهى الحرب لتقديم كبش فداء وأقيمت سراً

لجنة تحقيق خاصة سميت (بلجنة إجرانات) وفى إبريل 1974 صدر قرار اللجنة الأول الذى ظل سراً إلى هذا اليوم وفى 10 يوليو 1974 قدمت اللجنة تقريرها الثانى للحكومة الإسرائلية ويحتوى على 400 صفحة وفى يوم 30 يناير 1975 قدمت تقريرها الثالث والأخير حيث شمل 1512 صفحة

وتختتم مجلة روزاليوسف مقالها قائلة . لكن من المؤكد أن من كل ما سمعناه وقرأناه أن الجندى المصرى البسيط قد حفر إسمه وإنتصاره بكى الحديد داخل قلوب جنود إسرائيل ..

                         *       *       *        *

وإليكم هذه المهزلة الأخرى                    

بمناسبة 20 عاماً على حرب أكتوبر دعت صحيفة معاريف وهى من كبريات الصحف فى تل أبيب المقاتلين الثمانية الذين حصلوا على أعلى وسام للبطولة ممن إشتركوا فى حرب عيد الغفران لندوة مائدة مستديرة لمناقشة ذكرياتهم وإلتقاط صور تذكارية لهم

تبين أن أربعة من هؤلاء قتلوا فى الحرب ونالوا ميداليات الشجاعة والتكريم بعد وفاتهم أما الخامس فقد هاجر من إسرائيل ليقيم بصفة دائمة فى مدينة نيويورك

جاء إلى الندوة ثلاثة فقط أو هم الثلاثة الباقون فى إسرائيل

رفض أحدهم أن يجيئ ومعه وسامه

قال للصحفيين :

ـ ليضع زميلى ميداليته بيننا

قيل له :

كيف ترفض أن تصور معك مايدل على تكريمك ؟

قال :

ـ الميداليات إحدى الأدوات التى تستعملها الحكومة والجيش لتجعل الشعب ينسى صدمة الحرب

قيل له :

ـ أنت بطل

قال :

ـ هذا جزء من الجهود التى تبذل لتجعل ذلك الجيل الذى شارك فى الحرب يلزم الصمت . هذه عملية مصطنعة ، مافائدة أن يكون الإنسان بطلاً عندما يحيا الألوف وهم يعانون صدمة حرب صعبة قال لهم الزعماء أنها لن تقع أبداً !

المقاتل الإسرائيلى إسمه يوفال نيريا يرى أن الميداليات فيها عزاء قليل للألم النفسى الذى يتحمله المحاربون الإسرائليون القدماء فى حرب أكتوبر

ونيريا إشتهر فى إسرائيل بروايته التى كتبها عن هذه الحرب وعنوانها

(( إطلق النار )) التى تروى قصة لإثنين من قادة الدبابات أثناء الحرب

والرواية تقدم ماجرى لنيريا نفسه أثناء الحرب بإعتبارها كارثة أيقظت الإسرائليين على الحقائق العنيفة فى الشرق الأوسط وأنها أكثر حرب دموية منذ عام 1948 فقد أثبتت عدم إستعداد الحكومة مما أدى إلى آلاف الإصابات .

مقال بعنوان للذكريات .. تبعات للكاتب الصحفى محسن محمد بجريدة أخبار اليوم أكتوبر 1993

مأساة موشيه ديان التراجيدية

ذكر الفريق / صفى الدين أبوشناف فى مقال له بمجلة الدفاع عدد أكتوبر 1992 كيف أنه كان يحمل رتبة العميد بعد توقيع إتفاقية السلام حيث تم تشكيل لجنة مشتركة مصرية إسرائلية لتنفيذ الإتفاقية بالنسبة لإستلام سيناء حتى

خط العريش / رأس محمد وكان يرأس الجانب المصرى .

أبلغه الضابط رئيس اللجنة الإسرائلية بأن الجنرال موشيه ديان موجود بالمكان وعرض الضابط الإسرائيلى على العميد / أبوشناف مقابلة ديان فرحب الأخير بلا تردد وراح يسرد تفاصيل اللقاء قائلاً :

كنت أريد أن أرى الرجل وأتكلم معه وأسمع منه .. كان قد أنهكه المرض وأثرت فيه أحداث حرب 73 ومجرياتها بعد إنتصاراته فى 56 / 67

ملحوظة / يعتبركثيرٍ من المصريين ـ على غير أساس ـ بأن حرب 56 كانت إنتصاراً لإسرائيل وحلفائها عسكرياً على مصر . . . (كـــاتـب الــمــقــال)

أحسست أن مفاهيمه قد بدأ عليها بعض التغيير ونظرته إلى الحرب والنزاع العربى الإسرائيلى قد بدأت فى التبدل .. أردت أن أستمع إلى رأيه فيما حدث فى أكتوبر 73

فقلت له .. سيادة الجنرال إننى أحترم علمك وخبرتك وماضيك العسكرى وأريد أن أعرف وبدقة رأيك فى هذه الحرب .

رد قائلاً شكراً على مديحك الشجاع كضابط مصرى وأريد أن أقول لك وبصدق رأيى .. ولا تنزعج

سيادة العميد .. إننا نؤمن بالتخطيط الواقعى .. المبنى المبنى على معلومات دقيقة لا لبس فيها .. نؤمن بوضوح الهدف .. وبساطة التنفيذ نعطى للقائد كل الإمكانيات التى تضمن تحقيق المهمة بنجاح .. والصلاحيات التى تمكنه من التصرف فى ميدان المعركة طبقاً للموقف .. ندرس عدونا جبداً ونعلم إمكانياته وقدراته ونواياه .

لا نقوم بعملية إلا بعد دراسة جيدة ودقيقة لمسرح العمليات .. وإقترب منى وقال :

ونؤمن بالعلم والمنطق والواقعى وكان كله ضد قيامكم بشن الحرب ..

فمثلاً .. من حساب ومقارنة القوى والوسائل بيننا وبينكم كان لنا التفوق الساحق فى القوى والوسائل بيننا وبينكم كان لنا التفوق الساحق فى القوات الجوية والقوات البرية وخاصة الدبابات والمركبات المدرعة والمدفعيات المجنزرة .. وكان لدينا التفوق النوعى ونملك أسلحة متطورة ومتقدمة .. وكنا نعلم ماهى معداتكم وأسلحتكم وما عددها وقدراتها .. والمنطق يقول أنه لايمكنكم شن عملية هجومية بهذه المعدات ولكنكم وضد المنطق حاربتم بها ...

ثم إستطرد .. إن حرب الصحراء أساسها قوات جوية   تسيطر على سماء المعركة وتقدم المعاونة الفورية للقوات المهاجمة .. وتمدها بالمعلومات الموقوتة وتمنحها الثقة . وكانت قواتكم الجوية بحجمها ونوعياتها لا تحقق ذلك .. وحرب الصحراء تحتاج إلى دفاع جوى وفعال يعتمد على قوة المناورة وسرعة الإشتباك وكان دفاعكم الجوى وبالرغم من فاعليته غير قادر على توفير الحماية ضد قواتنا الجوية خاصة بعد توغل قواتكم شرقاً .. ولكنكم جازفتم ونجحتم إلى حدٍ ما ..

وإستمر فى حديثه قائلاً : لقد شيدنا خط بارليف على الضفة الشرقية وفى العمق نجحنا فى تعلية الساتر الشرقى للقناة وكانت ميوله يستحيل على أى فرد تسلقها

أقمنا النقاط الحصينة بنظام دفاعى منسق متكامل يحقق بها القتال لفترات طويلة والصمود ضد أى قذائف .. كانت حقول الألغام حولها كثيفة وعميقة .. كل ذلك سيجعل من عبور القناة مستحيلاً .. وكان المنطق يقول أنكم لو حاولتم بدء القتال ..

ستحاولون نقل بعض وحداتكم الخاصة بالهليكوبتر المتيسرة لديكم للإستيلاء على بعض الهيئات الحيوية شرق القناة وعمل رأس كوبرى يؤمن العبور بباقى قواتكم ولكنكم لإقتحتم قناة السويس بقوارب خشبية ومطاطية تسير بالمجاديف وتسلقتم الساتر الشرقى بسلالم من الحبال لم نراها إلا فى العصور الوسطى وهاجمتم دفاعاتنا غير مبالين بالخسائر .. ونجحتم .

ثم قال كان تقديرنا إنكم لوعبرتم قناة السويس فستكون القوات المقتحمة هى قوات المشاة وهى التى ستستولى على رؤوس الكبارى ولن تلحق بها الدبابات والأسلحة الثقيلة إلا بعد فترة تصل إلى 6 ساعات أو أكثر .

ثم قال بهدوء .. آسف سيادة العميد فأنا أعلم أنك ضابط مشاة ولكننا تعودنا فى حروبنا السابقة ضدكم .. أنه عندما تظهر دبابتنا فلن يكون أمام مشاتكم إلا أحد أمرين .. إما الفرار .. أو الموت تحت جنازير الدبابات وفى هذه المرة فوجئنا بأمواج متلاحقة من المشاة تقاتل كالوحوش .. وكان ذلك أيضاً ضد المنطق وخلاف ما تعودنا عليه ..

وإستمر قائلاً .. إن أى جيش يجهز لخوض حرب لابد له من إحتياطى إستراتيجى مستمر من الأسلحة والمعدات يحتفظ بها بمستودعاته لسد خسائره المحتملة فى القتال أو أن يعتمد على حليف يمده بإحتياجاته من هذه الأسلحة والمعدات .

وأنتم سيادة العميد لم يكن لكم حليف قوى له القدرة على ذلك فالغرب لم يكن معكم والإتحاد السوفيتى طردتم خبراؤه قبل الحرب .. فكيف تخوضون حرباً دون تأمينكم لإحتياجتكم من الأسلحة مع إحترامى فأنتم لا تملكون مصنعاً واحداً يمدكم بدبابة أو مركبة مدرعة أو طائرة من أى نوع كان ذلك ضد المنطق ولكنكم حاربتم .

وإستمر الجنرال ديان فى كلامه وقال كثيراً ..كثيراً ثم سكت

كنت فخوراً وسعيداً بما سمعته .. من قائد له وزنه وقيمته العسكرية بالرغم من أنه عدو أو كان عدواً وإحترمت ما قاله فقد نطق بالحقيقة من وجهة النظر العسكرية .. وقلت له سيادة الجنرال إن ماقلته كان من وجهة نظركم واقعاً حقيقياً فقد تعودتم على النصر .. وكنا دائما المهزومون ولكنكم فى حروبكم لم تكونوا وحدكم .. وحجب عن أعينكم غبار النصر .. إن الغرور قاتل .. وإنه لابد أن نتغير .. لقد تغيرنا سيادة الجنرال وتعلمنا منكم وجربنا العلم وبدأنا بالتخطيط السليم ودرسنا جميعاً العوامل التى ذكرتها أنت سابقاً ووصلنا إلى تحليلكم لذلك .. إن ماقمنا به سيادة الجنرال لم يكن ضد المنطق ولكنه كان قمة فى إستخدام المتاح فى الوقت المناسب وتحقيق ماوصلنا إليه وإنتهت المقابلة . . .

                         *     *     *     *     *

قصة مأساة شموئيل جونين قائد الجبهة الجنوبية فى سيناء خلال الحرب

بعد قراءتنا لإعترافات ديان الصريحة المليئة بالهزيمة والإنكسار التى تثلج الصدر والتى أدلى بها أمام أحد ضباط أكتوبر بجيشنا الباسل

ننتقل الأن لنقرأ مقتطفات من مقال أخر منشور للكاتب الصحفى / عادل حمودة منشور بجريدة الأهرام يوم السبت الموافق 6 سبتمبر 2003 والذى كان يتكلم عن الوثائق الصوتية التى أفرجت عنها إسرائيل فى 11 أغسطس 2003 بمناسبة مرور 30 عاماً على حرب أكتوبر المجيدة والتى هى عبارة عن تسجيلات الإتصالات الميدانية السرية لجنرالات الحرب فى سيناء

يقول عادل حمودة :

((كان شموئيل جونين يؤمن نفسه تحسباً لساعة الحساب .. وصدق ماتوقع .. فقد عزل أثناء الحرب 00 وتولى قطاعاً محدوداً فى المؤخرة وعندما دخل خيمة موقعه الجديد بكى وعندما مسح عينيه إختلطت دموعه بدمائه .. فقد جرح أصابعه من شدة العصبية وعندما أفاق مما هو فيه وضع كل ماحصل عليه من شرائط وتسجيلات بين ملابسه العسكرية التى فى حاجة إلى غسيل وأرسلها إلى أحد رجاله (( عامير بورات)) الذى فهم مايجب عليه أن يفعل .. لقد قام عامير بورات بإخفائها فى بيت أبويه .. حيث كان يعيش .. وعندما إنتقل إلى بيت أخر بعد أن تزوج أخفاها فى سقف مسحور يصعب إكتشافه وتدلت من السقف مصابيح الكهرباء لتخفى تحتها ثروة من المعلومات والوثائق الصوتية التاريخية التى يصعب التشكيك فيها ويصعب تقدير قيمتها

كان شموئيل جونين مشهوراً بالعناد وصلابة الرأى وصعوبة الرجوع عن شيئ إقتنع به وعندما فوجئ قادته بما جرى إتصل به (( موشي ديان)) تليفونياً وراح يسبه بألفاظ لاتصدر إلا عن أبناء الشوارع على حد قول إحدى رجاله وهو على مايبدو ماجعله يفكر فى قتل موشي ديان وراح يخطط لذلك لكن صعوبة الوصول إليه وصرامة مراقبة أجهزة الأمن له والتنصت على تليفونه وإقتحام منزله بعد عامين من الحرب ومصادرة سلاح غير مرخص كان يملكه حال دون تنفيذ خطته لقد أراد رش المؤسسة العسكرية بالدم .. دم كبيرها

حدث ذلك بينما راح رحم الحزن يفرز ملايين البويضات التى خرج منها ملايين الثعابين والعقارب فى إسرائيل وقد دخلت هذه الكائنات السامة المؤذية فى حرب أهلية لأول مرة فى تاريخ الدولة الصهيونية فراحت تصفى بعضها البعض وتقتل بعضها البعض إن أخلاق الهزيمة تضاعف من مشاعر القسوة والعدوانية وتقلب صداقة العمل الجميل إلى وحشية

إن هذا هو ماشعر به شموئيل جونين وهو يخرج منكسراً من مقر قيادته فى سيناء منحنى القامة يكاد يقطع لسانه من شدة ضغط أسنانه الحادة عليه وطوال رحلته بالسيارة المصفحة التى أقلته إلى بيته بعد أن طرد من الخدمة ولصقت له الهزيمة وهو يفكر فى كيفية إخفاء ما حصل عليه من وثائق بخلاف مات تركه لديه عامير بورات من تسجيلات وكانت أمنيته الوحيدة فى تلك اللحظة أن يمتد به العمر ثلاثين سنة أخرى حتى يتاح له حسب القانون نشر مالديه من وثائق وشرائط ..

والأهم أن يحافظ عليها طول هذه السنوات وألا تمتد يد أجهزة الأمن إليها لكن معظم هذه الأمنيات لم يتحقق فقد مات الجنرال المهزوم بحسرته قبل أن يعيش لحظة كشف الحقيقة ولم تتركه أجهزة الأمن لحظة واحدة يغيب عن سمعها وبصرها .. أحرقت بطريقة غامضة كوخاً يخبئ فيه بعضها من وثائق وإختفت من بيته صورة فواغرافية عسكرية نادرة لم تبقى له فرصة للإنتقام إلا بنشر التسجيلات التى أودعها ثقة ضابطه الأمين عامير بورات وهو ماحدث فعلاً

كشف عامير بورات نصوص تسجيلات الحرب التى جرت فى سيناء بالتفاصبل الدقيقة المذهلة وتبارت الصحف الإسرائلية فى نشرها ولكنها لم تنال برغم ما ترجم منها الإهتمام المناسب من جانبنا . تعاملنا معها بذاكرة ضعيفة وكأن الإنتصارات عملة سهلة التداول فى كل الأزمنة والعصور إنها شهادة من العدو كيف نهملها ونعبرها لهذه البساطة ...؟ ))

                     *     *     *     *     *

          

ولأن هزيمة حرب أكتوبر بالنسبة لإسرائيل ليست مجرد هزيمة عسكرية عابرة لذلك هى تستعصى على النسيان أو التجاوز وقد رسخت فى أعمق أعماق الضمير الإسرائيلى نفسه فقد تحولت من هزيمة عسكرية قاسية فى وقت ما إلى لعنة أزلية تطارد جيشها وقادتها وجنودها وكبرائها وحتى أفراد شعبها على طول الزمن وطول تاريخها القصير المليئ بالشر والأذى والعدوان على جيرانها العرب

فقد أفردت جريدة الأهرام صفحاتها فى 12 أكتوبر عام 2008 بمناسبة مرور 35 عاماً على مرور نصر أكتوبر 73 ونشرت صفحة كاملة لقادة حرب أكتوبر من جانب العدو الصهيونى مليئة بإعترافات مريرة بمدى الفشل والإخفاق الإسرائيلى فى حرب أكتوبر على الجانب الإسرائيلى

نبدأ بنشر إعترافاتدان حلوتس قائد القوات الجوية الأسبق ورئيس الأركان الإسرائيلى الأسبق الذى أجبر على الإستقالة فى حرب لبنان الأخيرة عام 2006

(( كنت فى حرب أكتوبر 73 نقيباً إحتياطياً وقائد طائرة فانتوم وسرحت من الجيش قبل نشوب الحرب بشهرين وإستدعونى صباح يوم السبت الثالث من أكتوبر وأدركت أن هناك حرباً فقدنا كثير من رجالنا فى القطاع السورى حتى أننا لم نستطع أن نذرف الدمع على كل صديق لم يعد لا لشيئ إلا لأن الدموع قد إنتهت وهذا يؤدى إلى إحباط مميت وأذكر أن اليوم الثانى للحرب السابع من أكتوبر كان عنيفاً للغاية حيث فقدنا 5 طائرات فى طلعة واحدة أما الطائرة السادسة فلقد أصيبت إصابة شديدة وأدركنا إننا لسنا مسيطرين على الوضع .

شاؤول موفاز ـ نائب رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى ووزير المواصلات الذى كان ينافس على منصب رئيس الوزراء من قبل كان رئيساً لأركان حرب الجيش الإسرائيلى ثم وزيراً للدفاع يبلغ من العمر 60 عاماً كان فى حرب أكتوبر 73 برتبة رائد وقاد عدة عمليات خاصة مع رجال المظلات يتذكر الحرب من وجهة نظرى كانت مفاجأة كبيرة جداً ففى الصباح الباكر من يوم السبت الموافق السادس من أكتوبر وصلنا إلى قاعدة تل نوف ودخلت مكتب نائب قائد اللواء فى ذلك الوقت أمنون لبقكين شاحاك الذى تولى بعد ذلك منصب رئيس الأركان وقال لى هناك حرب إذهب وإستعد .. موفاز قال : إذا سألنى شخص ما .. هل يمكن أن تحدث مفاجأة مثل مفاجأة حرب عيد الغفران الأن سوف أرد عليه قائلاً : إن ماحدث لنا فى يوم عيد الغفران يكفى حتى نحسن الأوضاع حتى نكون على أهبة الإستعداد وأعتقد أننا الأن فى وضع أفضل ولا أستبعد إمكانية وجود فجوة فى مجال المخابرات حيث أننا نعانى الأن من فجوة فى مجال المخابرات بسبب نقص الإمكانيات

موشيه يعالون رئيس أركان حرب أكتوبر الأسبق الملقب ببوجى فى حرب أكتوبر 73 كان رقيباً إحتياطياً ومقاتلاً فى لواء مظلات يقول عندما أفكر فى الكوارث التى تحركنى فإنى أتذكر النكبة وحرب يوم الغفران وقول هناك شيئاً أخر كنت أفكر فيه فى 73 هو أنه من الممكن أن تنشب حرب .. وعندما تلقيت نبأ من وحدة الإحتياطى التى أخدم فيها وعرفت أن القصة حقيقية وأن هناك حرباً وصلت إلى القاعدة فى الليل وكانت الصورة ترسم أمام عينى هى أن دولة إسرائيل سوف تدمر وكان الوضع سيئاً للغاية وفقدت أصدقاء فى الحرب وسألت نفسى لماذا هم وليس أنا ؟ سؤال صعب لايمكن التهرب منه أود القول أن عنصر المفاجأة فى حرب عيد الغفران شغلنى لفترة طويلة وقررت أن أجعل مفاجأة الحرب وتوصلت إلى أن هذا يمكن أن بحدث مرة أخرى والشيئ الذى ميز عملية تقرير الموقف قبل حرب عيد الغفران هو الثقة الزائدة بالنفس والغرور ولا يوجد أى شخص يمكن أن يضمن الأن عدم الوقوع فى الخطأ مرة أخرى ..

عاموس ملكا نائب رئيس الأركان الإسرائيلى الحالى فى حرب أكتوبر كان مستجداً فى دورة لضباط وقاتل مع بعض المستجدين الذين تم جمعهم بصورة عشوائية يقول أذكر أن بعد 24 ساعة من القتال أدرك أصحاب القرار فى إسرائيل أن خسائرنا كبيرة جداً ومعظم القتلى من الضباط وكنت مكلفاً بمهام بسيطة وسط سيناء مثل تأمين رجال المدفعية وأذكر جيداً من رجال المدرعات بالذات قتلوا فى الحرب وأذكر أن حرب عيد الغفران كانت أكبر نكبة فى تاريخ شعبة المخابرات ويسألون الأن عن سلاح المخابرات هل مفاجأة عيد الغفران يمكن أن تتكرر مرة أخرى ؟ أقول هذا السؤال يشغل كل من يجلس على مقعد رئيس شعبة الإستخبارات بهيئة أركان جيش الدفاع الإسرائيلى ولقد تعلمت من حرب يوم الغفران أنه يجب أن أستعد للحرب القادمة ويجب أن أستخلص المعلومات من النصر وليس فقط من الإخفاقات .

الميجور جنرال متقاعد / آمنون ريشيف . (هذا الرجل بالذات تعود شهرته إلى بذله لمحاولات متكررة ضارية لفتح الثغرة على الضفة الشرقية لقناة السويس وقيادته للواء 14 مدرع الإسرائلي التى خاضت وحداته معارك دامية فى معارك المزرعة الصينية مع قوات الفرقة 16 مشاة بالجيش الثانى الميدانى المصرى وتكبدت قواته خسائر فادحة فى الأفراد والمعدات بلغت المئات من جنوده بين قتيل وجريح وعشرات من الدبابات والمجنزرات على مدار يومين متصلين من القتال الوحشى) .. يقول الرجل فى حديث لصحيفة جيرزاليم بوست الإسرائيلية .. لايزال كما يقول رجال لوائه المدرع يعانون من الصدمة ويجترون ذكرياتهم فى صمت دون أن يبيحوا بها لأحد حتى اليوم يستيقظ العديد من المقاتلين السابقين فى حرب أكتوبر كل ليلة بسبب الكوابيس التى تطاردهم .

                       *       *         *         *

وحتى بعد مرور 41 عاماً على نصر أكتوبر نجد أن الأثار لاتزال ممتدة وبصمات الحرب على إسرائيل لازالت محفورة وبقسوة وذلك من خلال التصريحات التالية للرئيس الإسرائيلى

أذاع راديو "صوت إسرائيل"، تصريحات الرئيس الإسرائيلي، رأوفين ريفلين، التي أدلى بها اليوم الأحد، وقال خلالها إن حرب يوم كيبور " أكتوبر 1973" شهدت أخطاء كبيرة داخل الجيش والقيادة الإسرائيلية، أهمها الاستهانة بالعدو " الجيش المصري".

وأوضح ريفلين، خلال المراسم العسكرية التي أقيمت على جبل هرتسل في القدس، أن أهم الأخطاء التي ارتكبها جيش إسرائيل كانت الغرور الزائد والاستهتار بقدرات العدو وعدم تدريب وإعداد جنود إسرائيل على القتال ضد جيش قوي.

وأضاف الرئيس الإسرائيلي، أنه بعد 41 عاما من حرب أكتوبر، لا يمكن الصفح أو العفو عن الأخطاء التي ارتكبناها، والوقت لا يسمح بالبحث عن المقصرين أو المتهمين أو المتسببين في الهزيمة، بل يجب استخلاص العبر والدروس من أخطاء الماضي.

من جانبه، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، إلى أنه يجب الاستفادة من دروس الماضي، خاصة دروس حرب يوم الغفران، مشددا على عدم السير نحو الطغيان الفكري، وضرورة الحوار الدائم مع كل الأطراف، خاصة فيما يتعلق بالأحداث الجارية في الشرق الأوسط

الـــخـــلاصـــة ،،،،

ــ أن إسرائيل لازالت تعانى من أثار زلزال حرب أكتوبر رغم إدعائها الوقح المتكرر بأنها هى التى إنتصرت فى حرب أكتوبر وهانحن قد إستعرضنا مقولات لا حصر لها من أفواه كل الإسرائيليين ومن كل الطوائف هناك سواء كانوا جنودا ممن خاضوا تلك الحرب الدامية أو قادة شاركو فيها أو سياسين أو حتى مدنيين ومفكرين ومحللين وأطباء إلخ ..إلخ ... توضح أن هذه الحرب كادت أن تكون هى القاضية على الكيان الصهيونى كله لولا التدخل الأمريكى السافر

وكنت عند إلتزامى بعدم التطرق لأى مصدر أخر مصرى أو عربى تحدث عن نتيجة حرب أكتوبر على 1973 على الكيان الصهيونى وعن تأثيرها النفسى الرهيب فى كل إسرائيلى فرداً فرداً أياً كان موقعه أو صفته للهروب من شبهة التحيز وتحقيقاً للحكمة العربية التى تقول أن الحق ماشهدت به الأعداء وخاصة أن إسرائيل لم يتاح لها الثأر لما جرى لها على يد أبطالنا البواسل فى عام 1973 حتى الأن مما يجذر من وقع الهزيمة فى نفوس جيش العدو أكثر ويبقى الجرح الإسرائيلى ينزف إلى الأن بعكس مصر التى ثأرت لهزيمتها عام 1967 بالإنتصار فى حرب الإستنزاف التالية ثم الحرب الكبرى فى أكتوبر 1973 التى كانت ليست مجرد نصر عسكرى تحقق وإنما كانت بمثابة الدواء الكافى والعلاج الشافى من جرح نكسة يونيو 67 بحيث أن مصر قد إستردت كرامتها وسمعتها هى وباقى الأمة العربية ووقفت على أقدامها من جديد مرفوعة الراية والرأس والكرامة بين الأمم

ــ مع ملاحظة أن الصراخ والعويل والبكاء الإسرائيلى المستمر طوال 41 عاماً

( 1973 ـ 2014) على هزيمتها فى حرب أكتوبر على يد العرب رغم أن نصر أكتوبر نفسه مهما كان فهو لايعد نصراً شاملاً كاملاً على إسرائيل فإن الدبابات العربية مثلا لم تحاصر تل أبيب ولم تمس المدن الإسرائلية بأى سوء طوال أيام الحرب ولم تتحرر سيناء بالكامل وكذلك لم تتحرر الجولان بالمرة .. إذن دعونا نتحيل إذا لم تهرع الولايات المتحدة لنجدة إسرائيل فى اليوم الرابع لنشوب القتال وتركتها تواجه مصيرها وحدها فى ساحات المعارك بسيناء والجولان

ماذا سوف تكون النتيجة النهائية للحرب؟؟ أو بمعنى أخر ماذا لو تمكنت مصر من تنفيذ الخطة شامل التى أعدت للقضاء على القوات الإسرائلية الموجودة غرب القناة

حوالى ( 400 دبابة و 20 ألف جندى إسرائيلى ) بما كان سيوقع مذبحة هائلة فى صفوف العدو المتسلل أو على أقل تقدير قد يسارع العدو بإلقاء سلاحه إلى القوات المصرية ويسلم العشرين ألف جندى أنفسهم كأسرى حرب فور بدء تنفيذ الخطة المشار اليها بمجرد سماع أول طلقة رصاصة تطلق بإتجاههم نظراً لعلمهم التام بمدى ضعف موقفهم ومدى إستعداد القوات المصرية للنيل منهم . طبعا سيكون فى هذه الحالة نصر أكتوبر أروع وأضخم مما هو قد تحقق فعلياً وتكون إسرائيل قد دفعت ثمنا فادحاً يكسر جيشها ودولتها لعقود طويلة أخرى قادمة .

أو أن القوات السورية نجحت فى تحرير هضبة الجولان بالكامل ووصلت إلى إقليم الجليل الأعلى فى شمال إسرائيل داحرة فى طريقها كل إحتياطيات العدو التى أعدها على عجل لصد الهجوم السورى ..

ترى .. كيف كان سينعكس ذلك على إسرائيل شعباً وجيشاً وحكومة ؟؟؟؟؟

لم يتحقق ما أشرت إليه من تحرير الجولان أو القضاء على الثغرة فى الجبهة المصرية أو دك المدن الإسرائلية خلال الحرب ومع كل هذا رأينا كل هذا الكم من الإعترافات المريرة الرهيبة المليئة بالحسرة والعجز والفشل والخزى

إذن ماذا كنا سنقرأ ونسمع من إعترافات مؤلمة ومهينة أكثر مما قرأناه أو سمعناه من العدو لو كان قد تحقق ماهو مشار إليه ؟؟؟

لقد قرأنا كيف أن موشيه ديان وقف مذلولا كسيراً أمام العميد / أبوشناف يعدد فى حسرة بكلمات لم يجرؤ على كتابتها حتى فى مذكراته كيف كان الإسرائليون بعتبرون عبور قناة السويس من رابع المستحيلات بالنسبة لنا وكيف أنهم أعدوا لكل شيء عدته من خطوط دفاع وطيران ونابلم وتحصينات ودبابات

وإعتبر أن ماقام به المصريون كان ضد المنطق بحد ذاته !

وكذلك قرأنا مأساة شموئيل جونين قائد جبهة سيناء خلال الحرب وكيف أنه فكر فى قتل موشيه ديان نفسه غيلة وإنتقاماً منه على تحميله مسئولية الهزيمة

وعلى نفس المنوال ذكر ديفيد إليعازر رئيس أركان حرب جيش الدفاع الإسرائيلى فى مذكراته أنهم كانوا يدفنون بقايا الجثث والقتلى الإسرائليين فى الصحراء سراً ليلاً لإخفاء حجم خسائرهم الفادحة الحقيقة فى الأرواح بخلاف ماكانوا يذيعونه فى العلن

ــ أيها المصريون ،،، لا تتوقفوا لحظة واحدة عن الفخر بما حققتموه من إنجاز هو أقرب إلى الإعجاز وبما أصبتم به عدوكم من هزيمة وكسرة ومهانة وذلة أبد الدهر

                               *         *       *         *

مـــصـــــادر المـــــقـــال

1 ــ التقصير ـ يشعياء بن فورات ـ وأخرين 1974

2ــ مذكرات ديفيد إليعازر ـ 1976

3 ــ عندما سقطت السماء فوق إسرائيل ـ محمد عبد المنعم ـ 1975

4ــ هؤلاء الرجال العظام ومعركتهم المستحيلة ـ محمد عبد المنعم 1976

5ــ سلام الصقور ـ الكاتب الصحفى محمد فيصل عبد المنعم 1982

6 ــ مجلة الدفاع عدد أكتوبر 1992

7 ــ مجلة روزاليوسف ـ عدد أول شهر أكتوبر 1993

8 ـ مقال بعنوان (للذكريات .. تبعات) للكاتب الصحفى محسن محمد فى عموده  

   الشهير المشى فوق الأشواك بجريدة أخبار اليوم أكتوبر 1993

9 ـ مقال الكاتب الصحفى عادل حمودة ـ جريدة الأهرام السبت 6 سبتمبر 2003

10 ــ تحقيق جريدة الأهرام 12 أكتوبر2008 لمرور 35 عاماً على نصر أكتوبر

11 ـ تصريحات الرئيس الإسرائيلى رأوفين ريفلين لراديو صوت إسرائيل 2014

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech