Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

أسرار «المعركة الدبلوماسية» لاسترداد سيناء: «بيجن» طلب تأجير شرم الشيخ.. و«السادات» نهره

 

رئيس الوزراء الإسرائيلي أبلغ مصر وقف الانسحاب الكامل قبل إتمامه بـ«6 أيام» في 25 إبريل 1982.. ووفد رسمي سافر له وأبلغه رفض «القاهرة».. وأمريكا تدخلت لاحتواء الموقف في «اللحظات الأخيرة»

 

إسرائيل طلبت نشر رادارات وقوات عسكرية في جبال سيناء بعد انسحابها.. والاحتفاظ بـ«بترول أبو راديس وخليج السويس».. والقرار المصري «عدم التفريط في حبة رمل واحدة»

 

رئيس الوزراء الإسرائيلي تعهد وصدَّق على الانسحاب الكامل من «الضفة وغزة» بحلول عام 1982.. ثم تحجج بأصوات فلسطينية ترفض التفاوض المصري باسم بلادها لعدم التنفيذ

 

>> عضو «المفاوضات»: إسرائيل كانت تجادل لأجل المجادلة.. و«السادات»: أثبتنا أننا قادرون على أخذ أراضينا بالقوة.. و«الأرض مقابل السلام»

 

كتب محمد مجدي في جريدة الوطن 2024

 

ذات صباح في عام 2015، دلني صديق على واحد من كبار القيادات العسكرية ممن أسهموا بقوة في التاريخ المصري الحديث، لكنه – شأنه شأن رجال الظل – أثر الصمت، وعدم الخروج للنور للحديث عن مهامه الوطنية الكثيرة، والتي أسهمت في استرداد شبه جزيرة سيناء كاملة من الاحتلال الإسرائيلي، لأقرر أن افتح خزائن أسراره، لكنه مثلما واجه إسرائيل وقت الحروب، والمفاوضات، لم يكن إقناعه بإجراء حوار صحفي بالأمر اليسير.

تواصلت هاتفيًا مع اللواء بحري أركان حرب محسن حمدي، وكانت معلوماتي عنه حينها، أنه أحد أعضاء اللجنة الخاصة بمفاوضات معاهدة السلام «المصرية – الإسرائيلية»، لأطلب إجراء حوار صحفي معه، وكان متفاجئًا حينها من تواصلي معه، ليستفسر عن كيفية حصولي على رقمه، وما الهدف من إجراء الحوار، ولماذا في هذا التوقيت، لنتحدث لدقائق أقنعه خلالها بأهمية دوره التاريخي، وضرورة الكشف عنه، لكنه رفض الحوار الصحفي في البداية، قبل أن أطلب منه فرصة للتفكير لإجراء الحوار، وهو ما وافق عليه بعدها.

داخل فيلا في أحد الأحياء الراقية شرق القاهرة، كان اللواء محسن حمدي يعيش في صمت، ودون أن يعلم أحد دوره الوطني الهام، ولدى طرق أبواب منزله، خرج ليسأل عن الشاب الذي بصحبتي، لأرد بأنه المصور الصحفي؛ فيرد: «متفقناش على كدا».. ثم سمح لنا بالدخول إلى منزله.

اللواء محسن حمدي، كان يجلس في فيلا، حين تدخلها تشعر بأنك دخلت لـ«مقر مخابراتي محدود»؛ فكل شيء مرسوم بدقة.. هنا مكان للصور وصور الوثائق الهامة والتاريخية، وهنا مكتب عمل وتحليل، ما زال محتفظًا بخرائطه وورقه كاملاً، وهنا مكان للجلوس، أشبه بما كانت تظهره الأعمال الفنية لـ«المنازل الأمنة» لأجهزة الاستخبارات، والتي يُدار داخلها الحوارات والأحاديث.

بعد حديث لعدة دقائق، اقتنع أخيرًا اللواء محسن حمدي، بإجراء الحوار، وكانت لحظة أشبه بـ«فتح خزائن الأسرار»، وفي هذا الوقت، قالها بوضوح لي: «كنت مترددًا، ولا أريد إجراء الحوار، لكني سأفتح قلبي لكم».

غموض المعلومات المتاحة حول اللواء محسن حمدي، قبل إجراء حواري الصحفي معه، جعلت سؤالي الأول له حول من هو، وما أبرز المناصب التي تقلدها، لأتفاجأ بأنني أمام كنز معلوماتي كبير؛ فالرجل بالإضافة للمعلومة التي كنت أعرفها عنه بأنه كان ضمن وفد مفاوضات السلام مع إسرائيل في أمريكا عام 1978، عمل رئيسًا للجنة العسكرية لاستلام سيناء من إسرائيل، ورئيس اللجنة المصرية العسكرية لتأكيد خط الحدود مع إسرائيل، ورئيس الوفد المصرى «سياسى - عسكرى» لحل أزمة طابا عام 1983، والشاهد الرئيسى أمام التحكيم بجنيف فى سويسرا فيما يتعلق بتحرير طابا.

اللواء محسن حمدي، بعد إبرام معاهدة السلام «المصرية – الإسرائيلية»، كان يشغل منصب رئيس جهاز اتصال الهيئات الدولية بالقوات المسلحة، لمدة 4 سنوات، وكُلف بصحبة وفد من كبار الشخصيات العسكرية والسياسية والدبلوماسية، بالسفر إلى واشنطن بعد إبرام اتفاق «كامب ديفيد»، وهنا يوضح «حمدي»، أن اتفاق «كامب ديفيد»، ليس «معاهدة السلام»، ولكنها بمثابة اتفاق مبادئ بين البلدين بوساطة أمريكية لإبداء الرغبة في السلام، وأطر الحل.

وكشف اللواء محسن حمدي، أن الرئيس السادات، قال للجانب الإسرائيلي بعد مفاوضات في قاعدة ليدز في بريطانيا، وفي جينيف بعد رفض إسرائيل الانسحاب من سيناء: «قاتلتكم.. وأثبت لكم أننا قادرون على أخذ أراضينا بالقوة.. وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة؛ فالأرض مقابل السلام.. واتركوا أراضينا المحتلة فى الجولان والأردن وجنوب لبنان والضفة الغربية وسيناء».

وأوضح رئيس اللجنة العسكرية لاستلام سيناء من إسرائيل، أن اتفاق السلام بين «القاهرة» و«تل أبيب»، كانت يتضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة والضفة الغربية خلال 5 سنوات، وتحديدًا في عام 1982، وهو ما صدق عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيجن، وهنا قال بعض القيادات الفلسطينية: «لماذا تتفاوض مصر باسمنا؟!»، وكان مبدأهم ضرورة انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي الفلسطينية، وهو ما استغله الجانب الإسرائيلي لعدم إتمام هذا البند من الاتفاق.

وقال اللواء محسن حمدي، لي حينها، أننا واجهنا خصم «يجادل لأجل المجادلة»، لكن كان قرار الوفد المصري بأنه لن يتم التخلي عن حبة رمل واحدة من الأراضي المصرية، وقال الفريق أول كمال حسن علي، وزير الدفاع المصري آنذاك في أول جلسة مفاوضات، إن مصر حاربت لتثبت أنها تستطيع أن تحرر أراضيها بالقتال، لكنكم تنادون بالسلام، ونحن هنا لإقامة معاهدة السلام».

وأشار إلى أن مفاوضات السلام كانت تجري داخل غرف الإقامة في فندق «مادسون» في أمريكا، مرة في الطابق التاسع، والذي سكنه الجانب المصري، وتارة أخرى في الطابق العاشر، والذي سكنه الجانب الإسرائيلي، ولكن مع التعنت الكبير من الجانب الإسرائيلي، رحل الجانب المصري من «واشنطن» على أول طائرة للقاهرة.

الجانب الإسرائيلي كانوا يتحدثون بأنهم متواجدين في الأرض، وأننا سنرضى «بأي شيء»، مثل رغبة إسرائيل بالاحتفاظ بمدينة شرم الشيخ، ولو بـ«الإيجار»، والاحتفاظ بـ«بترول سيناء»، لكن كان الرئيس السادات يقول لنا بشكل واضح: «اوعوا توافقوا على كدا»، وكان يقول إنه مثلما أخذنا جزء من أرضنا بالسلاح؛ فيمكن أن نأخذ الباقي بالسلام، حتى لو كان على مراحل، مهما طالت مدة تحقيقه.

الرئيس السادات، بحسب اللواء محسن حمدي، كان يوجه المفاوض المصري لعدم الدخول في أي صراعات جانبية، والتأكيد على سلمية تسوية النزاعات، وقبول إسرائيل كدولة داخل الأرض المحتلة على حدود ما قبل 6 يونيو 1967، وفق قرار مجلس الأمن رقم 244، لكن الجانب الإسرائيلي كانوا يريدون الاحتفاظ بنصف سيناء والضفة الغربية وأراضي الجولان.

ومن المواقف الطريفة في المفاوضات، يقول اللواء محسن حمدي، إن الجانب الإسرائيلي، ممثلاً في رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيجن طلب تأجير مطارات وقواعد عسكرية ومناطق البترول وحتى مدينة شرم الشيخ لمدة 90 عامًا، وواجه الجانب المصري ذلك بالرفض الكامل، وهو ما أيده الرئيس الراحل أنور السادات، ونهر مطالب الجانب الإسرائيلي في هذا الصدد.

وإجمالاً يقول اللواء محسن حمدي، إنه لم يتم تنفيذ مطلب إسرائيلي واحد يمس السيادة المصرية؛ فمثلاً أراد موشيه ديان، أن تكون سيناء منطقة منزوعة السلاح بالكامل، وهو ما تم رفضه، كما طالب الاحتفاظ بحقول البترول في مناطق أبو دريس وخليج السويس، لكن تم رفض هذا الأمر أيضًا.

وقال إن الجانب الإسرائيلي طلب إقامة قواعد رادار في جبال سيناء، وأن يتواجد لإداراتها ضباط إسرائيليون، مع وضع كاميرات مراقبة في سيناء، وهو ما تم رفضه بالكامل.

وأكد اللواء محسن حمدي، أن معاهدة السلام «المصرية – الإسرائيلية» لا يوجد أي بنود سرية فيها، متحديًا أي جهاز مخابرات في العالم من إثباتها.

وأوضح أن الرئيس السادات رفع العلم المصري على العريش قبل شهر كامل من موعده، بعد إتمام الانسحاب الإسرائيلي، وبموافقة «بيجن» على ذلك، وكانت المباني والمنشآت سليمة، وقال الفريق أول كمال حسن علي حينها أن تترك «بلا أي خدش»، ليرد عذرا وايز مان، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: «وهندهالك مدهونة كمان»، ولم تمس «طوبة واحدة» من المنشآت قبل الانسحاب، كما يذكر اللواء محسن حمدي.

وعن أحد أسرار مفاوضات إتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، قال إن «بيجن» اتصل بـ«السادات» في يوم 19 إبريل 1982، وتحديدًا قبل الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، وحينها سافر وفد مصري على طائرة عسكرية، وقال «بيجن»، إنه سيؤجل الانسحاب من سيناء لحين الاتفاق على «طابا»، وطرق 14 عضو من الكنيست منزل «بيجن»، ليرفضوا الانسحاب، لكن الفريق كمال حسن علي رفض هذا الأمر بشكل قاطع.

ويؤكد اللواء محسن حمدي، أن الانسحاب تم بالكامل، في موعده يوم 25 إبريل 1982، بعد تدخل أمريكا، لاحتواء الموقف في اللحظات الأخيرة، ليتم توقيع وثيقة بالانسحاب من كل الأراضي المحتلة، مع ترك مسألة «طابا» لإجراءات لاحقة، ليتم هذا الأمر، حتى نجاح مصر في استرداد أراضيها كاملة.

ورغم مرور 9 سنوات على إجراء هذا الحوار الصحفي، إلا أن أسراره وموضوعاته الشيقة، تظل مناسبة قابلة للاستدعاء، خصوصًا مع ما تضمنه من معلومات قيمة، ورحيل اللواء محسن حمدي عن عالمنا قبل عامين.. رحم الله فقيد الوطن.

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech