Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر
  • تعريف بالمجموعة و أعضاءها

     مؤسسة مؤرخي مصر للثقافه ( المجموعة 73 مؤرخين ) المشهرة برقم 10257 لسنه 2016  المجموعه 73 مؤرخين ، مؤسسه ثقافيه للتأريخ والابحاث التاريخيه نشأت عام 2008 - وهي عباره...

    إقرأ المزيد...

بطل الشهر

بطل الشهر /  العميد يسري عمارة 

 

 

الــصـفـحـة الـرئيسيــة

البطل فتح الله ميرة

 

الأحداث تصنع الأبطال والتاريخ يذكرهم، وليس في تاريخنا المعاصر حدث أجلّ من النصر العظيم، ذلك النصر الذي لم يأت صدفة أو على غفلة من العدو، ولكن بمشيئة الله وإرادة مصر جيشًا وشعبًا... دولتنا تتأهب لهذا اليوم منذ جولة يونيو 67..

 

في هذا الحوار تجولنا مع البطل، من صفحة مياه القناة إلى الساتر، عبرنا معه، توغلنا في خط بارليف الذي كان يحتاج تدميره إلى سلاح المهندسين الأمريكي والروسي معًا، على حد تعبير قاداتهم.... ولكنه  هوى وهوى في 6 ساعات  وتحول من خط بالغ المنعة والقدرة الفائقة  يصعب تدميره إلا بقنبلة ذرية... تحول إلى جبن سويسري، فيه من الثقوب أكثر ما فيه من الجبن  كما قال موشي ديان...

لم يهوَ بارليف وحسب...  بل هوى الغرور الذي كان يكسو قادة العدو.. وهوت كل المعايير والحسابات العسكرية أمام إرادة الله وعزيمة الجندي والضابط والقادة  المصريين..

 

ونترككم مع حوار البطل  الجندي، فتح الله ميره

 

في سلك الجندية:

 

اسمي فتح الله عبد اللطيف ميره، أعمل مهندسًا، كنت مجندًا في أول مركز تدريب بالمعادي، أساس رقم 4  وتم ترحيلي إلى منطقة رأس العش  بعد انتهاء مدة  تدريبي لمدة 45 يوم.

كان موقعنا على ضفة قناة السويس بالضبط، بيننا وبين المياه مسافة لا تتعدى  المتر الواحد، وكانت خدماتنا  ومبيتنا مكون من جماعة من  7 أفراد، كنت فردًا في الجماعة 3 من الفصيلة 3  من السرية الأولى، كتيبة 135، لواء 30 مستقل.

 

النقطة 10:

 

كنا في مواجهة النقطة الإسرائيلية الحصينة رقم 10  من خط بارليف  وكانت  آخر نقطة  ومن أقوى  النقاط الحصينة لأنها نهاية الخط الحصين، كنا نقف  نتحدث مع الإسرائيليين  وكان الحزن يتملكنا  حينما نرى العلم الإسرائيلي  يرفرف على الضفة الشرقية للقناة، أما يومي السبت والأربعاء يأتي العدو لجنوده  بالفتيات الإسرائيليات ويقفون أمامنا ويقولون هؤلاء أخواتكم  من غزة والعريش وكان هذا غير صحيح.

 

قبل العبور كنا في غاية الحزن وكنا لا نصدق أن الحرب ستنشب، وحينما كنا نجلس مع القادة وننظر إلى النقطة الحصينة الكيلو 10 في رأس العش ونسأل القادة إذا كان بالإمكان أن نعبر القناة  وندمر هذا الخط، يجيب القادة أن هذا الأمر منتهى الصعوبة، فإذا حاولنا  العبور  ستموت 50%  من القوات في القناة و25%  عند الخط  ويتبقى 25%.

 

كنا يوميًا في الخدمة، ويوميًا في اشتباكات، كان العدو متفوقًا في العتاد، يقوم بالقصف والضرب لمدة قد تصل إلى 4 ساعات   ولا نرد عليهم بطلقة واحدة  وبعد الاشتباك نتحدث معهم، كان منهم عرب  من العراق وتونس وبلدان عربية أخرى  وكانوا يتحدثون معنا ويصفون لنا المدن المصرية والأحياء مثل  كوم الدكة وكوم شقافة وزنقة الستات في الإسكندرية.

 

لم نصدق أن الحرب قادمة  حتى بدأت الاستعدادات، كانت سيارات  عثمان أحمد عثمان  تقوم برفع  التراب  وراء الساتر  الذي كان على شكل حدوة  حصان على ارتفاع 40 مترًا، حتى أننا كنا نسأل السائقين  ما الذي تفعلونه؟ وكانوا هم أيضًا لا يعرفون!!

عرفنا بعد ذلك وقت العبور العظيم أنها منصات ترابية عالية ( مصاطب ) تصعد عليها الدبابات  للقصف في العمق وتنزل من الجانب الأخر للحدوة، والتي مازال منها البعض موجودًا حتى الآن .

 

إسرائيلي في الموقع:

وحتى يعرف العدو ما تفعله تلك السيارات، عبر جندي إسرائيلي  ليلاً إلينا  واستمر  في الموقع 3 شهور  ونحن لا نعرف بوجوده  لأننا كنا وحدات متقطعة  (منفصلة)  مشاة، ملحق  علينا صاعقة  وخدمات طبية ومدفعية، وكنت أنا ضمن أفراد المشاة، رشاش خفيف   وكنا لا نجتمع ولا نقف طابورًا.. حتي لا نسهل للعدو  تحديد أماكن تواجدنا وتجمعنا وتعددنا وسهولة المباغتة, فقط كنا خدمات مستمرة وحسب.

كان هذا الجندي يتحدث العربية  واستمر وجوده بيننا في الموقع 3 أشهر كاملة لنقل المعلومات عن الاستعدادات داخل الموقع،  وأمام ملجأ القائد كان يوجد "كانتين"، حينما  يخرج القائد من ملجئه  يغادر الجميع "الكانتين" مهما كانت الرتب،  خرج القائد وغادر الجميع من أمام "الكانتين"   إلا هذا الجندي  الإسرائيلي لأنه لا يعرف بهذا الأمر، ناداه القائد وسأله  عن اسمه، أجاب عن اسمه وكتيبته، أشار له القائد على رأسه  "مشيرًا له برفع الطاقية"، رفع الطاقية  فإذا بشعره الطويل وهنا  بدا للقائد فقال أنه لا يوجد ضمن جنوده  من لديه شعر طويل مهما كانت رتبته  وجذبه من  الحزام" داخل الملجأ  وهدده بسلاحه الميري "الطبنجة" وسأله من أنت؟"

فعرف أنه إسرائيلي  وجاء ليتعرف عن ماهية العمل الذي  تقوم به سيارات عثمان أحمد عثمان، تم ترحيل الجندي الإسرائيلي  وتم التفتيش علينا لمدة شهرين بسبب تلك الحادثة العجيبة .

 

مشروع تدريبي:

 

قبل الحرب بأسبوعين بدأت  تحركات غريبة، كنا لا ندري  إن كان هذا تدريب أو استعدادات الحالة "جـ"  "الحالة الخطر" وهي تعتبر أقصى الاستعدادات وبدأت عمليات استدعاء الاحتياطي تأتي مرة اخري كما كان يحدث سابقا .

كانت كتيبتي هجومية، قبل الحرب تم سحبها إلى مدينة بورسعيد والدفع  بكتيبة عادية من الاحتياطي.

ولأننا بعيدًا عن خط النار وعن الحرب فقد كنا  كل يوم نخرج في طوابير لنقول أناشيد وطنية "بلادي بلادي" بالنهار.

وفي الليل الساعة العاشرة مساءً يوم 3 أكتوبر 1973 تم جمعنا بالشدة الميدانية الكاملة وقال لنا القائد: هذا كان مشروعًا وانتهى.. وكنا نرى استعدادات القوات  وبدأ الجنود يصرخون وأغمي على 7 أو 8  من الاحباط والحزن لأنهم ينشدون الحرب   

فبكت جميع العساكر وقالوا:

"نريد الحرب أو تروحونا خلاص... إحنا زهقنا".

 

كان القائد وقتها يختبر  الحالة النفسية  لنا، وقد سرّ القائد  كثيرًا،،،

 وتلا علينا القائد قوله تعالى:  "لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ" صدق الله  العظيم.

 

تبعه جندي مسيحي تلا من الإنجيل.. ثم تركنا القائد وانصرف. وانصرفنا لملاجئنا.

 

في يوم 5 أكتوبر 1973 كنت أنا ضابط عظيم أقوم بتوزيع التعيين السريع "إفطار رمضان" وأثناء التوزيع جاءني "صول" وقال لي: أسرع لأننا الآن سنذهب لرأس العش ،  وكانت مفاجأة لنا كلنا وحتى تلك اللحظة لم نكن لنصدق أن هناك استعدادات  لحرب.

تركنا التعيين ورجعنا ملاجئنا وقال لي الصول: "شدوا الشدة الميدانية واجمعوا".

 

وجدنا السيارات في انتظارنا كل فصيلة في سيارة وجميع الضباط في شدتهم الميدانية الكاملة ، وقال لنا القادة لا تتحدثوا مع أحد أثناء مرورنا من مدينة بورسعيد متجهين لرأس العش.

 

عند الكيلو 8 نزلنا من السيارات ليلة حرب أكتوبر ونزلنا في طابور خلف الساتر الترابي وكنت أنا في مقدمة الطابور وذلك لطبيعة سلاحي "رشاش خفيف".

وطلبوا مني: "إذا قابلت أي أحد من الخدمات عرفهم إننا جايين نغير مكانكم".

 وطبعًا كانوا بيفرحوا  لأنهم هيبعدوا عن الاشتباكات.

وعندما وصلنا للكيلو 10 في موقعنا الأصلي.

 

فوجدنا مدنيين مقيمين في خيام دورهم رفع تراب على الساتر وكان وقتها نوع من الخداع الاستراتيجي بأن هناك أعمال إنشائية ولا توجد أية استعدادات تعبوية لحرب.

 

كنت في مقدمة الكتيبة ومعي ملازم أول، كان بحوذتي  رشاش وآر بي جي  وكانت التعليمات أن الـ 5 الأوائل يمضون في الطريق  مباشرة، وأن نتجه إلى نقطة استطلاع صاعقة على مياه القناة مباشرة ونبقى معهم فذهبنا ولم تكن لديهم أية فكرة عن  العملية.

وقبل فجر  6 أكتوبر 1973 في الساعة 2 صباحًا وفي انتظار السحور ليلة الحرب سمعت أحدهم ينادي.

سألته: "أنت جايب السحور؟"

أجاب: "لا وأن التعليمات أنه لا يوجد سحور"..

وأمرني بالانسحاب  أنا والمجموعة التي معي  من على خط المياه ونعود للسرية وراء الساتر الترابي  لأنهم يريدوننا قبل طلوع الضوء لم نجد السحور ولم نعرف وقتها سبب لتلك التحركات.

 

ساعة الصفر:

 

6 أكتوبر 1973...

وتنفيذًا للتعليمات، في الساعة 10 صباحًا ونحن  نتخطى خلف  الساتر الترابي فوجئنا  أن الجيش كله ما شاء الله في تلك المنطقة  أعداد وتسليحات جديدة تدخل لأول مرة الموقع وقد جاءت في ظلال الليل ولم نرها من قبل.

منهم أفراد يحملون شنطًا حديدية نسألهم ما هذا؟؟

يقول لي: "خدمات طبية".

وعرفنا عندما بدأت المعارك أنها صواريخ الموليتيكا ( ساجر ) المضادة للدبابات

ومن التحركات الغير عادية أذكر منها أن قائد الكتيبة وهو برتبة عميد وكان مكان قيادته بمدرسة أشتون الجميل بجوار مبنى محافظة  بورسعيد وكنا لا نراه أبدًا  فوجئنا به بيننا ويحمل "أذان التعيين"..

 

 المهم قالوا  لنا: "اطلعوا على شط القناة عاكسوا الإسرائيليين".

فكنا نخرج  ونضايق الإسرائيليين بعض الشيء كما كانوا يفعلون معنا دائمًا، صعدنا وتبادلنا معهم السخرية والمضايقات  نحن نقول لهم يا من تحكمكم امرأة وهم يردون أن من يحكمنا نحن شخص مات... وهكذا.

ويستعرض أحدهم عضلات يده ويقول: بيدي يوم نعبر نخلي القناة كلها دم". 

وفي الساعة 1 ظهرًا جاءت التعليمات أن نكف عن الحديث للإسرائيليين.. 

عدنا من خط المياه إلى وراء الساتر الترابي ودخلنا لملاجئنا.. وطلبوا منا أن نستعد بالشدة الميدانية الكاملة وأن نحمل أية كميات ذخيرة زيادة عن الحاجة.

وقد كان من الأمور الدورية والتي تتكرر كثيرًا هو تلقين خطة الهجوم، فقد تدربنا عليها كثيرًا في موقع بحر البقر بمحافظة الشرقية حيث كانت هناك نقطة شبيهة للنقاط الإسرائيلية نتدرب عليها.

قال لنا الضابط: فتح الله في مقدمة القارب ويطلق النار باستمرار وإذا أصيب في القارب, الجندي إبراهيم يترك البندقية ويحمل الرشاش ويقود مكانه.

وإذا أصيب بلغم عند نزوله على خط بارليف يحمل إبراهيم الرشاش ويقود المجموعة.

فقلت له: جثتي في القارب هتروح فين؟

قال لي الضابط: تعود في القارب لإحضار الفوج الثاني.

قلت له: وإذا أصبت في خط بارليف؟

صرخ الضابط في وقال: أنت هتعزيني وتبكيني في جثتك، هو أنا عارف؟

 

فقلت له: هل في حرب؟

قال لي الضابط: إن قلنا لكم قوموا "احتلوا"يبقى في حرب. ثم سألونا إن كنا جاهزين..

الساعة الواحدة والنصف ظهرًا  - جاءنا القائد للملجأ وسألنا قائلاً: جاهزين يا رجالة؟؟

قلنا بصوت عالٍ: أيوه جاهزين -  فقال لنا: قوموا احتلوا.

 نظرنا إليه في ذهول وقلنا: نحتل إيه؟؟؟

 قال: الطيران المصري سيعبر في الساعة 2ظهرًا   ((متبصوش  ولا تعملوا أي صوت))

كنا غير مصدقين لأننا  لم نكن نرى الطيران المصري  وكان الطيران الإسرائيلي جبار حقيقة.

وجاءت سيارات "نقل الجنود" لنقل عمال رفع التراب على الساتر ونقلهم بعيدًا عن الجبهة لبدء العمليات العسكرية وكانوا يبكون ولا يريدون مغادرة الموقع ليظلوا مع الجنود المصريين فتم ترحيلهم بالقوة خوفًا عليهم وتركوا متاعهم.

المهم أننا توجهنا لاحتلال المواقع الهجومية والخنادق استعدادًا للهجوم الذي سننطلق منه إلى القوارب للعبور.

 

في الساعة 1:40 ظهرًا، تم توزيع التعيين علينا وكان عبارة عن معلبات جافة.  

في الساعة 1:50 ظهرًا ونحن في خنادق الهجوم وقفت لأنظر إلى باقي الأسلحة.

عساكر الدبابات وعساكر المدافع ومنهم من يحمل الطلقات الجميع أشبه بالتماثيل في انتظار الأوامر وفي أقصى درجات الاستعداد لا تسمع صوتًا ولا حركة بالموقع كله.

في الساعة 1:55 ظهرًا...

سمعنا أزيزًا لطائرات يملأ السماء  ولا نرى شيئًا في السماء

وبعدها بدقائق قليلة شاهدنا ألسنة النيران ترتفع من مواقع العدو عرفنا أنها طائراتنا المصرية عبرت وقامت بقصف أهداف العدو وشاهدناها في عودتها في أسراب متلاحقة  "وكأنها تتدلل في عودتها مشهد لا ينسى من ذاكرتي فقد كانت فرحة ما بعدها فرحة وفي لحظة ارتفعت فيها المعنوية للجميع للسماء بعد سنوات من النكسة.

وسمعت جندي المدفع صارخًا: "اضرب مدفع رمضان".

وبدأت المدفعية المصرية توجه نيرانها إلى مواقع العدو  دون انتظار للأوامر... والكل يردد الله أكبر  بلا حدود.

 

قامت المدفعية بدك مواقع العدو من الساعة 2 وحتى الساعة 3:20 ظهرًا على مواقع خط بارليف والخطوط الخلفية له.

كانت كتيبتي 3 سرايا، كنت في السرية الأولى ولم نكن نعرف وقتها مهمة السرية 2و 3.

كانت مهمة سريتي الأولى الهجومية هو الهجوم على الموقع الحصين من الأمام وهي المهمة الأصعب.   

بينما  مهمة السرايا 2و 3 هو العبور  أثناء التمهيد النيراني للمدفعية وقطع الطرق الجانبية للنقطة الإسرائيلية الحصينة، والتي لم يواجهها أي ضرب لأن مدفعيتنا كانت منطلقة نحو خط بارليف طول فترة عبور تلك السريتين.

بينما كان هناك فصيلة صاعقة مهمتها العبور وقطع خطوط الإمدادات الخلفية للموقع من داخل سيناء.

 

العبور العظيم:

 بعد ساعة الا ثلث من التمهيد النيراني للمدفعية واكتمال عبور باقي السرايا 2و3 وفصيلة الصاعقة لعزل الموقع عن باقي المواقع الأخرى والإمدادات.

جاء للـ "السرية 1"  أمر العبور والهجوم على النقطة والاستيلاء عليها.

 نفخنا القوارب  وبدأنا العبور ومازال التمهيد النيراني للمدفعية  مستمرًا على النقطة الحصينة يسبقنا قاربان من سلاح المهندسين  لفتح ثغرات الألغام وعمل ممرات آمنة على الساتر لصعود الجنود عليها  وتدمير مواسير النابالم المتبقية.

تم فتح ثغرتين ووضع العلامات بها أعلام بيضاء لأماكن صعود الجنود للنقطة الحصينة.

 وأثناء العبور واقترابنا  من  خط بارليف بـ 20 أو 30 متر،  سكتت المدفعية المصرية عن القصف المباشر على النقطة الحصينة لقربنا منها وتمهيدًا لاقتحام الجنود.

 

كان المشهد كالآتي:

القناة بالكامل تملؤها القوارب المطاطية ورءُوس الجنود المصريين من يعبر بقوارب مطاطية وآخرون يعبرون سباحة بعد فقدهم قواربهم وهو ما بعث الرعب في قلوب الإسرائيليين بالموقع.

كان الجميع  يرتدي جاكت نجاة وبحوذته تسليح جيد.

فبمجرد سكوت المدفعية المصرية ظهر العدو وبدأ الاشتباك معنا.

 كان الإسرائيليون يلقون القنابل علينا  ويصوبون على الجنود في المياه بمدافع النص بوصة وكأن ما قامت المدفعية بضربه هو  "بمب على البلاط"، فالنقطة الإسرائيلية لم تتأثر بعد بضربات المدفعية.

  المهم أننا عبرنا وصعدنا  وكان معنا مدافع يحملها 3 أفراد، وجاءت القوة  للجندي كي يحمل  المدفع وحده  ويتسلق 20 مترًا على خط بارليف.

 كنت أحمل تسليح 4000 طلقة و8 قنابل  منها 2 هجومية و2 دفاعية و4 قنابل دخان وقنبلة تاسعة مضادة للدبابات وجركن وزمزمية ماء وكوريك للحفر وتعيين 3 أيام  وكنت أجري كما الحصان!!

صعدنا الساتر  الترابي لخط بارليف وتم الاستيلاء على النقطة.

 

كان معنا جنود حضروا نكسة 67  وكانت الأوامر ألا نقتل جنود العدو ونأخذهم أسرى، لكن زملاءنا الذين شهدوا 67 كانوا يقومون بغربلة الجندي الإسرائيلي فور ظهوره بكم رهيب من الطلقات، وكانوا يقولون: ((بحق ما رأيناه في 67)).. وحينما يظهر جندي من العدو يقول لنا مستسلمًا: ((بحق الله بدي أعيش)).. وآخر يقول لنا: ((أنا أحب أم كلثوم)) ونحن نضحك منهم..

أحكمنا السيطرة على  الموقع الحصين للكيلو 10 وهرب باقي العساكر الإسرائيليين داخل دشم النقطة ليحتموا بها.

 

رفعنا العلم ورقصنا حوله:

 

قمنا برفع العلم، ورقص الجنود حوله فكان الجنود الإسرائيليون المختبئون داخل الدشم للموقع الحصين   يرددون لنا:

 "كلها 10 دقايق ويأتي الطيران الإسرائيلي أنتم جايين في قوارب هترجعوا عايمين".

وصدّق على كلامه من حضروا نكسة  67 وتعجبوا من رقصنا حول العلم وقالوا: "إن كلامهم صح هتشوفوا الطيران الإسرائيلي أما ييجي هيعمل فيكم إيه؟!"

انظروا للضفة الغربية فلا توجد إلا 3 مدافع مضادة للطيران لحماية الكتيبة من الطائرات الإسرائيلية فهل تكفي؟؟

طبعًا لا.

انتقلنا إلى حالة من الخوف والترقب بعد أن كنا عبرنا وفرحنا ورقصنا حول العلم..

وبحلول  وقت المغرب وصل  إلينا  الطيران المعادي يملأ السماء ويلقي علينا بطلقات كاشفة لتحديد مواقعنا وبدأت المدفعية الإسرائيلية بالقصف المباشر على مواقع المدفعية للجيش المصري....

وبرغم حلول الليل علينا إلا أن السماء كانت مضيئة بالطلقات الكاشفة فكانت الاشتباكات كما لو كانت  في وقت الظهر وفوقنا خيمة كبيرة من القذائف المتبادلة.

فاشتعلت السماء بغطاء نيران كثيف من المدفعية الثقيلة  والصواريخ المصرية المضادة للطائرات لحماية السماء وبدأت الطائرات الإسرائيلية تتساقط.

فعرفنا بوجود غطاء نيران مكثف لحماية الكتيبة فرقصنا فرحًا لا ننساه وأيقنا النصر.

والسر  كان في مواقع تم تجفيفها في بحيرة المنزلة لتثبيت  قواعد صواريخ عليها  ومدفعية هاوتزر ثقيلة  وأيضًا قاعدة الصواريخ بكوبري الجميل في مدخل مدينة بورسعيد من ناحية دمياط على بعد 10 أو 15 كم منا.. ولم نكن نراها

فقد كنا قبل الحرب نسأل القادة هل ستكون سماؤنا محمية إذا ما عبرنا القناة فكان الرد بنعم وأن القيادة العليا كانت  تطمئنهم دائمًا لذلك.

 

23 أسيرًا:

 انتهى الاشتباك بعد ساعتين وقد تم تدمير الدبابات والمدفعية الإسرائيلية بالكامل في مواقعها.

أمر القائد بدفعة لهب نابالم داخل الدشمة الحصينة لدفع الجنود الإسرائيليين للخروج والاستسلام بسبب لهب ودخان النابالم داخل الدشمة.

ولما تأكد الإسرائيليون داخل الدشمة من حقيقة الهزيمة بفشل  الطيران الإسرائيلي في مساعدتهم وإنقاذهم.

خرج جندي من دشمة النقطة الحصينة مصابًا بحرق بالكتف والذراع من لهب النابالم  وألقى بسلاحه مستسلمًا

وقال لنا: "وحق الله بدي أعيش عايز أشرب مياه"

رويناه بشربة ماء  وسألناه عن عددهم بالداخل

قال: 23 جنديًا إسرائيليًا.

 ثم جعلنا أحد الجنود يصطحبه إلى داخل الموقع  ويقول لهم: "أن إسرائيل انتهت وجولدا مائير ماتت وأن الجيش المصري وصل تل أبيب   وعليهم الاستسلام".

فخرجوا  واستسلموا.

 

بارليف 7 نجوم:

 

اقتحمنا النقطة الحصينة في خط بارليف، فندق 7 أو 10 نجوم، كل ما يخطر على بالك تجده فيه، حتى الزيتون الأخضر والزيتون الأسود والكوكاكولا والبيبسي  والأسرة الأسفنجية، المراوح، الثلاجات، السرير الهزاز  وكل ما يخطر على بالك، وكلما نلقي القبض على أحدهم  نجعله يتذوق الطعام أولاً خوفًا من أن يكون مسمومًا، وحينما نسأله عن مهنته يقول ((طباخ))  حتى لا يبوح بمهمته، نجعله يأكل ويتذوق الطعام لنا ... حتى مرت الليلة الأولى.

 

هجوم العدو  المضاد:

في الصباح التالي 7 أكتوبر 1973 بدأ العدو هجومه بالدبابات وبدأنا في نصب الكمائن على طول الطريق  ودمرنا 7 أو 8 دبابات.

  فقد كانت مهمة ناجحة لفصيلة الصاعقة من خلال اصطياد الدبابات الإسرائيلية القادمة لدعم الموقعة الحصينة.

 

المناوشات اليومية مع العدو:

 

 مناوشات يومية متبادلة وكمائن أسفرت عن تدمير أعداد من المعدات  الإسرائيلية والتي أذكر منها  تدمير عربة مجنزرة  هاربة تحمل فوقها 27 عسكريًا إسرائيليًا هاربًا فتم تدميرها وحرقها ووجدنا السائق مربوطًا من قدمه بجنزير في العربة حتى لا يهرب.

أيضًا من خلال الكمائن أسرنا 2 عربة و2  دبابة سليمة تم تسليمهم لمؤخرة الجيش.

 

أثناء تقدمنا في العمق إستولينا على موقع إسرائيلي في العمق حتى 10 كيلو من شط القناة ووضعنا العلم على  تبة عالية فبدأت المدفعية والصواريخ الأرض أرض الإسرئيلية لتدمير الموقع  والعلم ، فأتصل القائد المصري يأمر بإنزال العلم خوفًا من كثرة الخسائر فرفض الجنود المصريين إنزال العلم.

الغريب أن العلم ظل مرفوعًا على بوصة، الضرب حوله من كل اتجاه  والعلم لا يسقط!!!  وظل مرفوعًا حتى انتهاء العمليات.

من خلال البيانات العسكرية كنا نعرف البطولات على كل الجهات وعرفنا بالهجمات المضادة على مدينتي بورسعيد والمنصورة، فقد هاجمت 65 طائرة معادية بورسعيد وبدأت تقصف المواقع العسكرية منها قواعد الصواريخ والكباري  وتحرق المدينة، كما بدأت  المدفعية الثقيلة تضرب علينا،   وكانت الأوامر ألا نتزحزح شبرًا واحدًا  وقالوا لنا أن نموت في أماكننا ولا نتحرك خطوة.

 

أتذكر أيضًا...

 

وبعد مرور  أيام من الحرب قبل وقف إطلاق النار بساعات أثناء تواجدنا في موقع  داخل الملاحات وعلى بعد 30 كيلو من القناة وتحت حماية غطاء الصواريخ فوجئنا في الصباح بجنديين في حالة لا يرثى لها  قادمين علينا من وراء الخطوط الإسرائيلية.

ظننا في أول وهلة أنهم إسرائيليون فرفعنا عليهم السلاح لتثبيتهم فقالوا لنا أنهم جنود مصريون وصرخوا فرحنا ولم يصدقوا حينما عرفوا أننا الجيش المصري وعرفوا بنجاح العبور.

فحكوا لنا مهمتهم والتي تبدأ بعملية إنزالهم  أول ساعات  الحرب حيث أقلعت 9 طائرات هليكوبتر  تحمل كوماندوز وعبرت إلى المواقع خلف خطوط العدو الإسرائيلي  بـ 50 كيلو لقطع الإمدادات الإسرئيلية للجبهة وقد قاموا بتدمير الكثير من الدبابات والمواقع الخلفية للعدو الإسرائيلي.

 

الجندي المصري ومن دونه:

 

المقاتل المصري تعطيه الإمكانيات  يحارب، بل ويحارب بدون أي شيء الأفرولات الخاصة بنا تمزقت وكذلك الأحذية، جائعين، عطشى ليس معنا ماء.. ونجري كما الحصان.

الجندي الإسرائيلي........  خاصته فيها 3 فتحات  فيها دجاجة و 3 قناصات  وعصائر  وقلم جاف "باركر" ونوتة ، وأنا معي قلم رصاص وورقة، هو معه علبة أرز وعصائر  وقهوة وشاي وحتى أنابيب كنا نعتقد  أنها  معجون أسنان أو كريم حلاقة، لكنها كانت تحتوي زبدة وعسل وقشطة لعمل السندوتشات..

 

أذكر أيضًا  الملازم  أول محمد فهمي ، وكنت أحترمه وأقدره جدًا وكنا في نفس السرية.

 كان أول ما تهدأ الأمور  والاشتباكات  يخرج يستفز العدو ويظهر لهم  فتقوم المدفعية الإسرائيلية بالضرب عليه وقد تم إرساله وراء خطوط العدو مرات عدة ............. كان لا يهاب الموت.

 

أذكر بعض البطولات له:

الإسرائيليون ليلًا كانت عادتهم التجمع داخل النقطة لحماية أنفسهم وصد أي غريب قادم  بالضرب المباشر دون السؤال.

على عكس الجيش المصري فنكون منتشرين ليلًا ونهارًا ونقوم بسؤال كل شخص قادم على الموقع وبالطبع هي لها ميزة وعيب.

في حالة الإسرائيليين يمكنك القضاء عليهم مرة واحدة والعكس صحيح بالنسبة للجيش المصري.

 

زيارة للعدو:

  صدر للملازم  أول محمد فهمي  الأمر بالاستطلاع خلف العدو وتم تشديد الأوامر بعدم الاشتباك.

"المهمة إحضار معلومات فقط عن القوة داخل الموقع الإسرائيلي". فذهب ومعه جنديان وقام بالزحف قرب الموقع وكان يتقدم الجنديين في الزحف وصمم على دخول الموقع الإسرائيلي وسط رفض تام للجنديين.

فهددهم بالقتل بالرصاص في رأسهم في حال عدم تنفيذهم لأوامره ، فدخلوا الموقع ووجدوا عسكري الخدمة الإسرائيلي نائمًا مستندًا برأسه على مدفع النص بوصة "حماية الموقع" فمر من جانبه ودخل الموقع وجمع المعلومات المطلوبة "العدد والعتاد" وأحضر طبنجة إسرائيلي ووضع لهم أعلامًا داخل الموقع الإسرائيلي كرسالة أنه تم اقتحام الموقع في غفلتهم وبالرغم من رغبته في قتلهم ولكنه رفض التزامًا بالمهمة.

وعندما عادوا من المهمة ظل الجنود المصريون المصاحبون له في حالة رهبة مما شاهدوه معه.

في أحد المرات أذكر أنه زحف في اتجاه موقع متقدم بيننا وبين العدو  وقام برفع العلم المصري فتم قنصه في منطقة  الفخذ وعاد زحفًا بإصابته الشديدة وتم نقله على النقالة لإسعافه فرفض ونزل من النقالة وعاد للموقع وصمم على أنه بخير ولا يحتاج للعلاج.

أذكر أيضًا:

في وقت اقتحامنا لخط بارليف كان هناك جندي إسرائيلي على مدفع النص بوصة فوق الساتر الترابي لخط بارليف يصوب ناحيتنا ونحن في  القوارب بالقناة وكانت الإصابات كثيرة في صفوف المصريين.

فصعد الملازم محمد فهمي خط بارليف واستدار خلفه وقصفه بقنبلة مضادة للدبابات فلم يبقَ منه غير قدم الجندي الإسرائيلي داخل الحفرة ، وأخد  3 تفاحات كانوا بجوار الجندي الإسرائيلي  وأخذ منها قطمة وأعطى الجنود من بعده.

وأثناء  تطوير الهجوم في العمق وإذا ما  بدأ القصف الإسرائيلي  بالهاون على الفصيلة يأمره القائد بالتحرك للخلف لحماية العساكر من شدة القصف كان يرد أننا لن نتحرك والأرض التي نأخذها لا نتركها أبدًا "هما بيضربوا علينا بمب".

 أثناء الحرب وفي زيارة الفريق الشاذلي لقائد اللواء في بورسعيد وأثناء تعريف القائد بنفسه قاطعه الشاذلي سائلًا: "إزي محمد فهمي ؟ ".  وهو ما وصل لنا في الموقع بأن الفريق الشاذلي يسأل عن الملازم أول محمد فهمي.

 

كان سبب حضور  الفريق الشاذلي لموقع  قيادة اللواء هو فشل اللواء في وضع خطة لاحتلال موقع إسرائيلي اسمه "القطع" على شط البحر المتوسط على بعد 18 كيلو من بورسعيد، ولاستماتة العدو في الدفاع عنها بحيث لا تستطيع القوات المصرية المهاجمة من الأمام وفتح تشكيل هجوم بسبب ضيق الممر بين بحيرة البردويل والبحر المتوسط فكان من السهل اصطياد القوات المصرية المهاجمة للموقع الإسرائيلي وهو ما كبد قواتنا الكثير من الخسائر من خلال  هجمات فاشلة على الموقع أضاعت كتيبة مصرية بالكامل وكانت كتيبتي في انتظار الأوامر للتحرك نحو هذا الموقع لولا انتهاء الحرب.  

 

( ملاحظة من المجموعة 73 مؤرخين – الموقع الحصين المشار اليه يسمي في التاريخ الاسرائيلي حصن بودابست وهو الحصن الوحيد الذي لم يسقط في يد القوات المصرية خلال حرب أكتوبر ..............  أضغط لمشاهدة فيديو عن حصن بودابست )

 

قال وقتها الشاذلي  رئيس الأركان لقائد اللواء أن تلك النقطة كان من المفترض أن يقوم الهليكوبتر بإنزال قوات خاصة فوق الدشم لحصارها واحتلالها من أعلى وهو ما يجبر الإسرائيليين على الاختباء داخل الدشم ثم يتلوها الهجوم البري المصري من الأمام.

أتذكر أيضًا  أن الفريق الشاذلي في تلك الزيارة أمر  بحبسنا شهرًا لأنه وجد العساكر في الكتيبة  في رداء إسرائيلي وكان السبب هو بلاء الأفارول  المصري بسبب  المعارك الضارية فصرفوا لنا أفارول وموس حلاقة بعدها.

 

من يوم 6 وحتى يوم 14 أكتوبر  الطريق أمامنا وحتى العريش ليس فيه أي جندي إسرائيلي، كنا كلما أردنا التقدم يأتي الرد  بعدم التقدم  لأنها نهاية غطاء الصواريخ،,

كانت الناس تموت ونتحمل.............

 

مكثت 6 أو 7 أيام   مستيقظًا  بدون طعام أو مياه  فقط كنت أبلل شفتي بالمياه خوفًا من نفاد المياه التي معي.  

كان الجنود الأبطال  يلاحقون الدبابات  ويلقون عليها القنابل في برجها، وبعض الأبطال ينزلون  تحتها ويهاجمونها، وكان الجندي الإسرائيلي أول ما يشاهد الهجوم يستسلم  وكنا من قبل نعتقده بطلاً..

 

من القصص الطريفة التي لا أنساها:

 

قبل العبور كنا نربي كلبة بالموقع وكانت حاملًا وأثناء بدء العمليات والعبور قامت بالعبور معنا عومًا، ومن كثرة القصف النيراني عادت ولم تكمل العبور معنا ، بعدها بأيام سبحت في قناة السويس  مرة أخرى وحضرت لنا في الموقع الإسرئيلي  المحتل.

أثناء تطوير الهجوم كانت تجري بجوار العساكر وتنام إذا نام وتزحف إذا زحف وتلحس عرق العساكر المصريين.

وبعد وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب وضعت كلبًا سميناه "عساف ياجوري" على اسم قائد لواء المدرعات الإسرائيلي.

فإذا ما ناديت يا عساف حضر لك الكلب.

 

وعندما حضر أحد القادة لزيارة الموقع طلب منه الجنود بالمناداة  يا عساف "فلم يفهم القائد السبب حتى حضر له  الكلب عساف".  وكان الكلب عساف والكلبة بجوار عسكري الخدمة ليلاً وإذا ما قدم أحد على الموقع يقومان بالنباح.

فكانت وسيلة مضمونة لعسكري الخدمة لأخذ قسط من النوم وقت الخدمة الليلية ، وعندما عرف القائد بذلك أخذها عنده بالمكتب فقطعت الحبل وعادت للعساكر مرة أخرى.

 

بعد وقف إطلاق النار:

 

بعد وقف إطلاق النار كنت في موقع متقدم لاستطلاع العدو عن  قرب، كنا 5  أفراد، بيننا وبين الكتيبة المصرية خلفنا كيلو واحد ودورنا نقل معلومات عن القوات الإسرائيلية أمامنا باستخدام نظارة معظمة وأيضًا الاشتباك الأول مع العدو وتنبيه الكتيبة المصرية في حال الهجوم فقد كنا نظل نحن الخمسة جنود في يقظة طول الوقت من الخوف من مباغتة العدو  لنا.

 

 

الصورة لزيارة السادة المحافظين والصحفيين لنا في النقطة المتقدمة وفي الخلف العلم المصري مرفوعًا.

 

 

 السلاح بالرجال:

فرق شاسع بين الجندي المصري والإسرائيلي وكمثال بسيط  ونحن ذاهبون  إلى عملية  خلف  خطوط العدو كنا نمشي  15 كم  ونحن على دراية أننا قد نذهب ولا نعود، نذهب لزرع ألغام في الطرق  ونعود، هو حينما يتوجه إلى عملية  يمشي 100 متر فقط، الطيران المعادي يهاجم ثم المدفعية  فنوقن أن هجومًا آت علينا وتصل سيارتهم تحت القصف  وينزل على بعد 100 متر من الهدف، أما الجندي المصري فكنا نسير 15 كم ذهابًا و 15 كم إيابًا..

حتى السلاح كان الفرق شاسعًا كانت دباباتنا لا تحتوي على  إنارة وأغلبها يعود إلى حرب 56، باستثناء المنطقة الوسطى كانت دباباتها حديثة، أما دبابات العدو فكانت تحتوي على إنارة ليلية  وكلها لديها رشاشات مضادة للطائرات.

وفي الأيام الأخيرة قاربت ذخيرتنا على النفاد.. وقد حقق أبطال مصر الكثير من البطولات خلف خطوط العدو.

طيار أمريكي أسير:

وفي إحدى المرات أسرنا 3 طيارين، أحدهم لم يصدق  أننا مصريون  وأبلغنا القيادة بتسليمهم، جلس أحدهم واضعًا قدمًا على أخرى  وكان معنا ضابط طبيب  قام بمداوة  حروق الطيار ووضع له صبغة يود ورباط شاش كإسعاف أولي إلى أن يتم نقله للمستشفى، سأله الطيار الإسرائيلي عن مهنته، أجاب الضابط المصري  أنه طبيب، فقام الطيار الأسير  بشتمه واعتبره لا يفقه شيئًا في مهنته وأضاف أنه طيار أمريكي وطبيب في آن واحد،

 

وحينما أتت الشرطة العسكرية لتنقل الأسرى، قصصنا عليهم ما كان من الطيار الأمريكي وإهانته للطبيب المصري وكل فعله، فهم رجل الشرطة العسكرية مقصدنا فسلمنا الاثنين الأسرى الآخرين وأبقينا هذا الطيار الأسير وقمنا بضرب تنك بنزين سيارة إسرائيلي "بالسونكي" وأحضرنا البنزين فعرف الطيار الإسرائيلي بنوايانا وقعدت على الأرض في انتظار مصيره وتبول علي نفسة خوفا من الحرق ، وبعد فترة من حرق أعصابة قمنا بتسليمة للشرطة العسكرية وسط ضحكات الجنود والضباط

 

كنا نتخلص من الجثث الإسرائيلية بإلقائها في القناة بسبب التعفن فأتذكر وقت ترحيلنا لبعض الأسرى الإسرائيليين للخطوط وراءنا  وأثناء عبورنا للقناة بالقوارب ناحية الضفة الغربية شاهد أحد الأسرى معنا  زميله الإسرائيلي  مقتولًا ويطفو على مياه القناة فبكى وأخذ يناديه: "برهام برهام". فكنا نتعجب فهو يبكي على صديقه القتيل  وهو لا يدري ولا يضمن مصيرًا لنفسه.

 

إمكانيات العدو في التسليح لم نر مثلها من قبل، بل إنه يمكنهم أن يحاربوا 200 سنة  بها، ولكننا بالإيمان  والعزيمة والشجاعة، حاربنا وهزمناهم ، فلو أنكم شاهدتم صورة القناة وقت العبور وقد غطتها رءُوس  المقاتلين المصريين.. كان مشهد ما شاء الله، الله أكبر لا يمحى من الذاكرة.

كانت الخسائر المتوقعة 80%، لكن بعد العبور كان الوضع مخالفًا للتوقعات، حيث استشهد من كتيبتي  من 10- 15 مقاتلًا، بل إن عددًا ممن استشهدوا منا أثناء تنظيف الألغام كان أكثر ممن استشهدوا أثناء العبور والاشتباكات..

مكثت في الحرب 3 أشهر  لم أنزل خلالها  أجازة، وسمعنا عن الثغرة من زملائنا من  القناصة..

 

وفي أول أجازة:

وبعد الحرب بـ3 أشهر نزلت أول أجازة لمدة 48 ساعة فقط ، ركبت أتوبيس من بورسعيد لدمياط ومنها للمنصورة ومن المنصورة لطنطا لأني كنت في عجلة من أمري عندي أجازة 48 ساعة فقط، ولما وصلت إلى مدينة المنصورة احتفى بي الناس في الأتوبيس وقدموا لي نصف دستة جاتوه، وأكلوني... ومنهم من يقوم  من مقعده في الأتوبيس لأجلس مكانه... والكل يناديني يا بطل.

حتى أن في إحدى المحطات في طنطا حيث سأنزل  طلبت من السائق التوقف في غير مكان المحطة، أجاب أنه لا يقف هنا...

فما كان من الركاب معي إلا أن صرخوا في السائق: "ده جاي من الجبهة يا ابن الـ...."

وصلت لبيت أخي في طنطا وعندما طرقت الباب فتحت زوجة أخي الباب وصرخت في هيستريا وتجمع سكان العمارة.

وعرفت أن أحدهم أبلغهم باستشهادي في الحرب  وما أكد ظنونهم بإصابتي في الحرب أني لم أنزل أجازة بعد الحرب مباشرة مثل كثير من  أصدقائي الجنود.

 

أنهيت زيارتي لأخي وسافرت على قريتي لزيارة أبي بالمنوفية ، وفي القطار قابلت اثنين من أقاربنا ولم يتنبهوا لي ولم يعرفونني  فقد كان شكلي متغيرًا كثيرًا "في لبس الجبهة وشعري وذقني طويل وأسمر البشرة من الشمس".

ولما عرفتهم بنفسي تركوني وهربوا على بيت أبي لإخباره وإخبار أهل القرية كلها بأني مازلت على قيد الحياة.

كنت مجهدًا جدًا وكان أقصى طموحي وقتها أني سأنعم بالنوم في تلك الأجازة القصيرة ولكن انتهى بي الأمر في بيتنا المليئ بالناس من أهلي وأقاربي وأصدقائي  وكأنه فرح والكل في شغف للاستماع  لحكايات الحرب وأحوال الجنود على الجبهة فسهرت طوال الليل أحكي لهم عن الحرب وعن بطولات الجنود.

 

وانتهت الأجازة وسلمت على أهلي وأبلغت أبي وأهلي أني في نقطة متقدمة جدًا من العدو وقلت لهم: "أي اشتباك يحدث فسأكون شهيدًا هذه المرة" وبكيت.

  ويختتم البطل حديثه بالقول:  الحمد لله الذي نصرنا، وربنا ينصر مصر  بإذن الله..

 

***********************************

انتهى حديث البطل إلى الأجيال،، ولكن وددت أن أضيف شيئًا  فقد كان بالفعل الجندي الإسرائيلي بطلًا.. لكنه كان بطلاً  من ورق وحسب، كان كما البالون المملوء بالهواء ومع أول وخز  بالإبرة، يثقب البالون  وينكمش..

شتان ما بين أبطال كانوا هم في حد ذاتهم سلاحًا، وبين من احتمى بسلاح طيران فتاك واستعان بطيارين مرتزقة  وسلاح الدولة الراعية له..  شتان بين من اعتدى وبين من حرر أرضه..

 

قالوا أن جيش الدفاع الإسرائيلي كما الثور ما إن يشعر ببدء الهجوم حتى يشرع في تجهيز قرونه وليس كما القنفد الذي  ينكمش ويختبئ فور أن يشعر بالخطر... ولكننا نتساءل كما تساءل علامة مصر  الشهيد الدكتور جمال حمدان في كتابه 6 أكتوبر في الاستراتيجية العالمية  ونقول لأحفاد ديان وأبنائه:   ((فما بال الثور استحال قنفذًا!!!))

 

******************************

 

إحدى الصور في بورسعيد أمام مبنى المحافظة بعد وقف إطلاق النار.

 

بعض جنود تأمين موقع متحف تبة الشجرة يستمعون  لبطولات الجندي البطل فتح الله ميره وهو يشير إلى موقع  النقطة "الكيلو 10" على صورة مجمعة للنقاط الحصينة لخط بارليف خلال رحلة المزارات العسكرية للمجموعة 73 مؤرخين

بتاريخ 6-9-2014

 

ادار الحوار / ابن البطل فتح الله ميرا .

تاريخ التسجيل / 20/12/2014  تم التسجيل بمنزل البطل  .

تفريغ الحوار / ابن البطل فتح الله ميرا .

تصحيح لغوى / احمد محمد امام ( عضو بالمؤسسه )

مراجعه تاريخيه / المجموعه 73 مؤرخين .

 

 

Share

مـعـرض الـوثـائـق

مـعـرض الـفـيـديـو

Youtube

Cannot Connect to Youtube Server


Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server
Cannot Connect to Youtube Server

   

 

  

زوار اليوم
زوار امس
زوار الاسبوع
زوار الشهر
اجمالى الزوار
415
5164
26881
82229
34994717

معرض الصور

المتواجدون حاليا

30 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

اتصل بنا

الراسل 
الموضوع 
الرسالة 
    
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech