Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech
Get Adobe Flash player
مستمرين معاكم بإذن الله 2008-2024 **** #لان_لجيشنا_تاريخ_يستحق_أن_يروي **** ***** إنشروا تاريخنا وشاركونا في معركة الوعي **** تابعونا علي قناة اليوتيوب 1100+ فيديو حتي الان **** تابعونا علي صفحات التواصل الاجتماعي** أشتركوا معنا في رحلاتنا لمناطق حرب أكتوبر **** يرجي استخدام خانة البحث **** *** تابعونا علي تليجرام - انستجرام - تويتر

السرب 77 قتال - الفصل الثاني

الفصل الثانـــــــــي

الحشـــــــــــد

 

وصل عمر وطارق الي مطار العريش في وقت متأخر من الليل وتوجهها الي غرف مبيتهم بالمطار ، بعد أستلامهم تعليمات من قائدهم بالتواجد في السادسه صباحا في غرفه عمليات المطار .

ويقبع بمطار العريش لواء قتال جوي مختلف الاسراب ، فهناك سرب قاذفات خفيفه من طراز ميج 19  وسربين مقاتلات ميج 21 وهذا الطراز الذي يطير عليه طارق وعمر

كذلك عدد من طائرات النقل وطائرات الهليكوبتر

في الصباح الباكر ، تحرك الطيارين من غرفهم تجاة غرفه عمليات اللواء  ،وفي الطريق تقابل طارق وعمر وقد لبس كل منهم ملابس الطيران وأمسك بخوذته في يدة ، تبادل الاثنان التحيه ودر بينهم حديث ودي خلال الخطوات البسيطه نحو مبني القيادة ، لكن ما لفت نظرهم هو وجود طائرتين علي اول الممر مسلحتين وفي داخلهم الطيارين ، إنها طائرات الحاله الاولي تنتظر أي تعليمات للطيران الفورى ، منظر الطائرتين بلونها الفضي المعدني اللامع مع انعكاس أول ضوء للشمس أعطي الاحساس بان الطائرة هي التي تشع هذا الضوء البرتقالي البديع

وصل الاثنان الي غرفه العمليات ووجدا بها عدد لا باس من الطيارين ، وعلي الفور دخل قائد المطار والذي بدأ في شرح الموقف السياسي وأسباب رفع حاله الاستعداد و الاجراءات  المتبعه  لكنه شدد علي ان شيئا ما لا يلوح في الافق بمعني انه لا توجد أي احتمالات للحرب ،و أستكمل في أبلاغ طياريه بالتعليمات واعطاء الاوامر لتمام الاستعداد  وردا علي سؤال أحد الطيارين عن توقعه برد فعل الاسرائيلين ازاء الحشود المصريه ، رد القائد في ثقه مبالغ فيها ،بأن التصرف الوحيد امامهم هو سحب الحشود علي سوريا وذلك أذا كانوا يرغبون فعلا في عدم سحق قواتهم ، اما اذا كانوا يرديونها حربا ، فما عليهم الا ان يطلبوا ذلك ، وستدخل قواتنا تل أبيب في غضون ساعات قليله وأضاف الرجل بان الطيران المصري هو الاقوي في الشرق الاوسط وقادرعلي دك القوات الاسرائيليه في اي لحظه وتهكم الرجل من الاسرائيلين قائلا

(( سنه62 عملنا تدريب في الجيش أكيد بعضكم فاكرينه، بسرعه فائقه حشدنا فرقتين مشاة والفرقه الرابعه المدرعه في سيناء ، و لما اليهود صحيوا لقوا جيشنا كله علي حدودهم ، جالهم حاله هلع ))

 وضحك الرجل بشدة (( لو تعرفوا الرعب اللي جالهم ، لدرجه انهم اتصلوا بالامريكان يصوتوا لهم علشان نسحب قواتنا ..... طيب ... دة كان تدريب ... وهما اترعبوا جدا ، امال لما يصبحوا بكرة أو بعدة ويلاقوا الجيش المصري كله علي باب بيتهم ... وهما عارفين انه مش تدريب ........تفتكروا هيعملوا أيه .؟؟...)) واستكمل الرجل ضحكه وأستدار خارجا من غرف العمليات أيذانا بانتهاء القاء التعليمات

أرتقي اركان حرب المطار المنصه بعد قائدة وبدأ في سرد جدول الطيران وإجراءات الاستعداد .

خرج طارق وعمر من غرفه العمليات بعد ساعه تقريبا من دخولهما ، سار الاثنان تجاه  غرفه الطيارين والتي تبعد خمسون مترا تقريبا من طائرتهم ، طبقا لتعليمات الطوارئ فيجب ان يتواجدا بهذه الغرفه طوال اليوم تحسبا لاي طارئ.

وبدلا من دخول غرفه الطيارين طلب طارق من عمر ان يتجها نحو طائراتهم للأطمئنان علي أستعدادهما، كان طارق يدخن سيجارته

بينما عمر يسير متأملا منظر الممر والطائرات الرابضه عليه في تحفز ، ومن خلفهم جميعا وعلي بعد  يربض برج المراقبه الذي يعلوة رادارا كبيرا لا يكف عن الدوران بحثا عن اي أهداف تخترق سمائنا .

فجأة توقف طارق واستدار ليواجه عمر متسائلا(( انت عجبك كلام القائد ؟؟؟))

رد عمر بتلقائيه (( وماله كلام القائد ))

طارق مندهشا (( ماله؟؟؟؟؟........ أحنا لو كنا هنحارب الهوا ، مش المفروض انه يتكلم بالثقه والاستهزاء دة ))

عمر بثقه (( يا بني أحنا أقوي جيش في الشرق الاوسط كله .... هوا أنا محتاج أقلك الكلام دة ؟؟ ما انت عارف كل حاجه وعارف ان عندنا صواريخ توصل لجنوب اوربا كمان .... ))

طارق متزمرا (( انا عارف كل اللي بتقوله دة ، بس مش المفروض نستهزأ

بأسرائيل أكتر من كدة )) لاحظ طارق ملامح الاستخفاف تظهر علي ملامح عمر فأشار اليه باشارة اللامبالاه وأستكمل سيرة نحو طائرته غاضبا ..

أحس عمر بالضيق لاستخفافه بكلام طارق فأردف محاولا تصفيه الجو

(( متتنرفزش يا طارق ... خلاص يا عم ... انت عندك حق ))

أستدار طارق غاضبا ، ونظر حوله ليري اذا كان هناك احدا قريبا ليسمع حديثه ، وعندما وجد ان ليس هناك احدا قريب ،أقترب من عمر هامسا بجديه  (( اللي في دماغك دة كله غلط ، انا قلت لك كام مرة وانت مش عايز تسمعني )) وأشار بأصبعه في وجه عمر محذرا (( انا قلت لك متصدقش كل حاجه تتقال لك )) ثم أستدار تاركا عمر في حيرة ، لم تدم حيرة عمر كثيرا فركض خلف طارق متسائلا عما يقصد ، فرد عليه الاخير هامسا

(( بلاش تصدق حكايه اننا هنرمي اليهود في البحر واننا عندنا صواريخ توصل لاوروبا ،كل اللي بتشوفه وتسمعه كذب في كذب ، اوعي تكون فاكر إن الصواريخ اللي بتشوفها في العرض العسكري كل سنه دي صواريخ حقيقيه . لا يا عمر )) وبمرارة

يكمل طارق (( دي صواريخ صاج ، منظر  بس علشان يضحكوا علي الغلابه اللي زيك ))

لا يمكن تصور نظرة الصدمه التي ظهرت علي وجه عمر ، فهو مؤمن بالثورة ومبادئها حتي النخاع ، ولا يمكن لعقله تصور ان تقوم القيادة بخداع الشعب ، هذا الايمان جعله يطرد تصور صدق كلام طارق ، فأبتسم قائلا (( لا ... لا ... انت بتهزر شكلك كدة )) وعندما وجد ملامح طارق جادة لا تدل علي أي نوع  من انواع العبث ، أسقط في يده ،فأمسك بذراع طارق وأقترب هامسا

(( الله يخليك يا طارق ، انت متأكد من الكلام ده ..؟؟ الكلام دة يودي في داهيه ))، هم طارق باستكمال الحديث لكنه لمح أحد ضباط أمن المطار يقترب منهم فأخبر عمر انهم سيستكملون الحديث ليلا .

سار كل منهم الي طائرته يفحصها ويعاين الوقود والتسليح وفي كل فرصه كان طارق ينظرالي عمر يجده بدورة ينظراليه وعينيه تشع كما من الحيرة والتساؤل.

في المساء أنصرف الطيارين الي غرف سكنهم بالمطار لكي يستريحوا ويستعدوا ليوم جديد ، فمن المعروف ان الطائرات في ذلك الوقت لا تستطيع الطيران ليلا ، نظرا لعدم وجود أجهزة خاصه بالطيران ليلاعلي الطائرات تمكنها من الطيران نحو اهدافها والاشتباك أو حتي العوده لمطارتها ، فكان من الطبيعي ان يخلد الطيارين والقادة والجنود علي حد السواء الي الراحه بمجرد حلول الليل ، وكان ذلك يحدث أيضا في الطيران الاسرائيلي ، مما جعل الليل فترة هدوء تامه للطرفين .

كان الظلام قد ملئ ارجاء مطار العريش ، والهدوء يسود كل ارجاء المطار حتي غرف الطيارين يسودها هدوء ، في هذه اللحظات كان طارق قد استحم وبدأ طقوسه في الراحه النفسيه التي يهتم بمتابعتها كلما سمحت له الظروف ، فيقوم بوضع كرسي مواجهه لشرفه غرفته ليجلس عليه مواجها للوحه بانوراميه للسماء السوداء والنجوم التي تضئ كمصابيح بعيدة  ويتزامن ذلك مع موسيقي اوبراليه كلاسيكيه تأتي من جهاز البيك أب ، جلس طارق علي الكرسي ممدا رجليه علي كرسي اخر ، ناظرا لهذا الجمال الرباني الذي يراة من سماء وارض متشابكان متعانقان في سواد متدرج الدرجات ، كان علي وشك البدء في التجاوب مع الموسيقي الكلاسيكيه والطيران بروحه في سماء الهدوءوالسكينه ، وفجأة سمع دقات علي بابه ، دقات متتاليه ، فقام من كرسيه غاضبا من مفرق لحظات متعته الخاصة ، وجد عمر في وجهه عندما فتح الباب ، وجهه جامد متسائل حائر أو خليط من كل ذاك وتلك ، فهم طارقعليالفورماذا يريدزميله .

ومع إعداد طارق لكوبي شاي بدأ الحديث ، فعمر يريد أن يعرف ، وهنا بدأ طارق في السرد بصوت خافت .

(( بص يا عمر ، انا اتعلمت إني عمرى ما أقًفل عيني ووداني عن حاجات واضحه ،لكن انت ايمانك الاعمي بالثورة وبالريس والمشير خلاك مش شايف أي حاجه ، وخصوصا لو كانت حاجات واضحه زي الشمس ، يعني هاضرب لك مثل بحرب اليمن ،أدينا بعتنا الجيش بقالنا خمس سنين ، الجيش المصري بيحارب قبائل بقاله خمس سنين السؤال هنا ، ليه بقالنا خمس سنين مش عارفيين نقضي علي كام قبيله لو اننا فعلا احسن جيش في الشرق الاوسط ؟؟ ، الاجابه إن حتي أحسن جيش فيه دايما طرف تاني يقدر يدوخه ، يا بني أنا ليا زملاء في الجيش خدموا في اليمن بيقولولي ان حرب العصابات هناك مدوخه قواتنا وراهم في كل حته ومش عارفيين نقول اننا انتصرنا لاننا مش لاقيين العدو )) هم عمر بان يقاطعه لكن طارق أستكمل حديثه

(( ارجوك يا عمر بلاش تقاطعني علشان انا فعلا مش مستريح للي بيحصل في الجيش وفي الطيران خصوصا فسيبني اتكلم وأطلع اللي جوايا ،علي الاقل انا عارفك وواثق فيك ، مفيش حد دلوقتي تقدر تثق فيه ، ممكن اي حد يحب يطلع علي كتافك يقوم يبلغ عنك الامن او في مكتب شمس بدران وزير الحربيه ، وبعدين تلاقي نفسك في السجن الحربي بتهمه الخيانه .)) 

هنا قاطعه عمر بحدة (( ما انت عارف ان الثورة لازم تأمن نفسها ، حتي من نفسها )) طارق ساخرا (( يا عمر فتح عينك بقي ، فيه نظام في الدوله يحط مقدم بالجيش وزير للحربيه ؟؟؟ دة مؤهلاته ايه غير النفاق علشان يوصل للرتبه دي ؟؟  الحال ملخبط قوي يا عمر )) وأستدار طارق ناظرا للسماء مرتشفا من كوب الشاي وهو يتمتم ((ربنا يستر بجد )) كان عقل عمر يعمل بسرعه فهو يعرف طارق منذ ما يربو عن عام وهذه اول مرة يراة في هذا المزاج الحاد المتعكر ، لكن عمر شغوف بمعرفه ما لديه من معلومات عن الصواريخ فتساءل

((أمال ايه حكايه الصواريخ الصاج دي))

ضحك طارق بمرارة (( قصدك الصواريخ القاهر والظافر؟؟؟؟))

(( دي يا سيدي صواريخ ارض ارض مصممه لتكون بعيدة المدي ، والريس جمال حضر كام مرة عمليات اطلاق لها ،المصيبه انه كان عارف ان الصواريخ دي ملهاش أجهزة توجيه يعني ملهاش عقل يعني مطرح ما ينزل الصاروخ هينفجر ، لاننا لغايه دلوقتي مقدرناش نصنع اجهزة توجيه لها ، ولما العلماء الالمان هربوا  توقف العمل بالمشروع جزئيا ، لكن الريس والمشير شافوا انهم يظهروا الصواريخ الصاج دي في العرض العسكري لردع أسرائيل مع ان اسرائيل أكيد عارفه ان المشروع وقف،لانهم هما اللي طاردوا العلماء الالمان بالطرود الناسفه وطفشوهم من البلد ))

نظر طارق لعمر فوجدة قد فغر فاه مندهشا فتبسم ،وسئل عمر (( انت عرفت منين ؟؟؟)) 

رد طارق (( واحد معرفه كان بيشتغل في المشروع قبل ما يتنقل للقوات الجويه لانهم بقوا مش محتاجينه ))

أسقط في يد عمر ووجد ان كلام طارق منطقي ولا مبرر اطلاقا لكي يكذب عليه ،فتساءل ((طب ليه السوفيت ميدوناش أجهزة التوجيه دي ، ما هم بيدونا سلاح متطور برضه ؟؟؟))

طارق منفعل (( سلاح متطور ايه بس يا عمر ..... انت فاكر ان الطيارات اللي معانا دي متطورة ؟؟؟ ))

أومأ عمر بالايجاب قائلا (( الميج 21 أحسن من أي طيارة في العالم لغايه دلوقت ))

طارق (( أنا معاك حق وكلامك صح ... بس ...... لو اللي معانا دي نفس الميج 21 اللي في الطيران السوفيتي ))

كادعمران يقفز من مقعده مندهشا (( انت عاوز تقولي ان الميج دي ناقصه كمان ؟؟؟))

طارق (( طبعا ،دي نسخه للتصدير بس))

عمر متحديا (( أزاي بقي ؟؟؟؟))

طارق (( علشان انا قلت لك انك مش بتشوف الا اللي انت عاوز تشوفه بس ، عايز تشوف التماثيل الرخام علي الترعه بتاعت عبد الحليم حافظ  من غير ما تشوف الناس اللي حول التماثيل وعايز تشوف الطيران المصري اقوي سلاح جو في المنطقه ومش عايز تفتكر اللي حصل فوق سيناء ديسمبر اللي فات ))

عمر مجاوبا (( قصدك الحادثه بتاعت الطيران السوفيت ؟؟؟))

طارق وقد لمعت عيناة (( شوف أديك أثبت لي انك أعمي مبتفكرش ))

عمر (( ليه  ؟؟؟))  طارق (( لان الخبر اللي وصلك ودة طبعا كان سرعسكري المفروض متقولوش لحد ، الخبر بيقولأن 4 طيارين سوفيت بطيارات ميج 19 ماتوا في حادثه اثناء الطيران ......صح ؟؟؟))  أومأ عمر أيجابا

طارق (( يا بني فكر ارجوك .... ازاي حادثه بين 4 طيارات في وقت واحد هما كانوا طايرين أزاي يعني ؟؟؟ يا عمر انت طيار وفاهم ان دة مش ممكن خالص ))

عمر بدهشه متسائلا (( أمال ايه اللي حصل ؟؟))

طارق (( دول كانوا طالعين من مطار المليز ، رمزي دفعتنا بيخدم هناك وهو اللي حكالي كل حاجه من كام يوم لما شوفته في الاسكندريه .....)) ،صمت طارق للحظات مشعلا سيجارة

(( رمزي حكالي إن كام طيار من عندنا رجعوا من روسيا بعد دورة علي الميج 19 ، الطيارين دول بلغوا القيادة بأن الطائرات اللي في الخدمه هناك بها اجهزة توجيه وتصويب متقدمه غير موجودة في طيارتنا ، والموضوع اتصعد لأعلي مستوي ،

 وكان رد السوفيت انه دة مش صحيح وبعتولنا طيارين علشان يثبتوا لنا زي عادتهم اننا المتخلفين ومش عارفين نسوق طياراتهم ، ويوم 19 ديسمبر اللي فات طلع تشكيل من ست طيارات ميج19 أربعه منهم بطيارين روس

 وبعد فترة رجعت الطيارتين المصري وبقي الروس في الجو ، متعرفش بقي حظهم الاسود ولا تدخل الالهي وقعهم وسط طيارات ميستير أسرائيلي كانوا بيعملوا دوريه قرب الكونتلا ، وفي ثوان يا عمر كانت الاربع طيارات مولعين في الجو بالطيارين الروس))

لاحظ طارق الدهشه علي نظرات عمر  فأستكمل (( المهم أن الروس أتحرجوا جدا وطلبوا عدم اذاعه الخبر والتكتم عليه والمدهش ان اسرائيل لم تذع الخبر ايضا ))

عمر (( يعني العيب مش فينا زي هما ما بيقولوا علينا ))

طارق (( لاالعيب مش فينا  لكن في الطيارات لانها مش كامله زي اللي يتخدم في الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو، بس تستنتج ايه كمان يا عمر من كل الكلام اللي قلته لك ؟؟ ))

سكت عمر للحظات مفكرا ، كان يعلم الاجابه لكنه تفادها عن قصد ،فأجاب طارق بدلا منه

(( تستنتج انك متصدقش كل حاجه الاذاعه تقولها وتخلي مخك حاضر ونشيط ، وكمان تستنتج ان الطيارين الاسرائيلين مش شويه ، لما يعرفوا يوقعوا اربع طيارات بطيارين روس يعني أحسن طيارين في العالم يبقوا هما كمان طياريين كويسيين ، يعني احنا لازم نعمل لهم الف حساب مش زي ما القائد قال الصبح ))

كانت عبارة طارق الاخيرة كمدرس يعلم طفل امامه مبادئ الحياه ، وبالفعل فقد أستوعب الطفل الدرس تماما وإن كان الطريق امامه طويلا لكي يري بعين غير عينه التي رأت ان العالم بدون الثورة والاشتراكيه سيكون عالما فاسدا .

غادر عمر الغرفه منكس الرأس غارقا في التفكير ، كثير من المبادئ والمثل أصبحت تهتز امامه بعد ان كانت شامخه شموخ الهرم الاكبر .

 

طائرات ميج 17 مصريه تصطف بأرض المطار

 

18 مايو 1967 مطار فايد

مرت اربع أيام علي رفع حاله الاستعداد ، جميع الطيارين في حماس وشوق للقتال في أي لحظه ، توالت طلعات التدريب مع أعمال حمايه المنطقه كان ذلك يتماشي مع بث أثير الراديو الاغاني الوطنيه التي تلهب حماس الرجال ، ومع مرور الوقت شاهد الطيارين سواء من الجو او علي الأرض ، شاهدوا الجيش المصري يتحرك تجاة سيناء، عشرات بل مئات العربات والدبابات والالاف الجنود يعبرون القناه متجهين نحو الشرق فقط ، تجاة حدود العدو ، قربت ساعه القتال والكل في شوق لها .

ورغم البوادر التي أتخذها الجميع وتهيأ لها بأن الامر لن يطول وان اسرائيل سترتعد خوفا ، فأن الامر أستمر وأستمر معه تدفق قواتنا لسيناء وتحولت النفوس الي الاحساس بقرب وقوع حرب وشيكه

في ذلك اليوم صباحا ، كان السمري وأحمد والمليجي يفترشون الارض بملابس الطيران تحت جناح أحد الطائرات السوخوي جاهزين كطياري حاله ثانيه يمكنهم الانطلاق في الجو في ثوان محسوبه  ،

 كانوايشربون الشاي ويحتمون من لهيب الشمس الحارقه ، معنوياتهم في السماء ، ينتظرون دورهم سواء للطيران في المظله التي تحمي سماء المطار او في الحلول محل رفاقهم في طائرات الحاله الاولي ، لا يخلو حديث بينهم من كلمات القتال والحرب ، المليجي يحلم بقتال جوي يدق فيه عظام الطيارين الاسرائيلين ويشفي غليله ، وأحمد يسخر منه قائلا بأنه لن يترك للمليجي أي طائرة في السماء ليهنأ بتدميرها

تتعالي الضحكات بين هؤلاء الرجال المتفجرين حماس ووطنيه وانتماء ،ويظهر الطيار محمد خميس قادما من بعيد ، لم يسلم من قفشه سريعه لاحمد تعالت ضحكات المليجي والسمري بعدها ، لكن خميس لم يتجاوب بصورة معتادة ، فقد كان يبدو بانه يحمل خبرا ما ، فصمت الجميع منتظرين منه ان يبدأ نشرة الاخبار التي أعتاد ان يحملها . فبدأ خميس حديثه (( العمليه شكلها بجد يا جماعه )) سكت لحظه منتظرا رد الفعل من الرجال ، وفعلا كان رد فعل حاد من المليجي غير الصبور أزاء أي اخبار جديدة

فأكمل خميس (( فيه أشارة من القيادة باعادة توزيع الطائرات علي المطارات نتيجه معلومه وصلت المخابرات الحربيه بأن مدي الطائرات الميراج الاسرائيليه لا يتعدي 300 كلم ، وعليه صدرت الاوامر بسحب عدد من الطائرات من المطارات الاماميه ،وأعادة توزيعها في الدلتا والقناه،علشان لو هما بدأوا الضرب تكون قوتنا الضاربه بعيد عن مدى طيراتهم..))

ظهرت نظرات فزع علي عيني أحمد وصاح غاضبا (( مين اللي قال ان مدي الميراج 300 كلم بس ، انا عندي كتيب عن الميراج ومداها اكبر بكتير من 300 كلم ...... ))

كان وقتا مناسبا للسمري لكي يصطاد أحمد فقال بهدوء (( أحمد فاكر نفسه هيعرف أكتر من المخابرات الحربيه ... وكتيب ايه اللي معاك دة ..... انت مش كنت بتفرأ قصص أطفال، وبتتفرج علي الصور بس كمان ؟؟؟ ))

أنفجر الجميع ضاحكين من سخريه السمري ، فأخيرا تصيد أحد موقفا للسخريه من أحمد والذي كان الجميع يخافون لسانه وسخريته ، وقع المليجي علي الارض يضرب بيدة من شدة الضحك وخاصه مع احمرار وجه أحمد الذي أحمر بشدة ، كان صوت  ضحك الرجال عاليا بصورة لفتت نظر العقيد تحسين الواقف في أعلي برج المراقبه ، وشاهد من مكانه أحمد يشير بيدة اشارات الوعيد ويبتعد مسرعا من مكانه تحت جناح الطائرة

بعد دقائق كان القائد يخطو تجاة السمرى ورفاقه ، قام الجميع أحترامه له وأدوا التحيه العسكريه التي ردها الرجل وانحني تحت جناح الطائرة داعيا أياهم بالجلوس والاحتماء من الشمس ، وسئلهم عما حدث بينهم وبين أحمد ، فقد رأة يبتعد غاضبا وكأب لهم فهو لا يحب أن يري أي خصومه بين الرفاق بدون ان يسارع في التدخل لحل الموقف.

بدأ السمري يشرح لقائدة ما حدث وأن الحوار انتهي بهزيمه نكراء لاحمد نتيجه سخريتهم مما يدعيه ، وأن احمد رفض الاستسلام وانه ذهب لاحضار الكتيب من حقيبته ،

وان الامر قد تطور الي تحدي بين أحمد وبين المليجى والسمري ،فالاخرين يعتمدان علي صدق المخابرات الحربيه و احمد يعتمد علي كتيب مجهول

 وبينما الحوار دائر ، حضر أحمد ملوحا بالكتيب ونظرة الانتصار تطل من عينيه

طلب منه القائد الجلوس وشرح الموقف (( يا فندم فيه ناس ميعرفوش في الطيارات وبيسخروا من اللي بيعرفوا )) كان ينظر للسمري ردا له السخريه منه ،  

فقاطعه القائد ((ملوش لزوم الكلام دة وقلنا المعلومات اللي عندك ))

احمد (( يا فندم دة كتيب خالي جابه لي من فرنسا ، هوا مقدم  وبيشتغل في ادارة المشتريات ، لما زار فرنسا قدر يوصل لكام نسخه من الكتيبات الخاصه بالطائرات الفرنسيه المقاتله ،وانا أستوليت منه علي نسخه من نسخ الميراج والميستير اللي بيخدموا في أسرائيل))

السمري مقاطعا (( خلصنا ياعم وقول اللي عندك ))

الا ان القائد حذر السمري من استمرار الاستهزاء فقد كان واضحا اهتمامه بما يقوله أحمد ، وبنظرة منتصرة أستكمل احمد موجها حديثه للقائد (( الكتيبات دي يا فندم بتطبعها مصانع للطائرات للدعايه ومفيهاش اسرار ، في وصف الميراج يا فندم وفي صفحه 32 مكتوب –ان طيران الطائرة علي ارتفاع كبير وبواسطه اثنان من خزانات الوقود الاضافيه واماكن لاربعه قنابل أو صواريخ جو- جو يصل المدي الي 1500 كلم أي أضعاف المدي اللي المخابرات بتقولنا عليه ، اما في حال الطيران المنخفض يكون مدي العمليات  900كيلومتر يعني برضه اكبر من مدي اللي المخابرات بتقول عليه ))

 

الميراج بالالوان الاسرائيليه

 

أمسك القائد بالكتيب وتمعن في الصفحه التي تبين المدي ، بينما تحولت نظرات أحمد المنتصره لتشمل من حوله وتحول القائد للجديه في حديثه قائلا (( تعرف ان لو المعلومات دي صح،يبقي تكتيك القيادة لازم يتغير بسرعه ))

تدخل المليجي في الحديث (( طيب يا فندم ، ليه احنا واخدين التكتيك الدفاعي دة ؟ ما احنا لو هنهاجم لازم تكون طيارتنا قريبه من الجبهه ، ليه نرجعها ورا ؟))

القائد (( والله يا ولاد أنا نفسي متحير ، مش عارف الفريق صدقي محمود عايز أيه ، علي كل حال احنا لازم نكون جاهزين للدفاع والهجوم في أي لحظه ))

كان عجز القائد علي تبرير تصرفات قيادته مربكا لصغار الضباط  ، لكن الرجل كان يبدو حائرا مشتتا لا يعرف ماذا تخبئ الايام ، فهل سنهاجم أم ندافع، ام هل سنحارب أصلا ام لا   

أستدار القائد( احمد أنا هأخذ الكتيبات وابعتها مع ضابط امن للفريق صدقي ، وهنشوف ردة هيكون ايه ، بس أنا رأيي أنها معلومات صحيحه لان باقي المعلومات الخاصه بالسرعه والتسليح صحيحه )

كانت جمله القائد اعلانا بفوز احمد في التحدي ،

ووسط خيبه امل رفاقه ، قام القائد متجها نحو برج المراقبه وهو يتصفح في الكتيب بعمق تاركا أحمد يشمت في ضحاله معلومات رفاقه .

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------

العريش : نفس اليوم

وسط جو الترقب والاستعداد ، طارق يجلس داخل كابينه طائرته الميج ، مستعدا في أي لحظه للاقلاع لتنفيذ مهمه الدفاع عن المطار او كما قلنا سابقا – فهو في طائرة حاله اولي ، بينما عمر يجلس علي مسافه في الظل يتصفح احدى الجرائد اليوميه ، بملابس الطيران كامله وبجوارة علي الارض خوذه الطيران

كان الحر والعرق يعصف بجسد طارق عصفا خاصه وجسدة مشدود بأحزمه الطائرة ، شعور لا متناهي بعدم الراحه ، وحسد لزميله القابع في الظل

وبدون مقدمات اعلن في مكبرات الصوت عن وصول طائرة تحمل شخصيه كبيرة من القيادة العامه بالقاهرة ،وأن علي جميع الطيارين والضباط الغير مكلفين بمهام حاليا ، عليهم التواجد بقاعه الاجتماعات .

نظر عمر وطارق لبعضهما البعض ، فأخيرا هناك من سيزيح الغموض والذي يكتنف الموقف منذ اسبوع .

هبطت طائرة مروحيه وخرج منها عدد من الضباط ، رتب متعددة كلها من الجيش

لابد وأن شيئا ما هام يلوح في الافق هكذا فكر عمر

دخل الضباط سريعا الي غرفه الاجتماعات بينما أنزوي أحد اللوءات بقائد المطار وسلمه مظروفا كبيرا مغلقا ، تابعت عيني عمر هذا الحوار بدون ان يعرف مغزاة

 

وبعد ثوان دخل الرجلان الي القاعه ، وبدون ان يجلسا أمسك اللواء الميكرفون محييا الرجال ومخبرا أياهم بان الحرب اصبحت علي الابواب وأن الرئيس جمال والمشير بثقان في قدراتهم علي تحقيق اي مهام ،وأن قائد المطار لديه تعليمات جديدة، ثم أمر بصرف مبلغ خمس جنيهات لكل جندي وعشر اخرين لكل ضابط وطيار ، وسرعان ما خرج الرجل من القاعه ، تاركا الرجال في حيرة من هذا الاجتماع الخاطف والذي لم يقال فيه اي شئ يذكر ، وكأن الرجل أتي لتوزيغ النقود عليهم فقط .

صعد قائد المطار الي المنصه وطلب من جميع الطيارين التواجد في غرفه العمليات بعد اخر ضوء ، حتي يتثني للجميع سماع ما سيقوله ،فخرج عمر شاردا من غرفه الاجتماع وسار تجاة طارق واخبرة بفحوي الاجتماع ، فسخر طارق من مبلغ العشر جنيهات التي يصرفونها في وقت يستعد الجيش للحرب، او علي الاقل أحتمال الحرب ما زال قائما .

في المساء اجتمع الطيارين بقائدهم في غرفه العمليات ، بدأ القائد حديثه في الحال مخبرا أياهم بأن الاوامر قد صدرت بتقليص قوة المطار وتوزيع جزء من طائراته علي مطار السر في وسط سيناء لتنفيذ عمليات هجوميه بدأ من بعد غد، وأن قائمه بأسماء الطيارين الذين سيغادرون صباحا مع اول ضوء ستعلق علي باب ميس الطيارين ، واضاف القائد أن أحتمالات الحرب بدأت في التزايد في الفترةالماضيه نتيجه الغطرسه الاسرائيليه وأستمرار أنكارها لوجود حشود علي الجبهه السوريه ،وانه قد حان الوقت لتأديبهم، وأنفض الاجتماع وقد لمعت عيني طارق وعمرسعاده فكلاهما بل وكل الطيارين في شوق للقتال ، ففي حرب 1956 لم يسمح للطيارين بالاشتباك أو حتي الطيران حمايه لهم وكان ذلك قرارا صائبا جدا لحمايه ارواح  عدد قليل من الطيارين يشكلون اول نواة لطياري المقاتلات النفاثه في مصر ، ومازال كبار الطيارين يحملون شوق للقتال بالطائرات الجديدة التي معهم ، وانتقل هذا الشعور الي صغار الطيارين بالتبعيه ، لذلك كان حماس الرجال بمعرفه ان هنالك تعليمات هجوميه لهم

  بعدها بلحظات ووسط حماس الرجال،علقت ورقه صغيرةعلي باب الميس، تسارع الطيارون لرؤيه ما بها ، ووجد طارق وعمر أسميهما مدرجين بها للانتقال الي مطارالسر صباح اليوم التالي .

كان الجميع يعلم بأمرمطارالسر وانه مازال تحت الانشاء كمطار مكمل لمطار العريش ،لذلك لم يكن انطباع عمرو طارق جيدا ، فعلي الاقل يوجد بالعريش نوع من انواع المدنيه الحديثه ، والان سينتقلان مع عدد من زملائهم الي وسط صحراء سيناء حيث تأبي المدنيه ان تقترب منها .

هون طارق من احباط عمر ووعدة بأجازة لمدة عدة ساعات يقضياها في العريش قبل أن يغادروا ، ورغم سخريه عمر من أستطاعه طارق الحصول علي اذن بالخروج من المطار في وسط حاله الاستعداد ، فأنه حَصل بطريقه ما علي أذن بساعتين كاملتين لهم ، واتفقا علي كتمان الخبر

ومع دقات الساعه التاسعه مساءا،والمطار في حاله هدوء،مرقت سيارةمسرعه  لخارج اسوارالمطار تقل الاثنان

وبعد دقائق كانت السيارة التي قادها عمر بسرعه كبيرة تصل الي قلب مدينه العريش ، حيث كان المشهد مختلفا تماما عما يبدو المطار عليه من هدوء وسكينه ، جلبه كبيرة ، قوافل من السيارات والعربات المدرعه تتحرك في اتجاهات مختلفه  حامله مئات الجنود ، نزل الاثنان من سيارتهم يتطلعان الي هذه التحركات الصاخبه ، أحساس كبير بالفخر والاعتزاز بقواتنا الباسله وهي تتحرك

أضطرا للانتظار برهه حتي أستطاعا ان يخترقوا بسيارتهم احد القوافل لكي يعبروا الي الجانب الاخر من الطريق حيث مبني المحافظه وعدد من المحلات التجاريه الصغيره ، نزل الاثنان من سيارتهما  بجوار محل للفول والطعميه حيث تقدم عمر داعيا طارق لوليمه مفتخرة من الاكله المصريه الاولي ، وبينما هم في انتظار طلبهم ، سار عمر عدة خطوات حيث يقبع صندوق متهالك للبريد يعلوة الصدأ ، وأخرج  خطابا من جيبه ونظر اليه قليلا ثم قبله ووضعه في الصندوق بهدوء .

ثم عاد الي طارق الذي امسك بعدد من الاطباق الساخنه للفول والطعميه ،والبطاطس ، وتعاون الاثنان في صنع مأدبه متنوعه من الاطباق علي غطاء محرك سيارتهم ، ومع بدأهم للاكل ، ووسط أصوات السيارات المتحركه امامهم ، نظر طارق لعمر سائلا

 الجواب دة لناديه ؟؟رد عمر بأيماءه إيجاب،وأستكمل تناول طعامه

توقف طارق عن تناول قطعه ساخنه من الطعميه في يدة وتحدث كمن يفكر بصوت عال (( يا أخي ، الحب دة حاجه جميله اوي ، اللي يشوف منظرك وانت بتحط الجواب في البوسطه ، يحسد ناديه عليك بجد ، بس تفتكر شعور الزوجه أو حتي الحبيبه  يكون ايه لما تكون عارفه ان حبيبها رايح يحارب وممكن ميرجعش تاني )) لم تكن جمله طارق سوى تعبير عن الفراغ العاطفي الذي يحس به

 فرغم غرامياته المختلفه التي يتندر بها أمام الجميع الا انه لم يجد من تحتل قلبه بعد ، نظر طارق فوجد عمر منهمكا في الاكل فصاح به (( أنا مش بتكلم معاك يا جدع ؟؟)) رد عمر باقتضاب بعد ان وضع ما بيدة من أكل

)) لوفكرت بجد في احساس أهلي وناديه مش هعرف أطير)) شرد طارق لثانيه في رد زميله ثم انهمك في طعامه

 

أنهي الاثنان طعامهم وجاء دور المشروب الذي سيقوم بعمليه الهضم لكل ما تناولوه،وبعد ثوان كان الاثنان يرتشفان كوبين كبيرين من عصير القصب وكل منهم شارد في عالمه للحظات .

وفجأة وبدون اي مقدمات  سمع الاثنان جلبه كبيرة واصوات رجال، التفتوا ليجدوا عددا يربو على المائه من الرجال يلبسون الملابس المدنيه يهرولون تجاة محلات الفول وعددااخريهرع تجاة محل العصير الذي يقفوا أمامه ، سيل من الرجال غزا المنطقه فجاة ، ذهل طارق وتساءل عمر من أين أتي هؤلاء الرجال الذين تبدوا عليهم كل علامات الاجهاد الموجودة في الدنيا ، فالملابس رثه متسخه والوجوه مجهدة جائعه عطشى ، أختلفت ملابس الرجال مابين الجلباب الفلاحي  القميص والبنطلون

ووسط دهشه الرجلين الذين ذابا وسط هذه الجموع الحاشدة التي هاجمت محلات الاكل كما تهاجم اسراب الجراد الزرع .

بعدث وان تدخل في المشهد ضابط للشرطه العسكريه الذي هرول تجاة الرجال غاضبا امرهم بسرعه انتهاء مايقومون به والعوده للوريات، زادت دهشه طارق وصاح (( دول عساكر؟؟؟)) وقبل ان يرد عمر حتي اتاة صوت من خلفه (( أيوة يا فندم …أحنا عساكر )) التفت الاثنان نحو مصدر الصوت فوجدا شابا أسمر الملامح يرتدي جلبابا متسخ أشد الاتساخ ويمسك في يدة بساندوتش يلتهمه بنهم شديد بينما يدة الاخري تقبض بشدة علي ساندوتش أخر كمن لايريد ان يفرط فيه لاحد ، زالت دهشه عمر سريعا فواجه الرجل سائلا (( أمال فين لبسك يا عسكري وفين سلاحك ؟؟؟)) ظهر عدم مبالاة الرجل باللهجه العسكريه التي تحدث يها عمر ووضح عليه عدم الاكتراث وواصل طعامه ، غضب طارق لتصرف هذا الرجل فصاح به (( مش ترد علي حضرة الضابط ولا مش سامعه ؟؟؟ انت عايز تتحاكم وتتحبس ؟؟)) توقف الرجل عن تناول طعامه وبلهجه اسف  صعيديه صرفه

تحدث الرجل (( أنا أسف يا فندم ، مش قصدى واللهبس انا محتطش في بقي أي اكل من وقت طويل ، وراح اموت من الجوع ، مش قصدي يا فندم والله أرجوك سامحنى  ))

كان ارتباك الرجل داعيا لان يخفف عمر من لهجته (( انت من منين يا بلدينا؟؟))

أجاب الرجل الذي واصل اكله ((من جنا يا فندم ))لاحظ عمر ان الرجل  يتفرس في زجاجه المياة التي بيد عمر

 فأقترب منه عمر مادا يدة بزجاجه المياه وأستطرد(( وفين لبسك العسكرى وسلاحك .؟؟؟))

أختطف الرجل زجاجهالمياةمن يد عمر وتجرع كل ما بها في لهفه قبل أن يرد علي أسئله عمر المتلاحقه

(( قالولنا هيسلمونا المخله والبندقيه لما نوصل ، وبقالنا في السكه تلات ايام .... والله يافندم احنا اتقطع حيلنا في السكه الزفت دى))

أحس طارق بالشفقه علي هذاالرجل لكنه كان مازال غيرمقتنع فساله (( انت متأكد انك انت واللي معاك دول في الجيش معانا )) رد الرجل (( أيوة يا فندم ،أحنا كلنا من الكتيبه 7555مشاة ))

قطع حديث الرجال صفارات يطلقها احد الضباط الذي حضر جريا لجمع رجاله أمرا أياهم بالتحرك نحو اللوريات بسرعه فدب الخوف في أطراف هذا الرجل عندما رأي الضابط فهرول تجاة اللوري سريعا بدون حتي ان يلتفت نحو طارق وعمر الذين وقفا لمشاهدة هؤلاء الرجال بملابسهم المدنيه يتجمعون بسرعه في اللوريات التي سرعان ما انطلقت مبتعدة

وقف الاثنان في دهشه وأحباط شديد ، كل منهم يدور في داخله صراع نفسي

وفي طريق عودتهم للمطار كان عقل كل منهم يدور بسرعه ،

تساءل عمر في أسي (( هوا ده الجيش اللي هيحارب؟؟  ))

جاء صوت طارق خافتا ينم عن أسي شديد وعدم تصديق(( دى مهزله،عساكر بقمصان وجلاليب ومن غير سلاح ؟؟ هي وصلت للدرجه دي ؟ ))

أسقط في يد عمر ووجد ان السكوت هو خير حل لما راؤة فلا يجب ان يتحدثوا عنه امام زملائهم لكي لا تهتز روحهم المعنويه ، فالمشهد صعب التصديق .

فكيف تفكر القيادة في أرسال جنود غير مجهزين وجوعي الي الجبهه ، فمن المعروف عسكريا ان الجيوش تسير علي بطونها واذا فرغت البطون توقف الجيش فما بالك بجنود مهلكين وجوعي وبدون سلاح ، ماذا يستطيع هؤلاء الجنود ان يقدمواللمعركه وكيف لم تفكر القيادة في معنويات الجنود الاخرين وهم يروا هؤلاء الرجال المهلكين يقاتلون بجوارهم ، كيف يثقوا بهم

كان هذا بالضبط ما يدور في عقل طارق(الثقه ) فكيف يثق في قيادته وهي تلقي برجال غير جاهزين لاتون المعركه وكيف يثق بهم وهو يطير فوقهم يحميهم ، ما الذي يمنعهم من أسقاط طائرته خطأ فهم في النهايه غير مدربين علي الاقل لتمييز طائرتنا من طائرات العدو،

 وعليه أستكمل الاثنان باقي المسافه حتي المطار بدون حديث وحتي بعد عودتهم للمطار ، دلف كل منهم الي غرفته صامتا

وفي الصباح التالي وقبل شروق الشمس بقليل خرج سته طيارين بملابس الطيران الكامله من مبني القيادة متجهين نحوطائراتهم ، صمت يلف الاجواء ، عدد من الفنيين يجهز الطائرات المتجه الي مطار السر وهي ثلاث طائرات ميج21 أثنان منهم لطارق وعمر وثلاث طائرات ميج 19

وبعد دقائق من شروق الشمس بدأت الطائرات في التحليق تجاة الجنوب الشرقي متخذين الشمس الي يسارهم ، كانت طائرات عمر وطارق الاخيرتين في الانطلاق .

وبعد ثوان كان التشكيل يلتحم في الجو تحت قيادة النقيب محمود  بطائرته الميج 19 ،.

ومن ارتفاع كيلو وطوال الطريق ، شاهد الطيارون الجيش المصري يتحرك في كل شبر من سيناء ، كان منظر ممتع مشاهدة الدبابات تتحرك مخلفه سحب من الرمال والخيام المتناثرة حول المدافع المنتشره بطول الطريق، تحدث عمر بفخر الي طارق عبر اللاسلكي(( شايف الجيش المصري ياطارق؟؟؟))

نظرطارق تجاة عمرلكنه لم يجب ،لم يعرف بماذا يجيبه ، فمنظرالجيش فخر لكل مصري ، لكن مشاعرة مازالت متناقضه داخله  ،ولم يكرر عمر السؤال ، أستمرالتشكيل طائراعلي أرتفاع متوسط ودخل الي منطقه جبال عاليه بعد دقائق بدأ النقيب محمود في اعطاء التعليمات بالاستعداد الهبوط للتشكيل،

فتساءل عمر في نفسه أين سيهبطوا وسط هذه الجبال ؟؟  وبعد ثوان ظهر المطار والذي لم يكن من الجو سوى ممر أسود يخترق صفرة الصحراء ويحيط به عدد لا بأس به من الجبال ، تمتم طارق في عقله أهو هذا المطار الذي سنحارب منه ؟

بدأت الطائرات في الدوران والتخلص من الارتفاع وبنفس تشكيل الاقلاع كان عمر وطارق هما الاخران أيضا في الهبوط ، هبطت الطائرات جميعها ، واصطفت في منطقه الانتظار ، ونزل الطيارون وكل منهم يدور بعينيرأسه في ارجاء المطار ، لكن اين هو المطار ، فكما كان يبدو من الجو ، كان يبدو من الارض ، ليس به سوي ممر فقط ، فلا مبان ولا برج للمراقبه ، حتي تشوينات الذخيرة والوقود كانت مخزنه في العراء وحولها عدد من شكائر الرمال المتناثرة هنا وهناك ،فضلا عن عدم وجود أي نوع من انواع الدفاع الجوي المضاد للطائرات ،كان الطيارون يتحركون وأعينهم ترصد كل شبرمن المطار،

 تقدم رجل يحمل علي كتفيه رتبه رائد بشرته حمراء نتيجه الشمس الحارقه  أصلع الرأس تقريبا وله شارب رفيع جسدة رفيع متناسق ، ويرتدي أحد افرولات الطيران وينتعل حذاءا رياضيا خفيفا

تقدم الرائد  من الطيارين السته مصافحا وقدم نفسه (( أناالرائد مرعي مرسي،قائد سربكم الجديدومؤقتا بعتبرأيضا قائدالمطار،لحين أستكمال قوة المطار  ))

 

 تمتم النقيب محمودساخرا  (( هوا فين المطاردة ... دة مجرد ممر في الصحرا))

رد الرائد مرعي مبتسما (( عندك حق يا كابتن المطار فعلا مش جاهز بس لو كنت قريت عن معركه بريطانيا عام 41 ضد الالمان ،كنت عرفت أن الطيران الانجليزى أستعمل كل الحقول الممكنه علشان يطلع منها ويفاجئ الالمان ، ودي فرصه كويسه ان الاسرائيلين ميعرفوش أن المطار دة بقي شغال ، وكدة ممكن نحقق مفاجأة للعدوبأعتراضه في مكان غير متوقع له  ))

كانت وجهه نظر الرائد قويه وهو يتكلم مزهوا بمعلوماته مما كاد معها أن ينهي الحوار لكن طارق أبي ان يترك هذا الحوار بأن ينتهي علي هذا الشكل

 فتدخل قائلا (( أسمح لي يا فندمكلام سيادتك صح ..لو الاسرائيلين معندهومش رادارات ترصد طيارتنا وهي نازله وطالعه ،ولوهما ميعرفوش ان هنا في مطار ،هيعرفوا لما يرصدوا طيارتنا زي ما احنا بنرصد طيارتهم،علي الاقل هيشكوا إن هنا في مطار وبناءعليه هيبعتواطيارات استطلاع وتصور المطار ويبقي عنصر المفاجاه ضاع ))

سكت طارق تاركا وجهه قائدة يزداد أحمرار ، ووسط صمت الطيارين الاخرين تدخل محمود في الحوار مخففا من الجو ومنقذا قائدة من إحراج بالغ

( بس انا رأيي يا طارق ان الجبال اللي حول المطار هتمنع رصد طيارتنا وانا شايف ان عنصرالمفاجاة لسه معنا وكلام الرائد مرعي صح))

كان محمود يتحدث وهو يحدق في عيني طارق ليحثه علي ترك النقاش

وادرك طارق ما يريدة محمود فاجابه (( عندك حق يامحمود ، الجبال دي فعلا تنفع تخبي تحركاتنا )) وأستدار تجاة الرائد مرعي مخبرا اياه بأنه علي حق ، وابتعد وهو يكظم غيظه، وقبل ان ينصرف الطيارين شدد عليهم الرائد مرعي بأن هناك أجتماع للتلقين الخاص بالعمليات التي ستبدا غدا

وهكذا انتهي التعارف بين الطيارين وقائدهم بصورةغيرجيدة،استدعت عمربأن يلوم طارق بأن أظهار ضحاله معلومات قائده امام رجاله ليست بفكرة جيدة

وكان محمود يشارك عمر الرأي لكن طارق كان منفعلا ومن داخله ثورةغضب زادت من حرارةالجو الذي جمعهم بجوار احدي الخيام .

كان انفعال طارق من مشهد الامس في العريش للجنود الجوعي والغير مؤهلين للقتال ، كذلك ترسيبات قديمه عن سوء حاله الجيش المتجه للحرب وزادها حاله المطار الذي لا يصلح للحرب ، كل هذه الانفعالات جعلته متوتر وثائر في هذا الصباح مما جعله ينفعل قائلا:

 
 طائرة ميج   21

 

(( تقدروا تقولوا لي ، لو انتوا بتهاجموا المطار دة، حتحتاجوا كام طيارة علشان تعطلوة ؟؟؟ ))

لم يترك لهم فرصه الرد وأستكمل (( هيه طيارة واحدة ترمي قنبلتين علي الممر ، وتروح بيتها ، ونبقى أحنا بقينا زي الولايا علي الارض لا عارفين نطير ولاندافع عن المطار ولا حتي نقوم بمهمتنا في الحرب،هوا احنا بس كويسين في لما حد يسألنا أخبارنا ايه نقوم نقول كله تمام وعال العال يا فندم ))واسقط في يد عمر ومحمود الامر ، ولم يكن هناك ما يمكن ان يخفف من ثورة طارق .

تحول مطارالسربعد وصول الطائرات الي العمل الشاق ،فيجب تجهيز الطائرات للمهمه المكلفين بها في الغد، فحملت الطائرات الميج 19 بقنابل للهجوم الارضي بينما حملت الطائرات الميج 21 بصواريخ جو جو

غيرت الاستعدادات الهجوميه من معنويات الطيارين وبدأوا في الاستعداد لهجوم الغد بحماس شديد ، كل منهم يعرف واجبه لكن ينقص معرفه الهدف فقط ، كانت تعليمات الرائد مرعي لرجاله هي الراحه التامه حتي التلقين النهائي في الليل والذي من خلاله سيعرف الرجال هدفهم

وقبل الغروب هبطت طائرةهيلكوبتر محمله بامدادت الماء والغذاء للرجال وبعض البريد، كذلك حاجيات الطيارين التي تركوها بالعريش مما ساعد علي رفع المعنويات أكثر

وبعد ان حل الليل وغرق المطار في الظلام ، تجمع الطيارين خارج خيمه الرائد مرعي الملاصقه للخيمه التي وضع بها جهاز اللاسلكي الوحيد، وبعد ثوان من وصول كافه الطيارين ، بدأ الرائد مرعي شرحه علي طاوله خشبيه وعلي ضوء لمبه جاز ووسط سكون الليل وانقطاع الانفاس شوق المعرفه الهدف

(( بسم الله ، ابدأ في التلقين النهائي لمجموعه طيران مطار السر ، الهدف يا رجاله هو القيام بهجوم مع اولضوء لمهاجمه مدينه ايلات الاسرائيليه))

انتابت الرجال جميعه محاله من النشوه والتهليل والتكبير،أحتضن عمر طارق من فرط النشوة ،وشاركه طارق  في الابتهاج متجاوزا كل مخاوفه وشكوشه

أمرهم الرائد مرعي بالصمت لاستكمال التلقين

(( مجموعه النقيب محمود هتكون تحت قيادتي ، والهدف ضرب مستودعات البترول شمال ايلات وضرب مطار ايلات ، مجموعه طيارات الحمايه هتكون تحت قيادة النقيب طارق عز الدين ومعاه النقيب عمر الشاذلي والنقيب محمد الصاوي ، والهدف حمايه التشكيل المهاجم ومنع اقتراب اي طائرات اسرائيليه من تشكيل الهجوم))

كان الجميع ينصت مهتما بما يقوله الرجل الذي أستطرد (( من لحظه الاقلاع هنكون تحت قيادة وتوجيه مطار العريش …أي أسئله ؟؟؟؟؟؟))لم يكن هناك اي تفكيرفي اسئله من الطيارين فكل منهم يفكر في الغد المشهود

فأستكمل القائد حديثه عندما لم يجد أي اسئله ((علي بركه الله نبدأ دلوقتي في -التفاصيل )) وبدأ الرجل في شرح خطوط الطيران والتشكيل والاتجاهات والتوجيهات الدقيقه حتي توقف امام ظرف كبير أخرجه من خيمته ووزع ما به من صور .

كانت صور جويه لمدينه ايلات والميناء بها ، ثم أردف (( ممكن تكون المعالم اتغيرت شويه عن الصور لكن مش من الممكن تغلطوا في مستودعات البترول او مطار))  …فتساءل عمر عن تاريخ التقاط هذه الصور ، فرد القائد في خجل واضح (( دي من سنه 48))

تلجمت السنه الرجال من هول المفاجأه ، فمن المعروف عمليا ان صور الاستطلاع لابد وان تكون جديدة جدا قدر الامكان لتحديد الهدف ، ووسط صدمه الرجال وسكوتهم جاءصوت واثق مطمئن لينشلهم  من الاحباط

والمفاجأه هنا انه صوت طارق قائلا (( مش مهم صورة من سنه كام المهم اننا ندي ولاد الكلاب دول درس مينسهوش ))

تعالت صيحات التجاوب من الرجال وارتفعت معنويات الرجال للسماء مرةاخري بالجمله السحريه التي القاها طارق في الوقت المناسب

ولم يسلم طارق من نظرات حائرة متسائله تطل من عيني عمرو الذى يواجه طارقا أخر غير الذي كان يتحدث معه بغضب واحباط من ساعات قليله  

قاربت الساعه علي العاشرة مساءا ، كان الهدوء والترقب يسود مطار السر انتظارا لغد حافل ، فبكلخيمه  ضابط او جندي يفكر فيما يحمله لهم الغد من مفاجأت ، مشاعر عميقه تعتصر الرجال وخاصه الطيارين منهم ، فليس من السهل علي اي رجل مهما كانت شجاعته ان يعلم انه سيشارك في نشوب حرب ربما يكون هو اول ضحياها ، لم يكن من السهل علي طارق ان يترك هذا الشبح يغادر عقله ، فبينما يجلس خارج خيمته ممسكا سلاحه الشخصي ينظفه ويعدة ، كان عقله يعمل بلا انقطاع ، والسجائر المتواليه تحترق في يدة الواحدة تلو الاخري ، تمعن النظر في طلقات الطبنجه الشخصيه له ، وفكر هل من الممكن ان يضطر الي استخدامها ، فلو أضطر لاستعمالها فأن ذلك معناة ان تكون طائرته اصيبت واضطر للقفز منها بالمظله ،لكن ابدا لن يتم اسره

لم يحس طارق باقتراب عمر الذي انتهي من صلاة العشاء وعاد للخيمه التي تجمعه مع طارق ، اقترب منه وهو جالس مستغرق في التفكير ناظرا الي احد الطلقات بتمعن

(( مالك يا طارق )) قال عمر بهدوء بجوار طارقالذيبادرةالردبهدوء

)) شايف الطلقه دي؟)) تعجب عمر من السؤال (( مالها؟))

طارق (( دي الطلقه التاسعه في الخزنه،ولو وقعت،هتكون التمن طلقات اللي قبلها من نصيب عساكراليهود   …… اما دي فهتكون من نصيبي ))

رد عمرو هويربت علي كتف طارق (( مفيش لزوم للقلق ،طول مااحنا مع بعض هنحمي بعض …)) 

توقع عمر ردا ما من طارق لكن الاخير لم يرد واستمر في تنظيف سلاحه في صمت ، فتركه عمر ودلف للخيمه طمعا في الراحه قبل الغد الحافل

 

صباح اليوم التالي :

مازالت تباشيرالصبح لم تظهر بعد،ولكن وتيرة الحركه بالمطار بدأت في الازدياد ،فرغم ان الفنيين لم يناموا في هذه الليله لاتمام تجهيز الطائرات ،فأنهم ظلوا علي يقظتهم حتي يتأكدوا من اقلاع كافه الطائرات ،تزايدت الحركه ببدء أستيقاظ الطيارين ، كان عمر من اوائل من استيقظوا تبعه طارق وتوجها نحو برميل كبير مملؤ بالماء واقتطعوا كميه منها في اوعيه لكي يتوضأوا وتبعه باقي الطيارين وعدد من الفنيين ، وبعد الصلاة المهيبه التي هزت الجبال من حولها بتكبيرات الرجال، عاد الرجال في هدوء للخيام لارتداء ملابس الطيران ، كان طارق في اشد الحاجه لان يصلي ويلقي بكل همومه علي الرحمن ،بينما ساعدت الصلاه عمر علي السكينه والتركيز الشديد

وبعد دقائق ومازالت اولي تباشير الصباح تستحي ان تظهر بعد ،بدأ الرجال يتحركون نحو طائراتهم للأطمئنان علي جاهزيتها ،دلف عمرالي الكابينه وتطلع الي العدادات وتفقد كل مايتعلق بحاله الطائرة والتسليح والوقود كذلك فعل جميع الطيارين

ومع بدء ظهور اول ضوء تجمع الرجال امام الرائد مرعي يستمعون الي اخر التعليمات واعادة سريعه لمهام كل منهم ،بينما كل منهم يدون ملاحظاته الشخصيه،  ثم صافحهم وغادر الجميع الي طائراتهم ركضا عدا الرائد مرعي الذي انتظر لتلقي اشارة من قيادته في خيمه اللاسلكي

دلف الطيارون الي كبائن القيادة ، وساعدهم الفنيين في ربط الاحزمه وتأكيد جاهزيه الطائرة ،كانالجميع في قمه السعادة والتحفز

وبعد ثوان كانت سبع طائرات تحمل العلم المصري متوجا ذيلها تستعد للاقلاع في اي ثانيه نحو اهدافها ، مرت دقائق وبدأ شعاع للشمس يظهر علي استحياء من بين قمم الجبال معلنا ميلاد يوم جديد ، مرت دقائق أخري ولم يظهر الرائد مرعي من خيمه اللاسلكي، فلابد من انتظار الامر بالهجوم

خرج الرائد مرعي من الخيمه ببطء ومشيرا للطيارين بان الاوامر لم تصدر بعد ، وكان التشكيل علي ممر الاقلاع في مقدمته طائرات الميج 21 المقاتله ومن خلفها الطائرات القاذفه ، ومع ارتفاع الشمس في كبد السماء مع مرور الوقت ولم تصدر الاوامر بعد ، تحول الرجال في داخل طائراتهم الي كتل ملتهبه من شدة الحرارة ،

مر الوقت وقاربت الساعه علي العاشرة صباحا  واصبح الوجود داخل الكابينه لايطاق نهائيا، ومهما زود الفنيين اولئك الطيارين بالمياة فأن ذلك لم يروي ظمئ أي منهم ، وفي العاشرة والنصف خرج الرائد مرعي واطلق من مسدس للاشارة خرطوشه أرتفعت في السماء وأعين الرجال تلاحقها ،  خرطوشه حمراء معلنه الغاء الاقلاع ، سادت حاله من الوجوم والغضب ارجاء المطار ، فقد تمني الكل ان تكون هذه الخرطوشه خضراء معلنه الاقلاع لكنها كانت للاسف حمراء محطمه امال الرجال

نزل الطيارون من طائراتهم وتوجهوا تجاة الرائد مرعي الذي وقف حزينا ، ومن بين سيل اسئله الطيارين المنهمره عليه أجاب الرجل بجمله واحدة (( الهجوم تأجل لبكرة ، مش عايز أسئله دلوقتي خالص لو سمحتوا )) ثم أشار تجاة طارق وعمر و الصاوي (( انتوا تطلعوا تعملوا طلعه تدريب لمده نصف ساعه )( ثم أخرج من جيبه خريطه موضحا عليها خط سير التدريب  ،ثم أشا رتجاةمحمود مخبرا اياة بأن يستعد للاقلاع في طلعه تدريب فور هبوط  التشكيل الاخر .

ثم أستدار الرائد مرعي ودلف مرة اخري داخل خيمه اللاسلكي

كان واضحا انه يتهرب من اسئله طياريه وانه يريد الهائهم عن التفكير بطلعه التدريب والتي لم تكن مدرجه في جدول الطيران .

وانتحي طارق بعمرو الصاوي جانبا ووقفوا يتدارسوا مسارالتدريب، كذلك قام محمود ، وبعد دقائق كانت الطائرات تقلع متخذه مسارا تجاة الشمال الغربي، وفور أقلاعها بدأ برج مراقبه مطار العريش في اعطاء التعليمات للتشكيل بالطيران المنخفض تفاديا لرادارات العدو ، كما زودهم بالارشادات الملاحيه اللازمه

أتخذ طارق المقدمه وعلي يمينه عمر ويسارة الصاوي ، أستمرا في مسارهم المرسوم حتي وصلا الي العريش ثم انحرفوا شرقا تجاة الحدود ، وطوال الطريق كان الرفاق يتمتعون بمشاهد الجيش المرابض قرب الحدود ،مئات الدبابات والعربات والاف الجنود يظهرون كحبات سوداء علي رقعه صفراء بلون الصحراء الممتده ، وقبل ان يصلوا الي قطاع غزة أتجهوا جنوبا بموازاه الحدود، وكانت تلك المناطق خاليه تماما من الجيش ، وحسب تعليمات مطار العريش تم الطيران علي ارتفاع منخفض لتجنب الكشف الراداري من العدو ولتجنب اشتباك مع العدو ، لذلك فقد بدأ مستوي الوقود في التناقص نظرا للطيران بسرعه كبيرة وعلي ارتفاع منخفض، فقلص طارق مسار التدريب واتجه عائدا الي مطارة ،مرت دقائق صمت بين الطيارين ، قطعها صوت الصاوي محدثا طارق (( الوقود عندي قرب يخلص )) رد طارق (( احنا في الاتجاة الي المطار ، قربنا نوصل)) ولزم عمر الصمت رغم تدني مستوي وقودة هو الاخر .

رفض طارق ان يعترف بأنه قد ضل الطريق في اول الامر ، لكنه أعترف في داخله بذلك نظرا لتشابه الجبال والوديان في هذه المنطقه ، فأتصل بمطار العريش طالبا توجيهه الي مطار السر ، لكن موجه برج المراقبه بمطار العريش فشل في ذلك نظرا للمنطقه الجبليه التي يطيروا بها ومن ثم فأن رادار العريش لا يتمكن من التقاطهم وتوجيههم ، كما أن مطار السر ليس به اي اجهزة رادار او توجيه يمكنه الاعتماد عليها للوصول للمطار ، 

تحدث الصاوي مرة اخري بارتباك واضح (( طارق- الوقود ميكفيش أكتر من خمس دقايق – أتصرف أزاي؟؟؟)) رد طارق بلهجه امرة (( أستمر في التشكيل يا صاوي ))

الذي لا يعرفه الصاوي ان مستوي وقود طارق كان أقل من دقيقتين

كان طارق يتصبب عرقا في داخله وهو ينظر في جميع الاتجاهات بحثاعن  مطارة

وبدون اي مقدمات أزعج انعكاس ضوء الشمس عيني طارق ،فتلفت الي مصدر الانعكاس فشاهد الممر وعليهطائراتالميج 19 تعكس ضوءالشمس من بين الجبال،وعلي الفور اعطي تعليمات الهبوط لرفاقه ، ووضع الاولويه للصاوي ومن بعده عمر ، وهنا تحدث عمر (( انت الوقود عامل معاك ايه يا طارق؟؟؟ ))

 رد طارق ((عال العال .. أنزل بس انت وانا وراك )) أتخذت الطائرات دورانا حادا وبمهارة اصبحت الطائرات في خط مستقيم خلف بعضها البعض أستعدادا للهبوط ،

في هذه اللحظه نفذ الوقود من طائرة طارق والذي صاح بدورة في اللاسلكي بان وقودة قد نفذ وان المحرك قد توقف ، وفي نفس اللحظه ايضا كان الصاوي يلامس بطائرته ارض الممر، وعمر يبعد عن الممر ثوان قصيرة ، أنزعج عمر جدا ونظر خلفه فوجد طارق مازال متمكنا من طائرته بفضل القصور الذاتي وسرعه الهواء التي تساعد الطائرة علي الطيران لثوان بدون محرك ، لكنها ثوان قليله ، فهل تكفي ؟؟؟

كان الرائد مرعي وطبقا للتعليمات يستمع لحوار الطيارين لكنه لم يتدخل لكي لا يستغل العدو اشاراته ويرصد مكان المطار ، فخرج مسرعا من الخيمه متابعا لطائرة طارق الاخيرة التي مازالت تبعد عن الممر بضع مئات من الامتار ، لامست عجلات طائرة عمر الممر ، بينما تركيزة كاملا مع طارق وسئله في قلق  (( انت لسه مسيطر يا طارق ؟)) رد طارق بان وضع الطائرة ما زال تحت سيطرته لكن التحكم في الطائرة أصبح يزداد صعوبه ، تصبب العرق علي عيني طارق مما زاد من صعوبه الموقف ، فهو مسيطر بالكاد علي الطائرة والممر يقترب بهدوء ، كل ما جال بخاطرة في هذه اللحظات فكرة مضحكه ، أيعقل ان يموت بسبب نفاذ وقود طائرته والمعركه علي الابواب ولم يقاتل بعد .

مازال الممر يقترب ببطء ومؤشر السرعه يتناقص معلنا قرب سقوط الطائرة ،عصا التحكم بالطائرة اصبحت ثقيله ، فأمسك طارق بها بكلتا يديه ، وعينيه لا تفارق بدايه الممر ، مازالت سرعه الطائرة تتناقص

وقف الجميع بالمطار مشدودين وهم يشاهدون الطائرة تقترب ببطء من بدايه الممر ،بينما أفسح الصواي وعمرالممرلطائرته 

 

وعلي اول أمتار من الممر لامست عجلات الطائرة الارض ، تنفس الجميع الصعداء مع هبوط الطائرة بسلام ،وتهلل الجميع، بينماكادت اعصاب عمر ان تفلت لثانيه لكنه حافظ علي رباطه جاشه حتي توقفت الطائرة في منتصف الممر ، فجري نحوه  للاطمئنان عليه وسرعان ما تحولت سعادة عمر الي غضب ، فصاح في وجه طارق بأن مستوى وقودة المتدني كان يفرض عليه الهبوط اولا،

 

 الا ان طارق كان هادئا بع دان تمالك اعصابه سريعا وأخبرة بأن الاولويه تكون لافراد التشكيل ويليهم قائد التشكيل فهو اخر من يهبط بعد ان يطمئن علي رجاله

في نفس اللحظه كان الرائد مرعي قد وصل لمكان الحوار بجوارطائرة طارق الرابضه في منتصف الممر ،أحتضن الرجل طارق وهنأه علي سلامته وكفاءته ورباطه جأشه في نفس الوقت 

 ففي هذه المواقف تظهر كفاءه الطيارين وتمكنهم من الموقف  تماما ، رغم صعوبه الموقف الا ان طارق كان هادئا علي غير المتوقع ، فداعبه قائدة سائلا اياه عن كيفيه أهتدائه للمطار ،وبينما يقوم الفنيين والجنود بدفع الطائرة نحو مكان الانتظار مفسحين الممر للتشكيل الاخر بالاقلاع ، دار الحوار بين الاربعه بعد ان انضم اليهم الصاوي  شرح طارق الموقف تماما ، وتعجب الصاوي من القدر، فقد كان كثير من الطيارون معترضين علي عدم دهان الطائرات بالالوان الصحراء المموهه وتركها علي لونها الفضي اللامع مما يجعلها عرضه للاكتشاف من مسافات بعيدة وهي طائرة او علي الارض ، وها هو القدر يساعد التشكيل بواسطه هذه الطائرات اللامعه .

 

طائرةميج 21 بالطلاء اللامع الغير مموهه

 

شاركه الرائد مرعي وعمر الرأي بان عدم طلاء الطائرات بلون مموه يعتبر خطأ عسكريا كبير يجب تداركه ، فتدخل طارق في الحوار شارحا وجهه نظرة

(( مش بس الالوان ياجماعه اللي تحمي طيارتنا ، لا... لازم يكون فيه كمان دشم خرسانه ، تحمي الطيارات حتي لو الممر انضرب تفضل الطيارات سليمه ))

 رد القائد مرعي (( مساءله الدشم دي انتهت من تلات سنين بعد دراستها ، اولا وجدوا في القياده إن تكاليفها عاليه جدا وكمان الحرارة اللي جوة الدشمه تكون عاليه جدا لما الطيارة تدور المحرك ودة بيأثر علي الطيارة ككل ، علشان كدة صرفوا نظر عن الموضوع دة )) ثم ضحك الرجل ضحكه حزينه ، فتساءل عمر عن سبب ضحكه ،

فرد القائد(( حضرت من كام شهر حوار بين كبير مهندسي قاعدة العريش وواحد خبير روسي حول موضوع لدشم دة ،تصوروا الخبير كان منفعل جدا وغاضب من فكرة الدشمه لان وجهه نظرة ، إن لو الطيارات المعاديه وصلت لفوق المطار نبقي نستحق اللي يحصل لنا )) تدخل عمر (( الراجل عندة حق )) ووسط نظرة استغراب ممن حوله ، سارع شرح عمر وجهه نظرة (( ما هوا فعلا الراجل عندة حق ، لو سيبنا الطيران الاسرائيلي يوصل لفوق المطار ، نبقي نستحق ان المطار ينضرب )) قاطعه طارق منفعلا (( ايه اللي بتقوله دة يا عمر ، مفيش قوة طيران علي الارض تقدر تحمي كل مطارتها 100% من المحتمل جدا لاعظم مظله جويه في العالم انها تسيب طيارة اواتنين يفلتوا من القتال ويضربواالمطار، يبقي ساعتها احنا حاميين الطيارات اللي علي الارض ، مش سايبنوهم كدة في الصحراء مكشوفين ))

تدخل الرائد مرع يوطلب انهاء الحوار وتجهيز طائراتهم فورا كطائرات حاله اولي وتأجيل النقاش لان لديه اعمال يقوم بها ،وبينما طائرات التشكيل الاخر تقلع بصوتها المدوي الذي هز الجبال حوله ، كان طارق يطمئن علي اعادة ملئ طائرته بالوقود مرة اخري واستعدادها للاقلاع مرة اخري ، فالنهار مازال طويلا ولابد لهم من ان يكونوا مستعدين لاي طارئ.

 

فايد نفس اليوم

كانت الاحوال عاديه جدا في نفس اليوم،ولم تصل لقيادة المطار اي تعليمات بعمليات هجوميه او واجبات محددة ، لذلك التزم العقيد تحسين زكي بجدول المظلات الجويه

كانت الساعه تقارب الثانيه عشر ظهرا ، عندما أصطف تشكيل من اربع طائرات علي اول الممر يستعد للاقلاع في دوريه تدريبيه ، ففي الصف الاول ، أصطفت طائرتين سوخوي الاولي بها أحمد السمري وبالاخري مدحت المليجي ، وخلفهم بقليل أصطفت طائرتي أحمد ومحمد خميس الميج21،

أستمع الطيارون الاربعه لصوت العقيد تحسين في اللاسلكي يؤكد علي خط السير والارتفاع ،وتمني لهم التوفيق،ثم أعطي للسمري الاذن بالاقلاع .

بدأت الطائرات الاربع تتحرك ببطء  ثم ما لبثت أن تسارعت لتقلع الي عنان السماء في لحظات

أعطي السمري تعليماته بالتسلق في اتجاة الاسماعيليه الي ارتفاع 5 كيلو ، أرتفعت مقدمه الطائرات وهي تخترق السماء اختراقا ، في نفس الوقت كان التشكيل يلتحم في الجو ، لدرجه تقاربت معها الطائرات الي مسافه قصيرة جدا ببعضها البعض .

أستوت الطائرات علي الارتفاع المحدد ،وحلقت فوق قناة السويس متجهه نحو الاسماعيليه ، ومن الجو كان المنظر رائعا للقناة بمياهها الزرقاءوسط اللون الاصفر الذي يحيط بها من الجانبين ، لم يكن منظر القناة والسفن المنتظرة بها تنتظر دورها في الابحار غريبا علي الرجال ، لكن المشهد الذي شد انتباة الرجال هو مشهد لخط أسود طويل يمتد من غرب القناة الي شرقها يظهر علي الافق ، ومع أقتراب التشكيل أتضحت الرؤيه ، فالخط الاسود الطويل هذا ما هو الا الوحدات الاداريه لاحد الفرق والتي تعبر القناة في ذلك الوقت ، مئات العربات تعبر القناة فوق احد الجسور مخترقه سيناء ، ظهر صوت السمري في اللاسلكي (( دي اكيد الفرقه الرابعه مدرعه رايحه سينا )) فتابع أحمد)(يابرنس…هوا مش سميرأخوك بيخدم في الفرقه الرابعه ؟؟؟))

مدحت ) (أيوة)(  ثم تلي ذلك فترة صمت  تدخل محمدخميس بعدها (( ربنا ينصرهم))

مرت الطائرات بسرعه فوق الاسماعيليه ثم تجوزت الجسر الحديدى بالقرب من الفردان

ثم القنطرة ومن بعدها ظهرت بورسعيد علي الافق ، كان الحديث مقتضبا بين الرجال في ذلك الوقت ، الي أن قطعه صوت العقيد تحسين واضحا في اللاسلكي يأمر التشكيل بالقيام بهجوم وهمي علي المطار وترك حريه تنفيذ الهجوم للسمري ورفاقه

أعطي السمرى الذي كان يعلم بأمر التدريب المفأجئ اوامرة للتشكيل بالتخلص من الارتفاع بسرعه والاتجاة جنوبا علي اقل ارتفاع فوق القناة ، وبسرعه كان الطيارون ينفذون التعليمات وقد تحمس الرجال لهذا الامرالغير مألوف لكنه بالتأكيد خروجا عن روتين الدوريه الممل .

قسم السمري التشكيل بسرعه (( انا والمليجي هنهاجم وأحمد وخميس يحمونا ويشتبكوا مع اي طيارة تطلع ، زمن الهجوم عشرين ثانيه ، الهدف ضرب الممر وتعطيل المطار  ))

كانت تعليمات السمري واضحه وسلسه ، أستمع الطيارين في صمت لهذه التعليمات التي رددها السمري ))هنفضل زيرو فيت (( أي علي ارتفاع صفر وهومصطلح يعني اقل ارتفاع ممكن، ثم أستكمل ))عند البحيرات المرة انا والمليجي هنرتفع فجأة ونهاجم علي طول ، احمد وخميس تفضلوا علي ارتفاع واطي وتدوروا جنوب المطار علشان تركبوا أي طيارة تطلع ))

أستكملت الطائرات مسارها، وعند البحيرات ارتفعت طائرتي السوخوي بسرعه كبيرة وأنحرفتا شرقا تجاة المطار مباشرة بينما ظلت طائرتي الميج 21 في مسارهمها وبدأتا في الدوران ببطء تجاة الشرق .

علي الارض تم رصد الطائرات المغيرة عند دورانها قرب البحيرات ، وأنطلقت الخرطوشه الخضراء بسرعه ، وفي لحظات كانت طائرتين ميج 21 تنتطلقان علي الممر، في اول لحظات لم يكن الطيارون بهاتين الطائرتين يعرفان ماذا يحدث بالضبط ،لكن عند اقلاعهم جاء صوت العقيد تحسين يخبرهما بأنه تدريب ويجب ان يشتبكا مع الطائرات المغيرة في تدريب قتالي .

 

وقف العقيد تحسين في برج المراقبه يتابع بأهتمام،بينما أمسك في يدةاليمني بساعه يحسبب ها ازمان معينه

أدي السمري والمليجي واجبهما الهجومي ،وبلغ السمري برج المراقبه بأن منتصف الممر قد دمر بواسطته ، وان المليجي قد أصاب تقاطع الممر الرئيسي مع الممرالفرعي

لكن العقيد تحسين رد بأن جزء من الممر فقط قد اصيب ويجب معاودة الهجوم ، في ذلك الوقت كانت الطائرات المقلعه قد بلغت اربع طائرت ميج21 بينما وصل أحمد وخميس لمنطقه الاشتباك ، أعطي السمرى اوامرة لمدحت بمعاودة الهجوم بينما أعلن أحمد وخميس انهم يشتبكون الان مع الطائرات المعترضه .

كان التفاف احمد وخميس حول المطار من بعيد عاملا هاما في تمكنهم من تعقب طائرتين معترضتين واعلان اصابتهما حيث لم تكن هاتان الطائرتان قد اتخذتا ارتفعا وسرعه يمكناهما من الاشتباك بعد فتم أصابتهما بسهوله وخرجتا من المعركه، وبقيت اول طائرتين اقلعتا للاشتباك ، كان السمري ومدحت يدوران لمهاجمه الممر مرة اخري ، صاح السمري بأن هناك طائرة معترضه بدأت تتخذ وضعا لمهاجمه مدحت ، صاح احمد في مدحت بالاستمرار في الهجوم وبأنه سيحميه ، وبالفعل دار أحمد بدورة رأسيه مبتعدا عن خميس الذي طارد بدورة الطائرة الاخري.

أقبل المهاجمون تتعقبهم طائرة معترضه وخلفها أحمد بطائرته يحاول ان يطبق عليها ،وبالفعل وبعد أعشار الثانيه تمكن أحمد من أصابتها بمناورة بارعه واعلن ذلك في اللاسلكي، وأستكمل مدحت والسمري قصفهما الوهمي للمطار ، ومن الارض أعلن العقيد تحسين اصابه الممر بدرجه جعلته غير صالحا للاقلاع ، مما يعني نجاح الهجوم في اغلاق المطار مؤقتا ، بعدها اصدر أمرا بعودة جميع الطائرات وهبوطها .

بعد دقائق كانت الطائرات الثمان تعودا لواحدة تلوالاخري لتهبط  ثم تصطف في اماكن الانتظار المخصصه لها،  تباينت المشاعر عقب هبوط جميع الطائرات ، فتشكيل السمري سعيد ويتبادل اعضائه التعليقات وعلي وجه كل منهم زهو المنتصر ، بينما باقي طياري الطائرات المعترضه محبطون ، وعلي الفور أصدر العقيد تحسين تعليماته بأجتماع جميع الطيارين عدا طياري الحاله الاولي لتقييم التدريب قبل ان يكتب كل طيار تقريرة التفصيلي .

دار الحوار في بادئ الامرمفتوحا بين الطيارين بينما ظل العقيد تحسين واقفا يتابع الحوارفي صمت.

تشكيل الطائرات المعترضه كان يرأسه نقيب يدعي حسن ، دافع حسن عن ادائه ورفاقه بحجه ان الوقت لم يكن كافيا للاستعداد وان الانذار كان متاخرا جدا ، وايد زملائه ذلك كذلك السمري ورفاقه .

ورغم موافقته علي وجهه نظر حسن الا ان المليجي لم يوافق علي ان ذلك حجه كافيه ، وان طياريه لابد وان يقاتلوا بشكل اقوي من ذلك ، فالهجوم قامت به اربع طائرات فقط منها اثنان للحمايه ولم يستطع التشكيل المعترض ان يسقط اي منها ،

 حتي الطائرة التي طاردها خميس خرجت من القتال لانها ابتعدت كثيرا عن محيط المطار مما جعلها غير ذات جدوي في الدفاع عن المطار ، ثم أستطرد أحمد مستكملا لرفاقه الاصغر سنا وخبره

(( لازم يكون دفاعكم عن المطار بصورة اقوي من كدة،مش لازم تنتظر حتي تأخد ارتفاع للقتال ، أول طيارتين انا وخميس هاجمناهم كانوا لسه بياخدوا ارتفاع وبسرعه بطيئه جدا ، خلونا نصطادهم بسهوله تامه ، كان لازم يناوروا بعيد عن مرمي مدافعنا ويهاجمونا))

تدخل حسن مرة أخري متزعما جبهه الاعتراض مكررا كلامه بان زمن الانذار كان متأخرا، وان رفاقه لم يقلعوا متأخرين .

هنا تدخل العقيد تحسين في الحوار شارحا بأن عدم وجود رادارات ترصد الطائرات علي ارتفاع منخفض ، يجعل أكتشاف العدو متأخرا وبأن الطيارين يجب ان يكونوا مستعدين للاقلاع حتي ولو تحت قصف العدو وعدم وجود انذار علي الاطلاق.

أستمر النقاش بين الطيارين حول المناورات التي تمت ومزاياها وعيوبها ، تدخل العقيد تحسين خلالها مرات كثيرة شارحا وموضحا الاخطاء ، وأستمر الحوار لفترة أنهاه القائد باعطاءةالاوامر لكل الطيارين الذين أشتبكوا بالعودة الي مبني المبيت نظرا لعدم وجود مهام اخري مطلوبه منهم .

أجتمع الطيارون مرة اخري في الحافله التي اقلتهم الي مبني المبيت والذي يبعد عشر دقائق عن المطار ،ودار الحوار حماسيا بين الطيارين ، واثني الجميع علي قياده السمري للهجوم وكفاءه مدحت في القصف وثبات اعصابه حتي ولو كانت طائرة معاديه تحاول الهجوم عليه ،

 كذلك اثني السمري علي المناورة التي قام بها احمد لنجدة المليجي ، فصاح احمد مداعبا السمري (( في كل مرة اشوف مدحت طاير ، الاقيه محتاج حد يحميه ، خلاص اتعودت علي كدة )) وضحك الجميع بينما أحمر وجه مدحت غضبا ، فأرتفع الضحك اعلي واعلي  .

 

المشير عامر يتحدث مع الطيارين

 

23 مايو 1967 مطارالسر: الساعه الثامنه صباحا

مازال طياروا السرب في طائراتهم من اول ضوء في انتظار الاذن بالاقلاع والهجوم علي العدو كما خطط لهم ، حاله من الملل واللامبالاه تغلف الطيارين الجالسون مشدودون في طائراتهم منذ ثلاث ساعات كامله ، حرارة الشمس دفعت الفنيين و ميكانيكيه الطائرات في الهرب الي تحت اجنحه الطائرات منتظرين الامر بالتحرك.

الرائد مرعي ، يجلس بجوار جهاز اللاسلكي منتظرا لاشارة الهجوم ، حاله من الصمت تلف اجواء المطار .

ومع مرور الوقت بدءالطيارين الواحد تلوالاخر في فك اربطه المقعد والتخلص من الامها طمعا في قليل من الراحه .

لم تكن عقارب الساعه قد جاوزت الثامنه والربع حتي خرج الرائد مرعي وأطلق خرطوشه حمراء ، حلقت في سماء المطار، لم يتجاوب الطيارين مع هذه الخرطوشه كما تجاوبوا معها بالامس ، فقد تسلل الي وجدان كل منهم شعور بأن الهجوم لن يتم .

تقدم الرائد من طياريه وأمر الصاوي وعمر بالبقاء في طائرات الاستعداد ، بينما يظل باقي الطيارين مستعدين ، تجنب الجميع من الحديث في أمرالهجوم، ولم يتطرق اليه الرائد مرعي ايضا

عاد عم رالي طائرته بينما انزوي طارق في ظل  يشعل سيجارة كان في شوق لها

،لم تتغير حاله الصمت والرتابه علي وجوة الجميع ، فكر طارق في ذلك .

فبماذا يفيد الغضب الان اوحتي الاعتراض ؟، فحتي قائدة يبدو مغلوب علي امرة لا حيله له ، حتي الاتصال بالقيادة ممنوع لظروف السريه ، بينما الاتصال الوحيد بالعالم الخارجي تمثل في صباح ذلك اليوم بوصول طائرة هيلكوبتر تحمل مؤنا وبعض الامدادات كذلك بعض الخطابات ، والتي نال منها عمر خطابين ونال طارق خطابا من والديه .

لم يهتم طارق بالرد علي الخطاب الملئ بالاشواق والتحيات ، فماذا يقول لهم ؟ أيقول لهم بأنه كاد ان يلقي حتفه ويقتل رفاقه بالامس عندما لم يجد المطار ؟ ايقول لهم ان حالته المعنويه منخفضه تماما ؟ ايخبرهم بأمر الجنود المرتديين للجلاليب ؟، ام بحال خيمته الرائعه ذات الاربعه عشر ثقب ؟

لذلك قرر ان عدم الرد في الوقت الحالي سيكون افضل حالا ، لكنه حسد عمر في نفس الوقت والذي تهلل لخطاب والديه وخطاب ناديه ، ففكر طارق لثانيه ما الذي يمكن ان يكتبه عمر؟ ووجد انها فكرة خصبه لتضييع وقته فبدأ في وضع تفاصيل خطاب عمر، سيقول عمر

 ((الاحوال تمامنحن في شوق للمعركهكل الجنود في اشتياق للحربسنلقن العدو درسا في فنون الحرب  وسنفرض علي اسرائيل النظام الاشتراكي الثوري بعد احتلالها بالطبع )) ضحك طارق في داخله فقد كانت فكرة مجنونه عندما حاول ان يفكر بعقل عمرالثوري

 

مطارفايد : الثامنه والنصف صباحا

وصلت طائره هيكوبتر الي المطار ،أستعد عدد من الطيارين لركوبها متجهين الي قاعدة ابوصوير الجويه حيث يعقد اجتماع هام ومفاجئ، فقد جاءت الاشارة بذلك منتصف الليله السابقه وتم تبليغ الطيارين بها عند وصولهم صباحا ،و تم أختيار السمري ومدحت ومحمد خميس لمرافقه العقيد تحسين في حضور هذا المؤتمر

ومن كابينه طائرته القابعه علي اول الممر ، شاهد احمد الطائرة الهيلكوبتر تغادر حامله قائدة ورفاقه .

بعد ما يقرب من نصف ساعه كانت الطائرة تحط في قاعدة أبوصويرالجويه غرب الاسماعيليه، ليجد العقيد تحسين ورفاقه بأن هناك حدث جلل علي وشك الحدوث ، فالاجواء متوترة بالقاعدة ، رجال من القيادات العليا يملئون القاعدة ، لم يشاهد المليجي هذا الكم من الرتب الكبيرة لمختلف الاسلحه مجتمعه من قبل ، لمح المليجي زميل له أرتكن علي أحد السيارات يدخن سيجارة ، استأذن قائدة وسار نحو زميله الذي ما ان لمحه حتي هرول نحوة هو الاخر وأحتضن الاثنان بعضهما في حرارة ، كان زميل المليجي هو النقيب عبد المنعم مرسي ، شاب في اواسط العشرينات نحيف بصوره غريبه ووجه طفولي يصغر سنه بعشر اعوام

 

     عبد المنعم مرسي فور تخرجه

 

بادرة مدحت سائلا .(ايه يا منعم .بتعمل ايه هنا؟؟))

 ردعبد منعم مازحا (( ما انت لو بتسأل كنت عرفت إنى اتنقلت هنا من شهرين ))

مدحت ((وأخبارك ايه ؟؟ اتجوزت ولا لسه ؟))

منعم (( كنت هاعملها الشهر دة ،لكن ربنا ستر ولغوا الاجازات ))

تعالت ضحكاتهم هم االاثنين من مداعبه عبد المنعم ،ثم تحولت ملامح المليجي للجديه

متسائلا(( هوا فيه ايه؟))

 يقصد حاله التوتر التي تعم ارجاءالمطار،فردعبدالمنعم بأنه لايعلم شيئا هو الاخر .

واثناء حوار الرجلين ، ظهر لواء بالقوات الجويه ودعا الجميع الي قاعه المؤتمر

دلف الرجال والذي كانوا جميعهم من الطيارين من مختلف المطارات والقواعد الجويه الي داخل القاعه الصغيرة، واتخذ كل منهم مقعدا له طبقا لرتبته ،انتظارالبدء المؤتمر،وطال الانتظار لساعه اعقبتها ساعه اخري سمح لهم فيها بالتدخين، وبدون مقدمات  أحس الجميع بحركه غريبه في القاعه وأوامر باطفاء السجائر ، لم تدم تلك التحركات سوي دقيقه توقع خلالها مدحت ان يكون المشير هو الشخصيه الهامه التي تلقي مثل هذا الاهتمام داخل الجيش .

قام ضابط من الشرطه العسكريه بالنداء علي الجميع بالانتباة ، وقف الجميع علي الفور وساد الصمت لحظات ، وكل الاعين تترقب باب كبار الزوار .

فجاة هرع من باب أخر عدد من المصورين الصحفيين ليأخذوا زوايا تصويرمناسبه

تعجب مدحت من هذا التصرف  الاعلامي في مؤتمر من المفترض ان يكون سريا لقيادات دوله مقبله علي حرب .

فتح باب كبار الزوار ، دلف السيد حسين الشافعي نائب الرئيس ومعه انورالسادات رئيس مجلس الامه ليأخذوا مقاعد لهم في الصف الاول ،وقنها أيقن الجميع بأن الزائر هوالرئيس عبدالناصر بنفسه ،فعمت القاعه حاله من الحماس والهتاف بأسم عبد الناصر مصحوبه بالهتاف الرسمي لهذه الايام ( هنحارب-هنحارب)، وطفا الحماس فوق اي تقاليد عسكريه ،ووقف بعض الطيارين فوق مقاعدهم لمشاهدة الزعيم

 ووسط هذا الحماس الجارف دخل الرئيس عبد الناصر وخلفه كبار قائدة القوات المسلحه ، كانت حماسه الطيارين الحاضرين الذين لا يتعدون المائه تفوق أي تصور،

ووسط هذا الحماس تجمع الطيارون والضباط حول الرئيس فرحين بلقاء قائدهم وابوهم الروحي، وجلس الرئيس هو وعلي يساره المشير عامر يليه وزير الحربيه شمس بدران ببذلته المدنيه البالغه الاناقه ، ومن يمينه جلس الفريق صدقي محمود قائد القوات الجويه يليه الفريق جمال عفيفي اركان حرب القوات الجويه ويليهم الفريق عبد الحميد الدغيدي قائد القوات الجويه بالجبهه ، حشد من القيادات لم يشاهد مجتمعا من قبل بهؤلاء الطيارين الصغار ،فالتفالرجالحولرئيسهم تاركين مقاعدهم بينما افترش الاخرون الارض امامه ونظرات وعقل كل منهم ملتهب حماسه بهذا اللقاء

 غلب الهتاف فوق صوت الرئيس الذي طلب منهم الهدوء -  نظرات الثقه والارتياح تعلو أعين كبار القادة - وبعد لحظات هدأ الهتاف وإن لم يخبو الحماس .

بدأت كلمه  الرئيس بالسماح للطيارين بالتدخين ، مضيفا للحوار صبغه اخويه اكثر منها رسميه ، ومع كل كلمه من كلمات الرئيس كانت عيني مدحت تبرق حماسه وتزيده رغبه في القتال ،وبعد كل مقطع حماسي للرئيس يتوعد فيهاسرائيل وامريكا كان التصفيق والهتاف يعود من جديد أعلي فأعلي، لكن العقيد تحسين كان يقيس بنظراته ردود افعال المشير مع كلمات الرئيس ، فرغم الجو الحماسي الجارف الا ان المشير ظهر متوترا وظهر ذلك من كم السجائر التي اشعلها في وقت وجيز 

شرح الرئيس الموقف السياسي ببساطه شديدة ، وحدد الخطوط التي لم تكن واضحه من قبل ، فأكد ان الحرب علي الابواب وستبدأ بضربه جويه أسرائيليه لمطارتنا ،وان الموقف السياسي وضغط دول العالم أجبرته(عبد الناصر)علي الا يكون البادئ بالقتال ، وشدد أن موقفنا سيكون أقوي مئات المرات لو بدأت اسرائيل الحرب لان دول العالم كلها ستكون معنا وستنصارنا عكس لو كنا نحن البادئين بالقتالثم سكت الرئيس برهه وسط صمت الجميع حوله ،

 وأشعل سيجارة اخري وأشعل الموقف في العالم العربي عندما صرح بأن مصر قد قررت اغلاق خليج العقبه امام الملاحه الاسرائيليه ،لان الممر الذي تمر منه السفن الاسرائيليه يمر داخل المياه الاقليميه المصريه  وأن قوات المظلات تتحرك الان للسيطرة علي مضايق تيران ، كان ذلك التصريح هو أعلان بالحرب علي أسرائيل من وجهه نظرأسرائيل، ، ورغم حساسيه القرار ومفاجأته للطيارين الصغار ، الا ان الهتافات توالت بعد هذا التصريح الخطير ، هتافات تأييد للرئيس وللحرب .

في هذه اللحظه تلاقت عيني مدحت والسمري ، فرغم انهم كانا واقفين ضمن الواقفين يهتفون بسعادة ،ورغم ملامح السعادة علي الوجوة  الا ان نظرات الاثنين لبعضهما البعض حملت القلق البالغ من المستقبل القريب ،فالامورأصبحت تسيربقوه دفع شديده تجاه الحرب   

بعد فترة انتهي حوار الرئيس بعد ان افاض في شرح الموقف السياسي وتاكيدة علي ثقته في القوات الجويه وطياريها ،وبعد انتهاء الحوار أعلن الرئيس عن رغبته في تلقي الاسئله

قام طيار شاب يحمل رتبه ملازم أول وسئل الرئيس عن موقف امريكا واسطولها السادس في البحر المتوسط في حاله نشوب الحرب ،فأجاب الرئيس بأنالمشيرعامر أحسن من يجيب عن هذا السؤال

أعتدل المشير في جلسته وبثقه  أجاب بأن مصر لا يقلقها الاسطول السادس ولا السابع ولا اساطيل الدنيا كلها ، لان عندنا اسلحه لم نعلن عنها وليس هذا وقتها المناسب للاعلان عنها ، لكنه عاد وبجديه شديدة أكد عن أمريكا لن تستطع ان تتدخل عسكريا في المعركه القادمه لاعتبارات سياسيه هامه لذلك فموقفها العسكري سيكون مجمد في المنطقه .


ظهرت علي الطيار الشاب ملامح السعادة الغامرة من هذه الاجابه الشافيه

بعدها توالت الاسئله والرئيس والمشير يجيبون عليها الي ان انفض الاجتماع بعد ساعتين ، ويغادر الرئيس وسط هتافات الطيارين والقادة من حوله .

وبعد لحظات من أقلاع طائرة الرئيس  ، تلاقي الرجال في ظل احد المباني يدخنون السجائر كلهم وقد علت ملامح القلق علي بعضهم بينما سادت السعادة علي ملامح اخرين ،

 

فمن ناحيه أشترك العقيد تحسين والسمري ومدحت في القلق المتبادل من قرار الرئيس باغلاق خليج العقبه وتبعاته كأعلان للحرب ، بينما كاد عبد المنعم مرسي ومعه محمد خميس أن يطيرا من الفرح بما تم .

كان عبد المنعم مرسي متحمسا للغايه قائلا (( سواء اعلنا الحرب ولا هما اللي أعلنوها ، دة مش مهم ،المهم اننا هنحارب ولاد الكلاب دول وناخذ بتار كل مصري وفلسطيني

وعربي أستشهدوا بأيديهم ))

تدخل العقيد تحسن (( لا يا منعم ، تفرق جدا مين اللي يبتدي الحرب ، الريس قالها اننا هننتظر الضربه الاولي ، ودة معناة ان الطيران عليه الواجب الاساسي في صد الهجوم ))

تدخل المليجي (( انا مش قلقان ، لان الفريق الدغيدي راجل ممتاز ، وهيعرف يحمي مطاراتنا، دة حتي انا سمعت ان عدد المظلات اللي الدغيدي مطلعها لغايه دلوقتي ، اكتر من اللي طلعوا السنتين اللي فاتوا ، بس انااللي قالقني دلوقتي هيه الطيارات اللي علي الارض ، مهما كانت قوة المظلات اللي في الجو من الممكن إن تتخرق ، ساعتها هتكون الطيارات اللي علي الارض زي البط المكسح ))

سكت الجميع بعد جمله المليجي يفكرون في ابعاد ما قاله ، حتي قطع صوت السمري فضاء الصمت مرددا في أستحياء (( اكيد فيه حل للحكايه دي )).

لمح العقيد تحسين  قادة القوات الجويه مجتمعين في ارض المهبط يستعدون لركوب طائرة هليكوبتر، فهرول الرجل تجاههم ،تابع مدحت قائدة وهويتحدث مع الفريق صدقي محمود ،وبعد ثوان عاد الرجل محني الرأس بعد ان غادرالفريق صدقي في طائرته ، وبدون اي حوار ، اشار الرجل الي طياريه بالاتجاة الي طائرتهم للعودة الي مطار فايد ، كان وجه الرجل متجهم جدا ، يكاد الغضب ان ينفجر من عينيهفأثر مدحت والسمري وخميس الا يقطعوا صمته احتراما لذلك .

ودع الرجال زميلهم عبد المنعم مرسي ،وشد مدحت علي يدة قائلا (( اشوفك بعد الحرب )) ثم ما لبث ان أحتضنه بشدة .

اقلعت الطائرةالهليكوبتر حامله الرجال صامتين كصمت ابو الهول لكن عقولهم تعمل كمحركات طائرتهم بسرعه الصوت ، ومن النافذة الصغيرة ، شاهد مدحت قاعدة ابو صوير الجويه بممراتها ومبانيها وهي تبتعد شيئا فشيئا

 

مساء نفس اليوم .مطارالسر   

كان هذا المساء، مساءاغيرعاديا بالنسبه للرجال في المطار ، فقد حدث ما قضي علي حاله الممل المسيطرة عليهم .

فقبل المغرب بقليل ، وصل للمطار قافله من الامدادات قادمه من العريش بناء علي طلب الرائد مرعي ، كان أهم مافي هذه القافله هما عربتان للمياة النقيه ، كانت أهم للرجال من عربات الوقود وعربات الذخيره ، وأهم من جهاز اللاسلكي الجديد ،بل أهم من قطع غيار الطائرات ، وملابس الطيران الجديدة .

فتجمع الرجال طبقا للرتب خلف هذه السيارة ليستحموا وينعموا بالمياة المنسابه فوق رؤسهم من خرطوم مثبت في أعلي العربه، كان ذلك حدثا ظل الرجال يتحدثون عنه ساعات بعدة في سعادة .

فقد كانت كميات المياة  الموجودة بالمطار قليله جدا وكانت بالكاد تكفي للشرب لمدة يوم اخر .

في هذا المساء تجمع الطيارون بجوار احد الخيام ، كل منهم في عالمه الخاص

فمحمود يتحدث مع زملاء له ، والرائد مرعي شارد مع دخان سيجارته وعمر يقرأ خطاب ناديه للمرة الالف تقريبا ، اما طارق فقد مدد جسدةعلي الرمال ناظراللسماء المنقوشه بملايين النجوم الساطعه .

جاء الجندى المسئول عن اللاسلكي ، وسلم الرائد مرعي ورقه صغيرة قرأها الرجل علي ضوء مصباح صغير .

(( تلغي حاله الاستعداد للهجوم لتنفيذ الخطه فجر – وتستمر حاله الاستعداد القصوي – أنتظر تعليمات جديدة ))

 عمت حاله من الاحباط والتذمرأرجاء المطار عقب هذهالاشاره ، فقد كان أمر الهجوم دافعا لهم ورافعا لمعنوياتهم ، بعد هذه الاشارة بدأ الطيارون يتكلمون ، وأظهر كل منهم شكه المستتر في نيه الهجوم من البدايه ، وجاءت هذه الاشارة بتأكيد شكوك كل منهم

مرت الايام سريعا علي جنود مصر في الجبهه في تناقض واضح ، فالقوات البريه تتحرك بطول الجبهه وعرضها ،تتخذ تارةا وضاع دفاعيه وتارةاخري اوضاع هجوميه،

 كان التخبط واضحا في التخطيط ،ووصل الامر الي القوات الجويه ،فتارة تلغي العمليات الهجوميه ،وتارةأخري تصدر تعليمات بالاستعداد للهجوم بخطه تسمي فهد واحد ،وعليه فقد الطيارون حماسهم، وفقدوا جاهزيتهم للمعركه بالتبعيه،

في مطارفايد، صدرت التعليمات من القيادة بتقليص ساعات التدريب للحفاظ علي جاهزيه الطائرات للمعركه ،وتسرب الممل للرجال ، وجاهد العقيد تحسين للمحافظه علي معنويات الرجال عاليه

اما في مطار السر فقد صدرت اليهم نفس التعليمات ، وبالتالي فقد أستسلم طيارو السرب للركون للراحه ،وكتابه الخطابات واليوميات،

وفي الثالث من يونيو ، صدر امر من قيادة القوات الجويه بوقف جميع المظلات الجويه وتوفير الطائرات ،و أستجهن الطيارون هذا الامر الذي سيترك سمائهم مفتوحه

لكن وعلي مسئوليته قام الفريق الدغيدي بالتحايل علي هذا الامر ، واصدرأمرا بزيادة طلعات التدريب وتسليحها ،وبذلك تكون نوع من انواع المظلات لقواعدنا الجويه .

في ذلك اليوم وقع حادث طريف ،فقد وصل لمطار السر ضابط برتبه لواء علي متن طائرةهيلكوبتر ،وطلب جمع الرجال حوله ، وبالفعل تجمع جميع الرجال متوقعين بيانا هاما ، لكن الرجل تكلم معهم عن ثقه المشير فيهم وشد من ازرهم بكلمات محفوظه ثم القي بسؤال علي الجنود ( هتحاربوا  ؟ (نظرالطيارين والضباط لبعضهم للحظه بأندهاش بينما هتف الجنود والفنيين بالهتاف التقليدي

(( هنحارب- هنحارب )) فتبسم الضابط وأمربصرف مائه وخمسين جنيها للترفيه علي الضباط والجنود،ثم ركب طائرته وغادر المطار

كان لهذا الحادث وقع اليم علي الطيارين والضباط وعلي عمر خاصه ، فقد تساءل في تهكم ((هوا كان فاكر اننا مش هنحارب ، امال احنا هنا بنهبب ايه ؟))

اما طارق فقد شارك زملائه السخريه من المبلغ الذي سيصرف للترفيه ، فأين يمكن لهم ان يصرفوا هذا المبلغ في هذه الصحراء الجرداء .

 

Share
Click to listen highlighted text! Powered By GSpeech