Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

رحلة الي أكتوبر - بقلم صلاح منتصر

‏‏

 

رحلة إلي أكتوبر

صلاح منتصر – جريده الاهرام

 

 

رحلة أخري عاشتها مصر والأمة العربية والعالم في مثل هذا الشهر قبل‏45 سنة‏.‏ وهذه الحرب أشير إليها من عديد الرواة والمؤرخين والعسكريين من زوايا كثيرة‏,‏ إلا أن الجديد الذي لفت نظري وأنا أراجع أوراقها أنها أول حرب عربية لا تعرف الانسحاب الذي شهدته مختلف الحروب السابقة مع إسرائيل‏.‏

ففي حرب1948 والتي ذهبت إليها الجيوش العربية الهزيلة في ذلك الوقت بدون تخطيط أو تنسيق أو تسليح اعتمادا علي فروسية أبيات الشعر الكثيرة التي يزخر بها تاريخ العرب, لم تستطع استرداد شبر واحد من الأرض التي أعطيت لليهود, بل العكس تماما هو الذي حدث, فبعد أن كان لليهود في48 نصف الأرض الفلسطينية بقرار من الأمم المتحدة, ذهبت الجيوش العربية وانسحبت بعد أن مكنت اليهود من ضم المزيد من الأرض الفلسطينية في الوقت الذي هرب سكان هذه الارض ولم يعودوا منذ ذلك اليوم.


وفي عدوان1956 الذي جاء بمؤامرة بين بريطانيا وفرنسا مع إسرائيل غضبا من تأميم جمال عبدالناصر لقناة السويس ورغبة في القضاء عليه وتصفيته من المنطقة, فقد كان أول قرار لعبد الناصر بعد تبين أبعاد المؤامرة, انسحاب القوات المصرية الموجودة في سيناء بعد أن وضحت مؤامرة وقوعها في كماشة إسرائيل من الشرق والإنجليز والفرنسيين من الغرب, وأنهم سيتحولون إلي رهينة يفرض بها العدوان شروطه.


وفي حرب67 التي بدأت مشاهدها بموقف عنتري من القيادة المصرية أرادت أن تثبت فيه عروبتها وقدرتها علي مناصرة الشعب السوري الذي كانت قيادته قد ضربت بالوحدة مع مصر عرض الحائط, في الوقت الذي كانت فيه هذه القيادة في سوريا رغم تغيرها غير محسة بأي خطر تواجهه من الجانب الإسرائيلي وتعجبت لما اتخذته مصر من حشد قواتها في سيناء لتخفيف الضغط عنها وقالت للفريق محمد فوزي رئيس أركان القوات المصرية عند زيارته سوريا وتفقده الجبهة السورية: تعالي شوف ولن تجد أي حشود إسرائيلية.. مع ذلك كان المعجون قد خرج من الأنبوبة وتداعت الأحداث التي جرت ذروتها في5 يونيو67 واشتعلت أغبي حرب لم يكن معروفا سببها وهدفها وخطتها.. ووضح ذلك في الخلاف بين القيادتين العليا السياسية والعسكرية من أول ساعة, وكان قرار الانسحاب للقوات المصرية من سيناء الذي تم بصورة غير منظمة ساعدت علي زيادة الخسارة وتدمير المعدات واستشهاد أكثر من عشرة آلاف مصري في هذه الحرب, في الوقت الذي عبر فيه الشعب المصري عن غيظه بإطلاق مئات النكات التي دارت كلها حول الانسحاب.


وفي يوم8 مارس1969 بعد21 شهرا من هزيمة67 بدأت الحرب الرابعة التي عرفت باسم حرب الاستنزاف, بهدف تحميل العدو خسائر تثبت له أن بقاءه في سيناء سيكلفه الكثير وفي الوقت نفسه استعادة روح القتال بين أفراد الجيش المصري بعد التدهور النفسي والمعنوي الذي حدث في.67 وإستطاعت القوات المصرية أن تقوم بعمليات عسكرية عظيمة ضد قوات العدو الإسرائيلي ولكن في المقابل قامت إسرائيل بغارات عمق ضد الجبهة المدنية وأصابت منشآت البترول في السويس, مما اضطر القائمين علي البترول في ذلك الوقت إلي فك ونقل هذه المعامل, في الوقت الذي تم فيه إخلاء مدن القناة من سكانها المدنيين وسحبهم من مدنهم ومساكنهم ووضعهم في أماكن جديدة كان أهمها مدينة رأس البر التي تحولت منذ ذلك الوقت من منتجع صيفي يقيم فيه المصطافون في عشش من الكيب الذي يتخلله الهواء الطبيعي, إلي مباني من الطوب والاسمنت ترتفع ثلاثة طوابق وتخفف حرارة المقيمين بها أجهزة المراوح والتكييف وتصبح مدينة دائمة صيفا وشتاء.


جاءت حرب الثانية ظهر السادس من أكتوبر مفاجأة للعالم ولإسرائيل وللمصريين أنفسهم الذين قيل لهم إن مصر أصبحت جثة لا تتحرك.. وإذا كانت تفاصيل هذه الحرب قد أصبحت معروفة ومسجلة في مراكز الأبحاث والدراسات العسكرية بأنها شهدت صورة فريدة في قهر أكبر خط دفاعي أقامه الإسرائيليون وأنفقوا عليه ليكون خطا دائما يحمي إقامتهم في سيناء, فقد نجحت القوات المصرية التي عبرت بجيشين في استرداد عمق12 كيلو مترا داخل سيناء في أقل من ستة أيام في الوقت الذي وضعت فيه الولايات المتحدة كل إمكانياتها إلي جانب إسرائيل بحجة عدم السماح للسلاح السوفيتي في يد المصريين أن يهزم السلاح الأمريكي في يد إسرائيل, وأهم من ذلك تلبية صرخات إسرائيل لواشنطن منذ اليوم الثالث بإنقاذ الوطن اليهودي


اعتبارا من يوم‏11 أكتوبر‏1973‏ أقامت أمريكا جسرا جويا استمر لمدة‏33‏ يوما حتي يوم‏14‏ نوفمبر عملت عليه‏822‏ طائرة نقلت‏79972‏ طنا من الأسلحة والمعدات والذخيرة إلي جانب جسر بحري وصلت أولي سفنه يوم‏2‏ نوفمبر‏37‏ ونقلت هي الأخري‏01233‏ أطنان من الدبابات والمدافع والعربات‏.‏ وقد تكلفت عمليات النقل وحدها بأسعار ذلك الوقت‏5.88‏ مليون دولار خلاف ثمن المعدات والذخيرة‏(‏ المشير محمد الجمسي في كتابه عنحرب أكتوبرنقلا عن إحصائيات وبيانات تقرير مراقب عام الدولة الأمريكي عن الجسر الجوي لإسرائيل‏).‏

ولم تكن مصادفة أنه في الساعة1330 من نفس يوم13 أكتوبر قيام طائرة استطلاع أمريكية بتغطية الجبهة المصرية بالكامل من علي إرتفاع03 ألف متر, وبسرعة3 أضعاف سرعة الصوت مما جعلها خارج مدي الصواريخ المصرية, وبالطبع كانت جميع صور هذا الاستطلاع عند إسرائيل.
وقد كان معروفا سلفا للقوات المصرية أن العدو الإسرائيلي يمكن أن يقوم باختراق خطوط القوات المصرية, سواء في مراحل ماقبل العبور أو في أثنائه أو بعد نجاحه, وتم تحديد ثلاث نقاط محتملة كانت منطقة الدفرسوار إحداها, وهي المكان الذي اخترق منه العدو دفاعات القوات المصرية بين الجيشين الثاني والثالث صباح يوم16 أكتوبر.
وقد تصادف في ذلك اليوم أن حضر الرئيس أنور السادات اجتماعا في مجلس الشعب تحدث فيه لأول مرة إلي الأمة منذ بداية الحرب, وكان يصحبه في المجلس أحمد إسماعيل وزير الحربية والقائد العام الذي ماأن عاد إلي مقر القيادة حتي فوجئ بالتطورات التي حدثت. ومنذ تلك اللحظة بدأ الخلاف بين الوزير القائد العام ورئيس الأركان الفريق سعد الدين الشاذلي الذي اقترح سحب الفرقة الرابعة المدرعة واللواء المدرع25 من الجيش الثالث شرق القناة لضرب القوات الإسرائيلية المتسللة. ولم يقبل أحمد إسماعيل هذا الرأي وقرر أن تتم مواجهة الثغرة بقيام القوات المدرعة المصرية في الشرق( في سيناء) بسد منافذ عودة القوات الإسرائيلية المتسللة إلي سيناء, واستدعاء قوات تهاجمها من الغرب وبذلك تكون محصورة بين القوات المصرية. وقد استدعي الأمر دعوة الرئيس أنور السادات إلي مقر القيادة في نفس اليوم(16 أكتوبر
ويقول الفريق سعد الدين الشاذلي صفحة363 في مذكراته عنحرب أكتوبر( إصدار عام1982 عن المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائري): فكرت أن أستعين برئيس الجمهورية لكي ينقض قرار الوزير أحمد إسماعيل,وأن يوافق علي وجهة نظري فيما يتعلق بسحب بعض القوات من الشرق, وأن نقوم بتوجيه ضربتنا الرئيسية ضد الثغرة من الغرب. شرحت الاقتراحات السابق ذكرها, ولكن الرئيس لم يمهلني لكي أتم مقترحاتي, وثار ثورة عارمة وفقد أعصابه وأخذ يصرخ في وجهي بعصبية أنا لاأريد أن اسمع منك مرة ثانية هذه الاقتراحات الخاصة بسحب القوات من الشرق, وإذا أثرت هذا الموضوع مرة أخري سوف أحاكمك. وكانت هذه أول مرة يثور فيها السادات منذ بدأت الحرب!
يضيف الفريق الشاذلي: جال بخاطري أن أستقيل, ولكن سرعان مااستبعدت هذا الخاطر. كيف أترك القوات المسلحة وقت الشدة؟
حاولت القوات الإسرائيلية التي تسللت إلي الغرب البحث عن عمل استعراضي ـ شو ـ تكسب من ورائه نصرا إعلاميا بالاستيلاء علي مدينة الإسماعيلية,ولكن القوات المصرية لم تمكنها ودخلت معها في معارك عنيفة فاستدارت إلي ناحية مدينة السويس التي خيل لها أنها لقمة سهلة تستولي عليها وتعلن تمكنها من احتلال المدينة التي تحمل اسم قناة السويس. وبالفعل فإن الأخبار التي حملتها إحدي وكالات الأنباء في صباح يوم24 أكتوبر نقلت علي لسان مراسلها من داخل السويس أن القوات الإسرائيلية قد تمكنت من دخول المدينة, وإحتلال مبني المحافظة. وقد كنت سكرتير التحرير الذي عليه السهرة في ذلك اليوم في الأهرام,ووصلني الخبر في الخامسة صباحا,ورفضت نشره, وقطعت المسافة إلي بيتي سائرا أبكي وحدي. وفي التاسعة صباحا بعد نوم ساعتين كان أول مافتحت عيني عليه معرفة أن القوات الخاصة العسكرية التي كانت نظمت نفسها سرا مع المقاومة الشعبية في مدينة السويس قد تمكنت من دفن أحلام الإسرائيليين,ودمرت دباباتهم وقواتهم علي مدخل السويس ومنعت وصولهم المدينة وأقامت رمزا تاريخيا للصمود العسكري والشعبي مازال إلي اليوم فخرا أبديا.

لم تتمكن قواتنا خلال يومي‏17‏ و‏18‏ اكتوبر من القضاء علي الثغرة التي تسللت منها اسرائيل الي الجبهة الغربية للقناة في منطقة الدفرسوار‏,

فكان ان تم تكليف الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الاركان بالتوجه الي الجبهة يوم19 اكتوبر واستكشاف تطورات الموقف عن قرب. وقد عاد بتقرير يوضح ان القوات الاسرائيلية المتسللة اصبحت كبيرة ـ قدرها بخمسة ألوية مدرعة ولواء مظلي ـ وانه لذلك يري ـ سحب ـ اربعة الوية مدرعة مصرية من الشرق خلال24 ساعة لمواجهة التهديد الاسرائيلي في الغرب, مبررا ان ذلك لن يؤثر علي سلامة خطوط القوات المصرية ومواقعها في الشرق ـ صفحة376 من كتاب الفريق سعد الشاذلي عن حرب اكتوبر الصادر عن دار المؤسسة الوطنية في الجزائر طبعة1987 ـ
ولم يستطع الفريق الشاذلي للمرة الثانية اقناع احمد اسماعيل وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة برأيه وتجدد الخلاف بينهما فقرر الوزير استدعاء الرئيس انور السادات الي مركز القيادة. ورغم تأخر الوقت بعد منتصف الليل إلا ان السادات كان في مقر القيادة بعد دقائق من ابلاغه. وفور وصوله اجتمع مع المشير احمد اسماعيل منفردا ثم خرج الي اجتماع شهده القادة: احمد اسماعيل ـ القائد العام ـ وسعد الشاذلي ـ رئيس الاركان, وحسني مبارك ـ قائد القوات الجوية, ومحمد علي فهمي,قائد الدفاع الجوي, وسعيد الماحي وفؤاد نصار ـ رئيس المخابرات.
أنقل من كتاب الفريق سعد الشاذلي صفحة377 مايلي: طلب الرئيس الكلمة من المجتمعين واحدا بعد الاخر وقد قام كل منهم بشرح موقف القوات بأمانة تامة, وبعد ان استمع اليهم لم يطلب مني الكلمة وعلق قائلا: لن نقوم بسحب اي جندي من الشرق. ولم اتكلم ولم اعلق وقد غمزني المهندس عبد الفتاح عبد الله الذي وصل مع الرئيس وهمس في اذني قل شيئا ولكني تجاهلت نصيحته.
ماذا أتكلم وقد اتخذ الرئيس القرار ولا يريد ان يسمعني. انني اريد سحب اربعة ألوية مدرعة من الشرق وهو يعارض سحب جندي واحد.
وعندما اعود لقراءة هذا الكلام الذي نقلته علي لسان الفريق الشاذلي وهو الطرف المعارض اجد نفسي موافقا علي مواقف كل الاطراف:
فالفريق الشاذلي ودوره في بناء القوات المسلحة له كل تقدير ابدي رأيه مرتين مرة يوم16 اكتوبر ومرة يوم19 وكان يري ان مواجهة قوات اسرائيل في الثغرة تستدعي سحب قوات مدرعة مصرية من الشرق اي من سيناء الي الغرب, ولا احد ينكر حقه في ابداء هذا الرأي.
والقائد العام احمد اسماعيل كان محقا في طلب الرئيس انور السادات القائد الاعلي للقوات المسلحة للحضور وحسم الامر بعد ان بدا انه تحول الي خلاف بين كبار القادة يقتضي قرارا في لحظة حاسمة.
والرئيس السادات تصرف بمسئولية تامة جعلته يصل الي مركز القيادة في منتصف الليل ويستمع الي القادة العسكريين واحدا بعد الاخر, وقد عرضوها ـ كما ذكر الفريق الشاذلي ـ بامانة تامة. ومن الواضح انهم خالفوا رئيس الاركان وقد كان الفريق الشاذلي علي صواب وتصرف بمسئولية عندما رفض نصيحة المهندس عبد الفتاح اسماعيل ورفض ان يعلق علي القرار الذي اصدره الرئيس السادات والمخالف لرأي الشاذلي, لان اصول العسكرية الانصياع لرأي القائد متي صدر, وهو امر لا شك ان الفريق الشاذلي نفسه قام به في ادارة الامور التي واجهته من قبل وحسم جدلا حول قرار اصدره واصبح المطلوب بعد ذلك تنفيذه.
وعندما نتأمل القرار الذي نطق به الرئيس كما اورده الفريق الشاذلي وهو قوله: لن نقوم بسحب اي جندي من الشرق وقبل ذلك في يوم16 قال للشاذلي لا اريد ان اسمع منك اقتراحات سحب القوات, نجد ان كل تفكير السادات كانت كلمة انسحاب التي كانت عقدة العقد في كل المواجهات العسكرية بين مصر واسرائيل.
أتصور الموقف لو ان الامر ذهب الي القوات المصرية متضمنا كلمة ـ انسحاب ـ وتأثير هذه الكلمة ايا كانت مبرراتها في ذلك الوقت.. مدي الخلط الذي يمكن ان يصيب الجبهة عندما تتناقل الاخبار كلمة ـ الانسحاب ـ والتاريخ المفجع لهذه الكلمة في فكر القادة والضباط الذين سبقوا ان عاشوا كارثة الانسحاب في.67
ولهذا ففي راي ان السادت عندما نطق بعبارة لن نسحب اي جندي من الشرق كان يعكس في هذه اللحظة مشاهد الانسحاب السابقة للجيش المصري وما جري فيها.
والذي حدث ان حرب اكتوبر انتهت بانسحاب القوات الاسرائيلية من كل الاراضي التي احتلتها, اما القوات المصرية فلم تتراجع عن اي شبر احتلته ولم تعرف الانسحاب, وبالفعل كانت اول حرب عربية لا تعرف الانسحاب

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech