Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

التردد 109 - قصة جاسوسية تكشف لاول مرة 2023

التردد 109

الجاسوس التكتيكي

قصه جاسوس مصري في جيش الدفاع الاسرائيلي

 

يرجي حفظ الحقوق الادبية للمجموعة 73 مؤرخين عند نقل الموضوع أو الاقتباس منة واعادة نشرة 

كحق ادبي أصيل 

المقدمة :

في ربيع 2021 وتحديدا شهر أبريل وقرب منتصف الليل ، تلقيت مكالمة تليفون من أحد أبطال المخابرات الحربية المصرية في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر ...

كلمات مقتضبة متعبة مرهقة ... طلب في صيغة أمر.......... (( عايز اشوفك بكرة ضروري ))

اعرف ان البطل قد خرج للتو من مستشفي المعادي للقوات المسلحة ، وكنت أتابع حالتة مع ابنة بالتليفون ، فالزيارة ممنوعة والحالة متأخرة ............

في اليوم التالي كنت في منزل البطل بالتجمع الأول ، رغم حرارة الجو المعتدلة الا ان البطل كان يرتدي ملابس ثقيلة ومتعب تعب السنين ، فالمرض اللعين قد تمكن منة ،

نال منة المرض ولم ينل منة الصهاينة علي حد قولة ...

أمر زوجتة بعمل فنجان قهوة لي وأمر أبنة بتركنا بمفردنا .......... اذن الامر جلل ... أسلوب لم اتعود علية في جلساتي مع البطل الدائم الهزار والمداعبة .... كلمات مقتضبة متعبة من الرجل ...

اخرج ورقة فلوسكاب من جيب الروب ..... وسلمها لي

وقبل أن افتحها امسك يدي .............. الورقة دي وصيتي لك وللمجموعة 73 مؤرخين ، تنشرها بعد ما اموت .......... فاهم ؟

حاولت مداعبة البطل بكلمات تشجيعية ، لكنة رفض تقبل هزاري .... واستطرد

اقرأ كويس اللي فيها وش وظهر ، علشان هحرقها بعد ما تقرأها .....

كلماتة كانت مستفزة لكل حواسي فأخرجت نظارة القراءة وفتحت الورقة الشبة متهالكة ...........

وقرأت ما بها علي الوجهين ....

خط جميل جدا وواضح وتحت عنوان – الدفرسوار 1 يناير 1975 قرأت ما في وجهي الورقة وقد تعالي الادرنالين في جسدي بشكل خطير

فالورقة تحمل قصة – يجب أن تكون فيلما سينمائيا أو علي اقل تقدير مسلسل ... ما هذة الروعة في السرد والدقة والتواريخ المحددة ... ما هذا الكنز الذي في يدي ..

تركني البطل دقائق لاقرأ في تركيز ، ودخلت زوجتة بالقهوة وخرجت مرة أخري بدون أن الحاظها ..

قرأت ؟   نعم قرأت .... حفظت ؟ لا طبعا

الورقة دي هتتحرق دلوقت ..... طب أصورها بالموبيل ؟ لا ...... طب اصبر .... مين الدمنهوري ؟ حضرتك الدمنهوري اللي ماضي أخر الورقة ؟ ..... ملكش دعوة ...متسألش ... أشرب القهوة .....

أوامر متتالية وعقلي الكسول يحاول حفظ ما بالورقة ، وتذكرت ما قرأتة للراحل صالح مرسي في أحد رواياتة الجاسوسية الرائعة .... حول كيفية حفظ وثيقة ما عبر تحويل السطور الي قصة في عقلك ومشاهد سينمائية ........... فقمت بذلك

اعتدلت في جلستي وبدأت التركيز أكثر وأكثر في السطور ، وما بين كل سطر وسطر أملئ الفراغ بسؤال والبطل لا يجيب بكلمة

وبعد وقت لم احسبة لانني غطست داخل اعماق تلك الورقة ذات الوجهين ، المشاهد ُترسم في عقلي .. خط الجبهة – حصن خط بارليف – القصف المدفعي ... ما هذه الروعة

وفي النهاية كان لابد من أن أسال ... الخواجة إيلي ده مات ؟؟ اعتدل البطل في جلستة وتبسم قائلا

-         لا يا خويا عايش وزي القرد في اسرائيل ....

-         طب حضرتك ليه بتحملني المسئولية الكبيرة دي ؟

-         مفيش أصدق منكم في النشر وعلشان توصل للشباب في كل حته عن طريقكم

-         بس دي لازم تتكتب بشكل روائي والله يرحمهم صالح مرسي ونبيل فاروق ماتوا

-         شد حيلك يا بطل دي وصيتي لك ....

-         طب هنحتاج أذن أو تصريح من أي جهة ...

-         يا بوحميد أنا بديك الاذن أهو ... ده تاريخ مصر يا ابني ، كلها كام سنة ونوصل ل 50 سنه من تاريخ الحرب ............ ومحدش فاكر او مهتم احنا عملنا اية في اليهود ..... فكرهم يا أحمد .

وهنا قررت قبول تحمل تلك المسئولية الرائعة في تحويل تلك الورقة ذات الوجهين الي قصة ولو قصيرة بدون حذف شئ منها ، لكن مع اضافات بشكل أدبي وتحويلها الي قصة جاسوسية علي أمل أن يقرأها أحدهم ويهتم بتحويلها الي فيلم أو مسلسل يلمس قلوب وعقول الشعب المصري العظيم ... كما لمستني شخصيا وبشدة .

خرجت من منزل البطل وفتحت الموبيل وسجلت ملف صوتي به كل ما حفظتة من الورقة بالترتيب والاسماء والتواريخ كما تم كتابتها ....

وبعد أسبوعين من لقائي بالبطل وجدت بوست علي الفيس بوك ... أبن البطل ينعي والدة .... سبحان من له الدوام ..... عمل في صمت ضد العدو وعاش في صمت ومات في صمت .......

وهنا قررت أن أبدأ في الكتابة ........ والله الموفق ...

وأسألكم الفاتحة لكل شهداء مصر في كل مكان وزمان ..

 

 

الفصل الاول

التاريخ . 5 مايو 1973

المكان – أحد دشم حصن الدفرسوار – أحد حصون خط بارليف والمسمي اسرائيليا حصن " مستميد "

الساعه 21.30 ( 9.30 مساءا)

.....

وسط ظلام الليل الحار الخانق لشهر مايو ، يجلس رجلين في دشمة تحت الارض داخل أحد حصون خط بارليف وبينها صندوق قديم علية كوب من الشاي يتشارك بة الاثنان ، ومن خلفهم لمبة جاز تضئ جزء من المكان

أحد الرجلين يضع سلاحة علي فخدة بينما الاخر بدون سلاح ...

الغريب أن زي الرجلين مختلف ، فأحدهم والذي يحمل سلاحا ، يرتدي الافرول الزيتي زي الجيش الاسرائيلي ، بينما الاخر يرتدي الزي الكاكي ، زي الجيش المصري ...

لتسهيل الامور عليكم سنطلق علي المصري لقب الدمنهوري وهو ليس أسمة أو مسقط رأسة وليس حتي أسمة الكودي في سلاح المخابرات الحربية المصري ، أما الاخر سنطلق علية أسم ايلي وهو أسم رمزي لا يعني أي شئ لأي شخص

أرتشف الدمنهوري بعضا من الشاي وهو ينظر باسما لأيلي الجالس أمامة في صمت ....

-         ساكت لية ؟

-         أنا لست مصدق ما يحدث ، من أين لك بالجرأة لكي تعبر القناة وتقابلني في الحصن وجنودي علي مسافة اقل من 20 متر منك .

-         سمعت عن المخاطرة المحسوبة ؟

-         أكيد

-         مقابلتي معاك مخاطرة محسوبة ، بس محسوبة 100 % واحتمال الخطأ مش وارد ، انت مش واخد بالك اني مجبتش معايا سلاح كمان ؟

-         نعم ، وهذا أيضا شئ مجنون منك ..

يضحك الدمنهوري ضحكة تهز الدشمة وتدفع ايلي للارتباك اكثر ويتصبب العرق منه أكثر وأكثر

-         مش مجنون ولا حاجة ، انت اللي مرتبك بزيادة يا إيلي .

-         وكيف لا اكون مرتبك ، فقد كدت أنهار عندما وصلتني رسالتك المشفرة أول أمس وبأننا سنتقابل اليوم هنا ....... فككت الشفرة ثلاث مرات لكي أتأكد من كلماتها ، فهل أصابكم الجنون ايها المصريون أم أن داء الغرور قد أنتقل لكم من جنرالتنا ؟

-         لا جنون ولا غرور ، ده علم كبير ودراسة وتحليل وفي الاخر تخطيط محكم وهديك مثال ، مثلا مش أنتم في الحصن 3 ضباط ومعاكم 12 عسكري ؟

-         نعم صحيح

-         ومش كل القعدة والتحركات بتاعتكم في الدشمة الرئيسية في نص الحصن ، وسايبين الدشمتين  التانيين فاضيين ، بعد الاوامر بتخفيض العدد في حالة السلم ؟

-         ايضا صحيح .... لكن

يقاطعة الدمنهوري باسما

-         ايوة عارف ... الحصن ده الضباط والعساكر بتستخدمة يوم السبت لما النسوان تيجي لكم زيارة ترفيه

يضحك ايلي بصوت منخفض وقد ارتفع حاجباه من الدهشة

-         كيف تعرف ذلك ؟

-         مش قلت لك – مفيش شئ عندنا اسمة جنون ولا غرور- انما علم ودراسة

-         ماذا لو دخل أحد ....

مقاطعا ..

-         مش هيحصل

-         كيف تكون متأكد لهذة الدرجة ... انك مجنون حقا ..

يرفع الدمنهوري اصبعة في وجة إيلي محذرا

-         واوعي في يوم تفتكر اني ممكن أعرضك للخطر ولو بأحتمال واحد في المليون ، انت تنفذ التعليمات الامنية واللي أطلبة منك بالحرف الواحد وانت هتبقي في أمان ...

-         كيف سأكون في أمان وقد طلبت مني أن اقوم بمشاجرة مع الميجور رابين في قيادة مجموعة العمليات ، مما أدي الي نقلي الي لواء القدس علي خط القناة ، كيف سأكون في أمان والحرب ممكن أن تبدأ في أي يوم ...

-         مش انا قلت لك كل شئ علم ودراسة ؟ مفيش حاجة بتتساب للصدفة .. ؟

-         اريد أن أفهم فقط ، فقد كنت علي مسافة ساعة بجوار أسرتي ومنزلي مع قيادة المجموعة ، والان أعيش حياة قاسية علي خط القناة ولا أري أسرتي الا كل شهر مرة

-         علشان احنا عارفين لما الميجور رابين يتخانق معاك ويحب يكدرك هيبعتك علي خط القناة ، ولما نحب نرجعك بير سبع هنرجعك ، بس وجودك هنا مهم لنا .. دلوقت

-         كيف يكون دوري مهم وانا كنت في قيادة المجموعة وأنقل لكم تعليمات القيادة أولا بأول ؟

-         دورك هنا أهم بكتير

-         كيف ذلك ؟

مغيرا مجري الحوار

-         عملت اية مع بنيامين لما اتخانق معاك علشان جهاز اللاسلكي رقم 4 بقالة مده عطلان .

يضع ايلي كوب الشاي من يدة المرتعشة وقد أرتسم الرعب علي ملامحة

-         بحق السماء ، كيف عرفت هذه الواقعة ، لقد كانت بالامس فقط ...

يبتسم الدمنهوري إبتسامة ثقة مقتضبة ...

-         مش قلت لك اننا مش سايبينك لوحدك ، ومش هنخاطر بك ...

-         لكن يجب أن أعرف ...

يقف الدمنهوري فاردا جسدة ..

-         التردد 109 يفضل خاص بينا احنا الاتنين ويفضل مفتوح 24 ساعة ... مفهوم ؟

-         تمام ... هو فعلا مفتوح 24 ساعة علي جهاز خاص

-         طيب أنا حبيت أجي أطمن عليك وأشرب معاك كوباية شاي ... عايز حاجة ؟

وقد ظهر الغضب علي وجهة إيلي فيصيح في غضب وبصوت هامس

-         لماذا تتحدث وكأنك قادم لزيارة عائلية في الحي المجاور لك ، يا مجنون اننا في حرب وانت عبرت القناة وكان من الممكن أن تتعرض للقتل في أي ثانية ...

يضع الدمنهوري يدية علي كتفي إيلي وبنظرة ثاقبة أخترقت عظام ايلي ...

-         لأخر مرة .. ثق ان حياتك مهمة جدا لنا في مصر ، ولازم نزورك كل شوية وندردش مع بعض .

-         انتم مجانين في القاهرة ، حقا لقد تجاوزتم حدود الجنون

ينحني الدمنهوري ويمسك بكوب الشاي ويفرغ ما فية علي الرمال ثم ينظر الي ساعتة ....

-         تغسل الكوباية دي ، ولما ترجع الحصن ويسألك بنيامين كنت بتعمل اية هنا هتقول له اية ؟

-         سأخبرة ما علمتني اياة واقول له مثل كل مرة ... انني انعزل هنا لقراءة التلمود محاولا الانتهاء من حفظة ...

-         بنيامين ملحد يعني ملوش في الدين خالص ، ودي حجة كويسة علشان يسيبك كل فترة تنعزل مع نفسك ...

-         هل هذا صحيح ؟ لم اكن اعرف انه ملحد ، نعم لا اراة يصلي ولا اراة يقوم بصلاة شمونة اسرة ، لكن ذلك عادي في درجات الضباط العليا ، لكن في وسط الضباط الاصاغر المساكين مثلي فهناك متدينيين كثيرون ، لم اكن اعرف انه ملحد .

وهو يغادر الدشمة ويربت علي كتف ايلي

-         شالوم يا خواجة إيلي أشوفك علي خير .

يخرج الدمنهوري رأسة من الدشمة لينظر في حذر حولة تجاة الدشم الاخري المقاربة له والي جسد دبابة مهجورة غارق في الظلام بجوارة ، ثم ينظر في ساعتة والتي أشارت الي العاشرة مساءا الا دقيقة واحدة .... فيخرج جزء أكبر من جسدة من باب الدشمة وينظر تجاة الشاطئ الاخر لقناة السويس ، والغارق في الظلام الدامس أيضا ... ومع تمام العاشرة يلمح من الطرف الاخر ضوء أخضر يضئ فجأة ... وكانت تلك اشارة من فريق التأمين بأن الاسرائيليين غارقين في احلامهم ولا خطر علية من التحرك الان ...

وبخطي سريعة وكالغزال ، ينطلق الدمنهوري ركضا وهو منحني الجسد عبر خطوات ملتوية مدروسة ليعبر من حقل الالغام ومن بعدة من فتحة في نطاق الاسلاك الشائكة ، ثم يجثو علي ركبته لثانية وينظر خلفة في تركيز لتأمين وثبته القادمة عبر حقل الالغام الخارجي ، ومن بعدة الي الساتر الترابي صعودا ثم هبوطا الي حافة القناة حيث ترك القارب المطاطي ...

أرتدي الدمنهوري معطف أسود كلون القارب وبدأ في التجديف ليختفي وسط سواء الليل الملاصق لسواد صفحة مياة قناة السويس ، وبعد دقائق من التجديف المرهق ضد تيار قناة السويس كانت ايدي الجنود المصريين تمتد لتلتقط طرف القارب ومع أول خطواتة في البر المصري من القناة يصعد الدمنهوري متلقيا تحية الجنود لة بسلامة العودة وهي الجنود التي لا تعرف أسمة أو رتبتة أو حتي مهمتة ، لكنة عائد من داخل خطوط العدو وبدون سلاح فبالتأكيد هو بطل فكان لازما من تحيتة بشكل خاص تمثل في كوب شاي ساخن وسيل منهمر من الدعوات والتشجيع ، وبجوارهم يقف رائد كالتمثال الثابت ممسكا بنظارتة المقربة متابعا الطرف الاخر من القناة ... وبدون أن ينزل النظارة من عينية يتحدث مخاطبا الدمنهوري

-         حمد الله علي السلامة يا فندم ... ولاد الكلب نايمين في العسل

-         يعني كلة تمام ..؟

-         كلة تمام ....

الفصل الثاني

عاد إيلي الي الدشمة الرئيسية في الحصن وفي يدة كتاب التلمود ورشاش العوزي القصير وفي يدة الاخري كوب الشاي الفارغ ووضعهم علي مدخل الدشمة ، ومر وسط عدد من الجنود يلعبون الكوتشينة وسط صخب أصوات الراديو والضحكات وزجاجات البيرة الملقاة حولهم وبعد أن مر عليهم توقف لحظة

 

 

ونظر لهم باسما ساخرا

-         لو هجم المصريين الان ، لن اجد أحدا منكم يقاتل بجواري

رد أحد الجنود المزحة ..

-         أيها النقيب ، كيف يهجم المصريين ليلا وهم لا يستطيعون قتالنا في النهار ؟

-         نعم يا نقيب إيلي ، الجنود التي أمامنا لا هم لها سوي أكل الفول ومتابعة مباريات الكرة في الاذاعة

ويعم الضحك في أرجاء الدشمة ويغادر إيلي باسما الي ممر ضيق ثم هابطا سلم به عدة درجات الي تحت الأرض أكثر فأكثر حتي يصل الي غرفة مكتوب عليها بالعبري غرفة الاتصالات ..

يدخل الي الغرفة التي يقودها في الحصن ، فهو قائد الاتصالات بين مجموعة حصون وسط الجبهة وبين القيادة والمكلف بالتصنت علي الاتصالات المصرية في قطاع عملة ولدية فريق عمل من ضابط صغير السن يدعي ديفيد و3 جنود من اليهود الشرقيين ممن يتقنون اللغة العربية اتقان تام ....

 

 

 

علي عكس دشمة الجنود الصاخبة ، كان الهدوء القاتل هو سمة غرفة الاتصالات – اثنان من جنودة يضعون السماعات بينما الثالث مستلقي علي سرير ميداني بجانبهم يطالع مجلة امريكية وفي المواجهة وفي عالم أخر يجلس الضابط الشاب علي مكتب حديدي صغير وأمامة زجاجة بيرة مثلجة ويكتب خواطرة في كراسة ولم ينتبة لدخول إيلي للغرفة .

-         هل من جديد في اتصالات المصريين هذه الليلة ؟

تطوع أحد الجنود للرد

-         هدوء تام كالعادة ... بعض الاتصالات العائلية ... ابن النقيب سامح قائد سرية المشاة رقم 287 يعاني من الحصبة وهو يتصل بة كل ليلة للاطئمنان علية .. وزوجتة طلبت الطبيب مرتين .

رفع الجندي الاخر السماعات من علي رأسة ونظر الي ايلي

-         التردد 109 علية اشارة متكررة غريبة ، هي مؤكد بالشفرة لكنها قصيرة وغير مفهومة ، بدأت البث من دقيقة فقط وتتكرر بأستمرار كأنها اسطوانة مسجلة .

انتبة ايلي لرقم التردد ، وانتفضت حواسة داخليا وبلع ارتباكة وهو يسأل عن فحوي الاشارة ..

-         الرجاء التأكد من غسل الكوب ....

ضجت اسارير ايلي داخليا بالضحك من دعابة الدمنهوري ثم نظر للجندي في جدية مفتعلة

-         أرسل الرسالة للقيادة في تل ابيب وأطلب تفسير المحتوي ....

قالها كأجراء روتيني معتاد وهو يضحك في داخلة وهو يتخيل ضباط المخابرات الحربية الاسرائيلية  ( أمان ) وهم يبحثون ويدرسون فك طلاسم تلك الاشارة الغامضة وما قد تعنية لأمن الدولة الاسرائيلية ......

-         ماذا بخصوص بقية الترددات ؟

-         الجو هادئ وممل

هز إيلي رأسة موافقا وخرج من غرفة الاتصال ماشيا عدة خطوات ليدخل الغرفة المجاورة والمخصصة له ، فوضع جسدة علي السرير الميداني وأمتدت يدة الي صورة زوجتة ، نظر اليها قليلا واعادها الي مكانها علي الرف وفي عقلة جملة الدمنهوري تتكرر مرارا وتكرارا

(( ثق ان حياتك مهمة جدا لنا في مصر )) وفي عقلة يتساءل هل الدمنهوري متهور لهذه الدرجة لكي يعبر القناة لمجرد الزيارة ام ان في الامر أمور أخري لا يعرفها وقبل أن يتوصل لاجابات كان قد غرق في سبات عميق ...

 

 

 

الفصل الثالث

اليوم التالي ..

كالعادة إستيقظ إيلي في الثامنة صباحا وأدي بعض التدريبات الرياضية الخفيفة ومع فريقة الخاص بالاتصالات – تدريبات روتينية مملة يؤديها الجميع بدون حماس مما دعاه عند نقلة للعمل بالحصن بتشغيل بعض الموسيقي الضاخبة لدفع بعض الحماس لدي الرجال ...

خرج الرائد بنيامين قائد الحصن من الدشمة كعادتة كل يوم في التاسعة صباحا ممسكا بالسيجار الرفيع في يدة مرتديا نظارة الشمس وفاتحا إزرار قميصة حتي البطن كعادتة .... وقام بالمرور اليومي علي الرجال التي تقوم بالتدريبات وقام ببعض التعليقات علي اداء الرجال المتكاسلين ، وأستمر في طريقة حتي وصل لرجال يقومون بصيانة الدبابة الوحيدة الموجودة بالحصن وتابع عملهم لثوان ، ثم بدأ يصعد الساتر الترابي لنقطة الملاحظة الامامية في الحصن حيث يقف جنديان يقومان بمراقبة الطرف المصري من القناة ...

بعد ثوان هبط جندي جريا الي حيث يؤدي ايلي التدريبات وطلب منة الصعود لنقطة المراقبة فورا

بعد ثوان كان ايلي يقف بجوار بنيامين أعلي نقطة الملاحظة .

منظر رائع من أعلي نقطة الملاحظة حيث قناة السويس تحتهم ، ومن أمامهم الشاطئ المصري ومن خلفة وعلي مدد البصر الجانب المصري من القناة بعمق 20 كيلو متر .....

بنيامين يراقب بجهاز المراقبة البصري ، صامتا وإيلي يتابع المنظر الخلاب وسط بعض ضباب الصباح الباكر الذي لم ينقشع بعد ...

-         أين تلك الكتيبة اللعينة ................. تمتم بنيامين

-         أي كتيبة حضرة القائد ؟ ............... تسأل ايلي

-         أمس وصلت كتيبة مدفعية وتمركزت علي عمق 10 كيلو من القناة ، اليوم لا أثر لها .

صمت إيلي قليلا فهو يعرف معلومة وصول الكتيبة وهو من أرسل تفاصيلها للقيادة ..

فأستكمل بنيامين

-         حتي أمس كانت القوات المصرية في مرحلة حشد قوات تدريجي

-         نعم تحذيرات المخابرات الحربية كانت صحيحة والمصريون يحشدون قواتهم ..

منفعلا وقد توقف عن النظر في الجهاز

-         كيف تكون صحيحية يا إيلي ؟ أين تلك الكتيبة اللعينة ...

-         ربما تحركت لمكان أخر ...

-         لو كانت تحركت فلن يكون هناك هجوم ... وتكون تحذيرات المخابرات غير صحيحة ، أم أنك تتخيل ان المصريين قد يهجمون بدون دعم مدفعي ...

-         ربما يعرفون أن مدفعيتهم لن تؤثر في قوة الحصن ، فحركوا وحداتهم لمكان اخر ..

-         لا حشد ... لا حرب .. الموضوع بسيط

-         لماذا تقول ذلك ؟

-         المصريين مذهبهم القتالي سوفيتي ، والمذهب السوفيتي يعتمد علي تقدم المشاة تحت نيران المدفعية المباشرة والغير مباشرة .... وبدون مدفعية لا هجوم ...

-         حسنا ... ربما عادت للخلف ،أبعد من مدي رؤية الجهاز ...

-         هذا تأكيد أضافي انهم عادوا لمواقعهم الدفاعية ، فعند الهجوم يدفعون المدفعية للأمام لتغطية مدي أبعد ..... الم تتعلم ذلك في الاكاديمية العسكرية ؟

-         لم ندرس التكتيك الروسي في مدرسة المخابرات بدقة ، وانت تعلم انني تخصص اتصالات وتصنت الكتروني ولست ضابط عمليات ..

-         اه لقد نسيت ذلك ..... المهم أرسل الان التقرير الصباحي للقيادة بأن كتيبة المدفعية التي وصلت أمس قد أختفت من أمامنا وأن المصريين في هدوء وراحة ولا دليل علي أي استعدادت قتالية بالمرة .............

-         تمام يا فندم .......... أي شئ أخر .

-         اراك علي مائدة الافطار ..

-         حسنا ...........

مر اليوم مملا علي إيلي بين عملة في التصنت وتتبع اتصالات المصريين الروتينية وبين التجول في انحاء الحصن ....

وقرب المغرب جلس علي الساتر الترابي متابعا الشمس التي تغرب امامة وخلف الجانب المصري

وسرح في مستقبلة ومستقبل أسرتة والظروف المادية التي دفعتة للانضمام لجيش الدفاع بعد حرب يونيو 67 والتي يطلقون عليها في إسرائيل ( حرب الايام الستة )

يالها من فترة ضخم فيها الاعلام المحلي في تل ابيب من دور الجيش والجنرالات والجنود لدرجة جعلت الجميع يهرع للانضمام للجيش لتعدد المكاسب المادية والمعنوية من وراء ذلك ، وكان ايلي واحدا من مئات انضموا للجيش ... والذي وبسبب أصولة القديمة وبراعتة في اللغة العربية أهلتة للانضمام فورا للمخابرات الحربية كمترجم في البداية وهنا لمع نجمة وتنقل بين عدة مواقع ومهام أغلبها حساس جدا .

*

وهنا يجب أن نتوقف ... فلا يوجد لدينا ما يشير من قريب أو بعيد كيف لمع نجم إيلي في المخابرات الاسرائيلية وما هي المهام التي كٌلف بها .....

*

تابع ايلي حركة الجنود المصريين أمامة عبر قناة السويس مع صوت أذان المغرب يصدح من بعيد والرجال تتوضئ من مياة القناة علي الشاطئ ، وتبديل المراقبة ... حركة الجنود بطيئة رتيبة

تحدث إيلي مع نفسة

-         من المؤكد ان الملل قاتل علي الجانب المصري أيضا ، وانهم يعانون نفس ما نعانية هنا ... لكن ماذا لو تهور جندي مصري وأمسك بسلاحة الشخصي واطلق النار علي الان .... فأنا هدف مثالي له – ثابت وواضح وضوح الشمس ... لا افهم سر الثبات النفسي لهؤلاء الجنود ، فكل يوم سبت تأتي الفتيات للترفية عن جنودي ، وما بين اللعب والمرح ونزول مياة القناة بالبيكيني ، أو بدونة حتي ... لو كنت مكان أي جندي مصري لكنت أفرغت ما معي من طلقات فيهن ، لذلك لا افهم سر الثبات الانفعالي لهؤلاء الجنود المساكين ..... من أين يأتون بمثل هذا الصبر

       


ظل إيلي متابعا الجانب المصري حتي عم الظلام التام للمشهد أمامة وامتزج سواد السماء بسواد صفحة القناة فتحرك من مكانة متجها نحو الحصن الخالي لقراءة بعض من التلمود في خلوتة اليومية

 

 

الفصل الرابع

5 يونيو 1973

أجواء احتفالية داخل دشمة المطعم بالحصن الرئيسي ، فهي الذكري السادسة لحرب الأيام السته ، الذكري السادسة لهزيمة جيوش ثلاث دول عربية واحتلال القدس وسيناء والجولان ، الذكري السادسة لنصر الجيش الذي لا يقهر ...

في يوم سابق أرسلت قيادة المنطقة الجنوبية في سيناء بالعديد من الصناديق بها العشرات من زجاجات الخمر مختلفة الانواع ، والعديد من صناديق الطعام واللحم والفراخ والمياة الغازية والمجلات الاباحية للترفية عن الضباط والجنود ، وارفقت معهم العديد من الاسطوانات الموسيقية الحديثة وبعض الافلام الأمريكية للأحتفال ...

ولم يترك بنيامين الفرصة تفوت بدون أن يشعل جو الاحتفال في الحصن الذي أستمر حتي منتصف الليل ، وفيما عدا إيلي وجندي أخر متدين فأن الاخرين قد انقضوا علي الخمر وأنهوا كل ما تم ارسالة من القيادة

سار إيلي وسط أجساد زملائة الجنود والضباط المطروحين أرضا من السٌكر البين ، حتي وصل الي غرفة الاتصالات ليجد الجندي المتدين الاخر مستمعا الي الاشارات اللاسلكية في تركيز وبجوارة أطباق خاوية ..

دخل ايلي غرفتة وهو يتمتم (( وكأننا نطلب من المصريين الهجوم علينا ))

في الصباح التالي إستيقظ الجميع متثاقلين وهم يعانون من أثر الخمر والسُكر في الليلة السابقة حتي بنيامين الذي خرج من الدشمة مترنحا وفي يدة بقايا زجاجة ويسكي ...

كان وضع يدعو للتقزز ( هكذا وصفة إيلي لاحقا ) فالرجال المنوط بها الدفاع عن خط القناة كخط دفاع أول عن اسرائيل تعاني من السًكر وحالتها تدعو للشفقة ......

لذلك فقد مر اليوم علي ايلي وهو يحاول اعادة رجالة من فريق الاتصالات لحالتهم الطبيعية وكفاءتهم بشتي الطرق حتي يأس من المحاولة ومع حلول المساء وخلد الجميع الي النوم الا ايلي الذي قام بالمناوبة الليلية امام الاجهزة طبقا للجدول الثابت منذ قدومة للحصن ....

في تمام الثانية فجرا أشتعلت شبكة الاتصالات المصرية فجأة بشلال من الاتصالات ، دعي إيلي لايقاظ فريقة بالكامل لمتابعة العمل معة ومساعدتة ... اتصالات تليفونية سلكية ولاسلكية علي نطاق الجيش الثاني بأكلمة ...

عشرات الاشارات والبلاغات الواردة والصادرة فجأة وهو أمر لم جديد لم يعهدة إيلي منذ قدومة للجبهة ، بعد دقائق كان بنيامين يقف خلف إيلي بملابسة الداخلية متابعا ما يحدث وقد تنبهت حواس الجميع ..

أوامر بالاستعداد ، اوامر بالتحرك ... ردود بالاستعداد وتأكيد إستلام الرسائل

هرع بنيامين الي غرفة القيادة وأتصل بقيادة المنطقة الجنوبية في ام مرجم بوسط سيناء ، وفي انفعال اخبرهم بأن الحرب علي وشك البدء وان شبكة اتصالات الجيش الثاني المصري تعمل بأقصي مجهود وأن الهجوم وشيك ............ جاءة الرد بالانتظار ....

وخلال ثوان الانتظار قرع بنيامين جرس الانذار وأمر الجميع بالخروج الي مواقعهم الدفاعية ، فهرع الجنود والضباط الي أماكنهم الحصينة بالحصن بينما هرع رجال الدبابات الي دباباتهم اليتيمة بالموقع واداروا المحرك وأستعدوا للأشتباك ...

بنيامين يصدر أوامرة لإيلي بتبليغ بقية الحصون بالاستعداد الفوري للقتال ، والردود تصل سريعا بتمام الاستعداد .

نصف ساعة تمر ثقيلة علي الرجال في الحصن ... البلاغات من مركز الملاحظة بأن كل شئ هادئ ولا يوجد أي شواهد لتحرك القوات المصرية ........... ومازال بنيامين منتظرا رد القيادة ...

وقرب الثالثة فجرا تأتية إشارة لاسلكية من القيادة بأن المصريين علي ما يبدو يقومون بتدريب مفاجئ لمراكز القيادة وشبكات الاتصالات وأن الامور هادئة بطول الجبهة ... ولا شئ يدعو للقلق

يتنفس الجميع الصعداء بما فيهم إيلي ، ورغم استمرار الأشارات والرسائل في التدفق فقد تعامل مع الموقف بشكل أكثر هدوء ... وهدأ التوتر بالحصن .

 

وقرب الثامنة صباحا هدأت حدة الاتصالات المصرية وبدأ المزاح يعود بين جنود الاتصالات

فالضابط المساعد فتح المزاح بأن المصريين يعاقبونا علي سهرة ليلة أمس الصاخبة فقرروا أن يجعلوا النوم يطير من عيوننا تلك الليلة .

رد جندي بأن لو هجموا تلك الليلة لكان أسهل عليهم مما قاموا به علي شبكة اتصالاتهم

ضحك الجميع وتناوبوا النكات علي المصريين ومما قاموا بة فجأة ...

ودخل بنيامين وسط الضحك وتشارك مع الجميع اطلاق النكات ،

حتي طرح احد الجنود سؤالا جادا أسكت الجميع ...

-         يا بني – لو قام المصريين بهجوم حقيقي ، ماذا يمكن لدستة من الرجال ودبابة واحده أن يقوموا بة لصد هجوم الكتيبة 16 التي تواجهنا ...

عم الصمت لثوان وتحول الوجوة المبتسمة للجدية وانتظروا من بنيامين الرد ..

وضع بنيامين يدة علي كتف الجندي ونظر للجميع ..

-         هل تريدون التحدث بجدية .. حسنا .. عندما قام المصريين بالحشد الشهر الماضي ، تحركت كتيبة دبابات بالقرب منا طبقا للخطة – أي ثلاثين دبابة اضافية تعزيز لموقعنا – وكل واحد منكم لدية من الطلقات والتدريب لايقاف تلك الكتيبة .. فنحن في موقع حصين لا يمكن تدميرة بالمدفعية او بالطيران .. ولدينا من الذخيرة والطعام ، ما يكفينا لاسبوع كامل من القتال ........

أضف الي ذلك ان فوراعلان الطوارئ وقبل بدء الحرب بيومين علي الاقل سيتضاعف العدد لديكم هنا لما يزيد عن ثلاثين جنديا ويتم تعزيز الحصن بأربع دبابات إضافية ليكون المجموعة 5 دبابات ... وخلفنا علي مسافة 3 كيلو 25 دبابة أخري

ويخرج من جيبة سيجارا رفيعا ويشعلة ويستكمل ..

-         أظن أن ذلك كافيا لصد لواء مشاة مصري وليس مجرد كتيبة بائسة ... اليس هذا صحيحا ..لا داعي للقلق يا سادة ........ اتمني ان يتهور المصريين سريعا ويبدأوا الحرب ، لان الملل هنا اكثر قتلا من المصريين .

تضج الغرفة بالضحك ويستكمل بنيامين ضاحكا

-         ولا يجب أن أذكركم بخزانات النابالم التي تمتد الي طرف القناة ، والتي شاهد المصريين تجربتها العام الماضي وحولت المياة الي كتلة نار ..

-         لكن تلك الخزانات خالية ولم يتم عمل صيانة لها ..... قال ايلي مندفعا ..

ينظر له بنيامين باسما في غرور

-         نعم هذا حقيقي يا ايلي لكن المصريين لا يعرفون ذلك والرعب يملئهم منذ تلك التجربة حتي الان ، لكن يجب أن نعترف بأن المصريين قد أطاروا النوم من عيوننا وسببوا لنا الرعب هذه الليلة ...

يضحك ايلي من الحوار الضاحك بين القائد و زملائة وفجأة تلتقط اذنية إشارة لاسلكية علي التردد 109

فتتنبة حواسة ويلتفت الي الجهاز فجأة

-         فنجان شاي وسيجارتين ما ين العصر والمغرب ..

-         فنجان شاي وسيجارتين ما ين العصر والمغرب ..

يلتقط إيلي والجندي المجاور له الاشارة في نفس الوقت ....

ويلتفت الجندي لايلي متسائلا والذي تظهر علي ملامحة نظرة التعجب هو الاخر فيحدث بنيامين الذي مازال واقفا وسطهم مازحا

-         ما الذي يحدث علي تردد 109 هل هذا تردد مطعم الجيش الثاني ؟ يتساءل إيلي باسما

-         ماذا حدث ؟

-         ثاني إشارة خلال شهرين علي نفس التردد بنفس المعني تقريبا ... كلمة شاي قاسم مشترك

-         هل جاءك أي تفسير من المخابرات عن الاشارة السابقة ؟

-         لا

-         حسنا قم بما يجب عليك القيام بة وأرسلها للقيادة ، مهمتك التصنت وارسال التقارير وليس التفسير وفك الشفرة ..... دع هؤلاء الذين يجلسون في التكييف في بئر سبع يعملون قليلا .

-         أفهم ذلك ....... حسنا لك هذا ...

-         ارسل الرسالة واخلد للراحة فانت مستيقظ منذ يومين متواصلين ..

-         فعلا احتاج الي الراحة .... اراك لاحقا ....

بعد دقائق

-         يخلد إيلي الي سريرة الميداني ، وفي عقلة كلمات الاشار - فنجان شاي وسيجارتين ما ين العصر والمغرب .. وتمتم عقلة هامسا ...

-         حسنا يا دمنهوري رسالتك وصلت .. الموعد غدا في الحصن بعد أذان العشاء مباشرة ...

لم يكن إيلي علي علم بأن هذه الاشارة هي عبارة عن المقطع الافتتاحي من أغنية للملحن المصري محمد الموجي في تجربتة الغنائية الوحيدة التي قام بها ...

الفصل الخامس

 

 

خرج إيلي من الحصن الرئيسي حاملا سلاحة الشخصي ( رشاش العوزي ) علي كتفة وفي يدة كتاب التلمود ، وفي يدة الاخري ترمس شاي ساخن وكوب .... ومع صوت أذان العشاء يتردد من الجانب المصري لقناة السويس خطا ايلي خطواتة وسط الظلام مارا داخل خنادق المواصلات تجاة الدشمة المهجورة .....

رغم الظلام التام الا انه حفظ المكان وعرف كيف يصل بدون أن يحيد عن طريقة ويدخل حقل الالغام بالخطأ أو يتعرض لاي من الاسلاك الشائكة التي تحيط بالمكان .

نزل ايلي الدشمة المظلمة وسار عدة خطوات وهو يتحسس طريقة للصندوق الذي يتوسط باحة الدشمة ووضع سلاحة والشاي وكتاب التلمود ثم بحث عن مصباح الجاز حتي وجدها واضاءه ليجد صوت الدمنهوري أتيا من خلفة في هدوء ..

-         شالوم يا ايلي

التفت ايلي متفاجئا ويدة بتلقائية تصل لسلاحة حتي تعرف علي صوت الدمنهوري المستلقي علي السرير الميداني المواجهة للطاولة

-         ما الذي تقوم بة يا رجل ، اتريد ان تقتلني من الرعب ؟

يضحك الدمنهوري من الفزع الذي يجتاح ملامح ايلي الشبة مكتملة امامة في الضوء الضعيف للمصباح ويمد يدة لمصافحة ايلي المرعوب ....

-         حقا يا رجل لقد زرعت الرعب في قلبي ...

-         حقك عليا يا خواجة ايلي ........ قالها الدمنهوري مبتسما ...ثم استكمل

مبروك ترمس الشاي ، كده هنشرب كوباية كاملة .

ينظر ايلي الي الترمس وهو مبتسم

-         انه احد الهدايا التي وزعت علينا في مناسبة حرب الايام الستة ......

-         طب ما تصب لنا كوباية نلحق نشرب وهو سخن ...

يقوم ايلي بصب كوب للدمنهوري بينما يستخدم هو عظاء الترمس ككوب لة ويبدأ في الجلوس مواجها الدمنهوري ... والذي يبادرة متحدثا

-         قضيتم سهرة للصبح أول أمبارح ، صوتكم كان واصل لنا الناحية التانية

-         دعك من المزاح واخبرني ما الذي قمتم بة ليلة أمس ؟

-         ايه اللي حصل امبارح ؟ تقصد اية ؟

-         هذا الفيضان من الاشارات السلكية واللا سلكية الذي قمتم بة

يمط الدمنهوري شفاة بدون إكتراث مهونا من الحدث

-         عادي يا ايلي ، تدريب زي أي تدريب

-         لكنكم سببتم لنا الرعب

وهو يرتشف بعضا من الشاي وبصوت غير مهتم ...

-         لية ؟ احكي لي حصل اية ؟

-         ما حدث كان وكأن الحرب علي وشك البدء ، فالاتصالات كلها حقيقية ومؤكده جعلت بنيامين يأمر بالاستعداد الفوري والاتصال بالقيادة

-         لا لا لا احكي لي بالتفصيل وبالتوقيتات .. زي ما اتعودنا وزي ما اتدربت

-         حسنا – رسائلكم بدأت في الثانية فجرا بالضبط ، احتجت الي 3 دقائق للتأكد من صدقها وانها ليست ضوضاء لاسلكية منكم للتشويش علينا ، واتصلت ببنيامين قائد الحصن والذي كان نائما ، وصل لي بنيامين بعد بدقيقة وأستفسر عما حدث ثم بعد دقيقتين تقريبا ضغط جرس إنذار الحصن

-         يعني نقول 5 دقايق من ساعة بدء الرسايل لحد الانذار ؟

-         نعم تقريبا ........... بعدها اتصل بنيامين بالقيادة في أم مرجم مستفسرا عما يحدث ، تحقيق الاتصال وحدة أستغرق دقيقة لانشغال الشبكة الكبير بما تقومون بة .. بعدها تم الرد علية ..

-         كان الرد من القيادة إية ؟

-         لا لا عفوا يا دمنهوري لقد أخطأت ... لقد اتصل بنايامين بالقيادة اولا مستسفسرا عما يحدث وعندما جاءة الرد بالانتظار قرع جرس الانذار .

-         مالك يا ايلي فية .... دي حاجة تغلط فيها ؟ ده اللي اتدربت علية ؟ قولي كان رد القيادة اية ؟

-         من الجيد اني اتذكر التوقيتات يا دمنهوري ، لو كنت مكاني وسط هذا الرعب لنسيت الزمن فقد كنا متأكدين 100 % ان الحرب علي وشك البدء ....

ثم أستكمل

-         رد القيادة جاء بعد ساعة تقريبا بأن كل شئ هادئ علي القناة وانكم تقومون بتدريب قد يكون تدريب مراكز قيادة او تدريب لشبكات الاتصالات لديكم .

-         ساعة كاملة ...... مش كتير ؟

-         فعلا زمن طويل لكنكم قمتم بعمل متهور ، واعتقد ان القيادة كان يجب أن تتأكد من كل النقاط الحصينة بطول خط القناة من أن كل شئ هادئ ...

-         بس متعودناش منكم علي التأخير ده ...... ما علينا ... حصل اية تاني ؟

-         دار حوار بين بنيامين اعتقد انك يجب ان تعرف فحواة ، فقد اخبرنا انكم قمتم بحشد قوات خلال مايو الماضي ، وانة بناء علي هذا الحشد تقدم خلفنا الاحتياطي القريب لدعمنا ، وطبعا انا لا اعرف تلك التحركات لانها تمت في سرية وبدون أتصالات ، وانة قبل بدء الحرب سيتم تدعيمنا ب 30 جندي وأربع دبابات ليكون اجمالي الدبابات خمس دبابات ...

-         عادي كلام كلنا عارفينة ومش اول مرة تحركوا الاحتياطي بتاعكم قرب القناة ...

-         حسنا هذا ما وصل لي من بنيامين ، هل تعلم انه يكاد يجن منذ الشهر الماضي بسبب كتيبة المدفعية التي تقدمت قرب خط القناة ثم اختفت فجأة ...

-         كتيبة مدفعية اية ؟ مفيش كتائب مدفعية تحركت امامكم سواء في مايو او يونيو ...

-         كيف هذا لقد رصدها بنيامين بالنظر وقمت بنفسي بالابلاغ للقيادة ...

وقد لمعت عيني الدمنهوري وهو ينظر في عيني ايلي

-         وانا بقولك مفيش كتايب مدفعية اتحركت قدامكم .....

-         ماذا بك ايها الرجل ، لماذا هذه النظرة المرعبة ؟ لقد أخبرتك بأن بنيامين قد رصدها بالنظر وحدد عددها والعيار وكانوا 12 مدفع 122 ملم مجرور وانا من أرسلت الرسالة ..

-         صدق اللي تحب تصدقة بس انا بقولك مفيش كتائب مدفعية اتحركت .

-         اكان مخمورا عندما رصد تلك القطع ؟؟

-         انت شفتها بنفسك

-         لا – لكن ....

-         يبقي تصدقني لما اقولك مفيش كتايب اتحركت ، يمكن بنيامين كان عايز يعمل حركة مع القيادة انه صاحي ومفتح فينقولوة مكان تاني ...

-         واين سيجد مكان بة راحة واستجمام وملل مثل هذا الحصن الممل .

-         بعيد عن بنيامين ... عندك اخبار اية تاني ؟

استدار ايلي وامسك بكتاب التلمود ، واخرج منة ورقة كبيرة مطوية عدة مرات وسلمها للدمنهوري

-         هذه هي الشفرة الجديدة ، سنبدأ أستخدامها أول شهر يوليو القادم ...

وهو يطالع الورقة

-         طيب تمام .. هتنزل اجازة أمتي ...

وقد تهللت أساريرة ...

-         الاسبوع القادم ، رد فعلي وعملي أثناء تدريبكم المفاجئ أمس جعل بنيامين يثني علي ويمد لي الاجازة أسبوعين بدلا من أسبوع كمكافأة .

-         حقك ... انزل وهيص مع عيلتك وخرجهم فسحهم ... الجو حلو الايام دي عندكم ، انزلوا البحر في حيفا او تل ابيب ...

-         نعم وهو كذلك .... انا فعلا في حاجة لرؤية لون أخر غير لون الصحراء الاصفر الممتد حولي في كل مكان ...

-         طيب يا خواجة بص ..... ركز معايا كويس .

هتأخد أسرتك فسحة لمدينة حيفا وتنزل هناك في فندق كيديم ، عارفة ؟ اللي جنب شارع ناهال جاليم .... الفندق ده بيشكروا فية جدا والمطعم بتاعة أكلة حلو جدا ..

ساخرا

-         هل تمزح معي ؟ هل سأنفق كل ما ادخرتة الشهور الماضية من مرتبي في اجازة في حيفا ؟ هل تعرف مستوي الاسعار هناك ؟؟

تبسم الدمنهوري ووضع الكوب من يدة

-         بالراحة يا خواجة ... احنا عارفين كل حاجة عن مدخراتك ....

-         طالما تعرفون ذلك ، ستعرف علي الفور بأنني سأصرف كل ما ادخرتة في هذه العطلة ..

-         اه فعلا تقريبا ... هيكون المبلغ قريب ...

-         ولماذا افعل ذلك ؟ لدي التزامات أخري اريد ان اهتم بها

-         ولو قلت لك متشلش هم ؟

-         لا افهم

-         الفسحة دي علي حساب مصر ، مصر اللي عازماك يا خواجة ..

وقد فغر فاة من الدهشة وظهرت كل علامات التعجب علي وجهة واستطرد منفعلا .

-         ماذا ؟؟ وهل ستعطيني المال لهذه العطلة الان ؟ هل تعرف كم نفطة تفتيش نمر بها من الجبهة حتي بئر سبع ؟ .... 5 نقاط تفتيش ... عمليات التهريب داخل الجيش لا تتوقف ، والبوليس الحربي يطارد تلك العمليات يوميا ، اتريد أن يلقي القبض علي أحمل مئات الشيكيلات ( العملة الاسرائيلية ) في جيبي بدون سبب ؟

ويقوم الدمنهوري من مكانة منفعلا وهو محتد في كلامة ، لكن هامسا ...

-         مش قلت لك مليون مرة أن أمنك وسلامتك أهم حاجة عندنا ... تفتكر اني اعرضك للخطر يا خواجة ؟

ويعم الصمت انحاء الغرفة لثوان ... فقد أحس ايلي بالاحراج ونكس رأسة ، وبعد ثوان يهدأ الدمنهوري ويلقي ما تبقي من شاي علي الرمال .... ويستكمل بنبرة أقل حدة .. لكنها لهجة أمر لا يحتمل الرفض

 

 

 

-         هتروح فندق كيديم هتلاقي حجز بأسمك عملاة شركة سياحة في تل ابيب لاسرتك لمدة 10 ايام ، اول ما تطلع الاوضة 503 تخش الحمام تاخد دش ، وتفك ماسورة ستارة الحمام .... هتلاقي جواها 3000 شيكل في كيس بلاستيك .... تتفسح وتنبسط وتبسط المدام والعيال ....

-         اعتذر منك يا دمنهوري ... لم اقصد أن اقلل من تقدير حمايتك لي ، لكنك تعرف حياتي في المخابرات وما تعلمتة جعلني أرتاب في كل شئ ... ماذا لو سألتني زوجتي عن مصدر الاموال ..

-         هو أنا كمان هأعلمك ازاي تكذب علي مراتك يا إيلي ؟؟

-         عندك حق ... اعتذر منك للمرة الثانية ...

يقوم الدمنهوري من مكانة ويمسك بكتفي ايلي ويحدق في عينية بنظرة حادة تخضع من ينظر لها .

-         علشان كده قلت لك وبكرر لك أن أمنك وأمن أسرتك نمرة 1 عندنا ،واحنا اخترنا لك فندق سعرة محترم لا يلفت النظر لك ، ثم انت ضابط في جيش الدفاع وفي المخابرات يعني مرتبك كويس ومحدش هيشك انك نازل في فندق متواضع ، غيرك في نفس رتبتك في القوات الجوية مثلا بينزلوا في الهيلتون علطول ومحدش بيسألهم ولا بيحقق وراهم .....

وهو يتحاشي النظر لعيني الدمنهوري .

-         حسنا يا دمنهوري ... يرجي ايصال شكري علي هذه اللفتة الطيبة من طرفكم ...

وقد ظهرت إبتسامة صفراء علي وجهة ..

-         ماشي يا سيدي ... يوصل بإذن الله – انبسط ولما ترجع هيكون لنا شغل كتير ...

الفصل السادس

 

 

يقضي إيلي عشرة أيام من الجنة كما وصفهم للدمنهوري لاحقا ، وهو متنقل ما بين الفندق وشاطئ البحر مع زوجتة واولادة نهارا ، وليلا جولات الشراء في شوارع حيفا ..... وكما توقع إيلي فقد سألتة زوجتة عن مصدر المال لهذه الاجازة الممتعة ، فقص عليها ايلي بإختصار ما حدث علي الجبهة وفيضان الاتصالات المصرية ولولا تصرفة السريع وكفاءتة لما حظي بهذة المكافأة والاجازة .

ويعود ايلي الي حصن مستميد مرة أخري ويمر شهر يوليو وأغسطس هادئا .... مملا من الاحداث لا يقطع الملل سوي الاشارات المتبادلة بين ايلي والدمنهوري علي التردد 109 والتي غالبا تكون تحيات متبادلة طبقا للشفرة المعروفة لهم .... ويذكر ايلي تلك الفترة بأنها كانت فترة قاسية من الحر والوحدة والملل وانه كان ينتظر رسائل الدمنهوري لكي تكسر بعضا من الملل لدرجة انه فكر عدة مرات بأن يدعو الدمنهوري للحضور والتحدث معة ، لكن طبقا للتعليمات فأن ذلك ممنوع تماما ، فالدمنهوري هو من يحدد موعد ومكان اللقاء ... كذلك لم يطلب الدمنهوري أي تكليفات معينة مما زاد من حدة الملل لدي إيلي .

وواصل ايلي ذهابة الي الدشمة المهجورة كأجراء روتيني يومي له وكثيرا ما تمني أن يدخل فيجد الدمنهوري امامة ، فالملل قاتل داخلة .. وحتي زيارات الترفية كل سبت فقدت كثير من متعتها لدي الرجال ولدي ايلي ، فالمخزون المتوافر لديهم من طعام ومعلبات واسماك و كل الاصناف التي يمكن ان يتخيلها بشر كسر لديهم متعة انتظار وصول الترفية .... وتحول كل شئ حولة الي روتين قاتل ...

*

ولا ُيذكر المصدر أي شئ عن لقاءات الدمنهوري السابقة مع ايلي قبل وصول ايلي لخط القناة ، اين كانت تتم وكيف ، لكن الظاهر من سياق السرد ، انه كان هناك لقاءات متعددة خلال فترة حرب الاستنزاف وبعد وقف اطلاق النار في أغسطس 1970 .

*

ويبدأ شهر سبتمبر 1973 وتبدأ حركة ونشاط علي الجانب المصري ، في البداية تعامل ايلي مع بلاغات بنيامين علي انها معلومات غير دقيقة وأبلغ قيادة المخابرات بأن بيانات ايلي مشكوك في صحتها واستدلل علي ذلك بمعلومة كتيبة المدفعية التي لم يراها سوي بنيامين ، وكانت تلك هي البذرة التي وضعها الدمنهوري في عقل إيلي في أخر لقاء .

المهم ان قيادة المخابرات الاسرائيلية بدأت تطلب من إيلي تأكيدات بالحركة المصرية علي الجانب الاخر وبدأت تدقق في كل معلومة يرسلها بنيامين وتطلب تأكيد من ايلي شخصيا

وفي أحد الايام وصل ميجور من المخابرات بطائرة هليكوبتر فجأة وذلك بعد ساعة فقط من بلاغ إيلي بوجود تحركات مريبة علي الجانب المصري ، وصعد الميجور لبرج المراقبة مصطحبا ايلي فقط تاركا بنيامين عند قاعدة البرج ...

وفي الاعلي امسك الاثنان بنظارتهم المعظمة وتابعا ما يحدث ودار حوار سريع بين الاثنين وهما يراقبان الجانب الاخر ...

-         ما الذي تشاهدة يا ايلي ؟

-         جنود وضباط مصريين يقومون بشئ ما داخل حقول الالغام ...

-         انهم يقومون بصيانة الالغام والتأكد من صلاحيتها ، وهذا يحدث بطول الجبهة ، هل تشاهد العلامات علي السيارات التي في الخلف ، انها علامة سلاح المهندسين للجيش الثاني .

-         يا لهم من اغبياء ، لقد كشفوا لنا حقول الغامهم بكل بساطة ..

-         لا يا ايلي ، انهم يعرفون جيدا اننا نعرف بدقة اماكن حقول الغامهم لذلك لا يعنيهم مطلقا الاخفاء والتموية لحقول الالغام ...

-         اااااااه فهمت ...

-         لماذا لا تخرج من الحصن وتراقب الجانب الاخر ؟ ..

-         بنيامين حدد لي عملي بالتصنت والاتصال فقط وهو ما اقوم بة

-         القيادة لا تثق في تقارير بنيامين والمخابرات طلبت تأكيد المعلومات من شخص أخر ، خصوصا انك تواجهة الفرقة 16 مشاة المصرية وهي فرقة خط اول جيدة التدريب ...

-         حسنا لك هذا ... من الغد سأبدأ في المناوبة بين عملي في التصنت والمراقبة ..

-         لا ...... من اليوم وليس غدا ...

ويهبط الميجور وخلفة ايلي الي قاعدة البرج حيث ينتظر بنيامين ومع احد ضباطة .. فيبادر الميجور متحدثا ..

-         تعليمات القيادة الجنوبية ، ان جميع الحصون تضاعف المراقبات ، وقد اخترت ان يساعدك ايلي في المراقبة وارسال التقارير ...

يحس بنيامين بالغرابة ...

-         لماذا هذا القرار ؟

-         لقد رصدنا زيارات ميدانية متزايدة علي طول خط الجبهة وقرار رئاسة الاركان بزيادة معدلات المراقبة عن المعتاد وتدقيق المعلومات بواسطة شخصين من الضباط ..

-         وما هو تقدير المخابرات ؟

-         المخابرات تتابع استعداد المصريين لمناورات الخريف المعتادة من المصريين أخر ثلاث سنوات ونريد أن نرصد استعدداتهم هذه المرة للمقارنة بالمناورة السابقة واستخلاص المعلومات ...

-         هل سيحركون قوات جديدة ؟

يضحك الميجور وهو ينظر لبنيامين .

-         هذه المرة عندما تتحرك كتيبة مدفعية سنرصدها ونصورها قبل ان تختفي مثل الكتيبة التي ابلغت عنها في شهر مايو الماضي ..

-         اللعنة علي تلك الكتيبة الشبح ، لا اعرف حتي الان كيف اختفت ما بين الليل واليوم التالي ولم يرصدها غيرنا ...

-         لو كنا نجابة جيش نظامي محترم لكنت صدقتك يا عزيزي ، لكن المصريين معروف عنهم البطئ والكسل في التحركات ، فعند تحرك الكتيبة يتركون العربات الادارية والفنية لليوم التالي في اولوية التحرك ، وذلك للتحرك نهارا في ضوء الشمس لكي لا تحدث حوادث او اعطال ، اما ان تتحرك كتيبة كاملة بكل عرباتها بالليل .......... فببساطة هذا شئ لا يجرؤ المصريين علي فعلة ..

يحس بنيامين بسخرية ميجور المخابرات كأنها خنجر في قلبة ويظهر ذلك علي وجهة الذي ازداد احمرارا من الغضب المكتوم .

وكما جاء الميجور سريعا عاد سريعا الي طائرته تاركا الرجال في الحصن يقاتلون الملل ، ما عدا بنيامين الذي استدار للضابط المساعد له ولأيلي صائحا

-         اقسم لكم بحياة ابنتي ان الكتيبة كانت موجودة ثم اختفت ...

خلال النصف الثاني من سبتمبر كان كل شئ جلي أمام ايلي ، فالتحركات المصرية واضحة وضوح الشمس سواء من برج المراقبة او من نقطة الملاحظة أسفل البرج التي ترصد حتي 20 كيلو في العمق المصري .. لكنها تحركات غير مفهومة بالمرة

وتباحث ايلي في أحد اليالي مع بنيامين حول تلك التحركات ...

-         ما الذي لا تفهمة يا عزيزي

-         التحركات المصرية طوال الاسبوع الماضي غير مفهومة

-         تقاريركم في المخابرات انها مناورات الخريف المعتادة ..

-         وهل المناورات تشمل تحركات عرضية ؟ فالمعروف ان القوات المصرية اما ترسل قوات الي الجبهة او تسحب قوات من الجبهة للتدريب في الخلف ، لكن ما اراة تحركات بطول الجبهة والقوات الامامية كما هي لا تتغير ...

-         هل تتذكر مناورة الاتصالات التي فاجئونا بها ليلة 6 يونيو

-         طبعا وهل هذه ليلة تنسي ؟

-         ممكن ما نرصدة هو مناورة مشابهة لكنها هذه المرة لنقل قوات او مناورة تحركات عرضية ، لكن اجعل تركيزك دائما علي كتائب اللواء 16 مشاة الذي نواجهة علي مواجهتنا ، فعند الهجوم وطبقا للمذهب السوفيتي ، فان المدفعية سوف تتقدم للامام ، ويتم تقليل مواجهة اللواء من 10 كيلو الي 5 كيلو فقط لضمان الحشد عند العبور ....

-         لا يحدث أي شئ امامنا علي خط القناة ، كل شئ طبيعي ....

-         لذلك الامر لن يزيد عن تدريبات استعداد للمناورات السنوية .... لا تقلق .

-         طبيعة علمي تجعلني أشك في كل شئ ...

يقترب سبتمبر من الانتهاء وتصل لإيلي اشارة من القيادة بأن الجنرال ايلي زاعيرا مدير المخابرات العسكرية في طريقة للجبهة وسيقوم بزيارتهم خلال ساعات ...

استعد إيلي وجهز فريقة للزيارة التي يتوقع ان تحمل في طياتها تفتيش ...

وقرب الظهر وصلت طائرة هليكوبتر تحمل مدير المخابرات ومعة عدد من ضباط هيئة أركانة وبعد حوار قصير مع بنيامين وايلي تحرك لنقطة الملاحظة ليشاهد الجانب المصري ووقف بجوارة ايلي بحكم طبيعة عملة ..

زاعيرا بدأ الحوار واحد ضباط هيئة اركانة يقف خلفهم يدون الحوار في نوتة

-         أري ان كل شئ هادئ ...

-         نعم .. كل شئ هادئ في الامام لكن في الخلف وعلي مسافة 15 كيلو كان هناك تحركات هذا الصباح أيضا ...

-         تحركات للامام أم للخلف ؟

-         تحركات عرضية بموازاة قناة السويس

-         دبابات ؟

-         لا عربات نقل مغطاة ..

-         تقديرك ؟

-         التحركات لم تتوقف منذ 10 ايام لكن لا يوجد اي شئ زائد علي الكتائب في الخط الامامي فربما هي فعلا تحضيرات للمناورات .

-         هل تمت زيارات من القادة

-         نعم

-         كم عددها

أخرج ايلي من جيبة الكراس التي يكتب بها ملاحظاتة ...

-         حتي الان عدد الزيارات من القادة لكتيبة المقدمة وصل ل 23 زيارة

-         شخصيات مهمة ؟

-         ما امكن رصدة فقط اللواء سعد مأمون قائد الجيش الثاني وصاحبة في الزيارة قائد الفرقة 16 عبد رب النبي حافظ ورئيس أركانة أنور حب الرمان ... أما بقية الزيارات من شخصيات بدون رتب والوجوة غير واضحة لي ولم يمكن لي التعرف عليهم

-         ما مدة زيارة قائد الجيش .....؟

-         عدة دقائق قام خلالها قائد الجيش علب علي الجنود في الخط الامامي ...

-         هل عرفت ما في تلك العلب ..

-         طعام مجفف ومصحف

-         كيف عرفت ذلك

-         لقد فتحها الجنود امامنا بعد مغادرة قائد الجيش فورا .

-         هل تعلم ان غدا أول رمضان عند المسلمين ؟

-         نعم أعلم ذلك

-         هل يمكنك القول ان تلك الزيارات كانت معنوية ؟

-         نعم هي معنوية فالرجل صافح الجنود ووزع العلب وانصرف ، ولم يستخدم نظارة الميدان للنظر تجاهنا حتي .

-         حسنا .... جيد جدا ...

-         هل هناك أي شئ

-         نعم ... رصدنا تقدم 15 سيارة لتجاة القناة ليلة أمس وصباحا رصدنا عودتها مرة أخري قبل ساعتين من وصولك

-         وما هو تحليلك ؟

-         اعتقد انه طعام زائد للجنود بمناسبة رمضان ...

يلتفت زاعيرا تجاة ايلي .... وينظر له ..

-         اريد منك اجابة واضحة وصريحة .... هل المصريين جاهزين للقتال ...

-         مما اراة امامي منذ ايام ، فهم جاهزون منذ مايو الماضي وقوات الخط الاول كافية جدا للعبور فوق تلقي الامر ، لكن ....

-         لكن ماذا ؟

-         هل يقاتل المصريون في رمضان وهم صائمون ومدفعيتهم في الخلف ؟

يصمت زاعيرا ولا يجيب بل ينظر تجاة بنيامين قائد الحصن

-         ميجور بنيامين هلا تجيب علي سؤال إيلي ؟

-         لا اعتقد ان المصريين سيحاربون في رمضان أو غير رمضان حتي

-         لماذا يا ميجور ؟ ايلي يظن انهم جاهزون للحرب من مايو

-         نعم هم جاهزون شكلا وليس موضوعا ، شكلا هم في تشكيل قتال دفاعي وجاهزون لصد هجوم منا ، لكن مما اراة كل يوم من هؤلاء التعساء في الخط الامامي انهم فقدوا الرغبة في القتال مع تسرب الملل لهم طوال السنوات الثلاث الماضية حتي تدريبات اللياقة الصباحية يتهرب منها جنود كثيرون ، فالاستعداد ليس موجودا وسطهم بل التسيب خاصة وان قائد الكتيبة المواجهة لنا ويدعي طنطاوي سمح لجنودة بالسباحة في القناة ، وهو ما لم يكن مسموحا لهم من قبل ... فلا اعتقد موضوعا انهم جاهزين للهجوم ، ولو هجموا فستكون خسائرهم عالية جدا ...

-         كلامك مطمئن ومنسق جيدا ، واري أنه عين الصواب ...

ثم ينظر زاعيرا لمساعدة

-         أكتب ... المصريين امام حصن مستميد في وضع دفاعي وغير جاهزين للهجوم – اوضاع دفاعية ، وتراخي وتسيب في الخط الاول ...

ثم ينظر للجميع

-         حسنا يا رجال ، لدي يوم حافل ، فساغادر الي زيارة حصون أخري ...

ويهم بالتحرك ثم يتوقف ويلتفت الي ايلي

-         انت ضابط جيد ، سأحتاجك قريبا في موقع اخر

-         تحت امرك يا جنرال ...

ويغادر زاعيرا سريعا ويتلقي ايلي التهنئة من بنيامين

-         يبدو انك ستغادر حفرة الفئران هذه اسرع مما توقعت

الفصل السابع

أرسل ايلي تقريرا بزيارة مدير المخابرات الي قيادة المخابرات الاسرائيلية كالمعتاد ، وكالعادة أرسلة علي التردد 109 وهو يعلم تماما ان المخابرات المصرية وطبقا لمصطلحهم ( راكبة التردد ) اي كل شئ علي هذا التردد مرصود ، ولديهم كتيب الشفرة الجديدة ، فكأن المخابرات المصرية هي من تتلقي التقارير وعادة يكون الرد بكلمات غير مفهومة للجميع سوي ايلي فقط والتي تجعلة تلك الكلمات التشجيعية فرحا من داخلة ....

وتدورعقارب الساعة سريعا لنصل سريعا الي 5 أكتوبر 73 الموافق 9 رمضان ، صباحا – أشارة عاجلة (( رقم 11 في طريقة اليكم )) .......... تلقي ايلي الاشارة وتعجب جدا

لماذا يأتي موشي ديان لزيارة الحصن في هذا التوقيت ؟

شاركة التعجب بنيامين الذي أمسك بالورقة التي بها الاشارة وهرع خارجا من مكتبة طالبا من الجميع الاستعداد لزيارة هامة وتأكد بنفسة من حسن هندام الجميع ...

وقرب العصر تصل الطائرة الهليكوبتر حاملة موشي ديان ومعة مساعدة وفي طائرة أخري عدد من المصورين والصحفيين ...

هذا هو موشي ديان ... لا يتحرك سوي بحاشية معتبرة من الصحفيين والمراسلين ، ويحب جدا أخد الصور التي تظهرة كبطل مغوار ....

حضر ديان وتبادل الضحكات مع بنيامين وضباطة وتحرك لنقطة الملاحظة والكاميرات تلاحقة

وعندما وصل سأل ضباطة ساخرا وهو ينظر في جهاز الرصد البصري

 

 

 

-         يقولون في الموساد ان الحرب وشيكة فهل هذا حقيقي ؟

ويرد بنيامين بصفتة قائد الحصن

-         أوضاع المصريين مازالت دفاعية ولا توجد أي دلائل علي تقدم المدفعية لستر أي هجوم ، الكتيبة المواجهة لنا مازالت في حالة راحة واسترخاء ... طوال اليوم نوم وبعض النشاط بعد المغرب ، فالصيام يؤثر جدا علي نشاط المصريين وهو امر معروف للجميع

-         تقرير المخابرات الحربية أن هناك أوامر وفتوي من الازهر بضرورة الافطار وذلك للمناورات التي يطلقون عليها " تحرير 44 " . قال ديان .

يبتسم بنيامين ساخرا

-         حتي لو اطلقوا علية " تحرير مليون " ..... فلن يحاربوا ، ولو نزلوا المياة لن نجعلهم يصعدوا الشاطئ الشرقي .... سنجعلهم طعاما للاسماك في القناة

-         يعجبني ثقتك يا بني ( تدليل بنيامين )

-         جنرال موشي أنت تعرفني منذ حملة قادش سنه 56 هل تعرف عني التهاون ؟

-         بني ... سمعتك تسبقك وبعد شهرين سأستدعيك لهيئة اركان الجنرال اليعازر رئيس الاركان

يكاد بنيامين يطير من الفرح

-         أخيرا يا موشي ، أخيرا سأغادر هذا الجحر ؟

-         يكفيك هذه المدة ، من حقك أن ترتاح ....

يغادر ديان بدون أن يمكث طويلا ومن خلفة ذيل الصحفيين والاعلاميين ، ويعود الهدوء والصمت للموقع ، ويعود إيلي نقطة الملاحظة مشاهدا الجنود المصريين علي الطرف الاخر من القناة والذين تعدوا مرحلة الاسترخاء لما بعد ذلك

فجنود تغسل ملابسها في مياة القناة ، واخرين يصطادون السمك وجندي أخر يضع ملابسة فوق احد اغصان الاشجار لكي تجف ...

مشهد عادي متكرر لكن ما اثار انتباة إيلي أن أيا من هؤلاء الجنود لا يحمل سلاحا في يدة أو حتي بجوارة .... فما الذي يعطيهم مثل هذا الامان ؟

استمر ايلي في مراقبتة لبعض الوقت ومع أذان العصر الذي يدوي من الجانب المصري ، يصعد بنيامين لمركز الملاحظة وبعد حوار قصير يغادر ايلي مكانة طامعا في بعض الراحة والنوم ...

في طريقة يمر علي غرفة الاتصالات ويسأل عن الجديد ويقرأ الاشارات الوارة والصادرة خلال الساعات الماضية ويستوقفة اشارة علي التردد 109

(( فنجان شاي مع سيجارتين ما بين العصر والمغرب )) وتبنهت حواسة لتلك الاشارة ، وتهللت أساريرة .... فدخل غرفتة ورمي جسدة علي السرير الميداني بكامل ملابسة وسرعان ما غرق في النوم وعلي ملامحة ابتسامة راحة ...

وبعد العشاء التقي الرجلان .... في الحصن المهجور كالعادة .

الدمنهوري قادما هذه المرة متأخرا عن موعدة دقائق ... وبعد طقوس التأمين وعبارات الترحيب والاطمئنان علي احوال إيلي المعتادة .. سأل الدمنهوري

-         ديان كان بيعمل اية عندكم ؟

-         لقد جاء في زيارة تفقدية ، يقول ان تقارير الموساد تفيد بقرب نشوب حرب .

-         وانتم قلتم له اية ؟

-         كل شئ هادئ والمصريين في حالة إسترخاء .... بالمناسبة رجال الكتيبة 16 التي تواجهنا في حالة تسيب زائدة عن الحد ...

-         سيبك دلوقت من الكتيبة 16 واحكي لي بالتفصيل زيارة ديان وزاعيرا لكم

قص إيلي علي الدمنهوري بالتفصيل زيارة مدير المخابرات زاعيرا ووزير الدفاع موشي ديان طوال نصف ساعة كاملة بكل التفاصيل والدمنهوري يسأل عن تفاصيل صغيرة مثل أسماء الوفد المرافق وعددهم .. ثم توقف عند نقطة

-         زاعيرا كان يقصد اية ، بجملتة أنك مش هتكمل هنا كتير وانة عايزك في مكان تاني

-         لا اعرف ماذا يقصد ... لكن خطأ بنيامين بخصوص كتيبة المدفعية المصرية الوهمية رفع أسهمي امام قيادات المخابرات ...

ينظر الدمنهوري في عيني ايلي .

-         وايش عرفك ان بنيامين كان غلط ؟

-         لا افهم شئ .... هل كانت معلومتة صادقة ؟

-         ايوة معلومتة صح ..

-         لا افهم شئ .. قلت لي سابقا انه لم تتحرك كتائب للجبهة .

-         مش مهم دلوقت هتعرف كل حاجة بعدين .... ركز معايا ..

-         اوكي .

-         بكرة الصبح هيطلب منك بنيامين تتحرك لحصن لكيكان في البحيرات المرة .... عارفة ؟

-         اسمع عنه لكن لم اذهب له من قبل ... لكن مستحيل أن اتحرك غدا أو احمل سلاحا أو اقوم بأي عمل .... او حتي أركب سيارة ...

-         علشان عيد الغفران ؟

-         بالطبع .......

-         بس انت بكرة هترفض الامر في الاول علشان الغفران وهتوافق في الاخر المهم قبل الساعه 12 الظهر تكون في لكيكان

-         يا دمنهوري مستحيل ... انه يوم الغفران ... انه عيد مقدس عندنا والجميع يعرف انني متدين جدا ومتطرف جدا فيما يخص تلك الجزئية ... ولو تحركت سيشكوا في ..

-         يا ايلي انا عارف طقوسكم في عيد الغفران ... بس بكرة هتعمل اللي بقول لك علية لان وجودك الساعه 12 في لكيكان مهم جدا لمستقبلك

-         لا افهم .

-         اول ما توصل هتفتح جهاز اللاسلكي الوحيد هناك علي التردد 109 وتنتظر ، مفيش حاجة تستدعي القلق بس عايزك هناك الساعه 12 – صعبة دي ؟

-         لا ...حسنا سأكون هناك ....

-         خد التلمود معاك

-         حسنا .

الفصل التاسع

 

في اليوم التالي يدخل بنيامين مسرعا الي غرفة ايلي المرتدي الزي الديني وممسكا بالتلمود ويؤدي صلواتة ينادي بنيامين علي ايلي مرتين ولا يرد ايلي وفي النهاية يمسكة من كتفة

-         ايلي اترك الصلاة الان ، اريدك أن تذهب فورا لحصن لكيكان علي البحيرات المرة .

مندهشا من صدق نبؤة الدمنهوري .

-         بنيامين اليوم هو يوم الغفران ولا يمكن لي القيام بأي عمل او حمل سلاح

-         جندي الاتصالات بالحصن التقط اشارات مشفرة مصدرها احد السفن العالقة بالبحيرات المرة القيادة طلبت منا التحقق في الامر بسرعه ، ونريد معرفة مصدر الاشارة وفحوي الاتصال .

-         حسنا ارسل اي شخص أخر.

-         لا يجوز ، ديفيد يقود الاتصالات اليوم وليس لدية خبرتك ، انت توجة علي الفور الان الي لكيكان

-         يا بنيامين لا يمكن لي .....

انفجر وجة بنيامين باللون الاحمر وهو دليل علي غضبة المكبوت فصاح في وجهة ايلي

-         نحن في جيش الدفاع وهذا أمر وعليك تنفيذة الان ، ولو رفضت ساحولك حالا للمحاكمة العسكرية بتهمة عصيان الاوامر في وقت الحرب .

ممثلا انهيار مقاومتة ورضوخة للقائد..

-         لماذا الانفعال يا بنيامين ؟ ، لقد قاومتك لاخر لحظة لاطاعة اوامر الرب وانت اجبرتي ان اخالف اوامرة فلتتحمل أنت عاقبة مخالفة اوامر الرب

-         عن أي رب تتحدث ، ليس هذا وقت تلك الخزعبلات التي تقومون بها ، اريدك ان تتحرك الان بمفردك ، خد عربة مدرعة نصف جنزير واسلك الطريق الجنوبي حتي تقاطع اكافيش ومنة بمحاذاة البحيرات المرة ستجد الحصن علي مسافة 12 كيلو متر جنوبا .. سيطلقون لك طلقة اشارة برتقالية اللون للتعارف عندما تقترب من المكان .

-         وتريديني أن اقود أيضا وهو مخالف لتعاليمي الدينية في عيد الغفران

-         هذا ليس وقتة الموضوع عاجل جدا والقيادة في ام مرجم تطلب توضيح سريع منا ..

-         حسنا حسنا ، دقائق وسأتحرك ..

خرج إيلي بالعربة المدرعة من بوابة الحصن متجها الي حصن لكيكان علي البحيرات المرة وهو الحصن الذي يطلق علية المصريين حصن ( تل سلام ) وفي عقلة دارت عشرات الاسئلة الغير منطقية

ما هو الرابط بين الدمنهوري وبنيامين ؟

كيف عرف الدمنهوري ان بنيامين سيتصرف بهذا الشكل ؟

هل بنيامين عميل أخر لمصر ؟ من المؤكد انه ليس عميلا لانة محدود الذكاء والقدرات ، وكل ما لدية من قدرات هي تملق الجنرالات للترقي ... فكيف حبك الدمنهوري تلك الحيلة ، وماذا يوجد في حصن لكيكان يستدعي وجودي قبل الساعة 12 ؟ لماذا اراد ابعادي عن مستميد ؟ هل سيقومون بالهجوم علي الحصن ليلا بعد ان وجدوا ان الدخول والخروج منه بسهولة دخول السينما ؟

ام سيقومون بقصفة ؟ لو كانوا سيقومون بقصفة فهم يعلمون ان القصف يزيد متانة الحصن .....

ظل ايلي مفكرا متسائلا وهو يسير في الصحراء وعلي المقعد المجاور له خريطة الطريق لارشادة ، حتي لمح طلقة برتقالية لامعة تنطلق للسماء وسرعان ما تهبط .

حسنا هذا هو حصن ليكيان ............ حصن أصغر بكثير من مستميد لكنه علي تبة مرتفعة تشرف علي البحيرات المرة ....

استقبلة الملازم داني سعيدا ، فـ ايلي لهم بمثابة الانقاذ والذي استطرد

-         جندي الاتصال لا يستطيع فك الشفرة او حتي تحديد مصدر الاشارة ، والقيادة تتصل بنا كل نصف ساعة تسأل عن موعد وصولك .

-         حسنا .... دعني أري الرسالة ...

دخل ايلي لداخل الحصن بعد نظرة خاطفة من اعلي الحصن لمنظر البحيرات المرة والسفن العالقة بها ...

فوجئ ايلي فور دخولة بإن الرسالة علي التردد 109 فزاد اهتمامة اكثر وقرأ ما بها من كلمات واضحة ، كانت مكونة من سلسلة غير ذات معني وسط كلمات كثيرة مبهمة

 

 

 

بعد مجهود وساعة من العمل أمكن له فهم الرسالة

( خلي الشاي علي النار – هنشربة كلنا مع بعض )

فأمسك بجهاز اللاسلكي وعلي نفس التردد – أرسل للقيادة

من جوكر في لكيكان الي القيادة – لقد فهمت الرسالة وهي شفرية وتقول ( خلي الشاي علي النار – هنشربة كلنا مع بعض ) يرجي من خبراء الشفرة فك الشفرة – لا يمكن معرفة مصدر الرسالة بجهاز إستقبال واحد ، السفن بجوار بعضها في البحيرات وقد يكون مصدر الرسالة أي سفينة ، سأظل في لكيكان طبقا للاوامر حتي تعليمات أخري – انتهي .

كانت رسالة مزوجة فهو يحدث الدمنهوري في الحقيقة ويخبرة انه في المكان المطلوب طبقا للاوامر في نفس الوقت كلمة جوكر هي كلمتة الشفرية للتعريف وهو يخبر القيادة بفحوي الرسالة التي حيرتهم منذ الصباح والتي لم يستطيع الجندي البسيط فك كلماتها لوقوعها وسط العشرات من الكلمات الغير مفهومة ففي النهاية هو جندي اتصالات بسيط ، والرسالة مقصود منها انهاك من يستقبلها .

فرح الملازم داني جدا بحل المشكلة ورفع عبئ اتصالات القيادة المتكررة بة ، وأقترح علي ايلي تناول بعض المياة الغازية المثلجة في نقطة الملاحظة أعلي الحصن وهو مكان ممتاز للاستجمام .

صعد الاثنان الي اعلي الحصن وتحت شمسية من شماسي الشاطئ ، جلس الاثنان علي كراسي جلدية مريحة تحتها وبجوارهم صندوق مبرد وبداخلة زجاجات مياة غازية كثيرة

ودار حوار سريع بينهم – داني يستفسر عن سبب عدم امكان تحديد مصدر الرسالة وايلي يخبرة بأنه في حاجة ل 3 أجهزة استقبال في 3 اماكن مختلفة حين تبث الرسالة لعمل مثلث تتقاطع أضاعة في نقطة مصدر الارسال ، لكن السفن الراسية في البحيرات منذ عام 67 والتي أطُلق عليها الاسطول الاصفر – ترسو بجوار بعضها البعض وهي سفن دولية ، وأي خطأ في تحديد مصدر الرسالة قد يؤدي للهجوم علي سفينة ليست المصدر الحقيقي للرسالة وبالتالي مشكلة دولية

وتهكم داني من العصبية التي تعاملت فيها القيادة من الإشارة وكان رد إيلي بأن القيادة متوترة منذ أسبوع تقريبا ودلل علي ذلك بزيارة مدير المخابرات العسكرية وبعدها زيارة وزير الدفاع ..

أمضي الاثنان وقتا مرحا في الحوار وامامهم المنظر الرائع للبحيرات المرة ، واتفقوا علي القيام برحلة صيد في البحيرات المرة قرب المغرب حيث يكون التيار مواتيا

وسط جو الهدوء ... سمع داني صوت طائرات من بعيد وتساءل في دهشة عن مصدرها

لم يكمل سؤالة الا وكانت طائرات مصرية تعبر فوق رأسهم مباشرة الي عمق سيناء

-         ما الذي يحدث هل جن جنون المصريين ؟؟؟؟ قالها داني وهو يجري هابطا الي داخل الحصن

بينما تسمر ايلي مكانة غير مصدق ما يحدث ... وفي عقلة دارت كلمات سريعة عاجزة عن تفسير ما يحدث

( حرب !!! الساعه2 ظهرا !!!!! في وضح النهار ؟ هل هذا سبب قدومي هنا ؟ )

لاحظ داني وهو علي باب الحصن ان ايلي مازال واقفا فنادي علية مرتين ولم يرد ايلي فتركة داني وهو يدخل غرفة القيادة متصلا بالقيادة ..

بعد ثوان من مرور الطائرات المصرية ، شاهد ايلي قصف مدفعي كثيف علي يمينة ، ان موقع مستميد موقعة الحصين الذي كان بة منذ ساعات واقع تحت القصف المدفعي المصري الكثيف والسماء فوق الحصن سوداء من دخان الانفجارات التي لا تتوقف – ايلي يشاهد الانفجارات ولا يسمع صوتها الا بعد ثواني لبعد المسافة ....

عقدت المفاجأة لسانة وتفكيرة ، لكنة شكر الدمنهوري عميقا في عقلة ، وهو يحمد الله علي عدم وجوده داخل مستميد الان .............. فبالتأكيد ان زملائة وجنودة يتلقون القصف علي رؤوسهم الان بكل عنف

صعد داني مسرعا وفي يدة نظارتة المعظمة وفي اليد الاخري جهاز اتصال صغير ، ومن خلفة دبت الحركة في الموقع لثوان ثم سرعان ما ساد الصمت ، فالرجال جميعهم داخل الحصن في امان ، والحصن بعيد عن خط القناة وعن مدي المدفعية المصرية ، فالتركيز علي حصن مستميد واضح للجميع .

-         جميع نقاط خط بارليف تتعرض للقصف الان .... قالها داني وهو يفتح جهاز الاتصال ليسمع الاثنان الصرخات وندائات الاستغاثة من قادة الحصون ولا يوجد اي رد من القيادة ...

تساءل إيلي – ما هي أوامر القيادة

-         الاتصال مقطوع ولا رد من القيادة والجندي يحاول الاتصال بدون جدوي ...

-         هل تعتقد انها حرب شاملة ، أم مجرد كسر لاطلاق النار

-         صرخات الجنود في حصون القنطرة تفيد بأن قوارب المصريين قد نزلت للمياة فعلا ..

-         يا له من يوم ............. بالتأكيد سنحصد هؤلاء الجنود

-         مؤكد يا ايلي

-         لكن كيف يحاول المصريين الحرب وجنودهم بمثل هذا الشكل الرث. هل شاهدتهم علي خط القناة؟

-         نعم منذ عدة أسابيع ...

-         يالهم من تعساء ...

لم يكد ينهي ايلي جملتة الا وعبرت فوق رأسهم طائرتين ميج 17 مصرية عائدة الي قواعدها ، واحدة منهم تطير مخلفة ورائها ذيل أسود من الدخان .... فتبسم داني وهو يشير لايلي علي تلك الطائرة المصابة .

وعلي مدار ساعة استمع الاثنان من مكانهم أعلي الحصن للاشارات اللاسلكية من الحصون وبنظاراتهم المعظمة تابعوا الانفجارات من بعيد وكانت صدمتهم رهيبة عندما سمعوا ضابط إسرائيلي داخل حصن حيزايون يصرخ

(( لقد رفع المصريين علمهم علي الحصن الرئيسي – أين الدعم – أين سلاح الجو ؟ ))

نظر الاثنان لبعضهم البعض في دهشة شديدة فقد نجح المصريون في العبور ورفعوا العلم علي الحصن بسرعة كبيرة جدا ......

 

 

استمرات الانفجارات تظهر من بعيد فوق حصن مستميد ، وتساءل إيلي عن مصير زملائة وجنودة

لكن داني لفت انتباة إيلي للاتجاة الاخر ، جنوب البحيرات المرة .....

(( دبابات وعربات برمائية في المياة يا إيلي – انهم يعبرون للشرق ))

أسرع إيلي هابطا في سرعة ورشاقة ودخل غرفة الاتصالات وازاح الجندي الجالس وبدأ في الارسال

(( من جوكر الي القيادة - مدرعات مصرية تعبر البحيرات المرة تجاة الشرق ))

-         سيادة النقيب ان الاتصالات مع القيادة مقطوعة - قالها الجندي وهو مندهش

-         هل جربت كل الترددات

-         نعم لكن الاوامر ان اكون دائما علي التردد 109

-         حسنا دعني احاول مرة أخري ربما تصل للقيادة

(( من جوكر للقيادة – انا في لكيكان – المفاجأة شديدة ببدء الحرب – أطلب الاوامر للعمل فورا ))

قام من مكانة وهو يخبر الجندي بأن يستمع لكل الاشارات وسيكون بجوارة في غرفة القائد لأي جديد

وبعد أن خطا أول خطواتة خارج الغرفة حتي سمع صوت إتصال مشفر قادم

فعاد مسرعا وازاح الجندي المسكين مرة اخري من مكانة ووضع السماعات وبدأ يستقبل الكلمات المشفرة .... سيل من الكلمات المشفرة قادمة من اتجاة مصر ، فحواها بعد أن فك الشفرة في عقلة .

(( أنتظر في مكانك ولا تتحرك لاي سبب ))

وضع ايلي الورقة المليئة بالكلمات المتشابكة واعطاها للجندي هو يسألة

-         هل تفهم شئ ؟

قرأ الجندي الورقة وظهرت علي وجهة ملامح البلاهة ، فأخدها منة ايلي وهو يقول صائحا

-         لو كنت في مستميد لاستطعت فك الشفرة ، فكل معداتي هناك وليس هنا سوي جهاز عقيم

وسمع ايلي صوت داني يرد علية من غرفة القيادة

-         لو كنت في مستميد لكنت الان محاصر يا عزيزي ، بنيامين يصرخ في اللاسلكي ان المصريين عبروا وبدأوا في الدخول للعمق وانه محاصر ومعة عدد من المصابين وتم تدمير الدبابة الوحيدة بالحصن ..

مرالوقت ببطئ علي إيلي وهو جالس فوق الحصن يتابع القتال في الشمال حيث الجيش الثاني المصري وفي الجنوب حيث الجيش الثالث ، ومع دخول الليل صعد داني الي اعلي الحصن هو الاخر

-         هل تشاهد شئ جديد يا ايلي ؟

-         يبدو ان المصريين يتقدمون داخل سيناء ، الانفجارات الان علي عمق ابعد بكثير من مدي المدفعية المصرية مما يعني ان المدفعية المصرية عبرت القناة ...

-         وماذا سنفعل لو هاجمنا المصريين ؟

-         نحن في حصن ونستطيع الدفاع عن نفسنا لمدة ، لكن الحصن لا قيمة له بالنسبة للمصريين فيما يبدو ......

-         هل سنظل هنا .... الرعب يملئ الرجال ويسألون عن مصيرهم ...

قطع الحوار هرولة جندي الاتصال حاملا ورقة في يدة وهو يلهث من صعود الحصن ...

-         إشارة من القيادة بضرورة إخلاء الحصن فورا وجوكر يسلم نفسة لقيادة فرقة الجنرال ادان في بئر جفجافة فورا ....

يمسك داني الاشارة وهو منفعل ...

-         إخلاء الموقع الي أين ؟؟؟ اين نذهب ؟؟؟

-         الاشارة لم تقل شئ

-         وكيف تعرف انها رسالة حقيقية وليست من المصريين ؟

يمسك ايلي الاشارة من يد داني ويتفحص ما بها

-         الاشارة اصلية ، نداءت التواصل خاصة بنا ومن كتيب الشفرة الجديد ... الرسالة أصلية ...

قرب منتصف الليل تجمع الرجال في 3 عربات مدرعة نصف جنزير ، وقد عقدوا العزم علي مصاحبة إيلي تجاة بئر جفجافة ..... لتلقي الاوامر الجديدة ...

وتحت قيادة ايلي ، تحركت العربات تجاة الشرق مندفعة بسرعة ومع كل دقيقة تمر يقتربوا من القصف المدفعي المصري ، السماء المظلمة تضئ علي فترات متوالية مع الانفجارات المدفعية المصرية

ظلت السيارات تسير في طابور شرقا بدون أن يعترضها شئ وبدأ القصف المصري يبتعد وتنفس الجميع الصعداء ، حتي أصطدموا بفصيلة دبابات اسرائيلية كانت في محاولة فاشلة لانقاذ الجنود المحاصرين في حصن مستميد ...

بعد دقائق من الحوار مع قائد الفصيلة المنهك جسديا والمنهار نفسيا من خساراتة لعدد من الدبابات والرفاق في الهجوم ، أستكمل ايلي قيادة القول عبر الطريق الأسفلتي متجها شرقا .... وكلما اقترب من بئر جفجافة يزداد الوهج في السماء ... حتي وصلوا لبئر جفجافة وكانت النيران مشتعلة في مركز القيادة وبعض مخازن الذخيرة ......... حالة من الارتباك أحس بها ايلي وسط حشد الجنود العائدين من خط الجبهة ، الروايات متشابهة والنتيجة واحدة ... لقد نجح المصريين في العبور وبدأت دبابتهم في العبور منذ ساعة فقط ..........

كيف هذا وتقارير المخابرات ان سلاح المهندسين المصري يحتاج لدعم امريكي وسوفيتي معا لعمل أو جسر وعبور القناة بعد 48 ساعة ، والان قد مر فقط 12 ساعة علي بدء الحرب وقد عبرت دبابات المصريين ..!!!!!!

استغرق من ايلي بعض الوقت لكي يستطيع الوصول الي مركز قيادة الجنرال أدان قائد مجموعة العمليات والذي وصل مع طقم قياداتة للجبهة قبل وصول دباباتة التي مازالت في الطريق من عمق اسرائيل ....

لم يكن مركز قيادة بالمعني المعروف انما 4 عربات مدرعة متراصة في كل مربع وفوقهم شباك التموية

قابلة أحد ضباط الاركان واوكل الية قيادة اتصالات مجموعة العمليات من عربة الاتصال المدرعة المرافقة دائما لدبابة قيادة الجنرال ادان ....

دخل ايلي العربة المدرعة واستلم الاجهزة وتأكد من فاعليتها وصلاحيتها ، وقام بتعريف نفسة للجنود والضباط المرافقين وتعرف علي مهام كل منهم ...

وقرب الفجر سمع الجميع صوت قصف صاروخي مصري قريب منهم فهرب الجميع الي الحفر والخنادق بينما وقف الجنرال ادان - والذي يراة ايلي لاول مرة – فوق عربة مدرعة يشاهد ما يحدث حولة .

دقائق وينتهي القصف الصاروخي المصري بصواريخ أرض أرض متوسطة المدي ، مخلفا عدة دبابات وعربات مدرعة محترقة ....

وفي صباح اليوم التالي يغادر ادان مقر قيادتة لاجتماع في قيادة المنطقة الجنوبية في أم مرجم ، ويبدأ أيلي في تجهيز اجهزة الاتصال وخاصة التردد 109

ويرسل أول رسائلة (( جوكر للقيادة – وصلت قيادة المجموعة 162 عمليات – ارافق الجنرال ادان – أنتهي ))

جاءة الرد من القيادة سريعا (( علم – استخدم التردد 219 كتردد بديل في حالات الطوارئ ، الاتصالات تتم عبر مركز العريش لتدمير اتصالات قيادة أم مرجم ))

مر اليوم هادئا علي ايلي ، فالاحتياطي الاسرائيلي يتدفق علي المنطقة ، مئات الدبابات تصل تباعا ، بعضها محمل علي سيارات والاخر علي الجنزير ، لم تكن الاجواء هادئة علي جبهة القتال بالمرة ، فالمصريين منشغلون بمحاصرة وتحرير حصون خط بارليف حصنا بعد حصن ، والبلاغات شبة موحدة من الوحدات المتواجدة علي خط القناة ويسمعها ايلي وينقلها لقيادة العمليات ولقيادة المخابرات ....

حصن (... ) سقط ورجالة استسلموا للمصريين ...

اغلب الحصون سقطت ونحن في اليوم الثاني للقتال فقط ... حالة من النشوي والثقة تجتاح ضباط المدرعات القادمين من العمق ... لم يقابلها ايلي بنفس النشوي انما كان احساسة الدائم بالترقب ...

 

الفصل العاشر

 

 

 

ليلا جمع الجنرال ادان هيئة أركانة وتم استدعاء ايلي لحضور الاجتماع الذي تم علي رمال سيناء وسط مربع من الدبابات تحت شباك التموية

جلس الجميع علي الارض بينما فرد ادان الخريطة امامهم شارحا لقادة اللواءات الثلاث المدرعة خطة هجوم اليوم التالي وسجل ايلي مختصر كلمات الرجل ...

(( سنبدأ الهجوم صباحا علي قلب الجيش الثاني – الفرقة الثانية مشاة في الفاصل بين لواءات الخط الاول ، كتيبة دبابات من لواء أريية ستقوم بإشغال وتثبيت الفرقه 16 المصرية في الجنوب وكتيبة دبابات اخري من لواء نتكا تقوم بنفس العمل مع الفرقة 18 المصرية في الشمال ......... الهدف هو حشد اكبر عدد من الدبابات وتحقيق اكبر قوة نيران لاقتحام دفاعات المصريين تجاة الفردان بقوه لواءي نتكا وجابي مع بقاء لواء اريية في الاحتياطي للدفع لتعزيز النجاح ، وبعد تحقيق الاختراق والذي أظن أنة لن يكون صعبا ، يتم تدمير الاحتياطي المدرع المصري شرق القناة ، تقديراتنا ان لديهم أقل من لواء مدرع أغلبة من دبابات تي 34 التي شاركت في الحرب العالمية الثانية ، لذلك تدميرها أيضا لن يكون صعبا ثم علي الفور تبدأوا في السيطرة علي أكبر عدد من الجسور فوق القناة للعبور غرب القناة ، وعمل رأس كوبري غرب القناة ........ قوات المقدمة عليها دور مهم – مجموعة عمليات الجنرال شارون ستكون جاهزة لدعمنا ، لو قابلتنا أي مصاعب .... لو سارت الامور علي ما يرام ، فور تلقي خبر من قادة الدبابات بمشاهدة القناة ، سنقوم بإبلاغ الجنرال شارون بالتحرك سريعا لتدعيم هجوم الجنرال ماندلر في مواجهة الجيش الثالث الميداني قبالة السويس لعبور القناة في منطقة الشط شمال مدينة السويس ....... الاتصالات مهمة جدا يا نقيب إيلي ، من المهم أن أكون علي معرفة تامة بكل البلاغات وستكون بجواري في عربة الاتصال ونحن نتقدم خلال القناة في النسق الثاني للهجوم ))

 

 

هز إيلي رأسة واستأذن في تبليغ المخابرات بفحوي الاجتماع كجزء أساسي من عملة فهو في النهاية تابع للمخابرات الحربية ودورة مؤقت مع الجنرال ادان ...

 

تفهم الجنرال ادان رد ايلي وتمتم ببعض عبارات السخرية من المخابرات الحربية ، وفشلها في التبؤ بالهجوم المصري ومكانة ، تبسم إيلي في داخلة وهو يتذكر اشارة الدمنهوري

 

 

( خلي الشاي علي النار – هنشربة كلنا مع بعض )

 

عاد ايلي الي عربة الاتصال وتأكد من وجوده بمفردة وفتح الاتصال مع القيادة علي التردد 109 وقام بإيجاز خطة الهجوم المضاد كما كتبها في كراستة بكل التفاصيل الممكنة ، وقام بأرسال الرسالة مشفرة وهو يعلم قيمتها العالية لمصر .....

وكما توقع فقد جاءة الرد سريعا من القاهرة ضمن رسالة مطولة عادية جدا ضمن رسائل التشويش العادية التي تحدث كل ثانية ، وعند حل شفرتها وجد كلماتها مشجعة جدا

(( تستحق اجازة في باريس – شد حيلك إنتظر الاوامر ))

 

 

فرح جدا ايلي بالرسالة المشجعة وعكس ما كان يقوم بة في حصن مستميد فأنة لم يقوم بإعادة أرسال تلك الرسالة لقيادة المخابرات ، فهذا لم يعد دورة الان ولو بشكل مؤقت ، والقيادة كلها مرتبكة والاتصالات شبة مقطوعة بسبب الضربة الجوية والصاروخية المصرية علي مركز القيادة في أم مرجم وحالة الارتباك الحادثة في الاتصالات شجعتة لتجاهل تلك الرسالة ، فقام بحرق الورقة وتركها تحترق علي رمال سيناء ونادي علي احد الضباط لاستلام مهمة الاتصال وانطلق لتناول وجبة العشاء ...

عاد ايلي لاستلام عملة قرب الفجر ووجد اشارات كثيرة قام الضابط المناوب بكتابتها واعادة ارسالها للقيادة في العريش ...

وسط الرسائل كانت رسالة من القاهرة علي التردد 109 ، قرأها ايلي وسأل الضابط الذي قال انه اهملها وسط كم الرسائل الواردة من اتجاة القاهرة ، وانه تركها الي ايلي لقراءتها وفك شفرتها وتقدير مدي اهميتها مع الرسائل الاخري ..

خرج ايلي من العربة المدرعة وامسك بالرسالة وبدأ في تفسيرها وبعد جهد منة وجد أمر من القاهرة

 

 

( منع مجموعة علميات الجنرال شارون من المشاركة في معركة الجنرال ادان بأي شكل )

 

وأسقط في يد إيلي ، فما هو الا نقيب مخابرات متواضع القدرات ، كيف يمكن له ان يمنع مجموعة عمليات الجنرال شارون من الدخول في المعركة ، كيف يمكن له ذلك ..... يا له من أمر مستحيل ....

ظل ايلي ساهرا طوال الليل يؤدي عملة العادي وفي عقلة عجز تام من كيفية تنفيذ أمر الدمنهوري له ، مما أدي الي توترة البالغ طوال الليل

 

 

في الصباح تلقي رسالة مشفرة من قيادة عمليات الجنرال شارون (( عند وصول قوات الجنرال ادان لخط المياة – كلمة السر – بوكسر - لكي نتحرك للجنوب )) تلقي ايلي الاشارة وتأكد من معرفة طاقم العمل لفحوي الرسالة للتنسيق بين مجموعتي العمليات ، وهو اجراء متبع في كل جيوش العالم ويعتبر جزء من عملية كبيرة تسمي تنظيم التعاون .

مرت عدة ساعات من الترقب ، ثم أعطي الجنرال ادان الامر بالهجوم ، وبدأت المدفعية الاسرائيلية بعيدة المدي بالقصف لمدة تلي ذلك بدء تقدم المدرعات ......... وفي الخط الثاني للتقدم ، كانت عربة ايلي المدرعة ترافق عربة قيادة الجنرال ادان ... وقف ايلي في برج المدرعة يشاهد الانفجارات المتتالية علي المناطق التي تتواجد بها القوات المصرية ، حتي توقف ادان علي تبة تشرف علي أرض المعركة ليتابع سير العمليات ...

 

 

اللواءات الاسرائيلية تتقدم بسهولة مطلقة نيرانها في كل اتجاة ، وبدأت تخترق خط الدفاع المصري الذي لم يطلق طلقة واحدة ولم يظهر مصري واحد .. وفي اجهزة الاتصالات كانت الاشارات مفتوحة صوتيا بدون تشفير فأستمع ايلي لكل ما يدور

-         قائد لواء جابي – اين المصريين ؟

-         قائد لواء أريية – لقد استهلكت جزء من الذخيرة في الصحراء – لا اثر لمصري واحد

-         الجنرال ادان – استمروا في التقدم بسرعة اريدكم علي ضفة القناة مع حلول الظهر

-         كولونيل عساف ياجوري قائد احد الكتيبة 113 من لواء جابي ساخرا – ربما ادرك المصريين خطأهم فأنسحبوا ليلا ....

أحس أيلي بالقلق ، فأين حقا القوات المصرية ؟ لقد تقدمت الدبابات مسافة كبيرة خلف خط دفاع المصريين بدون طلقة واحدة تٌطلق عليهم ......

حالة من النشوي والفرح في الاتصالات اللاسلكية حتي قطع تلك الحالة بلاغ من الكولونيل عساف ياجوري والمتقدم علي رأس كتيبته 113 المدرعة

-         أري القناة – لقد رأيت القناة .............

تلي تلك الاشارة صمت لثوان وعمل إيلي المطلوب منة بسرعة ، فقط هبط داخل عربتة المدرعة وامسك باللاسلكي محدثا فرقة شارون ( بوكسر – بوكسر – بوكسر ) وبعد ثواني جاءة الرد بتأكيد وصول الرسالة ، فعاد ايلي للخروج خارج عربته لمتابعة المعركة ، بعد خمس دقائق بالضبط تعالي الغبار علي يسار ايلي من بعيد تجاة الجنوب

فقد بدأت مجموعة عمليات الجنرال شارون المدرعة في الانطلاق جنوبا –حوالي 250 دبابة تتحرك في توقيت واحد في اتجاة واحد مخلفة وراءها سحابة عالية جدا من الغبار ....

تنفس ايلي الصعداء فقد شاءت الظروف ان يخرج شارون من المعركة طبقا لتعليمات الدمنهوري بدون مجهود منة ...

لكن في نفس الوقت وصلت رسالة من الجنرال ماندلر في الجنوب مصرحا بشكل مفاجئ وعلي التردد المفتوح ...

( فرقتي تتعرض للذبح من المصريين ) رسالة مفاجئة وصادمة للجميع ...

 

نظر وقتها ايلي تجاة الجنرال ادان الذي سمع الاشارة في نفس الوقت ونكس رأسة قليلا – ثوان وجاء رد من الجنرال شارون بنفسة وبصوتة الاجش علي التردد المفتوح

( أصمد قليلا يا جنرال ساعتين واصل لك لقلب الطاولة علي رأس المصريين )

عاد ادان لمتابعة تقدم دباباتة ................

 

وبعد دقيقة تقريبا وطبقا لوصف ايلي بنفسة لاحقا (( فتح الجحيم بابة ))

 

 

فمن كل مكان انطلقت الصواريخ المصرية لتحصد الدبابات الاسرائيلية المتقدمة من لواءي جابي ونتكا وتحولت النشوة والغناء في اللاسلكي الي صرخات فزع ورعب وصياح وصويت مثل " النساء التي فوجئت بمصيبة "

فقد قام قائد الفرقة الثانية مشاة المصرية العميد حسن أبو سعدة بنصب أرض قتل لهجوم فرقة ادان وهو تكتيك دفاعي معتاد ، فقد سمح للدبابات بالتوغل داخل عمق الفرقة الثانية مشاة لدرجة أن الكولونيل عساف ياجوري قائد الكتيبة 113 شاهد القناة علي مرمي بصرة ، وفي اللحظة المناسبة يتم فتح النيران علي تلك الدبابات المخترقة من أربع جوانب داخل ما يسمي ( أرض قتل )

 

 

وطوال نصف ساعة كاملة تحولت فرقة الجنرال ادان الي أهداف لتدريب المشاة المصريين الرماية عليها وعادت سحابة من الدخان الاسود تغطي سماء الفرقة الثانية مشاة لكنها هذه المرة بفعل احتراق عشرات الدبابات وربما المئات ، فالهجوم بدأ ب 217 دبابة كما صرح الجنرال ادان في الليلة السابقة ، والان تم فقد الاتصال بأغلب قائد الكتائب وحتي قادة السرايا الاصغر ، تقريبا تم قطع الاتصال تماما بين الجنرال ادان وضباطة في أرض المعركة ...

كان منظرا مخيفا ما يراة ايلي أمامة في تلك اللحظة الفارقة ، فالهجوم المضاد الرئيسي هو اساس خطة الدفاع الاسرائيلية لتحويل دفة الحرب ، وكان النصر فية مؤكدا

الان مجموعة الجنرال ماندلر في الجنود تذبح علي حد قولة ، والجنرال شارون أسرع لنجدتة ودبابات الجنرال ادان في ورطة كبيرة وغير معروف حجم الخسائر

وعبثا حاول ايلي وفريقة تحقيق اتصال بين الجنرال ادان وقادة لواءاتة المدرعة في أرض المعركة ، حتي الكتائب التي بدأت هجوما مخادعا ضد الفرقة 16 والفرقة 18 بهدف التثبيت من دعم الفرقة الثانية مشاة أبلغوا عن تعرضهم ايضا لخسائر فادحة ....

مرت نصف ساعة أخري ، وصل خلالها 12 اتصال من الجنرال جونين قائد المنطقة الجنوبية يسأل عن نتائج الهجوم ، وكان رد الجنرال ادان – النتائج غير مؤكدة والاتصال انقطع بالقوات المهاجمة ...

وفي النهاية أشار ادان الي إيلي بعدم تحويل أي اتصال أخر من الجنرال جونين المتعجل معرفة نتائج المعركة .....

ساعة كاملة وغبار المعركة والانفجارات لا تتوقف ، والاتصال بكل قائد الالوية والكتائب في أرض المعركة قد انقطع ...............

الجنرال ادان يتابع مع هيئة أركانة وقد صب غضبة عليهم وقرر دفع أخر كتائب دبابات لدية للمعركة كأستطلاع بالقوة لما يحدث ............. وهي الكتيبة المتبقية من لواء أريية

في الاثناء أمر ادان – إيلي بالاتصال مجموعة عمليات شارون يطلب منة العودة مرة أخري لنجدة قواتة ودعم هجومها ........

أسرع ايلي الي جهاز الاتصال وحول الموجة الي التردد 109 وهو التردد المختلف عن تردد قوات الجنرال شارون وبدأ يصيح بصوت عال لكي يسمعة الجميع

(( شارون – الي شارون – الجنرال ادان يطلب عودتك فورا – الجنرال ادان يطلب عودتك فورا ))

 

 

اجهد إيلي نفسة لمدة نصف ساعة مكررا نفس الرسالة وهو يعلم ان مجموعة عمليات الجنرال شارون لن تتلقي الرسالة .....

وعندما لم يأت رد ، تحرك متباطئا تجاة دبابة الجنرال ادان والذي كان يقف مع ضباطة امامها متابعا ارض المعركة

-         لا رد من مجموعة شارون ، من الواضح انهم خرجوا خارج نطاق مدي اجهزتنا

نظرة الية ادان نظرة خالية من المشاعر او الانطباعات ثم ادار وجهة وهو يقول ...

-         حسنا – اتصل بالقيادة واطلب منهم الاتصال بشارون وأن تأمرة القيادة بالعودة مرة أخري

هرول إيلي الي عربتة المدرعة وامسك بجهاز اللاسلكي محدثا القيادة وأبلغهم رسالة الجنرال ادان وطبقا للبروتوكول فأن تلك الرسالة يجب عرضها علي قائد الجبهة الجنوبية والذي من المؤكد سيتصل بالجنرال ادان اولا لمعرفة نتائج الهجوم وهو استمرار لمضيعة الوقت

 

 

وحدث ما توقع إيلي وضاعت دقائق اضافية والجنرال ادان يشرح للجنرال جونين الثائر من الغضب ما يحدث امامة وانة قرر دفع اخر كتائبة المدرعة للمعركة لتحقيق اتصال مع اللواءات المفقودة ...

 

وفي النهاية رضخ الجنرال جونين ووافق علي طلب الجنرال ادان

 

وبعد دقائق معدودة تسلم الجنرال ادان اتصالا لاسلكيا من الجنرال شارون ، استمع الية ايلي الواقف بجوار الجنرال ادان ..

الجنرال شارون وافق علي عودة قواتة بعد ان كادت توشك علي الانضمام لبقايا قوات الجنرال ماندلر ، وان الوقت المقدر لعودتة سيكون قرب المغرب و لن يدخل المعركة ولن يساعد الجنرال ادان لان رجال الجنرال شارون في حاجة للراحة ودباباتة في حاجة ماسة لاعادة الملئ بالوقود ......... واغلق الخط

رمي الجنرال ادان جهاز الاتصال علي الارض وقام بتكسيرة بقدمة من الغيط مما قالة شارون وهو يسب بأقذر ما في القاموس العبري من الفاظ ....

أسرع ايلي الي عربتة المدرعة والي التردد 109 محدثا قيادة المخابرات ..

 

(( جوكر – جوكر – تقرير العمليات رقم 2 يوم 8 اكتوبر / الجنرال شارون عائد بقواتة الي المنطقة – رفض المشاركة في القتال لعدم جاهزية قواتة بعد التحرك العرضي للجنوب ثم مرة اخري للشمال – قوات الجنرال ادان مازالت في أرض المعركة والاتصال مقطوع وتم دفع اخر كتائب الدبابات المتاحة لارض المعركة – الخسائر غير معروفة حتي الان – المعركة مستمرة انتظر التعليمات – انتهي ))

ثانية وجاءة الرد من القيادة في العريش بعلم الوصول ... وتأكيد علي استمرار الارسال المستمر

مرت دقائق وبدأت اصوات تظهر في اللاسلكي ، اصوات خافتة متباعدة ، خرج ايلي الي العراء مجاورا للجنرال ادان علي التبة

 

 

ومن أمامهم بدأت تظهر عدد من الدبابات المنفرده خارجة من وسط سحابة الدخان الكثيف ، دبابات عائدة من المعركة مدفعها للخلف ، تحركات غير منظمة تنم عن ذعر من بها ... 2 ثم 4 ثم 9 .... وصل العدد لعشرين دبابة عائدة ، اين الباقي ... الاتصال مقطوع تقريبا

أحد الدبابات العائدة ارسلت رسالة بوقوع الكولونيل عساف ياجوري قائد الكتيبة في الاسر ...

(( اصابوا دباباتنا الواحدة تلو الاخري حتي أسروة )) ....

وقف الجنرال ادان صامتا كالجبل ناظرا لأرض المعركة منتظرا انقشاع الدخان ، وهو ما لم يحدث حتي الرابعة مساءا عندما يأس وغادر أرض المعركة عائدا الي الخلف لتنظيم ما تبقي من دباباتة ....

-         يا اليوم الاسود لقد خسرنا ما يزيد عن مائتين دبابة دفعة واحدة ........ ونفس الحال عند الجنرال ماندلر الذي فقد ثلثي دباباتة امام الجيش الثالث ....

قالها احد ضباط اركان الجنرال ادان وهو يتحدث مع كولونيل بجوارة بينما ينظر اليهم ايلي صامتا وهم يجمعون خرائطهم عائدين خلف جنرالهم ......

ويرد الكولونيل يائسا ...

-         ليس هذا الجيش المصري الذي حاربناة منذ ستة سنوات ، ان الطريق الي القدس مفتوحا لهم الان ، ولا يوجد لدينا شئ لنوقفهم بة ............. اذا كنا هزمناهم في ستة ايام فقد هزمونا في ثلاث ...

-         لا داعي لليأس يا كولونيل – امريكا لن تتركنا ننهزم ... ثق في ذلك تماما ...

-         يا ميجور – امريكا ليست معنا الان في أرض المعركة ...

يعود ايلي خلف الجنرال ادان الي نفس نقطة البداية في الصباح ، وعن طريق الاشارات اللاسلكية مع القيادة اتضحت معالم الحدث .... القوات الاسرائيلية خسرت 400 دبابة تقريبا في عدة ساعات والمصريين الان بصدد تطوير هجومهم وتعميق رؤوس الكباري لعمق أكبر

القيادة تنصح ادان بالتراجع عدة كيلو مترات لان مكانة في مدي الصواريخ والمدفعية المصرية

الجنرال المنهزم لم يكترث بتلك الاشارة ولم يصدر الامر بالتراجع ، كل تركيزة علي جمع جنودة من حول وداخل الدبابات ، واستعادة ما يمكن من دبابات سليمة أو مصابة .... انه يريد ان يساعد رجالة في العودة للوطن حتي لو في صناديق ...

 

عناصر الاستطلاع ابلغتة بأستحالة الوصول علي عدد كبير من الدبابات المصابة ، لوجودها داخل قلب الفرقة الثانية مشاة ... وان الفرقة الثانية تستعد للتقدم ....

-         دعوهم يتقدموا ، ولا تشتبكوا معهم الا بالمدفعية من الخلف لا اريد خسائر أخري ...

قالها ادان في حسرة ..............

ليلا بدأت الفرقة الثانية مشاة المصرية في التقدم ، وبدأ ايلي يقوم بواجبة سواء مع الجنرال ادان او علي التردد 109

ولم تكن الفرقة الثانية مشاة فقط التي تتقدم انما خمس فرق مشاة مصرية تتقدم وتلتحم في رأسي كوبري ، الاول في الشمال وهو رأس كوبري الجيش الثاني بعمق 8 كيلو متر والاخر في الجنوب وهو رأس كوبري الجيش الثالث الميداني .

ومع منتصف الليل أشتعلت الجبهة بقصف مدفعي مصري لدعم تقدم المشاة ، طال مركز قيادة الجنرال ادان وجري الجميع الي الخنادق والحفر للوقاية من القصف والذي كان من الواضح انة بطول الجبهة

وفجأة يحس إيلي بسخونة في رأسة وبخط من الدماء الساخنة ينساب من تحت الخوذة ليمر علي عينة ثم انفة ومنها الي رمال الصحراء ... ليست نقطة دم واحدة او اثنتين انما سيل منهمر تدفق فجأة

كل ذلك وايلي ينظر للدم وهو غير مستوعب ما يحدث ، غير مستوعب الصمت المفاجئ من حولة وغير مستوعب ان هذا الخيط من الدم هو دمة الشخصي وانه قد اصيب بشظية في رأسة وفقد السمع مؤقتا ...

وأظلمت الدنيا حولة...................

بعد عدة أيام يفتح إيلي عينية ليجد نفسة في مستشفي سوروكا في بئر سبع في عنبر واسع به عشرات المصابين من مختلف الافرع ............

وبعد دقائق طويلة من محاولة استيعاب الموقف ومعرفة ما يجري حولة ، وجد باقة من الورد الذابل موجوده علي الطاولة بجوارة ، لم يعر للموضوع اي اهتمام لولا ان الممرضة التي تمرضة لاحظت ذلك

-         هذه الباقة جاءت لك أول يوم وصلت فية هنا .. ومعها كارت ..

فتحت درج المنضدة لتخرج الكارت المنمق والمكتوب بة جملة واحدة ..

 

" 109 شكرا " 

 

تمت .

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech