اللواء الركن  الدكتور علوان العبوسي

     30/10/2014

في تشرين الاول ( اكتوبر) 2014 استضافني المنتدى الثقافي المصري في بيت السناري بالقاهرة - السيدة زينب ، لالقاء الضوء على دور القوات المسلحة العراقية في حربي حزيران (يونيو)1967 وحرب تشرين الاول(اكتوبر)1973 بطلب من الموقع 73 مؤرخين المعني بشوؤن توثيق الادوار العسكرية المصرية وابراز الادوار العسكرية الاخرى لدولنا العربية المساهمة مع مصر.

وقبل ان ابدء مقالي هذا بودي ان اعرف القارئ الكريم بهذا المَعّلم التاريخي والمجموعة 73 مؤرخين في مصر .

بيت السناري

يقع بيت السناري في حي الناصرية بالسيدة زينب في نهاية حاره (محله) تعرف حاليا بحارة منج (أحد علماء الحملة الفرنسية الذين أقاموا بهذا المنزل عند إحتلالهم مصر) ، حيث يعتبر بيتِ السناري واحدا من القصور الفخمة الباقية التي تم بناؤها للصفوة من ابناء مصر من قبل إبراهيم كتخدا السناري وأنفق عليه أموالاً طائلة عرف هذا البيتِ كأحد ثلاثة بيوت مهمة في مصر ولكن بيت السناري هو البيت الوحيد الباقى من هذه البيوت ، يرجع تاريخ إنشائه الى عام 1209 ه - 1794 م ، تمت مصادرته من قِبل الفرنسيين اثناء حملتهم العسكرية على مصر عام 1798 وذلك لإسكان أعضاء لجنة العلوم والفنون، التي جاءت ببعثة نابليون العسكرية لعمل دراسة منهجية للبلاد .وقد نقل إليه المجمع العلمي المصري في عام 2012 بعد احتراق مقره القديم في الأحداث التي تلت ثورة 25 يناير .

المجموعة 73 مؤرخين

هي عباره عن شريحه بسيطه من شباب مصر المدني المتعلم المتحمس لوطنه وتاريخه ،تجمعوا لخدمة مصرو توثيق تأريخ البطولات المصرية في حروبها القومية ضد الكيان الصهيوني ونشر الانتماء والولاء للوطن ومحاربة عمليات تشويه البطولات المصرية والعربية وطمس وتزييف الحقائقبأدله وبراهين من لدن الابطال انفسهم (منقول بتصرف). يراس المجموعة الشاب احمد زايد ، وقد استضافتني هذه المجموعة لمرات عديدة للحديث عن مساهمات الجيش العراقي مع جيوشنا العربية سواء في القنوات الرسمية المصرية او الندوات الثقافية بالاضافة الى نشر مقالاتي في موقع المجموعة بكل ود وترحيب وهنا لابد القول ان هناك اكثر من قناة تلفزيونية عراقية في مصر لم يسعى القائمين عليها ولو لذكر هذه المساهمات العراقية القومية والوطنية.

في الساعة 1700 – 2100 يوم 23 تشرين الاول(اكتوبر)2014 استضافني المركز الثقافي المصري ببيت السناري للحديث عن مساهمات الجيش العراقي في حربي حزيران (يونيو)1976 ،وحرب تشرين الاول( اكتوبر)1973 ،شارك معي اللواء دفاع جوي الدكتور مصطفى ابو سديره والعميد اسامه صادق والدكتور محمد عفيفي امين عام المجلس الاعلى للثقافة والدكتور محمد احمد ابراهيم مدير منتدى المؤرخ عبادة كحيله ، وقد تواصل معي من المجموعة 73 مؤرخين الدكتور ايمن محمد عيد وله مني كل التقدير.

في حياتي العملية والمهنية كان لي العديد من اللقاءات والمحاضرات على المستويين الرسمي والمهني ولكن بكل صراحة اقول لم اكن سعيدا بها مثلما كنت في هذا المنتدى ، شباب عربي مصري واعد مثقف محب لوطنه وعروبته تواق الى التعرف عن تاريخ مصر والامة العربية بكل تفاصيلها وهذه حقيقةً لم تاتي من فراغ انما جاء من اسلوب ادارة هذه الشريحة من لدن القيادة السياسية المصرية في بناء واعداد الشباب لمستقبل افضل لبناء بلدهم والاعتزاز بعروبته في مواجهة كل قوى العدوان التي تحاول ان تشوه من تاريخنا العربي والاسلامي الحقيقي المعتدل ، لقد كان استقبالي من قبل السيد مديرالمنتدى والسيد امين عام المجلس الاعلى للثقافة بمنتهى الذوق والرقة والادب وهم يشيدون بالعراق الحضارة والتاريخ العربي تواقين لمعرفة المزيد عن هذا البلد ومساهماته الوطنية والقومية ، وهم ياسفون لما يجري لبلدنا العراق العظيم من انتهاكات لعروبته وحقوقه الوطنية المشروعة .

كنت اول المتحدثين في هذه الندوة عن دور الجيش العراقي في هاتين الحربين ، وقد تطرقت بشكل موجز وبدقة عن كلا من هذه المساهمات موضحاً ان العراق سبق ان بنى عقيدته الاستراتيجية والعسكرية على ان الكيان الصهيوني هو العدو الاول للعراق والدول العربية ، وعلى هذا الاساس تم اعداد قواته المسلحة اعداداً وتجهيزاً وتدريبا لدرء اي عدوان قد يحدث عليه وعلى الامة العربية ، مجسداً ذلك بمساهماته المعروفة مع اخوانه العرب ضد اعداء الامة في 1948 ، 1967 ، 1973 ، والحرب ضد ايران للفترة 1980 – 1988 لايقاف التمدد الايراني وتصدير ثورته المشبوهة ضد امتنا العربية .

اشرت عند كلامي عن حرب يونيو 67 ان العراق كان قد هيئ مستلزمات الاشتراك مع الاردن ضد اي تهديد اسرائيلي قد يحدث على مصر وسوريا قبل بدء الحرب بارسال قطعات برية  الى الاردن ضمن الجبهة الشرقية وبعض القطعات البرية الى مصر وهيئ   اربع اسراب متصدية ومقاتلات قاذفة في احدى قواعدنا المتقدمة بغرض العمل مع قيادة هذه الجبهة ، ولكن فوجئ بالضربة الجوية الشاملة في الخامس من يونو1967 ضد القواعد الجوية المصرية ،وبادر على الفور بعد طلب الفريق عبد المنعم رياض قائد الجبهة الشرقية من الفترة 5 حزيران وحتى 8 منه القيام بالعديد من الضربات الجوية الناجحة في العمق الاسرائيلي ، بالاضافة اسقاط خمس طائرات اسرائيلية بالاشتباك الجوي في منطقة الوليد (H3) غرب العراق .

ثم جرى لاحقا الكلام عن مساهمات العراق في حرب اكتوبر 1973 باشراك سربي من طائرات الهنتر المقاتلة القاذفة من مصر بعد ذكر خلفيات هذه المساهمة وترحيب مصر بها منذ عام 1972 ، واسلوب المشاركة في الضربة الجوية الشاملة مع القوات الجوية المصرية في 6 اكتوبر وما بعدها من مهام اسناد وتجريد حيث ابلى هذين السربين بلاءً حسنا بشهادة رئيس الجمهورية وقائد القوة الجوية والفريق سعد الدين الشاذلي رئيس اركان القوات المسلحة المصرية ، مؤطرين هذه المساهمة بثلاث شهداء وثلاث اسرى لدى الكيان الصهيوني وخسائر ثمان طائرات مقاتلة قاذفة .

بعد ذلك جرى التطرق الى مساهمة العراق في هذه الحرب من سوريا عند علمها ببدء الحرب من المذياع ولم يكن له مساهمة او استحضارات لها مسبقا كما في مصر لعدم موافقة سوريا على ذلك ، وعلى الفور اجتمعت القيادتين السياسية والعسكرية مساء ذات اليوم وانذرت كلا من الفرقتين المدرعتين الثالثة والسادسة والالوية 20 الالي من الفرقة المشاة الاولى ،واللواء المشاة الخامس من فرقة المشاة الرابعة ، والفوج الثاني من القوات الخاصة مع الصنوف الساندة الاخرى بالتحرك فورا الى سوريا ، كما انذرت القوة الجوية الاسراب المتصدية التاسع والحادي عشر ميج 21 التحرك فورا الى سوريا ومن بعدها اسراب الطائرات القاذفة المقاتلة الاول والخامس والثامن سوخوي 7 والسابع ميج 17 ،بالاضافة الى طائرات النقل والهليكوبتر لاسناد التنقل ، كما قامت القيادة السياسية العراقية باعادة العلاقات مع ايران لكي تتمكن من سحب القوات البرية المتاخمة للحدود العراقية الايرانية ، وقد اوضحنا تفاصيل مباشرة الاسراب المتصدية العمل يوم 8 اكتوبر واسراب المقاتلة القاذفة يوم 9 اكتوبر محققة نتائج باهرة ضد العدو الاسرائيلي بمهام الاسناد الجوي القريب والتجريد .

القوات العراقية البرية باشرت القتال في الجولان منذ اليوم 12 اكتوبر وحتى وقف اطلاق النار في 22 اكتوبر، وكانت حصيلة مشاركة القوة الجوية العراقية اسقاط ثلاث طائرات اسرائيلية ، وخسائر احدى عشر شهيد وتدمير خمسة عشر طائرة عراقية ، وقد تم التطرق الى عدد من الدروس المستنبطة في حربي يونيو واكتوبر استفادة منها قواتنا العربية كافة .

وقد اوضحنا للحضور ان العراق لم يكن سعيداً بوقف القتال بعد ان حشد اكثر من ثلثي قواته المسلحة ومعظم قواته الجوية في مهام لم ترقى الى مستوى القتال مع العدو الصهيوني ، وقد هيئ خطة جديدة للهجوم ولكن لم توافق عليها سوريا آنذاك .

من بعدي قام اللواء اركان حرب الدكتور مصطفى ابو سديرة ايضاح دور الدفاع الجوي في صد التهديدات الجوية الاسرائيلية بدءً من الاستحضارات وحتى انتهاء الحرب في 22 اكتوبر 1973.

في نهاية اللقاء شكر مدير المنتدى كافة المساهمين بهذه الندوة وقد اسعده حضوري كثيرا ، آملا اللقاء المتجدد وقد وعدته باي طلب يخص شباب مصر الحبيبة ، اما عن الحضور فكان استحسانهم باهراً وسعيداً ، فمنهم لم يعلم او يسمع بمثل هذه المساهمات كون معظمهم لم يكون قد ولدو انذاك ،البعض الاخر عتب على وسائل الاعلام الرسمية لعدم ذكر مثل هذه المساهمات البطولية دون التهئ لها مسبقاً ، ومن الامور التي اسعدتني تعاطف الحضور جميعاً معي اكثر من تعاطفهم مع ابناء جلدتهم فهذا يطلب رقم هاتفي وهذا يرجوني اخذ صورة معه وهذا يطالبني بكتابة اوتوكراف في مذكرته وهذا يجري لقاء محلي لكي يضعه في اليوتيوب ..الخ .

كلمة لابد منها

رُبَ سائل يسال لماذا اخترت مصر للهجرة اليها اليكم الجواب ؟ مصر قضيت فيها زهرة شبابي عندما التحقت بالكلية الجوية في بلبيس وتخرجت منها عام 1965 مصر، انهيت فيها دراستي العليا في اكاديمية ناصر عام 1984 – 1985 ، مصر وجدت فيها تعاطف الشعب مع الغرباء ووجدت فيها وحدة شعبها وحبهم لمصر بشكل لايتصوره احد وعليه من الصعب اختراقها من قبل اية جماعة ارهابية او اي تنظيم سياسي يسعى الى تخريب هذه اللحمة الرائعة الغير موجودة في كافة اقطارنا العربية في الوقت الحاضر بعد ان اخترقتها المخابرات الامريكية وحليفتها الجديدة إيران بعصابات ممثلة بتنظيمات ارهابية مثل داعش وغيرها للنيل من الوجود العربي والاسلامي على التحديد ،مصر لدي فيها من المعارف والاصدقاء لازموني طيلة وجودي في الحلوة والمرة كما يقولون منهم المرحوم اللواء الطيار محمد زكي عكاشة والعميد الطيار سعد زغلول وغيرهم ، فهنيئاً لشعب مصر وقياداته الحكيمة بالضد من كل ما يعكر هذه الوحدة الوطنية ، وهنيئا لهذا الشعب بشبابه الواعد وتطلعهم لمستقبل افضل وهنا حرياً بنا ان نذكر بعضاً من ابيات القصيدة العصماء للشاعر ابي القاسم الشابي

((إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة         فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ

ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي      ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ

ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة   تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ

ومن يتهيب صعود الجبال        يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ

فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب   وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ...

وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ      وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ))

مع تقديري واحترامي لكل شعب مصر شباباً وشيباً وقيادات وطنية حقيقية